على المرأة أن تكون عنصراً فاعلاً في استقرار وطنها

لقاء خاص مع النائب بهية الحريري

عربيات - خاص: مي كتبي
صور وفيديو

النائب بهية الحريري، امرأة لبنانية عربية أثبتت ذاتها في الحقل السياسي اللبناني كونها نائبة في البرلمان اللبناني و رئيسة للعديد من اللجان التربوية و الثقافية و عضو في عدد من اللجان معظمها يعنى بشؤون المرأة و الطفل.. لها العديد من المبادرات و الانجازات التي لاقت صدى واسعاَ على الصعيدين اللبناني و العربي.. إلى جانب اختيارها سفيرة الأونيسكو للإرادة الطيبة للمرأة و الفتاة العربية.. ولعل من أهم مبادراتها إطلاق جائزة أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد لسيدات الأعمال العرب في منتدى سيدات الأعمال الذي أقيم في جدة عام 2003م بهدف دعم سيدات الأعمال العربيات اللاتي يتمتعن بالارادة الطيبة تجاه أمتهن ومعتقداتهن..  ولنا في عربيات سبق اللقاء بالسيدة بهية الحريري على الإنترنت، وقد استقبلتنا في مكتبها ببيروت بكل ترحيب.
 



لماذا اخترتِ المعترك السياسي ، وهل وجود دولة الرئيس الحريري في العائلة ساعدك ودعمك فكريا للعمل في هذا المجال ؟
أولاً، اللبنانيين يتّسمون بشكل عام بأنهم مسيّسون ويهتمون بالشأن العام و بالقضايا الوطنية والقومية و لهم أثر فاعل في كل حركات النهضة العربية السياسية والثقافية والاجتماعية والعلمية... إلا أن الشيء الأهم هو أن الظروف القاسية و الاستثنائية التي عاشها لبنان مع بداية الربع الأخير من القرن الماضي أوجبت علينا أن نقوم بدورنا لإنقاذ وطننا وأهلنا ، فكان قرار الرئيس الحريري بإنشاء مؤسسة الحريري - صيدا في عام 1979م ، و التي بادرت بتقديم أعمالها الإنقاذية و شرّفني شقيقي آنذاك بتولّي هذه المهمة مما جعلني أكثر قرباً و مباشرةً لهموم الناس ومشاكلهم ومعاناتهم الاستثنائية... وقامت المؤسسة في تلك الفترة بدور وطني كبير حتى جاء العام 1992م ، و مع عودة الحياة الطبيعية إلى لبنان قامت الحكومة بإجراء الانتخابات اللبنانية بعد انقطاع دام 20 عاماً ، فقرر الرئيس الحريري ترشيحي للمقعد النيابي عن صيدا و الجنوب... و كنت أول امرأة مسلمة تدخل إلى الندوة البرلمانية.

ما هي مشاكل المرأة في تعاطيها السياسة وماهي وأبرز العقبات التي يمكن أن تواجهها؟
إن مشاكل تعاطي المرأة السياسة بمعظمها مشاكل وهمية تعود للمرأة نفسها نتيجة أوهام تتحكّم بالمفاهيم السائدة ، و إنني إذ أؤكّد أن القضية هي قضية إرادة وإيمان و ثقة بالنفس أوكد أيضاً بأنني لم أواجه كامرأة مشاكل تختلف عن المشاكل التي يواجهها الرجل في الحياة السياسية.

وجودك في البرلمان ماذا قدّم للمرأة العربية بشكل عام والمرأة اللبنانية وصيدا بالتحديد؟
أعتقد أن تقييمي لأدائي هو عمل غير مستحب بالنسبة لي .... فلا أستطيع أن أقول ماذا قدّمت ولكن بوسعي أن أتحدث عن ما سعيت إلى تقديمه، فأنا سعيت منذ البدايةإلى أن أثبت لنفسي ولمجتمعي ولأمتي بأن المرأة قادرة على تحمل المسؤولية و المشاركة في صنع القرار... و كنت أدرك أن هناك مسؤولية إضافية غير تمثيلي لمنطقتي وهي أنني امرأة عربية مسلمة تدخل إلى الحياة السياسية وأن الرهان على أثرها أكبر من الرهان على نجاحها ، لذلك عملت بمسؤولية كبيرة وأرجو أن أكون قد وفّقت... وقد عملت على تأسيس لجنة المرأة في الإتحاد البرلماني العربي التي أتشرّف برئاستها كذلك سعيت إلى المساهمة في إطلاق قمة المرأة العربية وقد نجحنا والحمد الله بعقد 3 قمم للمرأة العربية بالإضافة إلى العديد من المنتديات.. كما شرّفتني منظمة " الأونيسكو " بأن أكون سفيرة المرأة والفتاة العربية... و أشعر دائماً بأن كل ما أحققه سيرتدّ إيجاباً على المرأة العربية ودورها.

صمود المرأة الصيداوية أسقط محاولة الإحتلال 

هل لك أن تحدثينا عن نساء صيدا والجنوب : مشاكلهن ، عملهن ومعاناتهن أثر الاحتلال؟
هنا نتحدث عن بطولات نساء صيدا والجنوب ، إذ أن الاجتياح الإسرائيلي في لبنان كان المقصود منه إخلاء هذه المنطقة من سكانها وأهلها ضمن سياسة الأرض المحروقة... إلا أن صمود المرأة الجنوبية والصيداوية أسقط هذه المحاولة حيث تمسّكت المرأة في صيدا والجنوب بأرضها وبيتها وكانت هذه العملية هي المواجهة الأولى مع العدو الإسرائيلي التي أدّت فيما بعد إلى انسحابه وتحرير أرضنا... و أعتبر أن المرأة الصيداوية والجنوبية هي نموذجاً مشرفاً للمرأة العربية.  


