مؤكدة أن هدفها ليس الشهرة بل رأب صدع البيوت

الدكتورة هبة قطب أول طبيبة عربية متخصصة بالطب الجنسي: العلاقات الجنسية الفاشلة سبب الإنفصال

عربيات : القاهرة - إيهاب سلطان
صور وفيديو

عربيات - خاص: أثارت الجدل منذ أن اختارت التخصص بالطب الجنسي والاستشارات الزوجية أو مايسمى بالـ (Sexology)، فهي أول طبيبة عربية تطرق أبواب هذا التخصص غير مكترثة بالصعوبات والتحفظات التي قد تواجهها في هذا المجال الشائك ، فقد صممت على التغلب عليها بعد أن لمست خطورة انتشار العلاقات الزوجية الغير الصحية بين الأزواج في المجتمعات العربية وما ينتج عن ذلك من مشاكل تنعكس على الأسرة وانتاج الفرد في المجتمع .
هكذا اختارت تخصصها، أما نحن فأردنا أن نتعرف على شخصيتها وطبيعة تخصصها وأسلوب عملها دون أن نسوق رأينا ضمن الحوار... والحديث يطول وله بقية في جزءه الثاني بسبب ارتباط ضيفتنا بالسفر للولايات المتحدة الأمريكية .
وضيفتنا هي الدكتورة هبة قطب المثيرة للجدل خاصة بعد ظهورها في وسائل الإعلام كمتخصصة في الطب الجنسي والاستشارات الجنسية، وقد التقت بها عربيات مؤكدة لها أننا لن نرضى بحوار مثير فحسب بل نريده موضوعياً، فقالت: "وأنا أيضاً أريده كذلك".


في البداية نود تعريف قرائنا بك، فماذا نقول؟
أنا هبة جمال قطب، مدرس طب شرعي بكلية الطب ـ القصر العيني ـ جامعة القاهرة ، حاصلة على الماجستير من جامعة القاهرة في "الاعتداءات البدنية والجنسية على الأطفال "، وحاصلة على الدكتوراه من نفس الجامعة في "الإعتداءات الجنسية وتبعاتها الصحية". كما أنني زوجة للدكتور هشام علي حسن أستاذ جراحة العيون بالقصر العيني ـ جامعة القاهرة ـ وأنا أم لثلاث بنات في مراحل تعليم مختلفة، الصغرى منهن في الخامسة من عمرها .

ماالذي دفعك لاختيار هذا التخصص الشائك؟
عندما كنت أعد رسالة الدكتوراه في الطب الشرعي انخرطت في الدراسة والقراءة عن الدوافع التي تؤدي للاعتداءات الجنسية وارتكاب الجرائم البشعة كالإغتصاب ، والحقيقة أنني ذهلت عندما توصلت للعلاقة بين هذه الجرائم والخلل الذي يعاني منه مرتكبها في العلاقة الجنسية السوية... كما تفاجأت من عدم اهتمامنا كأطباء ومثقفين بهذا التخصص في العالم العربي فمابالك برجل الشارع العادي أو غير المتعلم !! بالرغم من أن هذا التخصص يعتبر من العلوم الإنسانية التي بدأت الجامعات الأمريكية تدريسها منذ الستينات لوجود فئات في كل مجتمع تعاني بسبب خلل في العلاقة الجنسية الزوجية وتحتاج للعلاج والمشورة من شخص مؤهل للقيام بذلك ، وهذا مادفعني لاختيار تخصصي .

