أعد دراسة مستفيضة عن فرص القاعدة في المنطقة، وعلاقة تنظيماتها بتيارات الإسلام السياسي

خبير الحركات الإسلامية هاني نسيرة: القاعدة تحولت من تنظيم إلى حالة يتأسى بها الإسلام السياسي

عربيات - القاهرة: محسن حسن
صور وفيديو

لا تزال الساحة العربية تشهد المزيد من حمامات الدم المنتشرة في العديد من دول المنطقة وعلى رأسها سوريا والعراق وليبيا، هذا بالإضافة لما يثار هنا وهناك من نزاعات دموية أخرى في المناطق الإسلامية والعالم، ولا يخلو أى نزاع من اسم "القاعدة" كواجهة أولى، ثم بعض التنظيمات الأخرى المنتمية لجماعات الإسلام السياسي المتبنية لمنهج العنف والتصفية الجسدية للخصوم والمخالفين كواجهة تالية، وهو ما يثمّن الدراسات القائمة على رصد ملامح التوقعات المتعلقة بتطور آليات تلك التنظيمات، وخاصة "تنظيم القاعدة"، ويثمّن أيضاً آراء الباحثين المتخصصين في إعداد تلك الدراسات... "عربيات" حاورت الباحث المصري وخبير الحركات الإسلامية  ومدير معهد العربية للدراسات والتدريب التابع لقناة العربية السيد "هاني نسيرة" حول أحدث دراساته عن تنظيم القاعدة وما يتعلق بفرص هذا التنظيم في المنطقة العربية فيما بعد ثورات الربيع العربي.
 

الفراغ الفكري والأمني بيئة مناسبة لفكر القاعدة 

بداية ما أهم ما توصلت إليه دراساتك بخصوص فرص تنظيم القاعدة في منطقتنا العربية مستقبلاً؟
دراستي قرأت أوضاع التنظيم العالمية من أفغانستان حتى القرن الإفريقي، وأكدت على وجود فرص أيدولوجية وتنظيمية للتنظيمات المتطرفة المرتبطة بالقاعدة أو التابعة لها فكريا؛ مثل تنظيمات أنصار الشريعة المتواجدة في مصر وتونس وليبيا واليمن، والتي نسبت لها الاعتداءات الأخيرة على السفارات الأمريكية، كما كشفت الدراسة التي نشرها معهد العربية للدراسات والتدريب أن الفراغ الأيدولوجي والانفلات الأمني وصعود الإسلاميين، كلها تمثل فرصا جيدة وبيئة خصبة لتنامي كل هذه التنظيمات مستقبلاً. 

هل شهدت أيديولوجيا القاعدة تغيرات بعد مقتل بن لادن؟
بن لادن كان يركز مع منظري القاعدة على فكرة الجهاد الفردي وتنفيذ الأفراد لأهداف التنظيم عبر عمليات فردية غير مركزية أو مرتبطة بالقيادة المركزية لشبكة القاعدة ككل أو لتنظيمها الفرعي، فيكون الأفراد قنابل متحركة تخطط وتنفجر فجاة في أي مكان، ولكن الأخطر في رأيي هو تحول القاعدة من تنظيم إلى حالة يمكن اتباعها وتأسيها من تنظيمات السلفية والسلفية الجهادية الأخرى دون ارتباط تنظيمي معها، وبنفس الأهداف والمرجعية والرؤى، ولعل الرايات السود وصور بن لادن فوق السفارة الأمريكية في القاهرة تشرح ذلك. 

هل ثمة مخاوف حقيقية من أن يكون الربيع العربي فرصة لتنظيم القاعدة أو غيره من التنظيمات لتحقيق حلم الوصول إلى سدة الحكم في أي دولة عربية؟ وكيف يمكن مواجهة ذلك؟
نعم، نشط فكر القاعدة أو جماعات مرتبطة بها فكريا في تونس وليبيا ومصر وعبر أسماء تنظيمات أنصار الشريعة، وهم يرفضون الديمقراطية ويشككون في غيرهم من جماعات الإسلام السياسي شأن الإخوان المسلمين، وقد كتبت في ذلك دراسة سابقة نشرها معهد العربية للدراسات بعنوان فرص القاعدة في دول الربيع العربي بتفصيل أكثر.

