بعد طرح أكبر مشروع اسكاني في غرب جدة

طارق الخيال: لن تنجح مشاريع القطاع الخاص وخطط الاسكان الوطنية ما لم يتم تحرير الأراضي البيضاء من احتكار "مافيا" العقار

عربيات: خاص - حنين موصلي
صور وفيديو

تجربة التحولات والحلول الناتجة عن التجارب الشخصية هي باختصار قصة الشاب طارق الخيال الذي تحول من الوظيفة المصرفية إلى العقارية ليؤسس شركة "ديار الخيال" للتطوير العقاري بعد تجربة أثناء الوظيفة نبعت من طموحه إلى إيجاد دخل إضافي له ولأسرته من خلال الاستثمار في المساكن، ومن التجربة إلى التوسع فيها واحترافها، بدأ يتلمس احتياجات الشريحة التي ينتمي إليها، حتى تمكن من إطلاق أكبر مشروع سكني في غرب جدة.

ضيف "عربيات" في هذا اللقاء، وضع شريحته المستهدفة تحت المجهر مؤكداً أن الأزمة الاقتصادية خفضت من القدرة الشرائية لدى مختلف الشرائح بما فيها مرتفعة الدخل، ومشيراً إلى أن عقبة شح الأراضي التي يواجهها قطاع التطوير العقاري ستواجهها الخطط الوطنية للإسكان مالم يتم تحرير الأراضي البيضاء والتضييق عليها لاخراجها من سوق المضاربات، متجاوزاً ذلك إلى اقتراح حلول من بينها اشراك قطاع التطوير العقاري في التنفيذ شريطة تقييد أرباحه لتجنب أزمة ارتفاع الأسعار في حال نزع الملكيات أو إذا ما تم اسناد تنفيذ المشاريع الوطنية للمقاولين.


 التحول من الوظيفة إلى العمل الحر مخاطرة تحكمها الخبرة والتجربة
 

ـ هناك مبادرات عديدة لتحفيز الشباب على التحول من مسار البحث عن وظيفة إلى خوض تجربة العمل الحر،  ولكن كشاب يملك وظيفة مرموقة في القطاع المصرفي ألم يكن من الصعب اتخاذ قرار التحول إلى العمل الحر؟
الانتقال من الوظيفة للعمل الحر لم يكن أمراً سهلاً، لأنني مثل غيري وضعت بعين الإعتبار ما توفره الوظيفة من ضمان الدخل الثابت وكنت بفضل الله أتدرج وظيفياً بشكل ممتاز في العمل المصرفي قياساً بزملائي، كما أنني كنت قد أصبحت رب أسرة وبالتالي يصعب التفكير في مخاطرة مغادرة الوظيفة،  لكن بإعتقادي المهم هو أن يتخذ الإنسان القرار المناسب في الوقت المناسب ويختار ويختبر المجال الذي يود أن يبدأ به مشواره به قبل مغادرة الوظيفة لتقليص نسبة المخاطرة وهذا ما حدث معي.

ـ كيف تمكنت من اتخاذ هذا القرار؟ ولماذا وقع اختيارك على العقار تحديداً؟
بعد زواجي  قدم لي والدي قطعة أرض بجوار مسكنه لأقوم ببناء مسكني الخاص فيها، ولكن قبل أن أقدم على هذه الخطوة فكرت بشكل مختلف لاستثمار الفرصة في إيجاد دخل إضافي لي ولأسرتي الصغيرة، فقمت ببناء مسكني في حديقة منزل والدي، واقترضت لأتمكن من بناء فيلتين "دوبلكس" على قطعة الأرض الخاصة بي بهدف تأجيرهما وتسديد القرض من أحداهما وتحسين مستوى دخلي من الأخرى، المفاجأة أن المستأجرين طلبا شراء المساكن بعد فترة ولم أمانع، ووجدت أن التجربة تستحق التكرار، فبدأت منذ عام 1998م بممارسة نشاط التطوير العقاري بشكل محدود، حيث قمت ببناء عدد من المساكن وبيعها على زملائي في العمل إلى أن نصحني أحد مدرائي أن أترك الوظيفة وأتفرغ إلى العمل الجانبي الذي احترفته، وأعترف أن نصيحته قد ساعدتني على اتخاذ القرار خاصة وأنني قد اختبرته بشكل جيد وأصبحت لدي خبرة تتجاوز 10 سنوات فيه، كما أن  الدعم المعنوي من قبل شركائي كان له بالغ الأثر ليس كاستثمار مالي فحسب ولكن لأن وراء استثمارهم معي ثقة بشخصي وبطريقة قيادتي للعمل، لذلك المفاجأة هي أن 50% من شركائي الحاليين هم مدرائي سابقاً.

