الانتفاضة هزمت شارون في عقر داره

الكاتب والمفكر الإسلامي فهمي هويدي لـ "عربيات":

القاهرة: إيهاب سلطان
صور وفيديو

عرفته الصحافة العربية كاتباً ومفكراً يحمل هموم الأمة الإسلامية والعربية ، واستطاع بقلمه أن ينفذ عبر كل العصور محللاً ومفكراً له آرائه الصادقة المعبرة عن نبض الأمة دون خوف أو انكسار .... إنه الكاتب والمفكر فهمي هويدي الذي كان لنا معه هذا الحوار ليطلعنا على رأيه في عدد من القضايا المعاصرة التي تمر بالأمة العربية والإسلامية .
 



بداية نود معرفة رأيكم في الصراع العربي الإسرائيلي من زاوية مغايرة لما تناوله الإعلام العربي والعالمي في الفترة الماضية ، فهناك ما يشير إلى أن المجتمع الإسرائيلي في الأصل مجتمع متنافر ولكنه اختار التوحد والتضامن ونبذ الصراعات الداخلية لمواجهة تهديد المقاومة الفلسطينية فما رأيك في ذلك ؟
ينبغي ألا نستهين بالجدل الدائر حاليا في إسرائيل حول موت السياسية ودلائل نهاية المشروع الصهيوني خصوصا أن القائلين به ينتمون إلى أهم شرائح الدولة العبرية ، فنجد في الصحف إشارات تعبر عن انكسار في حزب العمل ، وإفلاس الليكود .... ولكن الحقيقة قد برزت الآن ، فقد أصبح كل هذا من حقائق الحياة السياسية في إسرائيل بعد الفشل الذي مني به حزب العمل الإسرائيلي في السنوات الأخيرة ، والتي تعاقبت بمقتل زعيمهم رابين ، وقد قرأت كثيرا حول شارون الذي سوف يدخل التاريخ كأول زعيم سياسي يحطم الوحدة الوطنية بعد أن استطاعت الانتفاضة أن تخفض من شعبيته وتهزمه في عقر داره بعد إراقة الدماء الفلسطينية .


وماذا سيكون البديل من وجهة نظرك بعد انطفاء آخر شمعة لليكود؟

أرى أن النفق المسدود الذي انتهت إليه الشارونية اقترب من اليأس وتدهور الوضع الاقتصادي مصطحبا معه تجليات الجريمة المنظمة والبطالة والفقر وحسب الإحصائيات الأخيرة فإن 18% من الشعب الإسرائيلي يعيش تحت خط الفقر وأصبحت هناك أصوات عالية بدأت تسمع داخل المجتمع الإسرائيلي متوقعه حلول كارثة تهدد مصير الدولة العبرية إذا ما استمرت سياسة القمع والتمييز العنصري ضد الفلسطينيين ، وأصوات أخرى غاضبة من الأوضاع السياسية ويهددون بسقوط الدولة العبرية سريعا. أصوات عالية داخل المجتمع الإسرائيلي تتوقع حلول كارثة تهدد مصير الدولة العبرية


كيف ترى المقاطعة العربية الاقتصادية للمنتجات الإسرائيلية والأمريكية وهو الخيار الذي نادى به الكثيرون بالرغم من وجود من يعتقد أنها تؤثر بالسلب في سوق العمل العربي؟
أنا مع المقاطعة بشكلها الصريح ولكن ليس بالضرورة أنها تؤثر سلبا على العمالة العربية ، فإذا قلنا أنها ستؤثر سلبا على الأيدي العربية العاملة فإن تأثيرها أكبر على المصالح الإسرائيلية والأمريكية ، وأنا مع المقاطعة وضد أي رأي يؤيد دعم هذه المنتجات لأنه لابد من وقفة من الناس وليس الحكومات فقط ، وهذه الوقفة من أجل استرداد الحقوق العربية المسلوبة .