السيدة " بهية الحريري " كيف انعكس عملها السياسي والتزاماتها الإجتماعية على أمومتها وعلاقتها بأبنائها ؟ 
إن هذا الأمر قد يكون هو التحدي الحقيقي بالنسبة لي وهو أن أكون امرأة عاملة في الشأن العام دون أن يسلبني ذلك حقي في أمومتي وأسرتي وزواجي... أنا أتمسّك بأسرتي وأتابع كل تفاصيلها وأحترم مستلزماتها ومواقيتها... وعملي في رئاسة لجنة التربية النيابية يجعلني أكثر قرباً وتفهّماً لمشاكل أبنائي وكافة الأجيال الصاعدة.

من الملاحظ اهتمامك بشأن المرأة العربية في كل مكان وهذا يتجلى في تبني عدد من المبادرات الداعمة لها منها على سبيل المثال "نداء الكويت" فهل لكِ أن تحكِ لنا عن هذا النداء؟
نعتزّ كنساء عربيات بالمرأة الكويتية والمرأة الخليجية عموماُ لما حققته من انجازات علمية وثقافية... لذا بادرت عندما صدر المرسوم الأميري الذي منح للمرأة الكويتية حق الانتخاب في الاول من شباط / فبراير 2000م إلى اعتبار هذا اليوم يوماً للمرأة العربية وقد تحقق ذلك بالقرار الذي اتخذه الاتحاد البرلماني العربي ليكون الأول من شباط/ فبراير يوم المرأة العربية... وقد جرى الاحتفال به مرّتين في سوريا ومرّة في لبنان، كما أصدرت الحكومة اللبنانية طابعاً بريدياً خاصاً بيوم المرأة العربية.

ماذا عن "نداء الجزائر" ومبادرة "النساء يصنعن الخبر"؟
نداء الجزائر جاء مع إطلاق الأونيسكو ليوم الثامن من آذار/ مارس 2000م حيث تقوم النساء بصنع الأخبار ليوم واحد .... حيث تتولّى النساء منصب في رئاسة المؤسسات الإعلامية طوال هذا اليوم ... وقد كان نداء الجزائر للتأكيد على هذه المبادرة ، و نجحنا في العديد من الأقطار العربية على تصعيد هذه المبادرة .... كما قمنا في لبنان بتكريم الإعلاميات اللواتي تولّين رئاسة المؤسسات الإعلامية.


أرفض نداءات تحرير المرأة، و أدعو إلى مشاركتها الكاملة في المجتمع 


بما أنك من مهتمة بالمرأة العربية ماهو رأيك في النداءات التي برزت مؤخراً لتحريرها من القيود المختلفة التي تحيط بها؟
أنا لا أميل إلى هذه الفكرة ( كلمة التحرير بالتحديد ) لأنها تعكس مفهوم العبودية و أنا أرفض أن أعتبر المرأة العربية المسلمة أسيرة لمفهوم العبودية... لكني أدعو إلى المشاركة الكاملة وليس التحرير من أجل النهوض بمجتمعنا إنتاجياً و ثقافياً واجتماعيا كي يتسنى لنا إحداث التوازن ، و أرى أن الكثير من المسائل التي تعاني منها المرأة في العالم العربي يعاني منها الرجل أيضاً... هذا لا يعني بأننا لا نقرّ بوجود أنماط مختلفة ومعقدة تحول دون لعب المرأة دورها الطبيعي في المجتمع .... و لكنني مجدداً لا أدعو إلى التحرير بقدر ما أتمنى تغيير الثقافة السائدة والنظرة المحدودة لدور المرأة العربية في المجتمع .


تحدثتِ عن دور المرأة اللبنانية في تحرير أرضها واليوم تعاني البلاد العربية من الاحتلال في بقاع عديدة فمن وجهة نظرك ماهو الدور الذي من المفترض أن تلعبه المرأة الفلسطينية أو العراقية لمقاومة الاحتلال ؟
في الحقيقة إن موضوع فلسطين و العراق ليسا الموضوعين الوحيدين اللذان يتسمان بالخطورة وعدم الاستقرار .... لذلك بشكل عام أدعو المرأة العربية في كل مكان أن تكون عنصراً فاعلاً في استقرار بلادها وأمتها وأن نعمل مجتمعين للضغط من أجل تفعيل مؤسسات النظام العربي ، كجامعة الدول العربية والإتحاد البرلماني العربي ليكون لها تأثيرها في مجريات الأحداث و الظروف الصعبة التي تمرّ بها أوطاننا ، مما يخفف عن الشعوب مواجهة أقدارها بمفردها.
 

المرأة السعودية مذهلة!!


أخيراً، ماهو رأيك في المرأة العربية و السعودية بالتحديد في مجال الأعمال من خلال احتكاكك ومشاركتك في منتدى جدة الإقتصادي؟
لقد شاركت في العام الماضي بالمنتدى الاقتصادي الذي عقد في جدة وكان هناك مسار خاص للمرأة العربية ، وقد أعجبت كثيراً... لا، بل ذُهلتُ بمستوى أداء المرأة العربية والسعودية على وجه الخصوص، ودرجة الوعي والإحساس بالمسؤولية... مما دفعني إلى اطلاق مبادرة مؤسسة و جائزة السيدة خديجة رضي الله عنها، وهي أم المؤمنين وأول سيدة أعمال ربما في العالم وزوج النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهي قدوتنا ومثالنا الذي لا يحتاج إلى الشرح والتوضيح عن مكانة المرأة في ديننا الحنيف وأمتنا العريقة... وإن شاء الله سيكون لنا اجتماع قريب لوضع معايير هذه الجائزة.