قد تحدث تغييراً جذرياً في الإعلام والأعمال

الشبكات الاجتماعية وسيلة إعلام وأداة أعمال

رانية سليمان سلامة

الإعـــــــلام الاجتماعـــــــــي أو ما يعــــــــــرف بـ Social Media هو الإعلام الإلكتروني (التشاركي) الذي يعتمد على مشاركة الجمهور في نشر الأخبار والصور والملفات المرئية في الشبكات الاجتماعية. ولقد أفرزت تلك الشبكات تحولات عديدة من بينها تحويل الجمهور من قارئ للمحتوى ومجرد متفاعل معه إلى ناشر، وانتقال الوسيلة الإعلامية من آلية البث باتجاه واحد إلى مايطلق عليه اليوم بـ Many-to-Many Model حيث الجمهور يبث المحتوى للجمهور بينما يقتصر دور مؤسسات الإعلام الجديد في أغلب الأحيان على توفير البنية التحتية وأدوات تدفق هذا المحتوى بحرية شريطة أن لا يتعارض مع قوانين الملكية الفكرية والجرائم الإلكترونية الدولية.


وبينما لبعض التقنيات الحديثة تأثير محدود، تكاد اليوم الشبكات الاجتماعية أن تحدث تغييرا جذريا في كل ما يتعلق بالإعلام والأعمال، فقد تولدت عنها مصطلحات عديدة ونشأت على ضوئها توجهات تمس جميع القطاعات.


SMPR هو أحد أحدث تلك المصطلحات التي استحدثت في عام 2006م اختصاراً لـ Social Media Press Release بهدف إيجاد صيغة جديدة للبيانات الصحفية التقليدية، حيث يتم إنشاء موقع إلكتروني للبيان الذي يطرح بصيغة حوارية وليست خبرية، ويرتبط محتواه بالشبكات الاجتماعية لإشراك جمهورها بالتعليق على البيان أو فتح نقاشات متعلقة أو الإجابة على استطلاع رأي، ومن أشكال ذلك الارتباط تحميل الملفات المرئية الملحقة بالبيان في مواقع مثل Youtube والصور في Flickr مع سهولة سحبها إلى facebook والمدونات الشهيرة، وفي تلك الآلية مخالفة للمفهوم الذي ظلت مواقع الشركات الكبرى تستند إليه حيث كانت تستضيف محتوياتها على قاعدة بيانات الموقع بينما أثبتت الآلية الجديدة أن توفر المحتوى الأساسي في مواقع الشبكات الاجتماعية التي ارتبط الجمهور بها واعتاد على زيارتها باستمرار يحقق للمحتوى فرص وصول وتسويق وانتشار أكبر. الأهم أن حملات العلاقات العامة التي بدأت تصدر بآلية SMPR قد نجحت بإنعاش العلاقة بين الجمهور ومنتجات وفعاليات الشركات التجارية بعد سنوات من الرقود في مقبرة التقارير الصحفية التقليدية التي لم تعد تؤدي غرضها أو تجذب الجمهور لقراءتها أو تحفز وسائل الإعلام على نشرها، فالتقرير الصحفي أصبح بعد التحديث مصدرا ثريا بالمعلومات والصور، ودايناميكيا بمشاهده المرئية، ومثيرا بروابطه المتعلقة وصيغته الحوارية المحفزة للتساؤل والتفاعل. فئة واحدة فقط تعرضت لخسارة كبيرة من جراء هذا التطور الذي طرأ على التقارير والبيانات الصحفية وهي فئة (الصحفي الكسول) الذي اعتاد على تلقي خبر تقليدي جاهز للنشر، بينما أصبح عليه الآن أن يبذل جهدا مضاعفا في قراءة موقع التقرير ومن ثم صياغة موضوع صحفي يناسب مطبوعته ويحترم جمهورها.


عندما ننظر بعيداً سنجد أن أغلب الشركات التجارية في الخارج أصبحت تعتمد على التقارير الصحفية المعدة بطريقة SMPR، وعندما ننظر قريباً سنجد أن تلك الآلية لم تقتحم عالمنا العربي حتى الآن بتجارب مشهودة ولكننا سنجد في نفس الوقت إحصائيات مبشرة ومنبهة إلى أن الإنترنت يحظى بأعلى معدلات نمو في العالم العربي قياساً بغيره حيث شهدت معدلات النمو في عالمنا وفقاً لدراسات internetworldstats.com منذ عام 2000 حتى 2007 نسبة نمو تقدر بـ 920% بينما كانت في أوروبا على سبيل المثال تقدر بـ 231%... أما محلياً فوفقاً لإحصائيات هيئة الاتصالات بدأ عدد مستخدمي الإنترنت يتزايد سنوياً منذ عام 2004م بالملايين بعد أن ظل لسنوات سابقة يتزايد بمعدلات بسيطة، وتلك الإحصائيات إن دلت على شيء فإنما تدل على أن التطورات التي استغرقت سنوات طويلة لتطرأ على العالم ستتسارع وتيرة تطبيقها في العالم العربي وسيفرضها علينا الجمهور بأسرع مما نتوقع خلال السنوات الخمس القادمة دون النظر إلى إصرار البعض على أن أمامنا الكثير لنصل إلى وصلت إليه تقنيات الإعلام والأعمال في الغرب.

رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