أدهشنا موقف الرئيس الفرنسي جاك شيراك من انحيازه التام للعلمانية ومنعه ارتداء المرأة المسلمة الحجاب في المدارس ، وصدمنا رأي شيخ الأزهر في الموقف الفرنسي باعتباره أنه شأن داخلي فما رأيك في هذا؟

موقف شيخ الأزهر من الحجاب " زلة لسان " من العيار الثقيل
 

الإعلام الفرنسي اعتبر موقف شيخ الأزهر صكاً يطلق يد الحكومة
 

حقا لقد فاجأنا شيراك وأيضا شيخ الأزهر، بل بالفعل صدمنا !! ... وقد نحاول استيعاب الملابسات التي دفعت الرئيس الفرنسي إلى التورط في ذلك ، إلا أن ما صدر عن شيخ الأزهر يستعصي على الفهم ولا يمكن أن يفسر إلا بحسبانه " زلة لسان " من العيار الثقيل ، فلم يحالفه التوفيق من أي وجه ، وقد وجدنا إنجلترا وأمريكا عبرتا عن انتقادهما لموقف الرئيس الفرنسي ليس غيرة على الإسلام ولكن باعتباره عدوانا على الحريات .... بينما شيخ الأزهر الذي يفترض أنه أحد رموز الدين الإسلامي الغير على الدين لم ينطق بكلمة نقد واحدة لذلك الموقف ولم تكن هذه هي المفارقة الوحيدة لأن الشيخ حينما تحدث عن هذا الموضوع معتبرا القرار الفرنسي ( شأن داخلي ) فإذا كان ذلك هو موقف الثقافة الفرنسية التقليدية من التدين بوجه عام فإن الدين الإسلامي كان ولا يزال له وضعه الخاص من حيث أنه يستعصي عليه عملية التذويب ...


وحين تطرق شيخ الأزهر إلى هذا الموضوع في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع وزير الداخلية الفرنسي في القاهرة فإنه وقع في خطأين كبيرين :
أولهما ، أنه كان محايداً إزاء الموقف الفرنسي ، وغير متحفظ عليه من أي باب ..
وثانيهما ، أنه بدا غير مدرك لخلفيات وملابسات القضية فالإعلام الفرنسي قدم الأزهر بحساباته معادلا للفاتيكان عند الكاثوليك ومن ثم اعتبروا كلام شيخه صكا يطلق يد الحكومة في تقنين خطر الحجاب من وجهة نظرهم رغم إجماع الغالبية الساحقة من علماء المسلمين على معارضته سواء في مجمع البحوث الإسلامية أو المجلس الأوربي للإفتاء الذي يرأسه الشيخ يوسف القرضاوي .... ورغم أن دور الأزهر قد تراجع كثيرا في السنوات الأخيرة لأسباب يعلمها الجميع إلا أن موقف شيخه من موضوع الحجاب يبدو أنه سيفتح الباب لتعميم الخطر في دول غربية أخرى مثل ألمانيا ولا أعرف كيف ستعالج هذه المشكلة وربما كانت الفكرة التي خرجت لدعوة مجمع البحوث الإسلامية للاجتماع لمناقشة الموضوع وصياغته تجد حلا مناسبا ، لكن كل ما أقوله أن تصرف فرنسا مشين ، وأظن أن العرب لو كانت لهم كرامة وقوة أكثر من هذا لاحترمت الدول الأخرى حرياتهم وعقائدهم بشكل أكبر .

الحروب والصراعات الداخلية تترك آثار نفسية عميقة لدى الشعوب وتغير من معالم شخصيتها لتصبح أكثر عنفا .... والمنطقة العربية عانت من هذا النوع من الحروب كثيراً ، فما رأيك في العلاقات العربية ـ العربية في ظل ما مرت به المنطقة من أحداث في الفترة الأخيرة ؟
العلاقات ليست بالقوة المطلوبة ولكنني أظن أن الحل الديموقراطي يعطي فرصة لتقارب الشعوب وأن الحكومات لابد وأن تمثل شعوبها وبالتالي فنحن نتصور مستقبل أفضل للعلاقات العربية ـ العربية في ظل أوضاع ديموقراطية حقيقية.

