زفاف الخريجة إلى مستقبلها

الحفل الختامي

رانية سليمان سلامة

اقرأ في هذا القسم:
>> الحفل الختامي

>> مسيرة التخرج

>> مسارح دار الحنان

>> الإعداد للحفل

    >> كلمة الخريجات

    >> التكريم

    >> المسرحيات

    >> الإيقاع

    >> الكواليس

<< عودة للكتاب

الحفل الختامي
كان الحفل الختامي لمدارس دار الحنان أو (حفل التخرج) بمثابة لوحة ديناميكية نابضة بالحياة يتم عرضها على مسرحها سنوياً لتضم نتاج عام كامل من الإنجازات في مشاهد متتالية تتخللها العروض المسرحية، والإيقاعية والموسيقية والخطابية. وفيما يلي أبرز ملامح تلك اللوحة.
 


مسيرة التخرج
في عام 1388هـ/1978م بدأ أول احتفال بطالبات الثانوية العامة في مسيرة رسمية اقتصر حضورها على الأمهات.. وكالمعتاد، بدأت الفكرة صغيرة قبل أن تكبر. وقبل أن تأخذ شكلها الجديد كأحد أضخم العروض المسرحية التي عرفها المجتمع النسائي في المملكة العربية السعودية.
 


مسارح دار الحنان
أنشيء أول مسارح دار الحنان في مبنى الميناء وكان مسرحاً صغيراً في ساحتها.

وعندما انتقلت المدارس إلى مبنى قصر خزام حظيت دار الحنان بمسرحين:

ـ المسرح المكشوف 
وهو مشيد على مساحة مفتوحة كبيرة ومزود بأجهزة حديثة للصوت والإضاءة وغرف للتحكم خلال الحفلات والفعاليات التي تقام عليه كفعاليات(اليوم المفتوح) والتدريبات المسرحية المختلفة.. وتتسع مدرجاته لعدد كبير من الطالبات والزائرات وقد استخدم للمرة الأولى في حفل الخريجات لعام 1405هـ.

ـ قاعة عفت
وهي قاعة كبرى داخلية تتكون من طابقين بمساحة إجمالية 3699 متر مربع وهي مجهزة بأحدث الوسائل الصوتية والضوئية والكهربائية كما أنها مغلقة ومكيفة الهواء .. ويمكن اعتبارها مرفق مستقل بذاته عن الدار إذ أن موقعها يسمح بإقامة المحاضرات والمؤتمرات والعروض المسرحية المختلفة أثناء وجود الطالبات بالمدرسة دون إزعاجهن.. كما يقام عليها حفل التخرج السنوي لطالبات الثانوية العامة .

كانت دار الحنان من خلال مسارحها تهدف إلى:

  • ـ إقامة حفلاتها السنوية واستخدام المسرح على مدار العام كقاعة محاضرات بدلاً من استئجار قاعات خارجية.
  • ـ خدمة المجتمع والمدارس الأخرى تحديداً التي أصبحت تقيم حفلاتها وفعاليات الكبرى على مسرح دار الحنان.
  • ـ تزويد الطالبات بالثقة في النفس وتدريبهن على مواجهة الجمهور من خلال الوقوف على خشبة المسرح لتقديم الفقرات المختلفة.

ذلك الهدف الأخير لم يكن تحقيقه أمراً يسيراً، وعنه تروي السيدة أميمة مغربي -خريجة ووالدة خريجتين من دار الحنان- تجربتها مع مسرح دار الحنان قائلة:

"طلبت مني إدارة مدارس دار الحنان أن أقرأ في حفل تخرج ابنتي قصيدة من تأليف والدي محمد علي مغربي رحمه فرحبت بذلك ولكنني اعتذرت عن حضور (بروفة) للإلقاء ظناً مني أن الأمر يسيراً. وجاء يوم الحفل وحان موعد الفقرة التي سأقدمها فوقفت على خشبة المسرح ونظرت إلى الحضور وتملكتني حالة من الارتباك، امتدت رعشة غريبة من نبرة صوتي إلى يدي التي تمسك بأوراق القصيدة ولازمتني حتى غادرت خشبة المسرح وسؤال واحد يحاصرني: كيف لطالبات دار الحنان من المرحلة التحضيرية إلى التوجيهية أن يقفن بهذه الثقة والثبات لتقديم فقرات الحفل أمام الحشد الكبير من الحضور دون أن تهتز إحداهن من رهبة المسرح؟".

لعلنا نستخلص إجابة السؤال الذي حير السيدة أميمة مغربي من بين طيات مرحلة الإعداد للحفل السنوي. 