  

ـ هل لك أن توضح لنا الفارق بين التسويق العقاري والتطوير العقاري؟
من الملاحظ أنه محلياً يوجد خلط بين النشاطين، فالغالبية يستخدمون مسمى التطوير  العقاري لممارسة أي نشاط متعلق بالعقار حتى لو كان مقاولات أو مجرد تسويق لعقارات الغير أو مضاربة على الأراضي، بينما في واقع الأمر التطوير يعني ببساطة أنك تشتري الأرض وتقوم بتخطيط وبناء المشاريع السكنية ومن ثم عرضها للبيع، لذلك لا يمكن على سبيل المثال أن نعتبر المقاول مطور عقاري لأنه لايبدأ بتنفيذ المشروع إلا بعد التعاقد مع المطور، وهذا الأمر يفترض أن يكون له أهمية بالغة لدى المشتري لأن ما يتوقع تقديمه من خدمات قبل وبعد تنفيذ المشروع يختلف عندما يتعاقد مع مطور يملك المشروع ويقدم خدمات شاملة أو مقاول دوره تنفيذ عقد البناء فقط.

ـ لو نظرنا إلى سوق العقار في جدة تحديداً كيف ترى حجم الطلب مقابل العرض؟
بالرغم من أن حجم العرض كبير إلا أن الطلب لا يزال أكبر بكثير من العرض.

الأراضي البيضاء سر ارتفاع أسعار العقار
 

ـ ماهو السبب من وجهة نظرك؟
المشكلة التي تواجهنا وتواجه أي مطور عقاري هي عدم توفر الأراضي، وأنا هنا أقصد الأراضي الكبيرة التي تستوعب بناء مشاريع اسكانية بها، وحتى أكون دقيقاً في اجابتي ففي الواقع توجد أراضي داخل النطاق العمراني لكنها غير معروضة للبيع و أحياناً لا نعرف مالكها، وهذا الشح يؤدي إلى ارتفاع أسعار المعروض باعتباره فرص نادرة خاصة في المناطق المركزية، ولو تم تحرير هذه الأراضي سنشهد هبوط كبير في الأسعار ينعكس على قدرة المطورين على طرح مشاريع اسكانية جديدة وعلى التخفيف عن المواطنين في التكلفة، أما في ظل الوضع الراهن فسوق العقار سيظل يعاني بشكل كبير من ملاك ومضاربين –أو بمعنى أصح مافيا العقار- الذين يمتلكون الأراضي بغرض تجميدها لسنوات طويلة حتى ترتفع أسعارها ولا يستفيد من هذا الأمر إلا هم.


اخترنا المناطق المركزية لمشاريعنا السكنية لنوفر لعملائنا ما نتمناه لأنفسنا


ـ ذكرت أن شح الأراضي يعد مشكلة في المناطق المركزية من مدينة جدة، فلماذا اخترت هذه المناطق تحديداً لمشاريعك بالرغم من أنك لمست هذه المشكلة؟
قمنا قبل تأسيس الشركة بعدد من الدراسات لتحديد الشريحة المستهدفة واحتياجاتها لسد ثغرات السوق، فوجدنا أن الشريحة العليا من الطبقة المتوسطة مرشحة لأن تزداد حاجتها وتحديداً حاجة أبناءها لامتلاك المساكن التي توفر لهم الخصوصية وتقع ضمن نطاق عملهم ومساكن أقاربهم في مركز المدينة لسهولة الحركة والتنقل، ولقد وضعنا أنفسنا كمستثمرين في مكان المشتري من الشريحة المستهدفة لنقدم له ما نتمناه لأنفسنا وما توفر لنا من حق في العثور على مساكن بالمواصفات المأمولة وفي المواقع المناسبة. من جهة أخرى لو قمنا بتقسيم خارطة جدة إلى ثلاث مناطق الأولى من شارع التحلية إلى حراء، والثانية من حراء إلى أبحر الجنوبية "الخور"،  والثالثة من الخور إلى أبحر الشمالية، ومن ثم قمنا بتقييم ارتفاع أسعار الأراضي في الشمال والتي ارتفعت بسبب المضاربين قبل أن يصل إليها المطورين، سنجد أن الفارق في السعر لا يوازي عناء المواصلات التي سيتكبدها المشتري فيما بعد وشح الخدمات، ومن هنا اتخذنا قرار التركيز على بناء المساكن العائلية في المناطق المركزية واقتناص الأراضي التي تتوفر فيها بصعوبة لإقامة مشاريعنا وتلبية متطلبات هذه الشريحة.


