وجوه نسائية في رحاب التصوف بمهرجان فاس للثقافة الصوفية

حميد الأبيض
صور وفيديو

في بادرة هي الأولى من نوعها منذ تأسيس مهرجان الثقافة الصوفية بمدينة فاس المغربية - قبل 5أعوام خلت من عمره-  تعانق دورته المقبلةالمنتظر تنظيمها بين 16و23أبريل 2011م  تجارب نسائية صوفية عربية مختلفة ومتباينة. وتتيح هذه الالتفاتة، متسعا كبيرا وهاماً للأصوات النسائية المختصة في مجال التصوف في تركيا وفلسطين ومصر والمغرب.

عدة عوامل دفعت مؤسسة "البورشمان" المنظمة للمهرجان إلى اختيار "وجوه نسائية في رحاب التصوف"، شعارا لدورته الخامسة، بينها استحضار مدى اهتمام النساء العربيات بالفن والثقافة الصوفية وتقييم دورهن في إثرائه. ولأجل ذلك اختارت أصواتا نسائية عريقة شرقية وغربية بينها المغنية المنفردة ليلى أنوار، ورونو غارسيا فونس والتي تختصر تجربة فنية نسائية إيرانية فرنسية.

وقال المنظمون إن الثقافة الصوفية تفتح  أعيننا على الأهمية القصوى التي يكتسيها البعد "الأنثوي"، والقيم المرتبطة به في كل تنمية مجتمعية،  فـ"صور ليلى ومايا، المنهولة من التراث الشعري العربي لما قبل الإسلام، والحب العذري الأفلاطوني، شكلت أهم رموز الحب الشامل لدى المتصوفة، كما يتجلى ذلك في أشعار رابعة العدوية والحلاج وابن عربي وجلال الدين الرومي.

وتحدث فوزي الصقلي - مدير هذا المهرجان- عن دلالة رمزية أساسية أضافتها النساء جنبا إلى جنب مع الرجال على الرومانسية الروحية للصوفية، إبان تطور نسيج التعابير الفنية والموسيقية وذلك بفضل التنوع الذي يطبع الثقافات الصوفية في كل من إفريقيا وأوروبا والشرق والغرب المتوسط والأقصى مما مهد للاعتراف الطبيعي بأهمية مكانة ودور المرأة في المجتمع.

وفي ظل هذه الوساطة القائمة بين الشرق والغرب، وبين الرجل والمرأة، سينمي التصوف قدراته على إيجاد نوع من الانسجام والتكامل، وكسب الاعتراف الطبيعي والمثمر بكل أشكال الاختلاف والتنوع، حيثما وجدت مواقف الرفض والتآمر والنزاع، وهو يدرك جيدا كيف يعوض منطق الحقد بمنطق الحب، عبر سيرورة طويلة من اكتشاف الذات وتغييرها، نسائية كانت أو رجالية.

واختارت إدارة المهرجان، فقرات متنوعة، عبارة عن سهرات يومية وجلسات النقاش في ندوة تجمع مفكرين ومهتمين بالفن الصوفي النسائي. تستهل بحفل تحييه الفنانة المغربية كريمة الصقلي، بشكل مشترك مع مجموعة الكوثر من غرناطة، يحتضنه متحف البطحاء الموقع الوحيد المخصص لاحتضان سهرات المهرجان،تكريما للشعراء الصوفيين الأندلسيين.

وتكريما للشاعر عمر الخيام، تمتزج الصوفية الفلسطينية والمصرية، في حفل ينشط من قبل الفنانين شاديه حامد ومصطفى سعيد، في "أناشيد صوفية بأصوات عربية كبيرة"، على أن تحيي الطرق "القادرية البوتشيشية" و"الشرقاوية" والوزانية" و"الصقلية"، ذات الجدور المغربية، والطريقة الخلواتيةالتركية، حفلات فنية بهذه المناسبة.

وبرعاية جمعية هواة الموسيقى الأندلسية بالمغرب، يلتقي حضور هذه الدورة المراهن على استقطابها جمهورا يقدر بالآلاف مع فعاليات السهرة الفنية الصوفية الختامية، في أمسية خاصة يحييها كبار منشديفن السماع المغاربة، حول موضوع "من الملحون إلى النوبة الروحية"، إحياء لفن الملحون المغربي بامتياز.

ويرتقب أن يتدخل في محاور ندوة الدورة بريزة الخياري، وسلاماتو صاو، وليلي أنوار، وسوزان أزارين، والتهامي الحراق، وفيلوس مارك سدغويك، ونيك برسون، وماري أوديل دولاكور، وجان روني أولو دولاكور، وجون بايلي، وماري ميران غويون، وجعفر الكنسوسي، ومحمد فالسان، وكاتيا ليجري، وإريك جوفروا، وعبد الإله عرفة، وجون بيير مونتان، وسعد الله الخياري، وآمال العرفاوي.

وجاء في ورقة تقديمية للدورة أن الصوفية سبيل التربية والتعليم الروحيين، وتعد القلب النابض للتقاليد الإسلامية، وانتشرت بداية، بكيفية هلامية قبل أن تتهيكل بالتدريج انطلاقا من القرن 11، لكن ابتداء من القرن 13سيتم نقل تعاليم الصوفية عبر الزوايا التي حافظت على الطابع الثقافي والروحي والتآزر الاجتماعي المرتبط بالإسلام رغم التصدع إبان الغزو المغولي.

وحافظت الزوايا على رسالتها الروحانية الكونية التي أخصبت الثقافة الإسلامية برمتها،وأغنت تعابيرها الفنية والأدبية والاجتماعية والاقتصادية، برأي تلك الورقة المتحدثة عن أنه على امتداد القرون، وأثرت الصوفية في طبيعة التنظيم والميثاق الأخلاقي والروحي في أوساط الحرفيين في كل أرجاء العالم الإسلامي بما في ذلك المغرب.

وأكدت أن هذه الزوايا والروابط، لعبت دورا تقليديا في نشر قيم السلم بين الجماعات لفض النزاعات أو تداركها، وكانت مرصودة أيضا، وكلما دعت الضرورة للحفاظ على الوحدة الترابية.
وهذا ما أدى إلى سيادة مظهر تاريخي شامل اندمجت فيه هذه الزوايا وانبثقت منه إمارة المؤمنين بالمغرب حيث ارتبط أهل الحرفة منذ القدم، بالزوايا الصوفية في علاقة روحية اجتماعية.