ما هو موضوع رسالتك التي أهلتك لنيل الدرجة العلمية في هذا التخصص؟
لقد كان هناك اختبار مبدئي ، ثم فترة عامين لتحضير الرسالة وقد توجهت إلى ( فلوريدا ) لحضور المائدة المستديرة، وهناك تم عرض حالات علينا من خلال الفيديو بالاضافة لحالات واقعية وحسب التقاليد يحضرهذا الاجتماع رئيس الجامعة ويعطي لكل طالب الكلمة لمدة عشر دقائق للحديث عن مدى استفادته من المحاضرات التي تابعها وليبدي رأيه في الحالات التي تعرض عليه... وعندما جاء دوري للحديث كنت أذكر رأيي الطبي ثم أقوم بعمل مقارنة بين الحالة ورأي الدين الإسلامي فيها كحالات الشذوذ الجنسي و الخيانة الزوجية وأيضا الحرية الجنسية قبل الزواج وغيرها من القضايا... وبعد يومين من المحاضرات كنت ألحظ أنه عندما تصلني الكلمة لا يستوقفني أحد من الحاضرين على عكس ما كان متبع مع بقية الطلاب ، فكان رئيس الجامعة يستوقفهم بالإيماء حتى لا يهدر الوقت، و ذات مرة تحدثت لمدة خمسين دقيقة متصلة وكان في موضوع حق المرأة في الاستمتاع الجنسي ، والقرآن قد استعرض ذلك في صورة البقرة كما أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذا الحق بقوله: (لايقعن أحدكم على فراشه كما تقع البهيمة وليكن بينهما رسول، قيل وما الرسول يا رسول الله؟ قال : القبلة والكلام)... عندما تحدثت عن ذلك من القرآن والسنة واستشهدت بنساء الأنصار ونصح الرسول عليه السلام لهن بالحديث مع عائشة في أمور دينهم، تعارض ذلك مع المفهوم الغربي المغلوط المترسخ في عقول الحاضرين بأن الإسلام ظلم المرأة، فكنت ألمح الاستغراب على محياهم وأعود لأؤكد في حديثي دائما حقيقة هامة وهي أن الإسلام متحضر للغاية على عكس مفهومهم عنه وأنه سبق كافة العلوم البشرية... وفي نهاية الأسبوع حيث الإختبار فوجئت برئيس الجامعة يسلم جميع الطلاب ورقة الأسئلة فيما عداي أنا... فقلت في نفسي هذا ما كنت أخشاه فيبدو أنني "انسحبت من لساني" على الطاولة المستديرة وتطرقت لمقارنة الدين وواقع الحالات المرضية التي عرضت علينا فلم يعجبهم ذلك... ولكن للمفاجأة ، وجدت العكس بفضل الله ، حيث أبلغني الدكتور أنني لست بحاجة للاختبار وأنني قد تجاوزته... سألته متعجبة: "كيف ولماذا أنا دون البقية لن أخضع للاختبار؟! "... فأجاب: "الإختبار وظيفته تقييم الطالب وقد قيمتك خلال المناقشات وأدركت أن مستواك العلمي يستحق الدرجة التي تؤهلك للاستمرار" .
لقد تمنيت قبل السفر إلى أمريكا ودعوت الله أن يكون موضوع رسالة الدكتوراه الخاصة بي عن ماورد في الإسلام عن العلوم الجنسية، ولم أطلب ذلك من رئيس الجامعة خوفا من الرفض فالتزمت الصمت وانتظرت تحديد موضوع الرسالة من جانبهم، ولكن بعد حصولي على الدبلوم طلبت من رئيس الجامعة تحديد موضوع رسالة الدكتوراه فالتزم الصمت قليلا بشيء من التركيز وقال: "ما رأيك في تقديم النموذج الإسلامي في الممارسات الجنسية؟"... فقلت له: "لاحظت أن بعض مؤسسي الجامعة من يهود، ألا تظن أن هذا الموضوع قد يتعارض معهم".. فأجاب: "بعد 11 سبتمبر أصبنا بارتباك في أذهاننا، ولم نعد ندري هل نحب الإسلام أم نكرهه؟ وما هو الإسلام؟.. من المؤكد أنه ليس الدين الذي يتناوله إعلامنا بشكل سلبي، فما ذكرتيه يؤكد أن الإسلام سبق العلم الحديث بآلاف السنين لذلك كنا ننصت لك باهتمام ودون مقاطعة فنحن متعطشين للتعرف على العلوم التي جاء بها الدين الإسلامي، وإذا تزاوج العلم مع الدين فهذا شيء جميل جدا".


ما استعرضته عن حضورك المثقف الواعي شيء جميل ويسعد به كل مسلم ، لكن أرى أنك تعرضت لأمور فقهية أكثر منها علمية أو متعلقة بصلب تخصصك ، فما تعليقك؟
القضايا الفقهية عبارة عن النصوص والتفاسير فالقرآن وردت فيه الآيات والسنة جائت لتفصيلها و حياة الصحابة جسدت ذلك ومن هنا اعتمدت على المقارنة والاستشهاد بالنموذج الإسلامي، مع الإشارة إلى أنني تجاهلت الحديث عن الصورة الحالية للممارسات الجنسية في العالم العربي والإسلامي، فهناك أخطاء عديدة يستخدمها المغرضون كثغرات يتسللون منها لتشويه هذا النموذج والإدعاء بأن المجتمع الإسلامي متخلف منها الزواج المبكر وختان الفتيات والإنجاب المتكرر والاستشهاد ببعض الآراء المتشددة في مسألة تنظيم النسل .


