بنات إيران حققت لها شهرة عالمية كاسحة

الكاتبة الإيرانية الشهيرة ناهد رشلين: " الكتابة أنقذتني من الضياع "

رشيد فيلالي - الجزائر
صور وفيديو

تحدثت الكاتبة الإيرانية الشهيرة ناهد رشلين في حوار عربيات عن رؤاها الفنية وقناعاتها الفكرية والفلسفية، وعدد من الجوانب والمحطات الهامة  التي عايشتها خلال مسيرتها الحياتية المتقاطعة مع مسيرتها الأدبية، و جسدتها بروح إنسانية وشاعرية عالية في مذكراتها الشخصية" بنات إيران"، هذه السيرة التي اختيرت عام صدورها 2006  كواحدة من بين أهم أربعة كتب حديثة النشر، فلم تلبث أن ذاع صيتها في أنحاء العالم أجمع، و قد تميز حديث الكاتبة لـ عربيات بلغته العذبة و العفوية الشبيهة كثيراً بأسلوبها في الكتابة، الذي شهد له العديد من كبار النقاد بحميميته ورشاقته وجزالته غير العادية، إليكم نص الحوار.

 

بنات إيران حررها النقاد من عقدة السير الذاتية

تعد السيرة الذاتية "بنات إيران" واحدة من أروع النصوص المترجمة إلى اللغة العربية، ما هو سر جاذبية هذا الكتاب في رأيك؟ هل هو الصدق في عرض الأفكار والحوادث؟ أم هو الأسلوب المشوق والمرهف الذي ألف به هذا الكتاب؟
أعتقد أنه مزيج من الصدق في طرح الأفكار، وأسلوب طرح الفكرة، وقد تواصل القراء مع الكتاب لكونه واقعياً ويعبر عن الراهن بالنيابة عنهم، بالنظر إلى صدق المتحدث وتفاصيل الوقائع أيضاً،غير أن هذا لا يمنع من القول بأنني بذلت جهداً ووقتا طويلاً في حياكة النص وهيكلة بناء القصة التي طورتها عبر الذاكرة، وعادة النقاد كثيراً ما يقولون على أن هذا الكتاب(السيرة الذاتية) يُقْرأ وكأنه رواية، على اعتبار أنني حاولت شد انتباه القارئ بواسطة توظيف ميكانيزمات الكتابة الروائية.

لقد قلت مرة أن الكتابة "ضرورية" للحصول على السعادة، هل أنتِ راضية عن كافة كتبك من حيث الأفكار و من حيث الأسلوب الذي كتبت به، ألا تعتقدين بأن الكتابة تحولت لديك إلى مجرد لعبة للتعويض عن سنوات المعاناة التي عشتيها خلال فترة الطفولة في بلدك إيران؟
الحقيقة أنني لما كنت بمرحلة المراهقة في إيران كنت أحب أن أنزوي جانباً في غرفتي وأكتب عن كل ما يثير انتباهي ضمن محيطي الخاص ، لقد وجدت بأن منح شكل لكل ما يبدو مفرغا من المعنى،مهمة لها مغزى. وكنت أسعد دائما حينما أكتب وأمنح شكلا إلى حالة من الفوضى و اللامعنى..ومع الوقت أضحى ذلك يمثل لدي مصدر ارتياح متأصل لا يزال مفعوله ساريا إلى غاية اللحظة الراهنة ،هذا على رغم أن ظروف حياتي تغيرت كثيرا.

لماذا اخترتِ الكتابة بالإنجليزية عوضاً عن لغتك الأم الفارسية؟
لأنني أشعر بحرية أكبر حين أكتب بالإنجليزية فهي لا تتضمن كل التداعيات السلبية التي تربطني بلغتي الأم، لقد نشأت مكبلة بالعديد من التابوهات وهذا سبب من أسباب هذا الاختيار، باختصار الانجليزية تمنحني مزيدا من الحرية للتعبير عن الأفكار والمواقف بشكل عام.

