أستفز المرأة في كتاباتي لتنتفض على ذاتها من أجل التغيير

الأديبة الاسلامية خولة القزويني تطرق على قلب وعقل كل إمرأة في حديث من القلب لـ "عربيات"

هناء رشاد - الكويت
صور وفيديو

 روائية لها بصمة خاصة اعتلت بها صدارة الروائيات العربيات عن جدارة، تطلق على نفسها صاحبة القلم المُلتزم، وكذلك يسميها من عرفها عن كثب، صاحبها الامتياز في الأخلاق والإبداع، خصت قلمها لتنويرالمرأة وتثقيفها ومحاولة وضع يدها على حقوقها، ولفت أنظارها إلى جوانب الخير والضوء، في حياتها حملت رسالة الإسلام ومبادئه القيمة لتضيء بها حروف كلماتها، الأديبة خولة القزويني من خلال "عربيات" تؤكد أن ملاحقة المرأة للرجل وراء تأخرها.


الجميع يعرف خولة القزويني كأديبة، لكن ماذا عن سيرتك وتدرجك للوصول الى ما أنتِ عليه اليوم؟
في البداية أشكرك على هذه الاستضافة الكريمة، تسأليني عن سيرتي والحديث عنها ثقيل ومُحرج، فالناس عرفتني كاتبة روائية وصحافية، عملت ولعدة سنوات في مجال الصحافة ومنذ كنت طالبة في الجامعة كتبت في جريدة آفاق الجامعية، ومحررة الصفحة الثقافية في مجلة صوت الخليج في بداية الثمانينات، ومن ثم كاتبة في جريدة القبس الكويتية ومحررة باب الأسرة في مجلة العصر الثقافية الاجتماعية، والآن أكتب في مجلة اليقظة (البيت السعيد) بزواياه المختلفة، كما أني عضوة في رابطة الأدباء الكويتية، وعضوة في رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وعضوة في الشبكة العالمية للمرأة المسلمة وباحثة في مركز البحوث التربوية إدارة المكتبات.
كما شاركت في العديد من المؤتمرات الثقافية واشتركت في لجان تربوية لعمل بحوث ودراسات خاصة في مشاكل التربية والتعليم.


 معلمتي عفاف ميزتني، ووالدي دفعني نحو الكتابة


من طرق على باب الهواية لديك ومتى تم اكتشافها؟
 الكتابة بوح الخاطر وضمير الأنا الصامت الذي يعري القلم مخبوءَهُ بكل شفافية فيستشعر في التنفيس راحة وأنس، إذ تتحرر من لا وعيك كائنات متمردة يلفظها القلم على شكل أحرف وكلمات تتناغم بنسق جميل، برهافة تكشف ذاتك الإبداعية بتفاصيلها الدقيقة وتناقضاتها الجميلة، وهكذا ميزتني معلمتي ست (عفاف) التي لازلت أذكرها حينما كنت في المرحلة المتوسطة، إذ كانت تستأنس بخواطري بلغتي الفصيحة بلباقتي، وبأسلوبي الشيق في مادة الإنشاء والتعبير، احتوتني، احتضنتني ودفعتني لأشترك في مسابقات القصة القصيرة على مستوى المدارس وكنت أفوز بفضل الله وفضل توجيهها.
 
المقربون إما داعمون أو معوقون فأي النوعين كانوا في حياتك ومن كان له الدور البارز في حياتك؟
واجهت النوعين ولم أبالِ، فالأهم والدي رحمه الله الذي كان يهوى الشعر والأدب غذى داخلي حب الأدب وغرس فيّ توقاً إلى قراءة الرواية والقصة، ونمى لغتي العربية عبر توجيهه المستمر لمفرداتي، ولقواعد النحو،وإلى البلاغة وجمالها فانصقلت ذائقتي الأدبية بشكل جيد، لكن والدي توفى وقلمي ما زال غضاً حيث كنت في السنة الأولى من الجامعة.