خطط الاسكان الوطنية تتطلب اشراك قطاع التطوير العقاري في التنفيذ مع تقييد أرباحه


ـ في ظل ماذكرته من عدم توفر أراضي لتشيد المساكن في المناطق المركزية والتي تتوفر بها الخدمات المطلوبة، هل ترى أن ذلك سيؤثر سلباً على تنفيذ خطط الاسكان الوطنية؟
في الواقع أرى أن الدولة قد اتخذت خطوات هامة لحل أزمة المساكن ومن بينها الأوامر الملكية الأخيرة والتوجيهات التي صدرت بهذا الخصوص لمراعاة احتياجات المواطنين وتأمين المساكن لهم بتسهيلات كبيرة وتوجيهات جادة من خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله، فالمسكن بالنسبة للمواطن هو مفتاح الأمان وتحقيق معنى الاستقرار ليواصل حياته المهنية والأسرية بارتياح، ولدعم هذه التوجهات الوطنية الصادقة أعتقد أنه على الأجهزة التنفيذية مراعاة وضع السوق حتى لا يتسبب شح الأراضي في تعثر التنفيذ، أو يؤدي نزع الملكيات إلى ارتفاع في الأسعار ويرتفع على ضوء ذلك كذلك مرتبات الأيدي العاملة وأسعار البناء، وهناك بالطبع عدة مقترحات لكن من وجهة نظري أعتقد أن أفضل آلية للتحكم في الانعكاسات السلبية هي أن يتم اسناد التنفيذ إلى المطورين وليس إلى المقاولين، مع منح الأراضي للمطور مجاناً شريطة أن لا يربح من سعرها نهائياً ويكتفي بهامش ربحي محدد وموحد في أسعار البناء من خلال قيود معينة ووفقاً لشروط محددة يتم إلزام المطورين بها.


الشريحة مرتفعة الدخل تراجعت امكانياتها، و فوائد القروض السكنية في المملكة تعد الأعلى في العالم


ـ من خلال تعاملكم مع هذه الشريحة المستهدفة لأكثر من عشر سنوات وكونها تعد وفقاً للتوزيع الديموغرافي أقرب إلى الشريحة مرتفعة الدخل، هل تتأثر قدرتها على الشراء بالفرص التمويلية والقروض سلباً أو إيجاباً؟
الملاحظ أن هذه الشريحة إلى ما قبل 5 سنوات تقريباً كانت لديها إمكانية أكبر لشراء المساكن مباشرة دون تقسيط، أما بعد ذلك فما حدث هو أن قيمة مدخراتها وإمكانياتها ظلت كما هي بينما أسعار العقارات ارتفعت فبدأت تبحث عن تقسيط الدفعات واللجوء إلى القروض البنكية التي أعتقد أن البنوك اجتهدت بوضع شروطها لتحمي حقها وتتجنب المخاطرة، وفي الواقع أعتقد أن السلبي في الأمر هو أن الفائدة المترتبة على القروض مرتفعة إلى حد ما قياساً بأغلب دول العالم، بل وأعتبرها مرتفعة جداً وتثقل كاهل الشباب تحديداً، وهذا الأمر لابد من النظر إليه بجدية لتكون عملية القروض ميسرة وفوائدها منطقية بالنسبة للمشتري دون أن يتعرض البنك لمخاطر كبيرة، فالموازنة بين مصالح الطرفين أمر هام جداً.


توقعات بالتضخم في ظل شح الأراضي، ولا مفر من فرض الضرائب على الأراضي البيضاء لتحريرها من "مافيا" العقار
 

ـ إلى أي حد تتوقع أن يؤثر إقرار نظام الرهن العقاري على السوق؟
من المفترض أن  يؤثر الرهن العقاري بشكل إيجابي على سعر القروض على الأقل، كما أن سعر الفائدة وهامش الربح قد يتراجعان كون القرض العقاري في السعودية اليوم يحقق للمقرض أعلى هامش ربح على مستوى العالم. أما الجانب السلبي الذي قد نواجهه فهو مجدداً ارتفاع الأسعار في حال ضخ الأموال في السوق والتضخم المحتمل في ظل شح الأراضي، وبما أن جميع الحلول تعود وتتعثر عند نفس المشكلة فالقرار الذي سيوجد حلول فعلية وملموسة هو فرض الضرائب على الأراضي البيضاء، وخصوصاً الأراضي ذات المساحات الشاسعة والتي تقع في المناطق المركزية والحيوية. مع علمي المسبق بأن أن هذا القرار قد يتداخل مع الزكاة المفروضة شرعاً على الأراضي أو يتطلب دراسة هيئة كبار العلماء له للنظر في جوانب الضرر والفوائد المترتبة عليه لسد احتياجات المواطنين حيث بالإمكان أن تذهب هذه الضرائب إلى صندوق مخصص للاسهام في بناء المساكن وتخفيض تكلفة امتلاكها على المواطن.