وفقاً لدراساتك، ما أبرز نقاط القوة ونقاط الضعف في تنظيم القاعدة؟
قوة القاعدة الآن متمثلة في الفراغ الفكري والأيدولوجي ونشاط التربة الخصبة والأفكار المتطرفة التي تكفِّر وتخوِّن كل شئ، بالإضافة إلى صعود الإسلاميين السياسيين لسدة الحكم بنفس المرجعيات وبنفس اللغة الاحتكارية للدين والوطنية والحق والعدل بمنطق ـ الفرقة الناجية- ، ومن ثم تصبح المنافسة بين القاعدة وباقي التيارات الجهادية وغيرها واردة بقوة، بل إن صراعاتهم قادمة بلا شك.

 

السعودية هي الأكثر خبرة في مواجهة القاعدة 

بالنسبة لمنطقة شبه الجزيرة العربية وتحديداً في المملكة العربية السعودية واليمن، ما فرص القاعدة الحالية والمستقبلية؟
المملكة العربية السعودية هي الأكثر خبرة وقدرة في مواجهة القاعدة، سواء كان ذلك بالضربات الفكرية حسب برامج المناصحة والسكينة واستتابة هؤلاء، أو بالضربات الأمنية الاستباقية التي نجحت في وأد عملياتهم ليس فقط في السعودية بل أيضا في المنطقة المحيطة، أما اليمن فإنها رغم نجاحات رئيسها عبد ربه منصور هادي ومعه رئيس الحكومة محمد سالم باسندوه في توجيه بعض الضربات للقاعدة في أبين ومحيطها إلا أن فرص القاعدة تظل قائمة في ظل ضعف الدولة وأزماتها وهو ما يمثل خطرا ليس فقط لليمن ولكن للمنطقة كلها كذلك، ومن جهة أخرى فإن عدم حسم الثورة السورية يمثل فرصة مثالية لعودة التنظيمات العنيفة في حال عدم التدخل الدولي من أجل القضاء على الأسد والحفاظ على البلاد وضبط انتقالها بعده، كما أن الوضع الطائفي في العراق في ظل حكومة المالكي يمثل سياقا مثاليا لعودة تنظيم القاعدة في العراق كما يتبدى في العديد من عملياته السابقة.

 

الإسلام الوسطي والهوية الوطنية أفضل وسيلة لهزيمة القاعدة 

في رأيك هل يمكن لشبه الجزيرة تحديداً أن تنجح في تجنب مشاريع القاعدة وهجماتها؟ وبأية وسائل وآليات؟
نعم، يمكن ذلك بترسيخ الإسلام الوسطي ومفهوم الهوية الوطنية لهذه الدول والاستراتيجيات والسياسات الثقافية والشبابية الفاعلة والملتحمة التي تضيق على التطرف سبله، فالأيدلوجية المنغلقة والمتطرفة والقتالية - بشتى أنواعها- تنتشر في الفراغ الثقافي وغياب الفهم الوسطي والتعايشي.

ذكرت أن من آليات مواجهة مشاريع القاعدة ترسيخ مفهوم الوطنية، هل لك أن تشرح لنا العلاقة بين الحس الوطني والقدرة على مواجهة هذه التنظيمات؟ وإلى أي حد يمكن أن يؤثر حلم الخلافة الإسلامية لدى البعض على الإنتماء والمصلحة الوطنية؟
الوطن ومفهوم الدولة الوطنية مفهوم حديث يقوم على المواطنة والمساواة بين جميع المواطنين، وهو مفهوم مدني أو دنيوي وليس مفهوما دينياً.. أي لا يصنع تمييزاً على أساس طائفي أو ديني،  بل يكرس حقوق المواطنة، وشعور الإنسان أنه ينتمي لفضاء جغرافي سياسي محكوم به، وعليه واجبات تجاهه، وله حقوق إنسانية فيه، فتكريسه كانتماء أمر مطلوب حتى لا يتقدم انتماء الدين والطائفة، فنجد هندوسيا في بريطانيا يفكر في هندوستان، أو مصري يفكر في الهجرة الى دولة طالبان وهو ما عانت منه العديد من الدول العربية منتصف التسعينيات من القرن الماضي.

 وماهي أهم وسائل تعزيز مفهوم الوطنية؟
المواطنة، وتعزيز التفكير العلمي، والاعتدال الديني، وتنشيط الذاكرة الوطنية، واحترام الاختلافات الثقافية، أمور تجتمع لتمثل ما يعرف بالخصوصية الثقافية للمجتمع، ويجب تعزيزها دون انغلاق.

