في جلسات اليوم الأول بمنتدى جدة الإقتصادي

حزمة القرارات التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين ستغير مجرى التنمية الشاملة بالسعودية، والفجوة بين الغني والفقير تضاعفت 400% عالمياً

صور وفيديو

وضع الاقتصاديون في اليوم الأول وخلال 4 جلسات خارطة طريق ووصفة تحليلية للنمو الاقتصادي القادر على تحدي العقود المقبلة والتعامل مع تحديات القرن الواحد والعشرين. التعليم، المرأة، والقطاع الخاص، أبرز ما تداوله المحللون  مع جمهور وحضور منتدى جدة الاقتصادي في دورته الحادية عشر.

وجاءت الجلسة الأولى بعنوان: "تأثير القوى العالمية" حيث أدارها كيتو دي بوير المدير المسؤول لشركة مكيزي، وركز في حديثه على الإنتاجية الأساسية مستنداً إلى مقولة: "إصنع الكثير من القليل"، ومشدداً على أهمية التوظيف والتعليم. شارك في الجلسة محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر والذي أكد على  أن حزمة القرارات التاريخية التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مؤخراً ستغير مجرى التنمية الشاملة في المملكة العربية السعودية خلال السنوات  القليلة المقبلة.

كما أكد الجاسر أن مجموعة العشرين التي تضم في عضويتها السعودية وتركيا ستكون ذات تأثير قوي في المستقبل خصوصاً أنها تمثل ثلث سكان العالم ولا تخضع في نفوذها إلى دولة بعينها، وتملك إرادة جماعية وتؤثر بشكل كبير في القرارات الدولية العالمية التي ستقود إلى إصلاح متوقع للوضع الاقتصادي العالمي وتنهي على أثار الأزمة المالية التي حدثت في السنوات الماضية.

وأضاف محافظ مؤسسة النقد السعودي: "لابد من التفريق بين  الحكومة والتنظيم الحكومي الذي يعني الجهات التي يجري دعمها من الحكومة ولكنها لا تأخذ الصفة الرسمية"، وأشار إلى أن التأثير الأحادي أو الثنائي قبل (30) سنة كان له تأثير سلبي على القوى الاقتصادية العالمية، واسترجح الجاسر النمو الاقتصادي الذي حدث في العالم، فقال: "في عام 1900 كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي أكبر اقتصاد عالمي وكانت هناك مؤسسات عالمية اقتصادية أنشأت في هذا العهد للتعامل مع القضايا الاقتصادية، وكانت أنظمة العالم الثالث مغلقة ولاتسمح بالتحرر الاقتصادي، وكان هناك منجز أساسي يتمثل في دفع أجندة التجارة التي أدت إلى ظهور اختلال كبير، حيث ظهرت فقاعات شركات الانترنت، وبات من الممكن أن نفكر في أسباب كثيرة للاخلال الذي حدث في مجموعة السبع، التي كان ينظر لها على أنها نادي الأغنياء، وهذه المجموعة صارت فيما بعد تسمى مجموعة الثلاثة عشرة بعد أن أنضمت إليها مجموعة من الدول،  ثم مجموعة العشرين ولم يكن أمامها تحدي كبير حتى حدثت الأزمة المالية العالمية، التي أدخلت العالم في أسوأ مرحلة كساد في تاريخه، وفي خريف 2008م اجتمعت مجموعة العشرين وبحثت عن حزمة من الحول للأزمة المالية، وطالبت بإصلاحات النظام المالي العالمي".

وأضاف: "لا أعتقد أن الاختلالات الموجودة في النظام العالمي هي السبب الرئيسي في الأزمة الاقتصادية العالمية، لكن ينبغي أن يكون هناك نظام متعدد الاتجاهات يضم الدولار واليورو والعملة الصينية التي تؤثر بشكل كبير في الاقتصاد العالمي، وعلينا أن ندرك أن العولمة تجلب فوائد لكنها تجلب ايضا تحديات".

وشدد على أن المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي ليست لديها السلطة للضغط على القوى الاقتصادية موضحاً: "مجموعة العشرين حققت مصداقية وأمل أنها ستزدهر لأنها تطورت بصورة كبيرة، وهي تمثل في تعقيدات العالم، وأتصور أنها أكبر تجسيد للرغبة العالمية لجعل الفائدة العامة قبل المصالح الذاتية للدول، وقد حققت العديد من الانجازات، وهناك الكثير ممن يعتقدون أن العملات هي أساس المشكلة، ويجب أن نكون حذرين خاصة في المملكة العربية السعودية". واشار أن السعودية تستخدم فوائض الميزانية لتحقيق التنمية الاقتصادية.