ـ كشخص له تجربة طويلة في هذا المجال، ماهي نصيحتك لمن يرغب بشراء منزل ليتلافى الوقوع في مشاكل البناء التجاري المنتشرة؟
في الثلاث سنوات الأخيرة انتشرت شركات التطوير العقاري، وعندما تزداد المنافسة يصبح السعر هو أسهل الوسائل لاقناع العميل، ولكن المنافسة السعرية تدفع بعض الشركات إلى خفض المواصفات والاستغناء عن الجودة، لذا  نصيحتي  لمن يرغب في شراء منزل أن يسأل عن عمر الشركة، ورصيد عملائها،  وسمعتها في السوق، والضمانات التي تقدمها، والابتعاد قدر الإمكان عن شراء المساكن من أفراد يصعب عليهم تقديم ضمانات ما بعد البيع والتي يفترض أن تتركز المنافسة عليها لأنها ضمان الراحة بالنسبة للمشتري على المدى القريب والبعيد.

المطور الذي يعتمد على المبيعات لاستكمال تنفيذ مشروعه مؤهل للتعثر والتأخير في التسليم


ـ من الملاحظ أن مشاريع ديار الخيال يتم الإعلان عن مواعيد تسليمها ولا تتجاوز غالباً العام الواحد حتى يتم بيعها وتسليمها فما هو السر في قدرتكم على التنفيذ السريع والالتزام بالمواعيد؟
أعتقد أن من يستغرق أكثر من عام في تطوير العقار فهذا يعني أنه غير قادر على تحقيق الربح من هذا العقار، أو أنه بدأ المشروع دون ملائة مالية لاستكماله فيعتمد على المبيعات المتوقعة بمجرد الإعلان عن المشروع وإذا لم تنجح عملية التسويق يتعثر ويظل المشروع تحت الانشاء أو يتم عرضه دون تشطيب، أما بالنسبة لديار الخيال فنحن لا نبدأ بأي مشروع أو نعلن عنه إلا إذا كان تمويله بالكامل جاهز بغض النظر عن مبيعاته ولذلك لا نواجه بفضل الله مخاطر التعثر ونلتزم بوعدنا حفاظاً على سمعة الشركة والثقة التي نحرص على بناءها مع العميل وهذا هو سر أي شركة تهدف إلى البقاء في السوق وفي موقع ريادة وليس مجرد تنفيذ مشروع أو تحقيق أهداف وأرباح على المدى القصير.

ـ تحدثت عن خدمات ما بعد البيع، وهذا البند تخلو منه أغلب عقود بيع المساكن، فما هي هذه الخدمات؟
أتمنى أن يجيب على هذا السؤال أحد عملائي، لكن ما أستطيع أن أقوله هو أن الشركة لديها مسؤولية معنوية عن جميع المساكن التي تقوم بتطويرها، كما أننا على أتم الاستعداد إلى أن نتحمل أخطائنا ولا نخجل من الإعتراف بها إن وجدت، لذلك نقدم خدمة الصيانة مجاناً لمدة عام بعد بيع كل مسكن على كل ماله علاقة بالبناء وليس الاستهلاك أو سوء الاستخدام من قبل المشتري.
 

طرحنا أكبر مشروع سكني في غرب جدة، وفكرة تطوير الشقق السكنية قائمة بشروط


ـ ما هو جديد ديار الخيال؟
جديدنا مشروع الحوامات والذي يعتبر أكبر مشروع سكني في غرب جدة بتكلفة تقارب 100 مليون ريال، ويتكون من 46 مسكن، حيث كنا قد بدأنا  المشروع في العام الماضي على مساحة 14,826  متر مربع، وقمنا بتسليم الدفعة الأولى والثانية، وسيتبعهما تسليم الدفعة الثالثة في خلال 3 شهور بإذن الله.
وهناك مشروع جديد في حي الشاطئ 4 شرق الهيلتون ومكون من 20 وحدة والذي اعتبره من أهم مشاريع 2012 والذي يقام على مساحة  6.781 متر مربع ، ومساحة المباني 9.563م متر مربع. من جهة أخرى ولمواجهة مشكلة شح الأراضي واحتياجات شريحتنا المستهدفة ندرس فكرة تطوير وبناء شقق سكنية فاخرة في مواقع مناسبة، وبنفس جودة المساكن التي ننفذها والمواصفات التي تكفل للمشتري الخصوصية والموقع والضمانات.