 انطلق كالقطار نحو أهدافي التي رسمتها، وبهذه الطريقة وازنت بين حياتي وعملي


المرأة العاملة وخاصة المشتغلة بالأدب الذي يحتاج إلى ذهن صافي ووقت متسع تسيرعلى وتر مشدود فلو جنحت يميناً سقطت ولو جنحت يساراً سقطت، فكيف يتحقق عملية التوازن في حياتك بين عملك الذي تحبينه وبيتك؟
بكل بساطة، هل رأيتِ القطار كيف يحمل أثقالاً من الركاب والمتاع لكنه ينطلق بكل سرعة وفي اتجاه واحد نحو الهدف، فلا يميل يميناً ولا يساراً لأنه يعرف وجهته ويدرك هدفه، ومع ذلك يقف عند محطات ليستريح فينزل ركاب ويحمل آخرين.
 هكذا هي حياتي منذ أن وعيت رسالتي وتكليفي في الحياة، إذ خططت مساري وإستراتيجيتي نحو هدف يجسد رؤيتي الشاملة للحياة، مستمدة طاقتي الحرارية ووقودي من الهدف الأعلى المطلق للبشرية الله سبحانه وتعالى لأننا خلقنا لنكدح، لنعمل ونكافح من أجل تعميرالأرض وبناء الحضارات بكل ما نملك من طاقات ومؤهلات وذخيرة، فعملي الأدبي ليس من أجل صناعة مجد شخصي أوشهرة زائفة، بل رسالة ومسؤولية، ولهذا كان توفيقي من عند الله سبحانه هو من سددني لأني استعنت به حينما خذلني الناس، استنجدت به فقومني، دعوته فلباني فما من عمل أنجزته إلا ونجح، والحمد لله توفقت في تحقيق التوازن بين بيتي وأعمالي الأدبية وأنشطتي الاجتماعية، فأولادي كلهم في أفضل الجامعات وبيتي مستقر واستطعت أن أدخل قلوب الجماهير بكل بساطة، وتواضع وفي جميع بقاع العالم وكله بفضل الله ودعمه.


 الحياة الأدبية حافلة بالمميزين والنجباء، فكيف حفرتِ لكِ مكاناً يميزك في الصورة، وهل التخصص في الأدب الإسلامي الذي جعلك بارزة الظهور؟
 أهم قيمة ينبغي أن يتحلى بها أي كاتب هي (المصداقية) التي تتمثل في الانسجام بين معتقداته وسلوكه وكتاباته، فإن تحقق هذا التناغم بين العناصر الثلاثة هذه تمكن من جذب المتلقي والتأثير عليه، خصوصاً عندما تكن مؤمناً بالفكرة متحمساً لها فإن حروفك تتحول إلى كائنات حية تنبض عاطفة وإحساس، فتتغلغل إلى وجدان المتلقي وتسري في شرايينه كالدم، وقد كنت أكتب من واقع شخصيتي البسيطة والعفوية وإحساسي بالناس وعواطفي تجاههم، وردود أفعالي التلقائية تجاه قضايا الناس والتماهي الممغنط بشحنات الجذب والانجذاب نحو الناس بكل شرائحهم ومعادنهم وطوائفهم وأمزحتهم فما من مرة كتبت متكلفة أو مفتعلة، لأن الكلمات تختزن طاقة تخترق المتلقي أو تنفره، فيلفظ وجدانه ذلك النص مبرراً أن الرواية لا تجذبه أو مملة والسبب عدم مصداقية الكاتب واختلال العناصر الثلاث التي ذكرتها آنفاً فجاءت نصوصه باردة، متكلفة، ناهيك عن مرجعيتي الفكرية التي تعود إلى ديني والذي طبع رواياتي بطابع عقائدي ينضح قيماً ومبادئ، وهي بطبيعة الحال تحمل أبعاداً إنسانية عالمية لأن الإسلام دين الإنسان، دين الفطرة، دين البشرية يصلح لكل زمان ومكان، فالتصنيف الحقيقي للأدب الإسلامي هو أدب إنساني بالمعنى الشامل لأنه يلتزم بقضايا الإنسان أينما كان وفي سياق المفاهيم التي نادت بها كل الأديان.

