لا أستطيع أن أتنفس إلا في أجواء الحرية

الفنان مصطفى الرزاز

عربيات- خاص
صور وفيديو

حصل على الدكتوراة فى الفنون من جامعة نيويورك سنة 1979 ، بعد أن أتم دراسته الجامعية فى كلية التربية الفنية بالزمالك جامعة القاهرة .

مارس العمل الفنى من عام 1962 منذ أن كان طالبا وحصل على عدة جوائز فى صالون القاهرة ، وجمعية محبى الفنون الجميلة .

عام 1988 قام بتصميم النموذج الخاص بكليات التربية النوعية ، والتى عمل بها عميد لمدة تسعة سنوات متتالية ، وعلى يديه كانت هناك شبكة من كليات التربية النوعية على مستوى الجمهورية ، كانت تقوم بتخريج الطلبة المتخصصين فى مختلف أنواع الفنون فى : الموسيقى – الإعلام – الفنون .

شغل منصب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية ، والتى تأتى كواحدة من أهم ثلاث مؤسسات ثقافية بمصر ، بعد أكاديمية الفنون التى تعد الكوادر التعليمية ، والمجلس الأعلى للثقافة الذى يهتم بثقافة النخبة .. ثم الهيئة العامة لقصور الثقافة التى تتولى تفعيل النشاط الثقافى فى جميع أنحاء مصر .

فى لقاء مجلة عربيات كان له هذا الحوار :

- نشأت فى أسرة ميسورة الحال .. حيث كنت أعيش فى بيت كبير ، أمتلك فيه منذ الصغر حجرة كبيرة أشبه بشقق هذه الأيام .. كان لها باب يفض إلى الخارج ، كنت أخرج وأدخل منه دون رقابة من الأهل ، فنشأت منذ الصغر بجناحين ، أحلق بهما وأطير بمطلق الحرية .. من وقتها وأنا أعيش حر ، من وقتها وأنا لا أستطيع التنفس إلا فى جو من الحرية ، وأعتقد أن هذه أول شروط الفنان لكى يكون فنانا ، لهذا أيضا تملكنى الفن وكأنه فيروس ليس له علاج .


- وبميولى إلى الرسم ، تلمست الطريق وحدى إلى عالمه .. وذلك عن طريق القراءة والإطلاع فى المجلات الثقافية التى كانت تصدر وقتذاك -كان هذا فى نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات-.


- فى السنة الثانية بكلية التربية الفنية بالزمالك تعرفت على الأستاذ سعد الخادم علامة الفنون التشكيلية الشعبية فى مصر ، وكان مهتما بالمخطوطات ذات الطابع الفطرى الخالية من الحذلقة والألوان ، ومنه اكتسبت هذه النظرة ، حيث بقيت أتابع مخطوطات دار الكتب المصرية ذات الطابع الشعبى ، أنقب فى النصوص التى لها علاقة بالفن أو الحرف الشعبية وذلك لمدة عامان .


- فى ذلك الوقت كان كثير من الفنانين و المثقفين يذهبون فى رحلات إلى أسوان وذلك لتوعية الناس هناك بالثورة والمكتسبات التى حققتها الثورة ..  وفكرنا كطلبة فى كلية التربية الفنية أن نزور بلاد النوبة .. ولأنه كان صعبا على ميزانية الكلية أن تتكفل برحلة كهذه ، فقد كانت الهدية الكبيرة من الأستاذ العظيم و الكاتب الكبير يحيى حقى ، ومعه استاذنا الكبير سعد الخادم ، أن تبرع كل منهما بألف جنيه مساهمة لرحلة النوبة .. وذهبنا إلى النوبة على ظهر المركب " البركة " . وكانت كأننا نستكشف الدنيا فى بكارتها الأولى لأول مرة .. هناك رسمنا آلاف الصور وصورنا آلاف المناظر .


- بعد العودة من النوبة رسمت لوحة عنها .. نالت جائزة من صالون القاهرة عبارة عن مبلغ نقدى ثلاثون جنيها ، فى الوقت الذى كنت اتقاضى فيه جنيها واحدا فى الشهر كمصروف .


- كررت وحدى السفر إلى بلاد النوبة ، على ظهر مراكب البوستة ، وظللت أفعلها حتى تم بناء السد العالى وغرقت بلاد النوبة .