طالبات المرحلة التحضيرية في حفل التخرج

للأعلى 


الإعداد للحفل
يبدأ الإعداد لبرنامج الحفل السنوي منذ بداية العام الدراسي حيث يجري التنسيق من قبل المشرفات والمعلمات مع الطالبات في الفصول والجمعيات المختلفة لتحديد الفقرات المقترحة التي تنتقل مناقشتها إلى قاعة الاجتماع مع الإدارة وهناك يتم اعتماد البرنامج النهائي للحفل الختامي.

يمتد دور الإدارة إلى الرقابة الدقيقة التي كانت وراء استمرار كافة الفعاليات وعنها تقول السيدة سيسيل:

"كنا نحرص على أن نقدم حفلاً راقياً وهادفاً وممتعاً يحتوي على جميع عناصر الإبهار دون أن نخرج عن الأطر القويمة، فبدءًا من فساتين التخرج مروراً بالحركات الإيقاعية في الفقرات والنصوص في المسرحيات والكلمات في الأغاني إلى أزياء كل فقرة كنا نمارس رقابة دقيقة لإخراجها بالشكل المقبول والمستوى المطلوب".

ولم يسلم الفريق الإداري والمعلمات من تلك الرقابة وعنها تقول السيدة فائزة كيال:

"كنا في بداية الأمر نرتدي أي ملابس مناسبة حتى أصدرت مديرة المدرسة قرارها بتوحيد الزي ليكون عبارة عن قميص أبيض وتنورة سوداء، وقد كانت دار الحنان أول من أدخل هذا البروتوكول محلياً على تنظيم الحفلات لتمييز المنظمات والمشرفات عن الحضور".

كان الحفل صورة شاملة لدار الحنان لذلك كان يحظى باهتمام كبير من راعية دار الحنان الأميرة عفت الثنيان، فكانت تعتمد برنامجه وتحرص على حضوره، أما عن ردود فعلها فتقول السيدة سيسيل:

"كانت تسجل تعليقاتها السلبية والإيجابية بدقة على الفقرات، تلك الدقة كانت تصل إلى الحد الذي يجعلها تسألنا لماذا لم تكن تلك الطالبة مبتسمة أثناء تقديم فقرتها؟، أو لماذا تلك كانت مرتبكة؟.. وعندما ساءت صحتها – يرحمها الله - كنا نذهب إلى منزلها ونعرض عليها شريط الحفل بعد انتهاءه مباشرة فنجدها تعلق أو تصفق إعجاباً".


طالبات المرحلة التحضيرية في حفل التخرج


أما الدكتورة نورة السعد فتسترجع ملامح تلك المتابعة وانعكاسها على الطالبات، فتقول:

"كنا طالبات في مدرسة دار الحنان التي حظيت برعايتها. ولهذا كنا نراها مرارا وتشاركنا احتفالاتنا السنوية وغير السنوية. ما يلفت النظر في شخصيتها هو أنها كانت تنصت بتمعن لكل من يحدثها, وتتابع فقرات احتفالنا السنوي باهتمام, وكان هذا يدهشنا, فقد تعودنا على انشغال الضيفة بالحديث لمن يجاورها أثناء تقديم الفقرات.. (إلا عفت) كانت تتمتع بالحضور الإبداعي لكل من ترعى نشاطه.. ولقد لمسنا هذه السمات الجميلة في بناتها, وتركت آثارها في شخصياتنا, فقد كنا نستعد للاحتفال بجدية لأننا ندرك أن حضور عفت الأم والرائدة لن يكون عاديا وملاحظاتها لا تأتي من فراغ.

إن هذه الجزئية التي قد تبدوا صغيرة في سياق القيم والسمات الأخرى في ملامحها ربما يلحظها الجميع ويتعود عليها, لكن ربما لن يدرك مدى تأثيرها في شخصياتنا نحن الطالبات في تلك المرحلة من العمر, التي منحتنا مؤشرا عمليا وتربويا لماهية احترام الآخرين, وتثمين جهودهم حتى شكوانا نحن الطالبات التي تصلها-إما مكتوبا أو هاتفيا- لا تتغاضى عنها.. بل تحضر شخصيا إلى المدرسة لمناقشتها معنا, وكنا في المرحلة الثانوية تضج في دواخلنا طموحات العالم.. -كما يقال- وكانت هي هناك لتحتوي هذا الضجيج الإيجابي, وتحتوي تطلعاتنا وتقيم معنا حوارا تربويا هادئا, ومقنعا.. ويستمر هذا الحوار حتى بعد حصولنا على الثانوية وطموحاتنا تتجاوز الواقع في تلك الفترة.. كانت تهدئ الانفعالات في دواخلنا, وكانت تتأملنا بهدوء وبنظرة عميقة لم أنساها.. وقالت لنا ما معناه: لقد عشت زمننا أحلم بهذه اللحظة.. كانت يومئذ تقف على جسر التقاطع بين ماض لم تكن هناك بارقة أمل في تعليم المرأة وحاضر يموج في تطلعاتنا نرغب المزيد من التخصصات والمزيد من مناهل العلم". (1) 