من وجهة نظرك، هل تجدي آلية اغتيال زعماء القاعدة في الحد من خطورة التنظيم وعمله أم أنها آلية أثبتت فشلها؟ وهل ثمة آليات أخرى يمكن اللجوء إليها؟
لا شك أن آلية الاغتيال منذ عام 2010 بمقتل مصطفى أبو اليزيد ثم مقتل أسامة بن لادن وتبعه عطية الله وأبو يحي الليبي وعدد من قادة الفروع المهمين في مناطق أخرى، ساعدت كثيراً في تراجع التنظيم وتجميد نشاطه وفقدان بريقه، ولكن تبقى الخطورة الآن في التنظير والفرص المتاحة في الفراغ وليس في القيادة المركزية المحصوره في جبال وزيرستان وأفغانستان.

هل تتعامل الأنظمة العربية بشكل جدي مع دراسة تنظيم القاعدة ومعرفة آلياته وأيديولوجياته؟
هذا هو الواقع ولكنه ليس المأمول؛ فلا زالت الأيدولوجية المتطرفة والخطاب المتماهي مع خطاب القاعدة نشطين حتى داخل مؤسسات إعلامية وشبه رسمية لا يجد من يقاومه فضلا عن أن بعض المناهضين لهذا الفكر ليسوا دائما بالمستوى الفكري المطلوب لهذه المواجهة وخاصة من تحولوا عن الفكر المتطرف للفكر الليبرالي؛ فقد ظلت ذهنية التطرف مسيطرة عليهم، وصاروا "براجماتيين" أكثر منهم فكريين وهناك نماذج لذلك كثيرة في مصر والسعودية وغيرهما، ولكن لعل المراجعات التي صدرت في مصر والسعودية عن بعض قادة هذه التنظيمات هي الأهم في هذا المضمار، ومن المهم تسليط الضوء عليها دائما خاصة مع احتمالات التراجع عن هذه المراجعات لدى بعض الأجنحة الجهادية السابقة في دول الربيع العربي.

هل يمكن أن يكون ثمة تعاون ما بين القاعدة وبين الولايات المتحدة وإسرائيل حالياً ومستقبلاً؟
أستبعد ذلك، فالقاعدة قامت على عداء هؤلاء ولكن التعاون الذي يبدو أنه بدا في التحول كان مع الإسلام السياسي المعتدل أو غير العنفي الصاعد في دول الربيع العربي، كواجهة دينية معتدلة لمواجهة تنظيمات عنيفة في هذه البلاد، والخوف من أن يتحول كما تحولت الخومينية الإيرانية لأعداء للولايات المتحدة في النهاية.

كيف تنظر إلى مستقبل التيارات الإسلامية الصاعدة في منطقة الشرق الأوسط بعد ثورات الربيع العربي؟
أزمة صورة، وحقيقة واقع يحتاج الكثير، وجمود نظري في حاجة لتطوير وبحاجة لثورة على مستوى التفكير والمراجعات والانتقال من فقه الجماعة والتنظيم إلى فقه الدولة، وتجاوز وهم نظري قديم بأننا نعيش في العالم وحدنا.

ما الذي يسيء أكثر إلى سمعة التيار الديني في منطقتنا: الصراع على السلطة؟ أم الفتاوى الدينية الخاصة ضيقة الأفق؟
كلاهما، وأهم منهما الفجوة بين الوعود والممكن والمنفذ، فالأيدولوجيا وعود ولكن الواقع استراتيجيات وممكنات وهذا هو التحدي الكبير. 

 

السيناريو الأفغاني غير مستبعد في مصر 

من واقع دراساتك للجماعات الدينية، إلى أى حد يكون صراع التيارات الإسلامية على السلطة في مصر وارداً؟
وارد بقوة، وهو ما حدث فيما بعد جلاء السوفيت، خاصة حين يكون على الحكم والتحكم. حدث في أفغانستان، وحدث  في العراق، وفي العديد من المناطق، فالتنظيمات الأيدلووجية المغلقة أول أعدائها منافسوها ومصارعوها على المرجعية.