هل اعترض زوجك على تخصصك، خاصة وأن عملك يتطلب فحص الرجال والنساء على حد سواء؟
لم يعترض مطلقا ، بل شجعني ولولا تشجيعه لي ما كنت لاستكمل دراستي في هذا المجال.. فهو كطبيب يعلم تمام العلم أن الطبيب يكون طبيب فقط أثناء ممارسته لمهام عمله ولا وجود للأمور الشخصية أو العاطفية.


يا سيدتي أنت مطالبة بالحديث مع مرضاك في تفاصيل دقيقة وخاصة للغاية ولايقتصر الأمر على عملية جراحية لمريض تحت تأثير المخدر ، فكيف يمكن التغاضي عن مقومات التواصل النفسي المطلوب توفرها بينك وبين المريض خلال مراحل العلاج؟
لايوجد مجال لتدخل الأمور الشخصية والعاطفية للطبيب أثناء عمله، وأدرك أن هناك من الرجال من يصاب بالغيرة على زوجته إذا ما خاضت بالحديث مع الرجال في هذه الأمور... ولكن أدرك كذلك كما يدرك زوجي عن تجربة وممارسة أن الطبيب الناجح لا يتفاعل مع مرضاه على مستوى المشاعر، وبفضل الله ثم بتشجيع زوجي ووالداي تمكنت من تجاوز كافة العقبات لتحقيق رغبتي بالتخصص في هذا المجال ذلك أنه لاتوجد سوى سبع جامعات في العالم تمنح درجة الدكتوراه عن بعد في هذا التخصص وقد حرصت على أن أحصل على درجتي العلمية من جامعة "مايمونديس" الأمريكية كونها الجامعة الأم التي وضعت مناهج العلوم الجنسية التي تدرس عن بعد في جميع الجامعات الأخرى، كما اخترت الدراسة عن بعد حتى لا أبتعد عن زوجي وبناتي لفترة طويلة .


حسناً، اخبرينا كيف يصل المرضى إلى عيادتك؟
أنا أمارس العمل كمتخصصة في العلوم الجنسية منذ ثلاث سنوات وكانت البداية قاصرة على تحويل المرضى إلى عيادتي من قبل الأطباء المختصين بأمراض النساء وأمراض الذكورة والأمراض النفسية إلى أن بدأ المرضى يتعرفون على عيادتي من خلال الحالات التي أعالجها.


تخصصك حساس جدا، فقد تتحدث السيدات فيما بينهن عن مايتعرضن له من مشاكل جنسية كأن تحكي الفتاة لوالدتها أوالأخت لأختها، و لكن أن يفضي الرجل الشرقي بمشاكله الجنسية لرجل فهذا أمر مستبعد مابالك بلجوءه لطبيبة وقد يتطلب تشخيصها له إلى كشف مباشر؟
أولاً الرجال يخوضون في الحديث عن العلاقات الجنسية مع الأسف أكثر من النساء، ويكون الحديث في غير موضعه ولمن لايحسن العلاج على خلاف الإناث اللاتي قد يمنعهن الخجل عن الإفصاح عن المشاكل التي يعانين منها... من جهة أخرى منذ مرحلة الدراسة في كلية الطب وقبل التخرج يمارس كل منا عملية الكشف والتطبيق العملي .


فقطعتها قائلا : كطلاب كان تعاملكم مع جثث للتشريح أو بين مجموعة من طلاب العلم والأساتذة فكيف يمكن مقارنة هذا بطبيعة عملك الحالي؟
هذا غير صحيح، فقبل التخرج نتعامل مع حالات حقيقية وحية، وقد عملت كنائب جراحة عامة لمدة عام، و قمت مثل جميع زملائي بعمليات جراحية ترتبط بالأعضاء التناسلية إلى حد كبير، كما تعلمنا أيضا كيف نتدرج مع المريض لنذيب حواجز الخجل والتردد من داخله ... وأنا أعتقد أن النجاح في هذه المهمة موهبة من عند الله ، لذلك هناك طبيب ناجح وطبيب فاشل .


