الوحيد الذي يقوم بتصنيعه في الشرق الأوسط كلّه

أبو بسّام ذو الثمانين عاماً يروي حكايته مع صناعة القبقاب!!

هديل عرجة - سوريا
صور وفيديو

بضع ضربات من القبقاب على رأس شجر الدر، زوجة الملك المعز أيبك المملوكي من جواري زوجة الملك الثانية، كانت كفيلة بقتلها ليلقوا بها بعد ذلك من فوق سور القلعة.
بهذه القصة بدأ أبو بسام "عبد الله محمود سيالة" ذي الثمانين عاما حكاية القبقاب، حيث يعمل في محل لتصنيع القباقيب منذ 72 عاماً كانت كفيلة بجعله المحل الوحيد والأقدم والأكثر شهرة بتصنيع القباقيب في الشرق الأوسط.
أبو بسام الذي ورث مهنته عن والده يقول لـ "عربيات" أنه يعمل بهذه المهنة هو ومن قبله والده منذ ما يقارب المائة عام، حيث لم يبق في الشرق الأوسط سوى محله وبسطة قريبة منه لبيع القباقيب المصنعة يدويا، موضحاً: "نحن الوحيدون بالإضافة إلى بسطة قريبة منا هنا تعمل ببيع القباقيب، لم يبق غيرنا بالشرق الأوسط كله وليس في سورية فحسب".
ويشير إلى أن انتشار القباقيب البلاستيكية ساهم في اندثار المهنة مضيفاً: " لا أخشى على رزقي من قلة الطلب على القبقاب، فما دام الإنسان موجود فالرزق موجود، وهناك طلب ولو قليل، وما دمت أفتح هذا المحل كل يوم واسع كعبد فالله عز وجل سيسعى معي".
وحول التعديلات التي طرأت على القباقيب مع مرور الزمن يقول أبو بسام: "القباقيب ما تزال كما هي ولكن حدثت بعض التطورات والتعديلات عليها، فهناك اليوم القبقاب الخشبي، وهناك قبقاب الخشب المدهون وهنالك القبقاب الذي أدخل عليه المطاط من أسفله، حيث أن وجود الأبنية الطبقية دفع إلى دعم القباقيب بالمطاط للتخفيف من الإزعاج الذي يصدر عنه، كما أن اكتشاف البترول أوجد النايلون والبلاستيك فدخلا أيضاً بصناعة القبقاب".
وعن موقفه من القباقيب المصنعّة من البلاستيك وأثرها على مهنته يقول أبو بسام "أصبحت أبيع القباقيب البلاستك أيضاً فالناس تطلبها لأنها لا تتأثر بالمياه، على الرّغم من أنّها مصنعة من مواد كيميائية ضارة بالجسد وتؤثر بشكل سلبي عليه".
أبو بسام أطلع "عربيات" على بعض من أشكال القباقيب التي انتشرت عبر الزمن ويقول: "منذ 70 عاماً تقريباً كان هناك قباقيب تصمم خصيصاً للعرائس، حيث نقوم بصنع القبقاب بخشب مرتفع بمقدار 20 سم كي يزيد من طول العروس".

 

مسلسلات البيئة الشامية وازدهار البيع

 


ولم يخفي دور المسلسلات السورية في ازدهار بيع القباقيب موضحاً: "مسلسلات البيئة الشامية التي ظهرت في الفترة الأخيرة شجعت على ارتداء القبقاب مثل مسلسل باب الحارة وأيام شامية وغيرها الكثير، حيث أصبح الزوار من الخليج والأردن يقبلون على شراء هذه القباقيب ليقلدوا سعدية ورجال باب الحارة".
كما أشار إلى أنه يصنع القباقيب بمختلف الأحجام، مضيفاً: "أصنّع يومياً حوالي 20 إلى 30 قبقاب وكل ذلك يرجع للطلب، وأغلى قبقاب يبلغ ثمنه 150 ليرة سورية ولكنّ الناس لن يدركوا قيمة هذه القباقيب إلا عندما تنقرض، وعندها سيضطرون إلى شراء قباقيب طبية سعر الزوج منها يمكن أن يصل للـ 2000 ليرة على الرغم من أن القباقيب التي نصنعّها أفضل بكثير منها كونها طبيعية".
وعن هوية الزبائن الذين يقبلون على شراء القباقيب من محل أبو بسام يقول: "أغلب الذين يشترون هم السائحين من لبنان والأردن، بالإضافة إلى وجود أشخاص من سورية اعتادوا على ارتداء القبقاب ولا يستطيعون الاستغناء عنه، كما أنّ حمامات السوق تأخذ هذه القباقيب من محلي، كوني الوحيد الذي بقيت أمارس هذه الصنعة".
أبو بسام الذي يتمنى أن يورّث مهنته من بعده لولده ليمنعها من الاندثار، لم يعد يأمل شيئاً من قبل الآخرين اتجاه هذه المهنة وهذا التراث، حيث الصناعة لها الغلبة على حد قوله والتطور والتكنولوجيا عملت على محوه ومهنته من خارطة الأسواق العربية.