- كان كل همى أثناء وجودى على رأس الهيئة العامة لقصور الثقافة .. هو إحداث تفاعل ثقافى حقيقى فى كل المجالات وفى جميع أنحاء مصر .. كان هذا هو دور المؤسسة ، ولم يكن على إلا تنفيذه . لذلك حدث أن ابتدعنا ظاهرتين أولهما القوافل الثقافية .. أى عملية تبادل لقاءات المثقفين فى الأقاليم خارج العاصمة ، عن طريق ندوات الشعر ، والقصة القصيرة ، والنقد ، والمعارض التشكيلية ، وكافة فنون المسرح . ثانيهما .. " دراماتورجى اكتشاف الواهب " .. وكان أشبه بمستكشف ، يسافر إلى القرى ، والنجوع ليكتشف أصحاب المواهب الخاصة بها .. وعن طريق هؤلاء أصحاب المواهب الخاصة ، كانت تقام حفلات ضخمة يقدمون فيها وبشكل فطرى مواهبهم هذه دون تزويق ،ولا إضافات . ولازلت أذكر حتى هذه اللحظة تلك التجربة الفريدة فى شكلها وموضوعها فى سجن النساء بالقناطر .. حيث استطاع الدراماتورجى هذا أن يقيم علاقة انسانية خاصة معهن ، فيخرج بمئات القصص الإنسانية الحقيقية ، ثم ننشىء داخل فناء السجن مسرحا كبيرا ، كانت ستائره من ملاءات الأسرة التى كن ينمن عليها ، وتتجمع أكثر من ثلاثة آلاف سجينة حول خشبة المسرح دون قوى أمنية للسيطرة عليهن ، يجلسن على الأرض وهن يبكين حكايتهن التى يرونها أمامهن على خشبة المسرح تمثلنها زميلات لهن .

 

- ظنى أن الفن له قوة السحر على إصلاح الناس ، ويستطيع السيطرة على الأفئدة ، فقد أفلح فى السيطرة الأمنية على ثلاثة آلاف سجينة فيما خافت القوة الأمنية من أن تحققه .


- كل من التقينا بهم من أصحاب المهارات الخاصة فى القرى النائية البعيدة عن القاهرة ، كانوا يتمتعون بثقة كبيرة فى الذات .. اكتشفنا أن هذه طبيعة القوى البشرية القادرة على الإنتاج .. فالثقة فى الذات تنبع من القدرة على الخلق والابتكار ، وبالتالى القدرة على الإنتاج .


- الاهتمام بثقافة الأقاليم ، جعلنا نكتشف نظرية التدوير الثقافى .. بمعنى أن لا يكون للثقافة اتجاه واحد ، ولكن لابد  من أن يخرج من المناطق البعيدة عن النخبة طرح ثقافى جديد يعود بالنفع أيضا على النخبة .

- طبيعتى أن أغرق فى اهتماماتى حتى النخاع .. كما أننى من المؤمنين بأن بلادنا بلاد قدوة .. تصلح إذا صلح القادة . وأهم شىء فى نظرى فى المسألة التعليمية .. هو ذلك التفاعل الحقيقى البناء و الإنسانى بين الطالب والأستاذ .


- بالعكس لم تبعدنى هموم العمل الأكاديمى ولا الإدارى عن كونى فنان تشكيلى .. فهناك كل عام يقام معرضا باسم مصطفى الرزاز .. فالنظرة القديمة إلى الفنان والتى تراه يهيم ويشرد ويدخن البايب وكأنه فى حالة من حالات الحلم الدائم ، هى نظرة قديمة . أو هى نظرة صورتها السينما وجعلتها ترسخ فى الأذهان .. الفنان عقل ، والعمل الفنى به جزء كبير من التنظيم والتدريب ، والانشغال اليومى فى مسائل من هذا النوع يعيد تنظيم الأشياء داخل الفنان ، على الفنان أن يعيش الحياة بشكل حقيقى .. وأن يعى تجاربه الحقيقية .


- أنا أصدق أن المهن تتوارث ، فهناك آلاف الأسر توارثت جيل بعد جيل صناعة ما .. لكن أن تورث الموهبة ، فهذا كلام غير مقبول .. الموهبة نعمة من الخالق يمنحها لمن يستحق من البشر ، ولا أحد يقدر غيره سبحانه وتعالى على هذا  .. والموهبة وحدها لا تجدى إذا لم يصقلها العمل الجاد والدؤوب ، و الدراسة المستمرة التى تخدم هذه الموهبة .


                                اضغط هنا لمشاهدة معرض الفنان مصطفى الرزاز