البطل ينفي، والضحية تؤكد أنه رشها بالماء في آخر لقاء وهددها

بطل العالم في الفول كونتاكت المغربي "مصطفى لخصم" متهم بحرق زوجته

حميد الأبيض
صور وفيديو

لا أحد يمكن أن يتصور أن يقدم بطل رياضي معروف بلباقته ودماثة أخلاقة على إيذاء زوجته، هذا أمر قد لا يتقبله العقل، خاصة حينما يتعلق الأمر ببطل عالمي خاض 70 نزالا احترافيا، 12 منها في بطولة العالم للفول كونتاكت والكيك بوكسينغ، فهو أشهر أبطالهما قبل أن يتربع على عرشهما، لعدة سنوات.
هذه الإتهام  قد يتم نفيه أو إثباته وذلك بعد الانتهاء من الأبحاث الأمنية والقضائية المفتوحة في اتهام أسرة زوجة المغربي مصطفى لخصم - بطل العالم في الكيغ بوكسينغ- بأنه قام  بتحريض شخصين مجهولين على حرق ابنتهم باستعمال الماء الحارق (الأسيد)، ليلة السبت 16 أبريل 2011، بعد خروجها من حمام راقي بحي أنس بمدينة فاس.


مسار بطل رياضي
 

اختار البطل المغربي مصطفى لخصم (36 سنة)، مدينة فاس- لإنهاء مشواره الرياضي في أمسية للتاريخ ومباراة فاز فيها بالنقاط - في  الرابع من يونيو للعام 2010-  عن جدارة واستحقاق ببطولة العالم في الفول كونتاكت، لوزن 88 كلغ، بالقاعة المغطاة 11 يناير، على حساب الروسي أليكسي ريبكين (23 سنة).
بخزانة هذا البطل لقبي بطولة العالم الاحترافية في هذه الرياضة، صنفي "الواكو" و "وولد كيك بوكسينغ نيتوورك" خلال عامي 2002 و2003 وبطولة أوروبا بين 1990 و1992، و4 ألقاب لبطولة العالم للكيك بوكسينغ بين 1990 و1994، وبطولة إفريقيا للصفات في 2001، تم إضافتها لتتويجه يأربع مرات بطلا لألمانيا في الرياضتين.
عاش مصطفى - وهو من أبوين مغربيين-  أكثر من عقدين بألمانيا، حيث فتحت له أبواب التألق والشهرة، وقبل أكثر من سنة، استقر البطل بالمغرب بعد زواجه من فتاة فاسية الأصل من عائلة ثرية، على أمل بناء عش زوجية نموذجي.


زواج بعمر قصير


في 21 نونبر 2009، عقد مصطفى قرانه على الفتاة زينب مفرح (25 سنة)، الحاصلة على الإجازة في الأدب الإنجليزي، في حفل بهيج احتضنته قاعة أفراح بحي طريق إيموزار بفاس، و استقرا في منزل فخم تملكاه، و كان أملهما أن يكملا بعضهما البعض، ويشكلا نموذجا للأسرة السعيدة والمنسجمة والمتفانية.
فترة الود والسعادة والسلم لم تدم في علاقة الزوجين إلا بضعة أسابيع قبل أن تتعمق خلافاتهما. ولما وصلا إلى الباب المسدود، قرر كل منهما إنهاء علاقته بالآخر. واختارا خيار الطلاق، حقنا لمزيد من المشاكل، بعد عرض ملفهما على محكمة الأسرة بفاس، وسط تعمق الشرخ الذي لم يمنع استمرار تواصلهما الهاتفي.
في 13 مارس 2011، أدى لخصم لصندوق المحكمة كل المستحقات المالية المترتبة، في انتظار يوم 18 أبريل موعد آخر جلسة للنطق بطلاقهما.
لكن قبل يومين من ذلك، وقع ما لم يكن في حسبان أحد والذي حول هذه الزيجة إلى حديث العام والخاص في المغرب، ومادة إعلامية دسمة انطلقت شرارتها الأولى مع شيوع خبر حرق الزوجة.