 كُتبك ورواياتك تميلين فيها إلى إظهار القيم والمبادئ الإسلامية فهل تعمدتي ذلك، وهل يسعدك لقب الأديبة الإسلامية؟
 بالتأكيد، لأن رسالة الأديب هي امتداد لرسالة الأنبياء والعلماء وفي ذات الرؤية الإنسانية، لكن الأديب يصيغ القيم في إطار فني، وفي قوالب أدبية رصينة ويرطب المفاهيم الفكرية بنداوة عاطفية تستميل المتلقي بتلقائية وانبساط، والمهارة هنا أن تغذي روايتك أو قضيتك بهذه المفاهيم وبشكل مبطن بعيداً عن المباشرة والوعظ فيأتي النص حياً، نابضاً مفعماً يعزف على أوتار القلب والوجدان فيتفاعل المتلقي ويستوعب الرسالة بذهن منفتح وذائقة سليمة، فالأدب ليس هدفاً بذاته إنما هو القالب لمضمون فكري وإطار لمحتوى يعبر عن رؤية الكاتب، معتقداته، توجهه فإن كان كاتباً رسالياً قولب أفكاره في هذا السياق وإن كان علمانياً بالمثل أطر فكرته بنفس الإطار، والسؤال ما الذي يميز الاثنين؟ بالتأكيد المضمون لا القالب الفني فمن خلال المضمون يمكنك أن تشخص هوية الكاتب ومرجعيته الفكرية وهذا ما يستقرءه القارئ ويهمه بكل تأكيد.
 وحتماً أتشرف بلقب (الأديبة الإسلامية) حتى إذا وقفت بين يدي الله عزوجل في يوم الحشر أقول مضيت ياربِ على نهج دينك وأديت تكليفي على وجه الأرض ولم أنحرف فكرياً فأضلل الناس وأفسدهم.

 استفز المرأة بكتاباتي لتكشف خواءها

 تهتمين بشؤون الأسرة والمرأة المسلمة فما هي أبرز المشكلات التي ناقشتها رواياتك، وهل تعي المرأة قضيتها وما يراد منها؟
 دائماً أركز في كتاباتي على (الهوية) لأنك إن لم تكن راسخاً ثابتاً في معتقداتك ومؤطر بهوية واضحة ومحددة ستبدو متذبذباً ومتناقضاً، وهذا للأسف حال المرأة في مجتمعاتنا العربية، عدم انسجامها مع ذاتها، بالإضافة إلى أن الانهزامية الفكرية أمام الثقافة الغربية التي اخترقتها واخترقت أسرتها في عمق الهوية. وسبب تركيزي على المرأة لأنها نواة الأسرة وصانعة الأجيال إن صلحت صلح الجيل وإن فسدت فسد الجيل، وحينما أضع نماذج نسوية ملتزمة ورموز مثالية وأصورهن بمقتضى أدوارهن في المجتمع، مراهقة، زوجة، أم، معلمة، كاتبة، صاحبة قضية تجعل من حراكها الاجتماعي بعداً عقائدياً هادفاً إنما هنا أستفز المرأة في الواقع لتكتشف خواءها، وهوانها فتنتفض على ذاتها لتتغير، وأحرص في كتاباتي على الموازنة بين أنوثتها وإنسانيتها لتلعب الدورين على مسرح الحياة بتناغم وانسجام، فبدءاً من صراعها الداخلي والبحث عن الذات وحتى إشكالية التوافق مع الرجل مروراً بقضايا الأسرة والأبناء، والطلاق وكذلك التطلعات الفكرية للمرأة الرسالية التي تحمل هم التغيير السياسي والاجتماعي للمجتمع هي في الحقيقة مجمل مضامين كتاباتي عن المرأة والتي هي نقطة الاستهداف للغزو الثقافي الغربي الذي جند وسائل الإعلام والجمعيات الثقافية والمؤسسات العلمانية لتغريبها وسلخها عن جلدها وهويتها وكينونتها تحت ذريعة الحرية والمساواة بالرجل، فمنذ نشأة حركة تحرير المرأة في الستينات وحتى يومنا هذا تعمل المنظمات العلمانية في هذا السياق فتركت المرأة نهباً للصراعات الفكرية والضغط الإعلامي الذي أرهق أعصابها فتشتتها، حتى ضاعت منها البوصلة التي تدلها على النهج السليم، والهدف الأسمى، والغاية الحقيقية من أصل وجودها، كما نلاحظ أنه بالرغم من التقدم العلمي للمرأة ونيلها الشهادات تتفسخ أركان الأسرة وينحل الجيل وتكثر الانحرافات لأن العلم دون عقيدة خواء، والشهادة دون إيمان ضياع، بل إنها جعلت المرأة كائناً أنانياً انتهازياً نهماً إلى السلطة، والدليل على ذلك الجدل الذي أثير في الفترة الأخيرة حول النقاب ومحاولة التشكيك بالحجاب وتمييعه، ومن هنا ينبغي علينا ككتاب رساليين أن نقف بالمرصاد أمام الهجمات الفكرية المدمرة لهوية الجيل والسالبة لعفاف المرأة وكينونتها.