السعودية أصبحت خامس دول العالم تطوراً في فترة وجيزة

واستعرض كيتو دي بوير المدير المسؤول بشركة مكنزي ما سيتم تناوله خلال الأيام الثلاثة المقبلة في جلسات المنتدى، متطرقاً للقوة العالمية وإعادة الموازنة الدولية بين الغرب والشرق في البلدان المتقدمة والنامية إلى جانب الإنتاجية وزيادتها باستخدام وسائل ومصروفات أقل، وتطرق لما يعرف بالشبكة العالمية، وهو وصف العالم الذي يعتمد على بعضه بعضاً والمترابط مع بعضه البعض، وكذلك دور وازدهار التقنية في العالم، ومنتجات الغذاء والأسعار وزيادة الاختلافات الموجودة داخل البلد والمستقبل وضغوطه بين الذين يملكون ولا يملكون في البلد الواحد. وتطرق لليابان كثالث أكبر اقتصاد في العالم. وقال: "إن 60% من الإنتاجية لدعم الاقتصاد وليس هناك مفاجأة في التطور التكنولوجي الكبير لليابان، مشيراً إلى أن الاقتصاديات تتغير لكن الإنتاجية هي الشيء الوحيد الذي القادر على تحسين الوضع الاقتصادي".

وانتقل دي بوير إلى العالم الثالث معتبراً أن أنماط التجارة والحركة التجارية تطورت كثيراً ونمت بصورة كبيرة مقارنة بالاقتصاديات الكبرى، خاصة في مجال براءات الاختراع والتكنولوجيا، لافتاً إلى أن أكبر شركة تسجل براءات اختراع كانت في الصين، وتناول الاتجاه الرابع العالمي المتعلق بوضع الأسعار وكيفية إدارة العرض والطلب، وأشار إلى أن ما بين هذه السنة وعام 2030سيزيد  الطلب بصورة كبيرة على الغذاء وبنسبة تصل إلى 48%، متناولاً الفروقات بين الأغنياء والفقراء وبين الذين يمتلكون والذين لا يمتلكون وقال إنه سيكون هنالك اختلالات، متحدثاً عن نمو المدن، وقال إن في عام 2009 كان هناك تحولاً كبيراً والاتجاه الحاصل أن 1.5 مليون ينتقلون إلى المدن كل أسبوع،  وهذا شيء كبير بالنسبة للإنتاجية والمساواة لأن المدن بها مساواة أقل من الريف، وإذا نظرنا إلى المجتمعات الزراعية فإن الفرق بين الأغنياء والفقراء يمثل 3 أضعاف، فمن الصعب أن تكون مزارعاً غنياً، فهنالك فرق كبير بين الأغنياء والفقراء.

ولفت كيتو إلى أن ما قامت به المملكة خلال الـ40 سنة الماضية التي أصبحت البلد الخامس الأكثر تطوراً فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية، وقد جاءت بعدها عمان وإندونيسا ونيبال،  وقال إنه يتعين خلق 100 مليون وظيفة خلال السنوات المقبلة، لاسيما أن دول الخليج العربي تعتبر من الاقتصاديات الديناميكية، والتحدي يكمن في القدرة اعلى إحداث وظائف، وإذا نظرنا إلى السكان فإن نسبة التوظيف تعتبر الأقل في العالم بالنسبة لمجتمع تعداده السكاني الأكبر من الشباب والذين من المفترض أن يدخلوا سوق العمل خلال السنوات المقبلة، مقارناً بالصين وتعداد السكان الذي يتناقص فيها نتيجة لاتباع سياسات تحديد النسل. إذا نظرنا إلى منطقة الخليج خلال ال12 سنة المقبلة فإن الحاجة ماسة للوظائف الجديدة.

كما تحدث رئيس مجلس إدارة يو بي إس كاسبر فليجر وتناول التغير الاقتصادي الكبير في العالم الغربي والنمو المتسارع للنظام الاقتصادي والمالي في العالم مما سينتج عنه خاسرين ورابحين، متناولاً آثار البطالة وزيادة الديون التي تساعد على توليد العديد من الضغوط الانكماشية كما أن الفرق في مستويات الدين لا يزال كبيراً، وقال إن العجز في ميزانية الولايات المتحدة كبير ويمول من الاحتياطي المركزي، ومن المحتمل أن تحدث زيادة التضخم مستقبلاً، كما أن مستقبل الاقتصاد للدول الكبرى يشكل علامات استفهام كبيرة، وكما هو الحال في بقية الدول الأوروبية، حيث أن الحل الوحيد لاستدامة منطقة اليورو هو الاتحاد النقدي أو اتحاد العملات، وهيكلة النظام المصرفي الأوروبي أمر لا يمكن تجنبه.

الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة تضاعفت (400%)

 من جانبه، تناول المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة أبراج كابيتال عارف نقفي ما يمر به الاقتصاد العالمي مشيراً إلى أن الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة تضاعفت بنسبة 400%، إلى جانب انخفاض مستوى عدم التيقن في العالم والمخاطر التي يمكن قياسها ومعالجتها وإيجاد حلول للنتائج المرتبطة بها، مشيراً إلى أهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي توفر فرص عمل كبيرة وفرص هائلة لرجال الأعمال لإنشاء البيئة المواتية لرفع الإنتاجية، واستيعاب البيئات الاقتصادية الصغيرة، وعلينا كرجال أعمال أن نفكر بما سيسود في الاقتصاد والإسهام في المعالجة.

وأشار إلى أن الدولة وحدها لا يمكن أن تتحمل عبء التوظيف والبطالة في ظل وجود (200) مليون شاب يبحثون عن وظائف، مؤكداً أن منطقة الخليج يمكنها أن توفر قطاع كبير من الوظائف في السنوات المقبلة نتيجة المشاريع الكبيرة التي بدأت في انشاءها.

الطبقة الوسطى أصبحت استهلاكية بإمتياز، والغييرات ماهي إلا فرص

وناقشت الجلسة الثالثة قضية الطبقة الوسطى في المجتمع ومدى مشاركتها في صناعة القرارات وتأثرها بالتحديات الاقتصادية. وكانت الجلسة بعنوان "مواطنة مزدهرة" حيث أدارها الإعلامي تركي الدخيل. وذكر خلالها الدكتور أبو بكر باقادر وكيل وزارة الثقافة والإعلام  أن المجتمع السعودي يتطلع اليوم إلى أن يكون لاعباً في المجتمع الحديث، مشيراً إلى أن  الطبقة الوسطى نتيجة للاستقرار والثراء أصبحت استهلاكية بامتياز. وأكد باقادر على أن الأوامر الملكية التي صدرت يوم الجمعة الماضية ستسهم في زيادة تعداد الطبقة الوسطى بعد أن كانت مهددة بالتلاشي.

 بينما كانت "التحولات العظمى" محور الحديث في الجلسة الرابعة التي أدارها كيشور محبوباني عميد كلية "لي كوان يو" السنغافورية. وشارك فيها روبرت هورماتس وكيل وزير الدولة للشؤون التجارية والزراعية الذي تحدث عن الولايات المتحدة قبل 40 سنة وأن أول ما قامت به الحكومة كان تطوير التعليم وزيادة فرص المرأة في العمل وقال روبرت: "أذكر هذا لأن الشرق الأوسط يشهد تغييرات كثيرة ويجب أن ينظر إليها على أنها فرص". ويشجع روبرت على أهمية الاستثمار الخارجي للشركات الصغيرة ويشدد على أن "ريادة الأعمال عنصر مهم في النمو".

نورييل روبيني رئيس ومؤسس شركة روبيني الاقتصادية العالمية تحدث عن اختلاف طرق النمو الاقتصادي والتجارب المتعددة للتطور وقال: "ليس هناك نموذج واحد للنمو الاقتصادي لإتباعه" وتحدث عن النموذج "القارب" للنمو مثل أوروبا، والنموذج "الساكسوني" الذي ظهر في أمريكا وبريطانيا، والنموذج "الآسيوي" قائلاً: "هناك دروس مهمة يجب أن نتعلمها من هذا النموذج حيث أن آسيا تتعدد بها النماذج لتناسب مواردها واحتياجاتها". وشدد روبيني على أن "المال والعمالة والموارد هي عناصر الإنتاج والنمو، وإذا لم تتمكن من تنويع اقتصادك سيصبح نموك محدوداً. فإن رأس المال البشري والتعليم والمهارات عناصر تساعد على الاستثمار والإنتاج الاقتصادي".

 التغيرات في البلاد العربية طغت على ورقة الدكتور ناصر سعيدي رئيس الشؤون الاقتصادية والعلاقات الخارجية بمركز دبي المالي العالمي الذي طالب باستخدام خطة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لإعمار المنطقة وشمال أفريقيا. وذكر سعيدي بأننا بحاجة إلى التكامل المالي والاقتصادي الإقليمي وهذا يعني ربط أسواقنا المالية. وشدد سعيدي على قضيتي التعليم والمرأة حيث قال: "نحن بحاجة إلى إعادة التفكير في مقررات التعليم. ويجب أن نمكن نساءنا من العمل كي يشاركن في النمو الاقتصادي".