طرائف الزواج وكوارث الأزواج

«أي كلام يا عبدالسلام»

رانية سليمان سلامة

وصف ينطبق على المقترح الذي طرحه أحد الخبراء في ملتقى السياحة والاستثمار الخليجي بجدة عندما طالب بتعدد الزوجات لدعم السياحة معتبراً أن الرجل عندما تكون له أربع زوجات في أربع مناطق مختلفة سيستخدم شركات الطيران والفنادق وشركات تأجير السيارات بكثافة وبذلك تنتعش السياحة الداخلية، وفي الواقع قد أفهم العلاقة بين هذا (التعدد الوطني) وبين شركات الطيران لأن الزوج الموقر سيضطر إلى السفر أربعة أيام في الأسبوع على الأقل(رايح جاي) تحقيقاً لشرط العدل، ولكن لا أعرف لماذا ستنتفع الفنادق وشركات تأجير السيارات إلا إذا كان الموقر سيتزوج مسياراً ليلتقي بزوجاته في الفنادق ويتنقل معهن بسيارات مستأجرة مما يعني أنه زوج غير مؤهل للتعدد الشرعي الذي يفترض فيه توفير المسكن والاستقرار لزوجته وأسرته، ويبدو أن الخبير قد أغفل أن هذا المقترح قد ينعش السياحة ويعزز في المقابل البطالة لأن من سيؤدي هذه المهمة العظيمة يجب أن يتفرغ للسفر وعندها ربما يصبح على هيئة السياحة صرف تعويضات له تحت بند (بدل تعدد لدعم السياحة) حتى يتمكن من الإنفاق على سفرياته وزوجاته. من الواضح أن الخبير قد اخترع نظرية جديدة غابت عن صناع السياحة والأدهى أنه بصدد تقديم برنامج تدريبي عن الجوانب الإيجابية لتعدد الزوجات، فأخشى أن يتسع نطاق برنامجه ليشمل الدول العربية بذريعة دعم سياحتها وربما تحقيق الوحدة العربية المنشودة، أما الدول الغربية فيكفيها من سبقه بتوظيف الزواج لحل مشاكل المبتعثين حيث تم اهداؤهم فتاوى الزواج بنية الطلاق وغيرها من الحلول المبتكرة.


هذا الخبر وغيره يؤكد أن الزواج أصبح المشكلة والحل في كل قضية اقتصادية أو دينية أو تعليمية أو اجتماعية وأخيراً سياحية، وإذا أردنا أن نبحث عن أطرف وأعجب وأشهر الأخبار والفتاوى والقضايا في الأعوام الأخيرة فبالتأكيد ستأتي القضايا التي تتناول العلاقة الشرعية بين المرأة والرجل محلياً أو في العالم العربي على رأس القائمة بشهادات دولية منها مجلة (فوربس) الأمريكية التي وضعت فتوى "إرضاع الموظفة لزميلها في العمل منعاً للخلوة" في المركز الثالث لقائمة أغبى فتاوى عام 2007م، ويكفي بحث سريع في أي موقع إلكتروني تفاعلي عن الأخبار الأكثر إثارة للتعليق وجذباً للمشاهدة حتى نجد القاسم المشترك بين أغلبها (قضية زواج) أو حلول مبتكرة لعلاقة المرأة بالرجل، كما أن هذه الحلول غالباً يجمعها قاسم مشترك آخر هو أنها صادرة من طرف رجل لنصرة الرجال وإحقاق حقوقهم على حساب حق المرأة، والأكيد أن هذه الأخبار يزداد وهجها ورواجها إذا كانت أطرافها سعودية.


على ذكر مقولة (أي كلام ياعبدالسلام) لا أستطيع أن أنسى خبر يمكن إدراجه تحت قائمة "طرائف الأزواج وكوارث الطلاق"، حيث يحكي الخبر أن سعودياً طلق زوجته عبر مكبر الصوت بعد مشاهدته لها وهي تدس رقماً هاتفياً لشاب "معاكس" في حقيبتها، وهنا ألتمس له العذر بل قد يكون تصرفه المبتكر حضارياً إلى حد ما خاصة وأنه لم يلوث يده بضربها أو سحبها من شعرها أو حتى بذبح المعاكس الذي أتوقع أنه ذبابة من الذباب الذي يلتصق بالعباءات السوداء من المراكز التجارية، لكن ما يجعلني أحتفظ بالخبر عاجزة عن استيعابه هو تفاصيله العجيبة ومنها أنه عندما رأى ذلك المشهد اتجه إلى (الكاشير)!! ليطلب منه مكبر الصوت ويصرخ "يا أيها المتسوقون اسمعوني وأريدكم شهوداً على ما أقول أنا فلان بن فلان وزوجتي فلانة بنت فلان وقد طلقتها ثلاثاً وليس لها رجعة بعد اليوم"، ويبدو أن الرجل قد راعى ضرورة وجود شهود لكني أتفق مع أحد التعليقات التي رأت بأن هذا النوع من الطلاق يفترض توثيقه لدى الكهربائي المسؤول عن الجهاز لأن الرجل لم يترك مجالا للمأذون، كما أنني منذ قراءتي للخبر حتى اليوم وأنا أبحث عن مكبر صوت لدى (الكاشير) في متاجرنا دون جدوى لم أجد (كاشير) بمكبر صوت!! مما يجعلني أشك بأن الخبر من فصيلة (أي كلام يا عبدالسلام) أو سأسلم بصحته وأطالب بأن تتوفر فعلاً مكبرات صوت ليس لتشهير الأزواج بعضهم ببعض ولكن للتشهير بالمتحرشين بالنساء في المراكز التجارية حتى يكونوا عبرة لمن لايعتبر، كما أتمنى أن يجلس رجال الهيئة الأفاضل معززين مكرمين في مكتب مخصص بداخل كل مركز تجاري لاستلام المعاكسين من رجال الأمن وتطبيق عقوبة علنية عليهم، فقد تكون هذه الآلية أجدى لأن تجربة مرورهم على الأسواق لمناصحة النساء لم تردع الفئة الضالة أخلاقياً والتي يمكنها أن تلتزم بالآداب العامة للحظات ريثما يمر رجال الهيئة ثم يعاودون ممارسة هواية مقززة دون خشية من قانون صارم أو امرأة بوسعها أن تبلغ رجال الأمن في المركز عن تعرضها للمضايقة وصلاحيات لدى رجال الأمن بتنفيذ عقوبة التشهير أو اصطحاب مرتكبها لمكتب الهيئة، ولسنا عن دولة الإمارات العربية ببعيد حيث انعدمت ظاهرة التحرش والمضايقات والمعاكسات بمجرد سن عقوبة صارمة بالرغم من أن النساء هن نفس النساء غير أن الرجال لم تعد تخدمهم مقولة "من أمن العقوبة أساء الأدب".

رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