عقلية المرأة التصادمية وراء إعاقة نموها الفكري

الأدب النسائي في العالم العربي ما زال يتقدم على استحياء ومتوارياً خلف العادات والموروثات والفهم الضيق للدين الإسلامي، فما هي الأسباب وكيف نتحرر من تلك الموروثات؟
 أعتقد أن الأدب النسائي أو الأديبات الكاتبات لازلن في طور النمو وحضورهن على الساحة الأدبية هشاً ضعيفاً، إذ ينقصهن الثقة بالنفس والإيمان بالذات، لأنهن خاطبن المجتمع بلغة عدوانية صادمة وكأنهن الجواري الهاربات من الخباء يعبرن عن سخطهن ومرارة الأنوثة المستنكرة في عرف البعض والتخبط في أفكار متناقضة، فتارة يكتبن تمرداً على الدين والتقاليد وتارة يهاجمن الرجال، ولو أن المرأة تجردت عن عقليتها التصادمية مع الرجل وانتزعت تلك الفكرة السلبية التي تعيق نموها الفكري لكان لها موقعاً راسخاً محترماً اجتماعياً ولآمنت أنها الإنسان المكلف في صناعة الحضارة على الأرض كما الرجل من واقع الالتزام والمسئولية الشرعية فالكاتبات العربيات بحاجة أن يتحررن من ضعفهن الداخلي أن يتمردن على العقلية الانسحابية المهزومة ليتعبأن فكرياً بالعقيدة الإلهية لتنضح نصوصهن قيماً هادفة يحترمها المجتمع فللأسف تنغمر بعض الكاتبات في الكتابة الإباحية والإسفاف الذي يسطح عقلية المجتمع ويحسبنه إبداع فحتماً سيجدن إعراضاً ونفوراً كبيرين لأنهن كتبن بنمط مختلف عن نمط مجتمعاتهن الإسلامية العربية المحافظة، إذن نحن النساء مسئولات عن هذا الضعف فلا نتهم الموروثات والعادات والتقاليد، ففي الجاهلية كانت هناك شاعرات فصيحات وأديبات بليغات فرضن وجودهن بكل شجاعة، ولهذا على المرأة أن تتحرر من عقدة النقص داخلها وتبني شخصيتها من الأساس بالتأكيد ستقدم نصاً متيناً وهادفاً يتلقاه الناس بشفافية ووعي.

ما هي رسالتك لكل صاحب موهبة ولا يعرف إلى أين يتجه؟
أقل له لا تشغلك الأضواء عن نورك الداخلي فأكثر الكُتاب الموهوبين ينخدعون ببريق الأضواء فيتعجلون السير حتى تستهلكهم الدعاية والإعلام حتى الاحتراق فينطفئ نور الإبداع داخلهم، فهذا النور يسطع من التوحد مع الذات لاستقراء الأفكار المشحونة بالانفعالات الشجية والعواطف السخية التي تجعل لقلمك عمقاً ولأسلوبك دفقاً ولكلماتك وهجاً، فالمبدعون في الغالب يجنحون إلى العزلة الاستفهامية التي تعصف الأفكار في الذهن عصفاً عبر طرح أسئلة متلاحقة تستفز الخائلة فتتجلى الأفكار وبعد محاكاة داخلية ينعتق فيها المبدع عن عالم المادة يتحول هذا النور إلى ومضة تنساب على الورق نصوصاً تتنفس من رئته وترشح من وجدانه.

 طريقي لم يكن مفروشا بالورد، وهذه الرسائل التي اقدمها من خلال رواياتي

الحياة مجموعة رسائل فما هي رسائل الحياة التي قمت بتقديمها من خلال كتاباتك؟
 سؤال جميل جداً وقيم في الحقيقة، كثيرة هي الرسائل التي تحمل مضامين أخلاقية، تربوية، فكرية ويمكن أن أكتب منها على سبيل الحصر:
- إننا نعيش لنصنع الحياة، لنبني حضارة، فتلك هي رسالة الإنسان وتكليفه أمام الله عز وجل.
- لابد أن نحدد أهدافنا حتى نعرف كيف نسير وإلى أين نتجه؟
- السعادة هي انسجام مع ذاتنا وتناغم مع أنفسنا.
- المرأة قوية لوعرفت قدر نفسها، قوية في عواطفها، قوية في تأثيرها على الرجل، قوية في صبرها، قوية في حبها.
- المرأة والرجل ضميراً واحداً هو (نحن) وليس ضميران منفصلان أنا وأنت.
- لا يتغير العالم من حولنا ما لم يتغير داخلنا.
- سلامة النية تنقذك من مطبات الحياة وتعبد لك طريق النجاح.
- البيت السعيد قوامه امرأة صالحة.
- القراءة غذاء الروح والكتاب أنيس النفس والقلم بوح الخاطر.
- الإنسان بلا هوية كالريشة في مهب الريح.
 كثيرة هي الرسائل والقيم والمفاهيم التي ناديت بها في كتبي ومؤلفاتي لكني اقتطفت منها عشرة.