 

الإعلام الحقيقي هو الذي يعبر عن الشعوب لا الحكومات التي يتبع لها



ما رأيك في الإعلام العربي الإسلامي خاصة بعدما برز دوره في الكثير من الأحداث الحالية بداية من حرب أفغانستان ومرورا بحرب العراق ثم الظروف الحالية؟
لا يكون هناك إعلام حقيقي إذا لم يكن منفصلاً عن السلطة السياسة ويكون معبرا عن الناس والمشاهدين والجمهور وليس معبرا عن الحكومات .



ما هي وجهة نظرك في اختراق أمريكا للصحافة والإعلام العربي واطلاقها أخيرا لقناة " الحرة " التي تروج للسياسة الأمريكية في العالم العربي ؟
 

التعجب ممن يدافع عن الإختراق الأمريكي للعقول العربية !! دائما أشدد على ضرورة إجراء حوار مع من تستخدمهم أمريكا لتحقيق أهدافها .... وعلى الطرف الآخر أن يحاول فهم أبعاد القضية لأنه لا يعقل أن مصر بحجمها الكبير على سبيل المثال نجدها المرشح الأول للاختراق الأمريكي ومع ذلك نرى من يدافع عن هذا الاختراق من داخل مصر !! ... وهو ما اتضح جليا في شهر أغسطس الماضي عندما رأيت هيئة المعونة الأمريكية تضع مشروعا لإصدار صحف ومحطات تليفزيونية في ثماني دول عربية في مقدمتها مصر !! .... وأتساءل كيف يأتي هؤلاء إلى قلب القاهرة لإصدار صحف بتمويل محلي مشترك ؟! .... وإذا رجعت بالذاكرة نجد أن هذه القضية أبان الاحتلال الإنجليزي لمصر لم تأخذ الشكل السافر الذي نراه الآن .. لأنه كان من المعروف وقتها أن جريدة ـ المقطم ـ على سبيل الثال مخترقة من الإنجليز ، لكن الكارثة الآن أن أمريكا تقول وبشكل علني أنها ستصدر صحف عربية وتعيد صياغة العقول العربية من جديد .. والجديد من أفعال أمريكا إنشاء قناة ـ الحرة ـ الفضائية تبث باللغة العربية ، وأيضا يبث عليها أفكار أمريكية مغالطة للواقع العربي .


وما رأيك في طلب روسيا الانضمام لمنظمة العالم الإسلامي .... وكيف ترى تأثير هذا الانضمام وامكانية استفادة العالم العربي منه ؟
بالنسبة للعرب لا أعرف إذا كانت هناك استفادة لهم من هذا الانضمام أم لا ، لكن اعتقد أن روسيا حريصة على أن ترضي هؤلاء العرب والمسلمين وذلك لأن بداخلها 25 مليون مسلم .... وحتى لا تتكاثر المشاكل الداخلية كما حدث في الشيشان ... لذلك نرحب إذا كان هذا سوف يؤدي لتحسين سياستنا العربية مع روسيا .

كثر الحديث عن الخطاب الديني وضرورة تجديده وتطويره ، ونفس الحال عن المناهج التعليمية الإسلامية فما هي رؤيتك لذلك؟
أنا لا أرى جديد من حيث التجديد والتطوير .... لكن ما أراه لازما هو تجديد الخطاب الدعوى ، وإذا ما وصلنا إلى نقطة التعديل في المناهج لابد أن يكون هناك تطوير أولا ، كما أنني أظن أننا في حاجة إلى تطوير الخطاب السياسي قبل الخطاب الديني .