وأتجه إلى الجانب الآخر لاستعرض مرحلة الإعداد كما وصفتها الخريجة أمل الجبرين التي تقول:

"كان علينا أن ندرس ماذا سنقدم من عروض عالمية أو إسلامية أو عربية أو محلية، ومن ثم ننسق فيما بيننا باستقلالية مطلقة وإشراف ناضج لتشكيل الفرق، تقسيم الأدوار، تعيين القائدات، وضع برنامج زمني، رصد الميزانية. ويبدأ العمل أو (البحث) الأولي ثم التفصيلي في المراجع عن تراث تلك الدول، الأناشيد، الأزياء، الإيقاعات الشعبية وغير ذلك" .

ومن تلك الأبحاث تصل الطالبات إلى صياغة صورة لها طابع خاص عن الفقرات التي سيقمن بتقديمها في الحفل أو المهرجان الذي يصطحبن خلاله الضيفات في جولة حول العالم. عالم دار الحنان الخاص، والعالم بأسره كان حاضراً غير غائب عن حفلاتها السنوية .

أما عالم دار الحنان كان يتجلى بأبهى صوره في الحفل الختامي متوجاً في أولى فقراته خريجات الدار بمسيرة تتقدمها الأعلام الخفاقة التي تحملها مرشدات دار الحنان وتزفها المباخر لتعطر خطاها بين الحاضرات وبين الأمهات.

كانت المسيرة رمزاً لمرحلة تحول هامة في حياة الفتاة حيث تغادر المدرسة وتخرج إلى الجامعة، وإلى الحياة. بل في الواقع كان حفل زفاف الخريجة إلى مستقبلها حيث ستكون حرية القرار والاختيار. ذلك الإدراك كان يزداد وضوحاً مع كل درجة من درجات المسيرة تتجاوزها الخريجات وصولاً إلى المسرح. وكان وقع كل خطوة يرسخ ذات الإدراك في نفوس الأمهات. فمنهن من كانت تعبر عن فخرها بابنتها بالتحية والتصفيق المتناغم مع وقفات المسيرة، ومنهن من كنا نجد دموع الفرح تتحدث بين مقلتيها مختلطة بالسعادة والفخر والاعتزاز. 

فخراً واعتزازاً كن الخريجات يتخذن مواقعهن على خشبة المسرح. وانتماءًا وامتناناً كن ينشدن للمرة الأخيرة نشيد دار الحنان، أو لعلها كانت الأخيرة على خشبة المسرح فقط، ففي الواقع ظل ذلك النشيد سر من أسرار خريجات دار الحنان اللواتي وإن التقيت بهن بعد عشرات السنوات من التخرج تجدهن يحفظن كلمات النشيد بنغماته الحاضرة في ذاكرتهن.

للأعلى 


كلمة الخريجات 

تمهد كلمة الوداع التي تقدمها طالبات الصف الثاني الثانوي لكلمة الخريجات والتي تلقيها في كل عام إحداهن بالنيابة عن الدفعة. وتصفها مجدداً الخريجة أمل الجبرين بقولها:

"كانت كلمة التخرج تطرح في تدريبات الحفل على شكل (مناقصة)، من تنجح بالصياغة والإلقاء أمام (أبلا سيسيل) تحظى بشرف تمثيل دفعتها في الحفل الختامي".. وتضيف:"شرف التمثيل أدركناه، ودرس تكافؤ الفرص تعلمناه قبل أن تحسم الجدارة النتيجة ".

وأتوقف مع شرط المناقصة الذي يفرض على من ستقوم بإلقاء الكلمة أن تكون كاتبتها. وأبحث بفضولي بين طياته حتى أضع يدي على السر الذي كان يلخصه التفاعل. تفاعل الخريجة مع الكلمة التي تلقيها، وتفاعل الحضور معها. فأدرك أنه كان شرطاً حكيماً جعل الكلمات دوماً تخرج من القلب لتصل إلى القلب وتحرك العقل كما تتراقص مع صدقها المشاعر . 

