بين التحركات العربية والمحاولات الاسرائيلية، من يكسب الرهان؟

"أسطول الحرية" في معركة الإنترنت وردود الأفعال الشعبية والرسمية

عربيات : خاص - حنين موصلي، محمد الحسن
صور وفيديو

فيما تصدرت أخبار الهجوم الذي تعرض له"أسطول الحرية" أغلب جميع المنابر الإعلامية، تباينت الآراء وأسلوب الطرح من منبر لآخر حيث عبرت المنابر العربية عن الغضب الشعبي إزاء ماوصفته بـ"الجريمة" وأبرزت ردود الأفعال الرسمية المستنكرة، بينما اتجهت أغلب المنابر الغربية إلى دعم الخبر بوجهة النظر الاسرائيلية وتبريرها بأنها "ردة فعل" و"هجوم مضاد" لتهديدات مارسها الأسطول على الجانب الإسرائيلي، أما تركيا فاعتبرت الهجوم "ضربة للسلام العربي"، فيما جاء وصف مجلس الأمن للهجوم بأنه "أعمالا أدت إلى سقوط مدنيين".

العالم العربي والإسلامي الغاضب والمبادرات الشعبية والإعلامية
لم تتباين الآراء في العالم العربي على شناعة الجريمة ولكن ردود الأفعال قد تباينت، فعلى المستوى الشعبي ظهرت مباشرة عبرالإنترنت الآراء الشاجبة والمنددة في المواقع الإخبارية والشبكات الاجتماعية والمدونات، وانتشرت حملات التضامن مع الأسطول والمطالب بتحركات رسمية لمحاكمة الجانب الإسرائيلي، وهو مادعمته بالفعل بعض ردود الأفعال العربية الرسمية حيث استنكرت السعودية المجزرة واعتبرتها تحدياً سافراً للعالم اجتمع، كما دعت المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته تجاه الاعتداءات الإسرائيلية، وأدانت مصر "الأعمال الإجرامية" الإسرائيلية مؤكدة تضامنها الكامل مع الشعب الفلسطيني، كما أعادت بشكل مفاجئ فتح معبر رفح في كلا الاتجاهين، ودعا الرئيس السوري بشار الأسد الولايات المتحدة لدفع إسرائيل لوقف اعتداءاتها الوحشية ورفع الحصار عن قطاع غزة والسير قدماً في عملية السلام كحل وحيد لعودة الأمن والاستقرار للمنطقة، ووصف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الهجوم بأنه "خطير" و"خطوة مجنونة" من شأنها أن تؤجج التوترات في المنطقة، ووصفت الأردن ما حدث بالجريمة البشعة  التي خرقت كافة المبادئ الإنسانية والشرائع والقوانين والأعراف الدولية وقامت وزارة الخارجية من خلال السفارة الأردنية في تل أبيب باتخاذ الإجراءات اللازمة لنقل رعايا الدول على متن قافلة الحرية بناء على توجيهات من الملك عبد الله الثاني عاهل الاردن، كما أدانت منظمة المؤتمر الإسلامي الهجوم في خطاب أدلى به ممثل باكستان خلال اجتماع مجلس حقوق الإنسان الذي افتتح دورته الصيفية في جنيف، واعتبر الأمين العام للمنظمة البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلي أن الجريمة تعتبر تصعيداً خطيراً وانتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي والقيم الإنسانية، وحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن صحة وسلامة المشاركين في القافلة.
أما المبادرات الإعلامية فكان من أبرزها دعوة الإعلامي "عمرو أديب" من منبر برنامجه اليومي "القاهرة اليوم" إلى تكثيف الجهود لرفع عدد مشاهدات أحد روابط الفيديو التي تم تحميلها على موقع "يوتيوب" لضمان تحقيقه مرتبة مرتفعة ضمن المشاهد الأكثر شعبية على الموقع وبالتالي تعريف الزوار من مختلف أنحاء العالم بحقيقة الجريمة التي تعرض لها الأسطول، وبالفعل ارتفع عدد المشاهدات خلال اليوم الأول من حوالي 300 مشاهدة إلى حوالي 170,000 مشاهدة، وحاز المشهد حتى لحظة كتابة هذا التقرير على المرتبة الرابعة ضمن أكثر المشاهد مناقشة في فئة المشاهد الإخبارية والسياسية، وعلى المرتبة الخامسة في فئة المشاهد المفضلة لدى الزوار، والمرتبة الأولى ضمن الفئة الأعلى تقييماً، وظل ضمن قائمة أكثر مشاهد الفيديو مشاهدة في أغلب دول العالم.

