شريطة توفر الدعم

جدة قادمة للمنافسة

رانية سليمان سلامة

يبدو أن جدة استيقظت أخيراً لتبحث عن استعادة مكانتها السياحية والاقتصادية والثقافية، فمدينتنا الحبيبة لم تنم منذ أكثر من عام ظلت خلاله تستقبل فعاليات ومؤتمرات ومنتديات متنوعة ومتواصلة لا أظن أنها قد شهدتها منذ عقود من الزمان بهذه الكثافة والكم والثراء، والسبب قد يكون تحقيقاً لإحدى رؤى أميرها الذي لم يكتف بالحلم بل قدم الدعم بالرعاية والتوجيه لإحداث نقلة نوعية في مستوى الفعاليات والملتقيات التي تحتضنها المنطقة بشكل عام، والمؤكد أن الغرفة التجارية في تاريخها لم تشهد مثل النشاط والحيوية التي تشهدها اليوم حتى باتت مشاركتها في التنظيم قاسما مشتركا لأغلب الفعاليات، كما لم تعد الفعاليات التي تقيمها غرفة جدة سنوية ولا حتى شهرية فيومياً تقريباً أصبح هناك حدث ضخم أو استقبال وفود أو تنظيم ورش عمل واجتماعات للجان القطاعات المختلفة، ولم يعد المهتمون بالحضور بحاجة إلى البحث (بشمعة) عن فعالية تلبي اهتماماتهم بل أصبحت المشكلة في الحيرة التي سيواجهونها عند الاختيار من قائمة (أين ستذهب هذا المساء؟) أو الصباح أو بعد الظهيرة لأن القائمة أصبحت مزدحمة بالأحداث.


ما يجري لا يقتصر انعكاسه على السياحة فحسب بل هو أحد روافد الثقافة التي تغذي مختلف المجالات خاصة في الفعاليات التي تشهد استضافة خبراء محليين أو عالميين، بالإضافة إلى أنها تحفز وتوظف قدرات الكوادر الوطنية من الجنسين بمشاركتهم في اللجان العلمية والتنظيمية لهذه الفعاليات. هذه الظاهرة في جدة لم تعد ظاهرة جوفاء غير أن النظرة التي ترسخت عن حضورها لن تتغير سريعاً مالم تواكبها قناة فضائية تنقل الأحداث كاملة على الهواء حتى يتسع نطاق الاستفادة ويدرك الجميع أهميتها كما سيساعد النقل الحي المشاركين والمتحدثين على تحري الدقة والجدة في الطرح، فكل ما تحقق حتى الآن بحاجة إلى مجهر القنوات الفضائية الكفيل ببث الرعب في قلب السلبيات إن وجدت والتشجيع للإيجابيات.


هذا الشهر كغيره كان مليئاً بالأحداث غير أنني اكتفيت بحضور معرض (رحالة) وهو فكرة جديدة للزميلة العزيزة أمل الجبرين التي اختارت أن تخرج عن نطاق معارض المدينة الواحدة بمعرض متنقل في مدن المملكة يستعرض إبداع الشباب والشابات، لم يكن هذا وحده الجديد فكما ذكرت الأجواء العامة أصبحت محفزة للمغامرة والإقدام بدليل أنه قد كان على حد علمي أول معرض من نوعه يقام في مركز جدة للمؤتمرات من تنظيم مؤسسة فردية نسائية غير أن النتيجة كانت مفاجأة ، ومجدداً كان دعم الغرفة التجارية حاضراً لترى تلك التجربة النور بمئات المشاركين والمشاركات وتنظيم صاحبة المؤسسة ومساعدتين فقط في خلال 3 أشهر.


تحويل كل هواية إلى مهنة وكل مهنة إلى صناعة هي فكرة (رحالة) التي تعتبرها حلا مطروحا لمواجهة البطالة بواسطة تحويل الهوايات والأفكار إلى مشاريع عمل وتوفير الموارد اللازمة لها من دعم فني وتقني مع فتح باب التنافس على جائزة الإنجاز التي ستقترب مخرجاتها.


(منتدى جدة الاستشاري الأول للأعمال) عقد في نفس الفترة بالغرفة التجارية وشهد سابقة جديدة هي رئاسة الدكتورة نائلة عطار للجنته العلمية، وإن كان هذا الخبر ملفتاً لأن الرئيسة امرأة فالأهم أنها على درجة عالية من الكفاءة وتملك قدرة فائقة على الإنجاز كما أن لها خبرة طويلة في مجال الاستشارات وتجربة ناجحة في تنظيم فعاليات محلية نسائية.


كما شهدت جدة في نفس الفترة الجلسات والندوات التي عقدها (البنك الإسلامي للتنمية) والتي تشرفت إحداها بحضور خادم الحرمين الشريفين.


الحياة النابضة في قلب جدة اليوم تنذر بمنافسة قوية للمدن العربية والخليجية التي ازدهرت فيها صناعة المؤتمرات والمنتديات، وإذا قررت جدة أن تنافس بمقوماتها وحجمها فابشروا بالنتيجة شريطة أن يتم دعم التجربة بإجراءات ميسرة ومواقع كافية لإقامة فعالياتها واستقبال ضيوفها.

رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