هل لنا أن نتعرف على كيفية تشخيصك للحالات المرضية خاصة الرجالي منها ؟ وهل جميع الحالات تستدعي الفحص الطبي؟
الفحص حالات نادرة جدا ، والجلسات تزول رهبتها بعد الربع ساعة الأولى حيث أقوم في البداية بطرح بعض الاسئلة التي تتطلب من المريض الإجابة بنعم أو لا فقط ، ومع تتالي الاسئلة يتلاشى تركيز المريض على كوني أنثى أو ذكر ليدرك أنه مريض يزود طبيب بمعلومات دقيقة عن حالته ليحصل على علاج لمعاناته .


قد يشعر البعض أنك اقتحمت هذا المجال بغرض الشهرة ، فماهو هدفك الحقيقي؟
هدفي رأب صدع البيوت التي تكاد أن تنهار بسبب العلاقات الجنسية الفاشلة.


وهل نجحتِ بتحقيق ذلك؟
الحمد لله، أعتقد أنني نجحت بنسبة كبيرة مع المرضى الذي التزموا بحضور الجلسات .


بوصفك خبيرة في الاستشارات الزوجية ، هل توجد "روشتة" نقدمها للزوجات والأزواج لتجنب المشاكل الجنسية من باب "الوقاية خير من العلاج"؟
لا يمكن حل جميع المشاكل بروشتة واحدة لأن كل حالة لها ظروفها الخاصة، ولكن بشكل عام يجب على الزوجين اعتماد المصارحة، وأؤكد على أهمية المصارحة دون حدود فهي أول الخطوات لبناء الثقة والوفاق الزوجي. كذلك توجد أخطاء مشتركة على الرجل والمرأة التخلص منها فالرجل الشرقي مع الأسف ينظر للعملية الجنسية بأنانية تحصر تفكيره على احتياجاته ويغفل مراعاة و ارضاء حاجة المرأة، أما المرأة فنجدها على أحد النقيضين فإما أن تكون مطيعة جدا للزوج لدرجة ولاتفصح عن احتياجاتها أو على عكس ذلك نجدها متمردة وعاصية ، وما يجب أن نمارسه ونعلمه لأولادنا هو أن الزوجة لها حقوق والزوج له حقوق ونيل كل منهما حقه يؤدي إلى علاقة زوجية متكاملة وسليمة .
و لوكانت هناك روشتة أو نصيحة موحدة لكافة الأسر فهي أن تكون مرجعيتنا السنة النبوية التي تطرقت بالشكل السليم لكل مايتعلق بالحياة اليومية للإنسان فوردت فيها كيفية تعامل الزوج مع زوجته وأبناءه ابتداءًا من لحظة دخول الرجل للمنزل و مساعدة زوجته ومداعبتها وتقبيلها وغير ذلك... بينما هناك أزواج اليوم اسألهم لماذا لا تساعدوا زوجاتكم في المنزل ؟ فيجيبوا بأن هذا ليس من اختصاصهم وأنهم يعملون خارج المنزل لتوفير احتياجات المعيشة، أقول لهم وهل أنتم أفضل من الرسول عليه السلام الذي كان يعمل ويؤدي رسالته ويساعد زوجاته ؟! ... وأيضا اسأل الزوجة لماذا لا تتفاعل مع زوجها وتفصح عن مشاعرها فالرجل بحاجة أن يشعر برغبتها نحوه، وتجيب أغلب الزوجات بأنهن لايمتلكن الجرأة على ذلك .... واتسائل هل هن أفضل من السيدة عائشة رضي الله عنها التي كانت تدعو الرسول عليه السلام للفراش؟! من هنا يجب أن نرجع كل أمورنا للسنة كونها المرجعية الوحيدة السليمة والثابتة والتي أرشدتنا لجميع أمور حياتنا العامة والخاصة، وأي مرجعية أخرى متحركة ومتقلبة ومتغيرة وتخضع للموضة وللتقدم العلمي وغير ذلك من الأمور التي قد تثبت مخالفتها للفطرة البشرية .


هل أنتِ مع نشر الثقافة الزوجية والجنسية في مجتمعاتنا ومناهجنا؟
نعم أنا مع التثقيف الزوجي والاجتماعي والجنسي وفق السنة النبوية، و على الأقل علينا أن نقدم للأطفال قدوة في معاملة الأمهات والأخوات كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يتعامل مع أهله... وتعليم الأبناء أمر مهم جداً يطول عنه الحديث لكن الآن سرقنا الوقت وأنا مرتبطة بموعد سفري فيمكننا أن نتطرق لهذا الموضوع حال عودتي .