ما توقعاتك بشأن مصير جبهة الإنقاذ في مصر وعلاقتها برجل الشارع المصري؟
برأيي أن جبهة الإنقاذ أبرز وجوه المعارضة المصرية الآن، ولكن المعارضة في عهد الرئيس مرسي أوسع بكثير من أي تمثيلية سياسية، إنها تمتد في صفوف القضاء والإعلام المرئي والمكتوب وفي صفوف الإسلاميين كما يتجلى من المواقف المتأخرة لحزب النور السلفي  وكذلك منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية التي ترفض مشروع القانون المقدم بخصوصها والكثير من رجال الأعمال ومناطق جغرافية تبدي غضبها من أحوالها.. بل اقتحمت المعارضة ما يدعى مؤسسة الرئاسة وحديث الاستقالات ليس ببعيد، للأسف المشكلة ليست في جبهة الإنقاذ أو المعارضة ولكن في أداء الحكومة، والرئيس الذي أتى عن طريق الانتخاب فإذا به يوالي منذ توليه المعارك وانتقاص السلطات الأخرى القضائية والإعلامية، واختزل مدة إعداد الدستور من ثمانية شهور إلى ستة شهور، وما يأتيه كذلك بعض حلفائه وأنصاره من محاصرة المحاكم  وفي مقدمتها المحكمة الدستورية العليا والمؤسسات وهو ما أدى كذلك إلى ما نرفضه من محاصرة قصره ومحاولة الهجوم عليه.

ميليشيات الإخوان والتيارات الإسلامية.. الفرقة 95 إخوان.. التمويل الخارجي، هل هذه حقائق أم أوهام؟
لست قاضياً ولا محققاً وأحترم تخصصي كباحث هناك عنف تأتيه بعض التيارات الدينية، وكذلك عنف مضاد تاتيه بعض الجماعات المدنية، وهناك عنف عشوائي يلف المجتمع ككل، والحوادث الاجتماعية والاهلية ربما ضحاياها الذين لا ننتبه لهم أضعاف ما يسقط في معارك السياسة والسلطة والمعارضة، ولكن أرجح وجود ما يسمى بميليشيات الإخوان مما شاهدناه من معركة الاتحادية في بدايتها حين تم الهجوم على المعتصمين حولها من قبل شباب قادم من محافظات بعيدة وكذلك في حصار الدستورية في 2 ديسمبر وذلك أظنه طبيعيا في كل التنظيمات الايدولوجية العنقودية.

أنت مع حرية مطلقة أم مقيدة للإبداع في مصر؟ وهل هناك ظلم واقع على الإسلاميين في هذا الإطار؟
أنا مع حرية الإبداع وليست حرية الإدعاء، وتراثنا الإسلامي الذي تحمل أبا نواس ووالية بن الحباب وعمر بن أبي ربيعه وابن الراوندي الزنديق قدوة لنا في تحمل هؤلاء ومجادلتهم بالحسنى.

وأنت صاحب كتاب "المتحولون دينياً ومذهبيا"، كيف تنظر لمشكلات التحول الديني في مصر وموقف كل من الكنيسة والأزهر منها، وكذلك موقف المجتمع؟
في دراستي المعمقة حول هذا الموضوع والتي اتسعت لعشرات أو مئات من سير المتحولين في التراث والمعاصرة أرى أن المشكلة في هذه القضية كامنة في التهويل والمبالغة؛ فالبعض يتحول لأسباب غير دينية، ربما عاطفية وربما مالية وربما سلوكية، بينما تحول البعض لأسباب دينية هو القليل النادر، ومن المؤكد أنه لن ينهزم دين بخروج أحد معتنقيه كما لن ينتصر آخر بانتساب عابر أو  فرد له.. فالقضية يتم تهويلها، كما يتم تجاوز تاريخيتها فهي مكرورة عبر التاريخ وتحملها كذلك التاريخ الإسلامي كما تحملها التاريخ المسيحي والفكري عموما.

 

أمن إسرائيل هو المهم، وعلاقة مصر وأمريكا مجرد مصالح 

في ظل تعمد الرئيس مرسي تأخير لقائه بالرئيس الأمريكي، هل ترى العلاقات المصرية الأمريكية أصبحت على المحك أم أن هناك مراوغات مقصودة؟
ليست لدى معلومات! ويكفي أن أوباما قال بعد أحداث السفارات الأخيرة إن مصر ليست صديقاً وليست عدواً، وعموماً خطاب الرئيس مرسي حتى الآن ليس خطابا أردوغانيا براجماتيا ولا زال خطابا إخوانيا.

لكن ما الذي يعنيه هذا بخصوص حقيقة العلاقات الثنائية بين مصر وأمريكا الآن؟
حفظ أمن إسرائيل يظل القضية الأهم لدى أمريكا، وقد نجح الرئيس مرسي في توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في حرب غزة ـ اسرائيل الاخيرة. وأنا ضد الجبرية التامرية أن ما تريده أمريكا يكون وأنها قادرة على دعم الإخوان أو دعم غيرهم كما يتحدث البعض، فامريكا لم تتخذ قرار بوعزيزي بحرق نفسه أو اتخذت قرار معركة الجمل، كما أنها عاجزة في إيران وسوريا وبعض المناطق الاخرى.