نلاحظ مؤخراً تغيير المنهج الإيراني في سياسته الخارجية تجاه العالم العربي ومحاولاته التقارب مع مصر والسعودية والكثير من الدول العربية المجاورة ... فكيف ترى هذا المشهد؟
هناك قلق من المشهد الإيراني الحالي ليس فقط في طريقة تعامل المحافظين مع المرشحين الإصلاحيين في الانتخابات النيابية ، لكن أرى أن المحافظين بدأوا هذا المشهد وهم غير مدركين لحقائق الجغرافيا ولا واعين بدروس التاريخ وخطورة هذا .... فقد كان المحافظين على رهان في البداية على اكتساح الانتخابات وهذا الفوز تحقق للإصلاحيين باكتساح خاتمي سواء فيما يتعلق برئاسة الجمهورية أو مجلس الشورى ، فقد أصبحت شرعية المحافظين مشكوكا فيها حيث بدا واضحا أن معظم الناخبين على الأقل صوتوا لصالح الإصلاحيين في حين لم يقف إلى جانب المحافظين سوى القليل .... وقد نتج عن ذلك تجسيد لإحدى مفارقات المشهد الإيراني لأن كل المجالس النيابية والمؤسسات التي تشكل بالتعيين ظلت في أيدي المحافظين وهذه المجالس أعتقد أنه لا يستهان بها لأنها القابضة على مفاتيح الحياة السياسية والاقتصادية في إيران فضلا عن السلطة القضائية ، في حين أن المجالس التي تستمد شرعيتها من الانتخابات بقيت في أيدي الإصلاحيين من رئاسة الجمهورية والحكومة ومجلس الشورى والبلديات ، وبما أن الأمر كذلك فقد أصبح الانطباع السائد أن المحافظين يستندون في شرعيتهم إلى قوة السلطة وإلى التأييد النسبي للمرشد السيد علي خامنئي .... ولكن بالنسبة لعلاقة إيران مع العالم العربي وخاصة مصر والسعودية أراها طيبة الآن وطبيعية ومعقولة.

 

الموقف الليبي تغير مع تغير حسابات القوى



ما رأيك فيما أعلنته ليبيا مؤخرا عن نزع أسلحة الدمار الشامل من طرف واحد ، ومدى تأثير هذا على القوى الإسلامية وعالمنا العربي؟
خلال الفترة الماضية جاءتنا أخبار مفادها انه تم الإعلان عن إيقاف ليبيا برنامج إنتاج أسلحة الدمار الشامل ونتج عنه فتح كل الأبواب للبلاد الليبية وكذلك المعامل للتفتيش الدولي ... وأعتبر أن هذا هو الخطوة الأولى من نوعها منذ عام 1980م ، ولهذا فالنظر لهذه الأحداث الجديدة قرأتها من زاويتين إحداهما ليبية والأخرى عربية فنحن إذ تدبرنا المشهد من زاويته الأولى ـ الليبية ـ سنجد أن هذا التتابع بما فيه من مفاجآت يجسد واقعا للسياسة الليبية التي اتسمت بعدم الاستقرار والتقلب في اتجاهات عديدة وقد تكون أحيانا متنافرة ، وأرى أنه قد تكون التقلبات تعبيرا مخلصا عن الانفعال والغضب ورفض المواراة وإخفاء المشاعر ، كما قد تكون انعكاسا لتغير الحسابات مع تغير حسابات القوى ... وأعتقد أنه رغم الغموض الذي يحيط بالأسباب الحقيقية للتوتر الليبي إلا أن ثمة معلومات تشير إلى أن الرئيس الليبي مستاء من الرد العربي لهذا التغير كما حدث في موقفه من انتقادات الصحف المصرية لسياسته وقراراته بل واعتبر الرئيس الليبي أن هذه الممارسات هي تعبير عن موقف سياسي وليس مجرد ممارسة لحرية التعبير والنقد ، ورغم بقية الأحداث التي حدثت وأكملت وقائع هذا المشهد من تراجع العلاقات المصرية الليبية خطوة إلى الوراء لكن جرى تعويضا عنه من إحراز تقدم على صعيد أخر وهو صعيد العلاقات الليبية الأوربية والأمريكية والإسرائيلية إذا صحت تلك الأنباء التي تناولتها الوكالات العربية .

