ميسون داوود : نعمل من أجل تحويل حلم المرأة الفلسطينية إلى حقيقة

جنين المحتلة : " مدينة النساء " أكثر من محاولة وأقوى من حلم

عربيات : فلسطين - عبدالباسط خلف
 أن تنشر الشمس إشراقاتها على امتدادات مرج ابن عامر في فلسطين المحتلة، إلا وتشرع ابنة التاسعة والعشرين بلملمة أوراقها وملفاتها لتمارس شغبها بالمعلوماتية، وما يشغلها من قضايا قرينتها …

تتنقل بين جامعتها حيث شارفت على الانتهاء من دراسة الماجستير في تمويل المؤسسات، ومكتبها في رئاسة مركز بلدية جنين التكنولوجي، الذي يفتح فضاءات ونوافذ إلكترونية للباحثات والباحثين عن تطوير معارفهم، مثلما تطل نوافذه على ما تبقى من سهل مرج ابن عامر، وكأنه جدارية مختلفة الألوان والرؤى تتداعب في تناسق طبيعي لتمنح المرء انطلاقة واسعة .


وراء مكتبها حيث تبحر في المعلوماتية، أقلعنا لنتحدث عن شأن مغاير يتعدى نشاط المركز الذي تدير، ومنتسباته ومنتسبيه، وأهدافه، ومنطلقاته، وكأنا تناسينا مؤقتا القادم والمغادر من زائرين بمهام مختلفة بحثا عن دورة لتطوير معارف المعلوماتية، أو للانتساب في ما يقدمه المركز من برامج .

 

إطار نسوي 100%

بروح مرحة، وبأمل مفعم، تشرع ميسون داوود بصوتها النسوي المهتم بقضايا المرأة والطفل والثقافة والتنمية للحديث عن مساعيها لتأسيس ما تحب أن تسميه بـ " مدينة النساء " . تقول : لأن الحاجة أم الاختراع، بدأت تتشكل في نفسي ضرورة العمل لإيجاد مكان خاص بالنساء ليكون متنفسا لهن ويخاطب اهتماماتهن ويرعى احتياجاتهن الكثيرة التي قلما تلبى .

وتضيف : بدأت تتكون لدي أفكار لفعل شيء للنساء، فبعد مشاركتي بعدد من ورش العمل والدورات التي نظمتها كتل وتجمعات نسوية، كالاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وطاقم شؤون المرأة، ومركز القدس للنساء وغيرها، شعرت بمدى الحاجة لمأسسة إطار خاص يعنى بالفتيات والنساء مائة بالمائة .... وبدأت بتجميع الأفكار فعندما كنت أشاهد أراضي مدينتنا الشاسعة، وبخاصة ما هو منحصر بأراضي الدولة، فكرت بأننا بأمس الحاجة لإطلاق أنشطة نسوية تحقق الإنصاف للمرأة وتجعلها تشعر بذاتها في عالم خاص لطالما حرمت من الاقتراب منه، وظلت تنظر إليه من بعيد وكأنها في كون آخر .

تتحدث داود ويلازمها الشعور بأن الحلم الذي بدأ يتحقق تدريجيا لابد وأن يصبح في النهاية واقعا، الأمر الذي يتطلب مخاطبة مختلف المؤسسات النسوية والجمعيات الفاعلة، كي تمنحنا الدعم والشرعية والحافز لنشكل الحلم كما نريد .

 

ضرورة اجتماعية

تقول : لدينا إيمان راسخ بأن فكرة كهذه ضرورة اجتماعية لنا فالمرأة لا تجد مكانا عاما واحدا تشعر فيه بأنه جزء من خريطتها الخاصة، وعالمها الجميل، فلا تجد الفتاة أو المرأة اليوم مكانا لارتشاف فنجانا من قهوة، أو تصفح موقعا للإنترنت، أو ناد لممارسة ما تعشق من هوايات، فكل ذلك في دائرة اللاموجود لدرجة بتنا نختنق فيه وبخاصة بعد أنه تنامى العدوان الاحتلالي، وأصبحت مدينة جنين وقريناتها سجنا ومعزلا بات ممنوعا الخروج منها معظم الأحيان .

 

ثلاث طبقات نسوية

تقدم داود تصنيفا للفئات النسوية الماثلة في الواقع، إذ هناك ثلاث طبقات نسوية برأيها، الأولى منغلقة على ذاتها، سطحية في دورها، لا تعنى بشيء جوهري ويشغل اهتمامها الأمور الهامشية . فيما الثانية تعرف أنها بحاجة لأخذ دور مجتمعي، وتعرف في الوقت نفسه حقوقها والواجبات المترتبة عليها، بيد أنها لا تستطيع انتزاعها وتحتاج لمن يعينها على ذلك، وتأتي الثالثة والتي تعرف جيدا حقوقها وواجباتها، تساعد الأخريات بالحصول عل ما يفتقدن إليه .

 

" المدينة الفاضلة " : واقعية الحلم

تحلق داود في حلم المدينة الفاضلة بنسختها النسوية، بعد أن بدأت العمل بمخططات المدينة الهندسية، وتشكيل لجان وحشد مناصرات ومؤسسات، تقول : المدينة ستشكل متنفسا للنساء والفتيات، وترعى اهتماماتهن الرياضية والفكرية وتطور قدراتهن المختلفة، وتشعرهن بأن لديهن ما يمكنهن التجول فيه والسياحة عبره بحرية .

تضيف : وضعنا في مخططنا الهندسي تصورات لاستحداث حضانة للأطفال، ومتنزه عام يحل مشكلة النساء الموظفات، ويجعل أبنائهن خلال العطلة الصيفية في مكان آمن، ومن الممكن جدا أن نفكر في تأسيس مشاريع صغيرة اقتصادية تساهم في تحسين دخل النساء الفقيرات عبر أعمال حرفية وإبداعية وتراثية خلاقة .

تلخص بإيجاز حلم مدينتها : نعمل من أجل تحويل الحلم الوردي لواقع عملي وها قد بدأنا …