أحلم بعالم حر وأمريكا منحتني الحرية

للروائي كيبلينغ مقولة شهيرة وهي أن الشرق والغرب عالمان مختلفان و لا يلتقيان أبدا، كيف استطاعت الكاتبة ناهد تحقيق هذه المعادلة الصعبة، أقصد التوفيق بالكثير من النجاح بين الثقافة الفارسية والأمريكية ؟
كنت أحلم دائماً بعالم حر وأمريكا منحتني هذه الحرية وهذا الإمتياز، وفي ذات السياق ثمة العديد من الجوانب في ثقافتي أقدرها كثيراً و أعض عليها بنواجذي، على غرار بعض الأصوات بحنينها الخاص، وكذا دفء العلاقات الإنسانية التي تجمعني مع الآخرين..الخ، أنا أجتهد في الجمع بين الاثنين ولا أتخلى عن أحدهما مقابل الآخر.

هل المعاناة ،وحدها، كافية لخلق كاتب متألق وروائي كبير، وكيف اكتسبت هذه القدرة على الكتابة الجميلة والرائعة؟
أتصور بأن المعاناة هي التي تفتح بصيرة الإنسان على العالم، وقد يساهم ذلك في التوجه إلى ممارسة الكتابة، على صعيد آخر كان لدي شخصياً ورداً على سؤالك شغف كبير بالقراءة والمطالعة، لكوني أيضا كنت أبحث عن إجابات لأسئلتي الحارقة في بطون الكتب، ومن ثمة فإن القراءة المستديمة مهمة جداً للكاتب الذي يتطلع إلى تطوير صوته وأسلوبه الخاص في الكتابة.

تعد كتابة الشعر أسهل من حيث السرعة في التعبير عن الأحاسيس والمشاعر الآنية، لكنك اخترت الرواية لماذا ؟
كتابة الرواية والنثر عموماً أسهل وأكثر طبيعية وتلقائية بالنسبة لي، غير أن الشعر على النقيض من ذلك أجده أكثر صعوبة و تقييداً.
 

إن سفرك إلى أمريكا بغرض الدراسة ساهم في فتح عينك على الكثير من الآفاق الثقافية و الفنية وحتى الإنسانية، ومثلما ذكرت في كتاباتك ومقالاتك المختلفة أنك لا تزالين تسافرين إلى بلدك إيران من دون خوف أو وجل، فهل تعتبرين ذلك تحدياً أم هو وسيلة نضال من أجل الدفاع عن حقوق المرأة هناك؟
أجد نفسي مشدودة و منجذبة إلى العديد من جوانب ثقافتي الأصلية رغم الكثير من القيود والمعوقات، ومرة أخرى لأنني أجد هناك الكثير مما أتواصل معه.

ما هي الحدود الفاصلة ما بين الخيال والواقع في رواياتك؟
إنها مزيج من الاثنين.

هل ثمة قضايا معينة ستعالجينها ضمن روايتك القادمة، وما هي أهم مشاريعك المستقبلية ؟
أنا الآن بصدد كتابة قصص قصيرة إضافة إلى رواية سأخوض فيها مرة أخرى في قضايا الثقافات المختلفة، كما أكتب أيضا مذكرات عن أمي وعمتي في محاولة لمعرفة وجهات نظرهما وطبيعة زمانهما الخاصة.

 

هذه مشكلة الأدب العربي، ومحفوظ هو المفضل

وما هو رأيك في الأدب العربي المعاصر؟
 لست على دراية كافية بما ينشر من أدب عربي معاصر، لأنه لا توجد ترجمات كثيرة من هذا الأدب إلى اللغة الإنجليزية، على حد علمي، لكن هذا لا يمنع من كوني استمتعت فعلا بقراءة أعمال نجيب محفوظ.

وهل هناك أديب عربي تفضلين القراءة له على وجه خاص؟
"بلا تردد" إنه نجيب محفوظ .