 

المقاومة العراقية تتعرض لقصف إعلامي وسياسي مكثف



سقطت بغداد ومعها سقط صدام .. وتحولت العراق بعد ما كانت مدينة الحضارة العربية إلى مدينة حرب كل ما فيها يحارب ويقاتل ويقاوم لا لمقاتلة الأمريكيين والبريطانيين فحسب وإنما هناك عراك داخل العراق فما هي رؤيتك لهذا المشهد ؟
لقد كان السقوط المهين للنظام البعثي بداية مسلسل المفاجآت المدهشة ليس لأن أحدا منا توقع أن ينتصر الجيش العراقي على الجحافل الأمريكية الغازية لكن لأن أحدا لم يتوقع أن يكون السقوط بتلك السهولة الفاضحة ، وكما سقط النظام بمنتهى السهولة فإن المقاومة ظهرت بمنتهى السرعة وتلك بدورها مفاجأة لا ريب فيها ، فهذه المقاومة تحركت بسرعة مسلحة بذلك الوعي المناضل فإنها لم تتعرض في رأيي للقمع من جانب قوات الاحتلال فحسب لكنها تعرضت بشكل مواز لحملات قصف إعلامي وسياسي مكثف وكان سلاحها الأساسي هو الشائعات والأكاذيب ... وأرى أن ما يحدث في العراق يستهدف الكثير من الأهداف منها إقناع الرأي العالمي بأن العراقيين سعداء ومرتاحون لوجود الاحتلال ، بينما الذين يتمردون عليه ويريدون النيل منه هم المتسللون الأجانب ، ومن ناحية ثانية يحاولون الصاق التهمة بعناصر تنظيم القاعدة الذي صورته الدعايات وكأنه أخطبوط ضخم يضرب بأذرعه في أنحاء العالم ويهدد باستعادة نظام طالبان حيثما ذهب .... أما الهدف الثالث فهو تخويف الشيعة من الوهابيين الذين قيل أنهم من بين المتسللين ، ومن المعروف أن لا أحد يستطيع أن ينكر أن بعض عناصر النظام السابق تسعى إلى إقلاق راحة الاحتلال ، وإثارة الفوضى في البلاد وإفشال محاولاته للسيطرة على الوضع الداخلي ، ولكنني أشك كثيرا في أنهم يحلمون باستعادة سلطانهم بعد أن انكشفت بشاعات نظامهم .... كما أن أحدا لا ينفي وجود متطوعين عرب تقاطروا على العراق مع بداية الحرب تعبيرا عن التضامن مع شعبه وسعيا إلى مواجهة الغزاة ... ولكن دعني أضع أصابعي على ملاحظات من أهمها أن أغلب القيادات البعثية في النظام السابق حتى في الصف الثالث أو الرابع على الأقل قد خرجت من الساحة العراقية فهي إما تعرضت للاعتقال أو هربت من البلاد حاملة معها ما خف وزنه.

ما هي رؤيتك للسيناريوهات العراقية الأمريكية وكيفية الخروج من هذه الأزمة الدولية؟
لا شك من وجود احتمالات كبيرة لنشوب حروب أهلية في البلاد من جراء التنافس على السلطة بعد سقوط صدام حسين سواء من الشيعة أو السنة من جانب وبين العرب والأكراد من جانب آخر وبين الأكراد والتركمان من جانب ثالث وذلك غير احتمالات الصراع بين البعثيين والقوميين ، والشيوعيين والإسلاميين ، ورغم أن بعض الذين يروجون لذلك السيناريو الكارثي هم من المتعاونين مع الأمريكيين أو المستفيدين من وجودهم ولم يكتسبوا شرعية في السلطة إلا من جراء ذلك الوجود ، إلا أن السيناريو هذا لا يخلو من صحة بمعنى أن نشوب مثل هذه الحرب المشئومة ليس مستبعدا في حالة وقوع الانسحاب و في ظل الفراغ الهائل والحاصل في جهاز الدولة ... ولكن أخشى أن يفهم من هذا أن الأمريكيين لا يريدون الانسحاب خشية وقوع كارثة الحرب الأهلية في العراق لأنهم الذين سمحوا بوقوع كوارث أخرى مثل تدمير البنية التحتية والمرافق فضلا عن نهب المتحف العراقي ، وأعتقد أن الأمريكيين سوف يبقوا لأن لديهم أهداف استراتيجية وسياسية واقتصادية والتي بات أمرها معلوما لدينا جميعا.