هل كان مشوارك الأدبي مزيناً بالورد أم أرهقتك أشواكه؟
 أقول، من رحم المعاناة يولد الأدباء ومن ظلمات القهر والحزن ينشق نورالكلمة الطيبة وأكتفي بهذا القدر.

ما هي أهم المشكلات التي تواجه الأدب النسائي؟
 أهم مشكلة (قلق المرأة) وعدم الثقة بنفسها وهذا نابع من إرث فكري كرسه الفكر الليبرالي في ذهن المرأة فجعلها تعتقد أنها مضطهدة من الرجل وأن المجتمع ذكوري فكانت المواجهة النديّة والصراع العدائي الذي يرهق تفكيرها، فلو فهمت كل كاتبة أن التجربة الأدبية ما هي إلا رسالة اجتماعية لغذت داخلها كل عوامل القوة والعزيمة فطالما هي تكتب لذاتها، لشخصها للمعتها الأدبية فستبقى دوماً قلقة، قلقة من نقد الآخر، قلقة من الفشل، قلقة من المجتمع لهذا تأتي كلماتها مهزوزة لا تنطلق عن يقين ثابت كي تبقى صامدة في وجه العاصفة.
 المشكلة الثانية: (الفوضوية في الحياة) فالمرأة التي لا تبرمج يومياتها وتجدول أعمالها ستفشل في تحقيق التوازن بين حياتها الخاصة ونشاطها الأدبي وربما تضطر في بعض الأحيان أن تتنازل عن حياتها الخاصة من أجل وهم الإبداع، فكثيرمن الأديبات مطلقات بإرادتهن واختيارهن، وهذا هو الفخ الذي يعجل في نهاية المبدعة لأن المتلقي لا يقرأ كتاباً بل يقرأ أعماق الكاتبة، فكرها وحينما يعتقد أنها امرأة فشلت في حياتها، اهتز بنيانها الأسري لن يجد نفسه متحمساً للقراءة لها فهو يتساءل ((ما المادة النافعة التي ستقدمها إنسانة لم تعرف كيف تصون حياتها)) فالمجتمع دائماً ينظر إلى الكُتاب وكأنهم قدوة ومُثُل والمشكلة الأخرى هي (عقدة الرجل) وكأن الرجل واقف لها بالمرصاد،"هو العائق هو الجلاد" ونست أن هذا الرجل ولدته امرأة، صنعت شخصيته امرأة مثلها،لذا ينبغي أن تتحررالمرأه من هذه العقدة، وتثق بقدراتها.

ما هي أول رواية قمتي بتأليفها ومتى؟ وما هي أحب الروايات إليكِ؟ وما هو عدد مؤلفاتكِ؟
 أول رواية (مذكرات مغتربة) كتبتها حينما كان عمري سبعة عشرة عاماً وأحب الروايات إلى قلبي (رجل تكتبه الشمس) لأني أشعر أنها عبرت عن نضجي الأدبي فقد خضت في أعماق النفس الإنسانية وتغلغلت في البواطن حتى العمق وعبرت فيها عن عواطفي، مشاعري، وجداني، مبادئي بطلاقة وحلقت في فضاءات واسعة دون قيد أو شرط، وعن عدد مؤلفاتي فهي  (21) مؤلفاً تقريباً ما بين رواية وقصص ومقالات وبحوث، وحالياً أكتب حلقات رواية (زينب بنت الأجاويد) في مجلة اليقظة.


الأديب دائماً منشغلاً بهم مجتمعه، فكيف عالجت هموم مجتمعك الاجتماعية والسياسية ومن خلال كتاباتك؟
 يفترض أن الأديب لا يقدم حلولاً جاهزة إنما يخلق حالة الوعي في المتلقي، يضع بين يديه قنديل نور ليستبصر الحقيقة المغيبة في عتمة التضليل، يخاطب العقل الباطن مركز المشاعر والتجارب والخبرات والمعتقدات فينقل المشكلة من اللاشعور إلى وعي الفرد، والمعالجة المقصودة هنا أن تضع المتلقي أمام خيارات مفتوحة ليختار بمقتضى قناعاته ورؤيته بعد تفكير وتحليل واستنتاج، فالكاتب الفطن هو من يشرك المتلقي في عملية النقد والمحاكاة للمشكلة الواقعية ليحرض ذهنه على التفكير ففي التفكير يتشكل الوعي.