وأعود إلى درس تمثيل إحدى الطالبات لدفعتها وأترك للجبرين وصفها فتقول:

"في يوم العرض التجريبي ألقيت الكلمة وأنا أدرك أن من تنجح في إلقاء كلمتها بثبات أمام (أبلا سيسيل) ستصبح مؤهلة لتمثيل زميلاتها، وكان ذلك الأمر كفيلاً بأن تشعر كل من تفكر بخوض التجربة بالمسؤولية التي يحفزها التحدي والرغبة بإثبات الذات".. وتستطرد:" عندما وصلت في كلمتي إلى مقطع أشيد فيه بجهود خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين نطقت اسميهما باللهجة النجدية العامية فاستوقفتني (أبلا سيسيل) أمام الفريق الإداري والخريجات والمشاركات في الحفل ووضعتني في مواجهة معلمة اللغة العربية وطلبت مني أن أعيد قراءة الأسماء، ثم طلبت من المعلمة أن تلفظها. ومالبثت أن أدركت الخطأ اللغوي وكررت وراء معلمتي النطق بالفصحى وبالتشكيل. وكدت أن أواصل إلقاء الكلمة لولا أن (أبلا سيسيل) استوقفتني مجدداً قائلة:

 (بين الخطأ والصواب عملية اسمها التصحيح.. كان أسلوبك جيداً لأنه غير متكلف وطبيعي ومريح ولكن عدم التكلف يجب ألا يتجاوز الأداء إلى اللغة، فالفصحى هي التي تجعل الجميع يشعر بما تقرئين مع تباين اللهجات.. أنت هنا لاتمثلين نفسك.. تذكري أنك تمثلين دفعتك ومدرستك)

شكرتها وأنا أرتعد.. وما لم استطع فعله حينها أفعله الآن وأنا استحضر تلك التجربة، فأبكي شوقاً وامتناناً وفخراً بأنني تعلمت وطبقت وتشرفت بتمثيل زميلاتي بالشكل المطلوب". 

للأعلى 


التكريم

(من جد وجد) والتفوق لطالبات دار الحنان كان هدفاً يحفزه في نفوسهن التكريم. فتدرك كل طالبة أنها لابد أن تتفوق لنفسها أولاً، ولتحظى بالصعود على منصة التكريم في الحفل الختامي ثانياً فتهدي لوالدتها شهادة التقدير. لم يكن التفوق خياراً في دار الحنان بل كان ضرورة، وكانت لحظة التكريم صورة لاتغادر مخيلة الطالبة أثناء الدراسة والاختبارات. من أجل تلك اللحظة أذكر أننا كنا نقطع على أنفسنا العهود بأن لانجعل نصيب أمهاتنا الاستمتاع بالحفل فحسب بل سنرفع رؤوسهن عالياً بين الحضور. 

وقد كانت بحور التفوق متسعة. فللخريجات الحاصلات على درجة الامتياز شهادات التفوق، ولصاحبات البحوث العلمية الفائزة من الطالبات والمشرفات وقفة أخرى مع التكريم، وللمتميزات في الجمعيات المتخصصة نصيب من التقدير. ويمتد التتويج حتى يصل إلى الإعلان عن (الفتاة المثالية).

 


 

المسرحيات

كانت مسرحيات دار الحنان تعتمد على سيناريوهات تقوم الطالبات بكتابة فكرتها الأساسية والتي تتناول إحدى القضايا الاجتماعية أو الأمور التي تمس حياة الفتاة في تلك المرحلة العمرية لإيصال رسالة هادفة للجمهور بأسلوب جاد أو ساخر. وفي الكثير من الأحيان كان يتم اللجوء إلى المختصين لوضع اللمسات النهائية على صياغة السيناريو، أو في بعض الأحيان كتابة السيناريو كاملاً وإهداءه لدار الحنان كما فعلت الأديبة السعودية الدكتورة هند باغفار.

وكانت تمر مراحل الإعداد للمسرحيات بتدريبات مكثفة خارج أوقات الدوام الدراسي، تبدأ بتجربة أداء الطالبات اللواتي سيجسدن شخصيات المسرحية وتتاح لهن مساحة لتطوير النص والشخصيات لتضفي كل منهن طابعها الخاصة على الدور الذي ستقوم بأدائه، مع التنسيق لاختيار الأزياء المناسبة والاستعانة بأدوات (الماكيير) التي تساعد على رسم ملامح الشخصية، فتخرج للجمهور مسرحية نسائية 100% تؤدي فيها الطالبات كافة الأدوار التي قد تتنوع بين دور فتاة أو امرأة أو رجل. ولم تكن المؤثرات الصوتية غائبة عن مشاهد المسرحية حيث كان فريق جمعية الموسيقى يقوم في العديد من المسرحيات بعملية إدخال المؤثرات الصوتية والوصلات الموسيقية الخاصة المصاحبة للمسرحيات. ولقياس نجاح المسرحية في تقديم رسالة هادفة كان يجري عرضها أولاً على الطالبات ضمن فعاليات اليوم المفتوح قبل أن يتم اعتماد عرضها بشكل نهائي ومطور في الحفل الختامي. 