كيف تقيّم مشروع النهضة الإخواني حتى الآن؟
هذه التزامات الرئيس التي ألزم نفسه بها وعلينا أن ننتظر، وأدعو الله من القلب أن يكون لديه مشروع للنهضة وليس مجرد خطوط عامة كما قال المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، وأن ينجح في وعوده، ومن الإنصاف أن ندرك أن فترة محاسبة الرئيس مرسي تبدأ من بدء تولي الحكومة، وليس من يوم توليه الذي انشغل فيه بمعركته مع المحكمة الدستورية العليا لإعادة البرلمان ثم بمعركته مع العسكر وإلغاء الإعلان الدستوري المكمل. وعموماً الأيام القادمة ستثبت بالتأكيد نجاح الرئيس من عدمه. 

إلى أى حد ترى الانتخابات البرلمانية القادمة مهمة بالنسبة للمصريين في ظل دستور يعترض عليه البعض؟
القانون رفضته الدستورية ولا زلنا ننتظر، بعد طعن الرئاسة غير المتوقع على رفضها، وظني أن المناخ الاجتماعي ملتهب ومشتعل اضراب للشرطة وغضب وثورة في صفوف القضاء ولغة تغالب لا توافق سائدة وغياب مشروع ورؤية. أما الدستور الذي اضطرت لجنته للتصويت عليه ليلا حتى الصباح وقاطع الإشراف عليه جل القضاء الجالس أو العالي فلا شك أنه دستور معيب في كثير من أجزائه ولم يتح للشعب فرصة كافية للتعرف عليه بل تم في عجلة الأمور واستعجال السلطة والهيمنة من قبل الرئيس وحزبه، وليتهم كانوا أكثر هدوءًا مما كان، فالراعي يكون من الرعية والرعية تكون كما يكون.

 

الضبطية القضائية عبث

على هامش التوتر الأمني في مصر، ما رأيك في منح الضبطية القضائية للمواطن المصري مؤخراً؟ وما توقعاتك بشأنها؟
أرفضه، فهذا يعني انهيار الدولة فحين يضبط مواطن مواطنا هذا يعني قانون القوة والتغالب والافتراس وظني لن يكسب منه إلا حلفاء السلطة أو الفاسدون والمجرمون، فلا اتصور استاذاً جامعيا يمكنه ضبط حرامي أو بلطجي بل العكس وليثبت من يثبت. الدولة والأمن كان ينبغي أن يعالج بشكل مختلف استيعابي وتصالحي وليس بهذا الشكل الراديكالي كعادة القرارات الأخيرة في مصر.

أنت مع إطلاق سراح الشيخ عمر عبد الرحمن أم مع بقائه مسجوناً؟ وهل ترى فيه خطراً متوقعاً على مصر والمنطقة؟
من المهم متابعة الموضوع بحكم أن الرجل مصري ولكن القضاء الأمريكي لديه حيثياته في الحكم عليه وعلينا أن نتعاطى مع المؤسسات الغربية بطرائقها وآلياتها. ولكن لا نملك قرار الإفراج عنه خاصة إن كان مظلوما، مع تأكيدات القاعدة وبعض الجهاديين أنه ضد المراجعات وأنه من منظري القاعدة وأسال الله لي وله العدل.

إلى أى حد تلعب ظاهرة "الإسلاموفوبيا" لدى الغرب في دوراً في علاقته بالإسلام حباً وكراهية؟
لدينا أيضا ما يعرف بـ "الغرب فوبيا"، وكما أحرق قس القرآن أحرق متطرف موتور في مصر الإنجيل. التعايش قانون للعيش ولا يصح أن نطلبه منهم دون أن نعطيه لهم أيضا، ويبدو أن المعتدلين في الطرفين مظلومون بهذه التوجهات.

في الختام كيف تقيّم حركة حوار الأديان في العالم العربي ونظيرتها أيضاً في الغرب الأوروبي؟
هي حركة لا زالت نخبوية وبعض الممثلين والمشاركين فيها مجرد أكاديميين "استاتيكيين" لا يطورون من ثقافة شعوبهم، كما أنه لا توجد سياسات ثقافية نشطة تكرس لثقافة التعايش والاحترام، فاحترام مقدسات الآخرين دين، وكما قال الله تعالى: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم".