السلام مشتق من الإسلام ... لو يعلمون

سجل التاريخ يوم الثلاثاء الحادي عشر من سبتمبر كيوم تاريخي للإرهاب الدولي، وسجل معه وسيلة جديدة لتنفيذ العمليات الإرهابية باستخدام الطائرات المدنية في مشاهد تجعلنا في حيرة لا نعرف خلالها إن كنا نشاهد فيلم سينمائي من إنتاج هوليوود أو كابوس تسقط فيه جميع الإحتياطات الأمنية المتطورة وتسقط معها ناطحات السحاب الشاهقة وآلاف الضحايا في لحظات يبدو فيها كل شيء هشاً وضعيفاً بما فيه التقدم العلمي والتكنولوجيا.

لقد استنكر الحادث كل شخص يحمل بداخله الحس الإنساني، ولعلنا في العالم العربي والإسلامي أكثر المستنكرين له لأننا عشنا معاناة كبيرة من ممارسات العنف في مناطق مختلفة من جسدنا الذي لاتزال جروحه تنزف دون مؤشرات للإندمال.

ونكتشف مع كل عملية إرهابية في الخارج أننا في العالم العربي والإسلامي لانزال (أشباحاً) لا يعرفها العالم الخارجي إلا من خلال أساطير الإعلام الغربي الذي نقع في شباكه في كل مرة يرغب فيها بمنح مواطنيه مرادف لكلمة الإرهاب والدموية والتهديد المحدق بالعالم.

هذا هو أول تحليل استطاعت وكالات الأنباء العالمية أن تركن إليه طالما أن هناك (إرهاب) فلابد أن يبدأ البحث عن جهة عربية مسلمة تقف وراءه!... وما لم نتنبه له حتى الآن هو أن أصابع الإتهام عندما تتوجه نحو جهة معينة من الطبيعي أن يبحث المتابع عن إعلامها ليستمع إلى الرأي الآخر وإلى رد الفعل التفصيلي على هذا الإتهام بما فيه التحليل والتوضيح من وجهة نظر أخرى، ولكن للأسف لن يجد المتابع الغربي قناة فضائية عربية مسلمة تتحدث بلغته وسيجد في المقابل قنوات إعلامية اسرائيلية تنطلق من مقراتها في الشرق الأوسط ومن الأراضي المحتلة لتزعم أنها الأقرب إلى المنطقة والأكثر علما بحقيقة الهجوم ودوافعه وتردد على مسامع العالم العبارات المؤثرة التي تدفعه للوقوف صفاً واحداً ضد عدو واحد، وكما يعتقدون هذا العدو هو الإنسان العربي الإرهابي.

بينما قنواتنا تخاطبنا وحدنا وتقنعنا وحدنا بوجود جهات أخرى من الطبيعي ووفقاً للمنطق والتحليل أن تكون متورطة في التفجيرات... وتعمل جاهدة على أن توضح لنا حقيقة موقف الحكومات والشعوب العربية المستنكرة لهذه العمليات وأن الدين الإسلامي والقيم العربية بريئة من الإرهاب والعنف... ونحن يقيناً نعرف هذه الحقيقة ونؤمن بها، لكن أين نحن من إقناع رجل الشارع في الغرب بهذه الحقيقة وهو الذي يقف وراء قرارات حكوماته وتفاعلها مع الأحداث الدولية ؟.

ولعلنا نكرر النداء في عربيات للمرة الثالثة ونترقب أن نرى ولو بصيص نور من الإعلام العربي لكي يتجه نحو دور أكثر فعالية ويتوج عطاءاته بقناة فضائية دولية اخبارية متعددة اللغات تعكس الصورة الحقيقية للإنسان العربي المسلم وتؤكد أنه بالفعل جزء من هذا العالم له آلامه الداخلية ويتفاعل مع آلام الآخرين... له قضايا تترقب النظر إليها بعدل ويأمل بالعيش في سلام شامل.

في كل يوم تزداد الضرورة لوجود مايساعد على أن تنقشع السحابة السوداء التي تغطي عقل رجل الشارع الغربي ورؤيته للإنسان العربي والإسلام... فربما قبل الحادث الأخير كنا بحاجة لسفير إعلامي عادي يتمثل بقناة فضائية دولية، أما اليوم فنحن في ظل هذا التباطؤ بتأسيسها أصبحنا بحاجة لمحامي إعلامي فوق العادة ليدافع عن صورتنا التي أصابها الكثير من التشويه حتى فقدت ملامحها الحقيقية في ذهن البعض... ونبقى أشباحاً إلى أن يسعفنا الإعلام بمرآة تعكس وجهنا والوجه الآخر الغائب عن العالم لقضايانا ولأسس الدين الإسلامي الذي اشتق (السلام) من اسمه لويعلمون.