وعن تجربة المشاركة في المسرحيات تقول الروائية زينب حفني:

"كنت أحرص من خلال الأنشطة الدراسية في دار الحنان على الاشتراك في جمعيتين، الأولى جمعية التمثيل لحبي له، والتي كان من اختصاص أعضائها تقديم بعض فقرات حفل نهاية العام، والأخرى جمعية المكتبة، التي كانت تمكّنني من القراءة والاطلاع على مدى ساعتين في قاعتها الواسعة، حيث كانت تحتوي على كتب متنوعة الاتجاهات، دسمة المضمون إلى جانب إمكانية استعارة الكتب التي أود قراءتها في البيت. كنتُ أطلع معلمة اللغة العربية السيدة أسماء الحمصي على نصوصي الأدبية، والتي أدين لها اليوم بجزء من نجاحي في دنيا الحرف بفضل تشجيعها وتوجيهها لي التوجيه الصحيح. قالت لي يوما: ستكونين في المستقبل مشروع كاتبة جيدة، لكن عليك أن تعي دوماً أن الأماني لا تتحقق إلاّ بالجهد والمثابرة. ثم تابعت باسمة: أنتِ تتقنين أيضاً التمثيل، لقد رأيتك على خشبة المسرح كيف تجيدين تقمّص الأدوار، لكن أنصحك بألا تختاري طريق الفن، فهو درب شائك ووعر، بجانب أن عواقبه الاجتماعية وخيمة، وعليك أن تؤمني دوماً بأن «صاحب بالين كذّاب»، كما يقولون في أمثالنا الشعبية. وضعت نصيحتها نصب عينيّ، وبالفعل ما أن أنهيت دراستي الثانوية حتى نسيت عالم المسرح والتمثيل بكل ما فيه، وانغمستُ في عالم الكتابة، حبي الحقيقي الذي كان وما زال يشغل الحيّز الأكبر من فكري ووجداني".

للأعلى 


الإيقاع

دقائق قصيرة كانت تقدم خلالها كل مجموعة من الطالبات أداء إيقاعي وصور استعراضية مبهرة وممتعة يصطحبن خلالها الجمهور في جولة مع فنون العالم. فمن الهند إلى المكسيك قد تمر بنيوزيلندا وتتجول في القارة الإفريقية وتمر بالدول الآسيوية قبل أن تصل إلى الخليج حيث جرت العادة على اختتام الحفل بأوبريت خليجي ينتهي بالفلكلور السعودي ويصاحب الطالبات ديكور مسرحي خاص بكل لوحة استعراضية.

 


 

الكواليس

أسرار الحفل تختفي وراء الكواليس التي تصفها الخريجة أمل الجبرين فتقول:

"في الكواليس تعلمنا كيف تتم صياغة الحدث.. تعلمنا هناك أن الوقوف تحت الأضواء يحتاج إلى الكثير من العمل بعيدا عن الأضواء وبعيدا عن الضوضاء.. 

تعلمنا أن الإعداد عملية طويلة ودقيقة وشاقة من أجل الظهور لحظة..

تعلمنا أن العمل ضمن فريق يتطلب من الفرد أن تكون لديه مرونة عالية..

تعلمنا أن العمل كي يخرج بالشكل المحترف يتحتم على المشارك أن يعمل بتفان وإخلاص..

تعلمنا أن التنسيق بين المشاركين يمثل اللبنة الأولى في التناغم والانسيابية التي يراها الجمهور..

تعلمنا أن الجمهور عندما يصفق إنما يشيد بحجم بالعمل والجهد المبذول وأننا عندما نصفق بعد أن يسدل الستار في فرحة عارمة إنما نصفق لذلك المكان ولتلك المرحلة التي لا يعرفها إلا من كان يوما هناك أو من قد يكون خلف الكواليس".


المراجع
(1) صحيفة الرياض – العدد 11565 – 22/فبراير/2000م - من مقال "عفت الثنيان.. غيمة ماطرة ورسالة حب للوطن"