الثقافة ليست شهادات جامعية فحسب، وهذه رسالتي للمرأة

ما رأيك في المرأة الخليجية وماذا ينقصها لتعتلي المكانة اللائقة؟
 المرأة الخليجية طيبة، وحنون ومعطاءة لكن ينقصها أن تتثقف وتقرأ لتنصقل شخصيتها وفكرها حتى تكون محصنة ضد أي تيارات فكرية تميل بها في كل اتجاه، فالشهادات الجامعية والمناصب الوظيفية مهما عظمت ليست هي بالثقافة التي أقصدها، إنما الثقافة التي تصنع الشخصية وتبني الفكر وتهذب السلوك لا ثقافة (البرستيج) وجعجعة الكلمات وهي من المضامين والمعاني خواء.
 والمكانة التي أتمناها للمرأة هي (الأمومة) بكل معناها الرسالي الهادف، أن تحتضن أسرتها وأولادها وتربيهم تربية دينية وتثقفهم بمختلف قضايا الحياة، فهم الطلائع القادمة التي ستقود المجتمع نحو درب العزة والكرامة، فلا نستهين بدورالأم وعظمتها فإن هزت المهد بيمينها حركت العالم بيسارها، وأن تكف عن اللهاث خلف سراب الموضة والتجميل أو النهم إلى السلطة والوجاهة والظهورالاجتماعي الزائف والذي غيب وعيها الأمومي وحضورها الفاعل داخل أسرتها فأهملت الأبناء، وتركت البيت نهباً للخادمات اللاتي يأتين من أصول غامضة هن في الغالب يعانين من عقد نفسية واجتماعية مخيفة فكيف نترك في أحضانهن أطفالاً في غضاضة العمر ونفضل المطامح الأنانية والأهداف الشخصية على حساب البيت، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (الجنة تحت أقدام الأمهات) ولم يقل الطبيات، الكاتبات، المهندسات أو حتى البرلمانيات فأرجو أن تنتبه المرأة الخليجية إلى أسرتها وتهتم بتوعية أبناءها وتثقيفهم وتحصينهم ضد الانحراف والفساد والتطرف

ما هي رسالتك التي توجهينها للمرأة كي تشغل طاقاتها المعطلة بإرادتها أو بإرادة غيرها؟
 أن تعيد تشكيل شخصيتها من جديد وفق معايير دينها الإسلامي الذي كرمها وعظمها وتحدد برنامج حياتها بشكل فعّال وواضح وذلك أن تسأل نفسها لتوجه مسارها (ماذا أفعل؟ ولماذا أفعل؟ ومتى أفعل؟ وكيف أفعل؟ وماذا بعد؟). أن تكتب هذه الأسئلة على ورقة لتحدد وجهتها بكل شفافية، وصدقيني أنها من خلال هذه الأسئلة تكتشف أن داخلها طاقات وقدرات لأنها نفضت عن ذاتها الفوضى والعشوائية التي تشتتها في كل اتجاه، فعقل الإنسان وعاء وسبب تعطل طاقة المرأة عقلها الوعاء الذي يختزن الغث والسمين من الأفكار والمعلومات ولهذا فهي لا تفكر بشكل صحيح وبالتالي لا تعرف ماذا تريد وأين تتجه رغم طاقاتها الدفينة المجمدة، وحينما ترتب أفكارها تفهم موقعها في الحياة ورسالتها على وجه الأرض، لأن الطاقات المخبوءة تطفو على سطح الذاكرة فتبدأ بتنميتها واستغلالها وذلك عبر القراءات الهادفة أو الدورات في التنمية البشرية والمحاضرات التثقيفية، سيتجدد كيانها وباطنها وعقلها وحتى لو كانت جليسة البيت يمكن أن تكون عالمة في بيتها، فقد حدثني أحد العلماء يوماً بإمكان المرأة أن تكون عالمة حتى وهي جليسة الدار إذ تتمكن من تثقيف نفسها تثقيفاً ذاتياً، فلا تبرر ضعفها وهوانها وتلقي باللائمة على الظروف حولها، فهي إن أرادت فعلت وإن صممت عن إرادة عزم نفذت فلتستعين بالله عز وجل فهو سبحانه نعم المولى ونعم الوكيل والحمد لله رب العالمين.