 

ردود الأفعال الاسرائيلية بين التبرير وقلب الحقائق
اختارت وسائل الإعلام الإسرائيلية تعميق المشكلة ووضعها في إطار ما اعتبرته بالتصعيد من الجانب التركي مع اتهام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بأنه يسعى من خلال هذه المحاولات إلى استعادة الهيمنة التركية وكسب المزيد من الشعبية في العالم الإسلامي والعربي من خلال مبادراته الداعمة للقضية الفلسطينية. كما برز توجيه الأنظار إلى العلاقة التي تحرص تركيا من وجهة نظر الجانب الإسرائيلي على تشكيلها مع إيران وسوريا لتهديد اسرائيل.
أما التحركات الشعبية فكان أبرزها دور الناشطين منذ الساعات الأولى لوقوع الجريمة، حيث ظهرت على أغلب مواقع الصحف الاسرائيلية وكذلك على موقع "يونيوب" والشبكات الاجتماعية مشاهد فيديو تحمل عناوين معكوسة تروج وترسخ وجهة النظر الاسرائيلية المتوقعة بأن "أسطول الحرية" قد تعرض على الجانب الإسرائيلي بعمليات عنف أدت إلى ردة فعل مبررة. كما أكدت الصحف الاسرائيلية أن جنودها هوجموا بـ"السكاكين، والهراوات وأسلحة أخرى" وإنهم فتحوا النار دفاعا عن النفس.

الإدارة الأمريكية: تنديد بصيغة مخففة وإشادة استباقية بنتائج التحقيقات الاسرائيلية
لعل أبرز ردود الفعل الأمريكية هي إعلان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تأييدها قيام اسرائيل بالتحقيق في الهجوم على "أسطول الحرية", مشددة على ضرورة تمتع هذا التحقيق بـ"المصداقية"، ومعبرة بشكل غير مباشر عن أن الإدارة الأمريكية ستنظر إلى الحدث من تلك الزاوية لتمنح اسرائيل الفرصة للخروج من الأزمة، حيث أيدت التحقيق بدلاً من شجب الهجوم.
 

أوروبا تنديد ومتابعة لأوضاع المحتجزين والعائدين
قال الوزير الفرنسي في بيان أصدره يوم أمس "لقد صدمتني العواقب المأساوية للعملية العسكرية التي شنتها إسرائيل ضد قافلة السلام لغزة. لا يوجد ما يبرر هذا العنف الذي ندينه، وندعو إلى إجراء تحقيق شامل وسريع". وهو ما يتفق مع مطالبة لاتحاد الأوروبي بإجراء تحقيق شامل في الظروف المحيطة بالحادث، وحث إسرائيل على السماح بالانسياب الحر لمواد الإغاثة لقطاع غزة المحاصر دون ادني شروط، كما استدعت الحكومة اليونانية السفير الإسرائيلي لديها وطالبته بتقرير فوري عن سلامة 30 يونانيا كانوا على متن واحدة من سفن قافلة الإغاثة، كما أعلنت الحكومة اليونانية بأنها قررت تجميد مناورات جوية مشتركة مع القوة الجوية الإسرائيلية، وألغت زيارة كان مقررا أن يقوم بها لأثينا اليوم قائد القوة الجوية الإسرائيلية. فيما أبرزت الصحف الأوروبية هذا اليوم أخبار العائدين من الحملة وعلى رأسهم المواطن الألماني الذي اعتبر ما تعرضوا له "هجوماً على مهمة إنسانية في مياه دولية".

مجلس الأمن الدولي: تخفيف التسمية دون توضيح آلية "التحقيق الحيادي".
أصدر المجلس بيانا رئاسيا يدين فيه ما أسماه "أعمالا أدت إلى سقوط مدنيين" أثناء الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية الذي كان متوجها بمساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، وطالب بالإفراج الفوري عن السفن والمدنيين، وإجراء تحقيق حيادي، دون توضيح للآلية التي يجب أن يتم بواسطتها التحقيق ليوصف بالحيادية.