اعتداء بباب الحمام


في حوالي السابعة مساء السبت 16أبريل   خرجت زينب مفرح - زوجة لخصم دون أبناء - من الحمام دون أن تدري أن القدر يخبئ لها مفاجأة ما خطرت ببالها أبدا. كانت مرحة وفرحة وتشع حيوية وهي تتوجه إلى سيارتها وبتمهل فتحت باب سيارتها ووضعت حقيبتها بالمقعد الخلفي، ووضعت رجلها وجانب جسمها الأيمن بالسيارة، لكنها سمعت حركة غير عادية أثارت شكوكها، فاستدارت الزوجة، لتتأكد من مصدر ذلك "التشويش"  حيث فاجآها شابين مجهولين في مقتبل العمر، ببنية قوية ملثمين بشكل أخفى ملامح وجهيهما، يضعان خوذة على رأسيهما ويستقلا دراجة نارية يسيران باتجاهها.
لم يمهلاها أو يتركا لها فرصة الاستنجاد أو الفرار بجلدها، و فاجآها برميها زجاجتي الماء الحارق (الأسيد)، قبل أن يفرا إلى وجهة مجهولة، إحدى هذه الزجاجتين سقطت أرضا وتكسرت، والأخرى أصابتها، والنتيجة حروق من الدرجتين الثالثة والثانية في الوجه والعينين والكتف واليد اليسرى والرجلين واليدين والبطن والصدر.


صراع مع الألم


كانت زينب تصرخ مستنجدة، وتتلوى من شدة الألم لدرجة نزعها ثيابها أمام الملأ، وعبثا حاول حارس مرأب السيارات رشها بما توفر لديه من ماء قبل أن ينضم لهم عدد من القريبين من المكان.
نقلت زوجة البطل العالمي مصطفى لخصم، للمركز الاستشفائي الحسن الثاني بفاس ومنه إلى مصحة الأطلس بحي طريق صفرو والتي قضت فيها يوما واحدا قبل نقلها عصر الإثنين 18 أبريل إلى مصحة الرياض بشارع سان لوي، والتي لا تبعد كثيرا عن مقر المحكمة التي بثت في ملف طلاقها من زوجها في اليوم نفسه.
لبس كبير يلف هذه الجريمة الغامضة، وتتضارب آراء وروايات طرفي القضية بخصوصها، فبين اتهام أسرتها بشكل مباشر لزوجها بالضلوع في تحريض الشخصين، والنفي القاطع من قبله.



بقايا ملامح في مصحة


تقول الأم في تصريحها، لـ عربيات، إن زوج ابنتها كان يكلمها باستمرار منذ وقف علاقتهما أي نحو 8 أشهر، ويطالبها بالعودة إلى بيت الزوجية وتذويب المشاكل. واتهمته بتضييق الخناق عليها في الفترة القصيرة التي قضياها معا. وأكدت تهديده لها عبر الهاتف بتفاصيل تطابقت بشكل شبه كلي مع ما قالته شقيقة الضحية.
وتقول أخت زينب: " كانت تتلقى شقيقتي اتصالات من زوجها يهددها فيها بالانتقام وتشويه وجهها بالماء الحارق إلا أنها لم تعرها أي اهتمام، ولم تتقدم بأي شكوى إلى المصالح الأمنية أو القضائية".
وأشارت إلى لقاء أختها بمصطفى لخصم قبل ساعتين من الحادث في مقهى بحي بدر، حيث "حياها وبادلها الحديث، قبل أن يرش وجهها بالماء من يده المبلولة".
هذه الإشارة - تقول أمها- "لم نفهمها، وما إذا كانت إنذارا"، فيما لم تمنع الحالة الصحية لزينب، من حديث مقتضب لـعربيات، أكدت فيه الوقائع الواردة على لسان والدتها وشقيقتها، تماما كما حكت ذلك للمحققين بالمصلحة الولائية للأمن بولاية الأمن بفاس حينما حضروا للمستشفى للاستماع لأقوالها.


لخصم ينفي


"هذه كذبة كبيرة". هو التعليق الذي اختاره البطل مصطفى لخصم، في حديثه لـ عربيات، على كل تلك الاتهامات التي وصفها بالمجانية والمجانبة للصواب والحقيقة وعين العقل.
وتأسف لما وقع، مشيرا إلى أن الإقدام على مثل هذه الجريمة ليس من خصاله وأخلاقه، و"القضاء هو الذي سيحسم في هذا المشكل".
ونفى كل تلك التفاصيل أو أن تكون له مشاكل مع زوجته مشيرا إلى أن سبب الخلاف يعود إلى تصرفات والدتها.
وأكد أنه كان وقت الحادث في مقهى، ولم ينفي لقاءه بزوجته في تلك الأمسية بالمقهى نفسها، حيث عانقته وقبلته وكانت تلتمس منه إعادة نسج خيوط علاقتهما الزوجية، وفك دعوى الطلاق التي قال إنه هو من تقدم بها.
وأوضح أن له شهودا يثبتون تلك الوقائع إلى درجة استغراب نادل - يعلم بانفصالهما - للطريقة التي كانت تضمه بها واستفساره في شأن ذلك، مشيرا :" علاقتي بزوجتي انقطعت قبل نحو 8 أشهر رغم أنها كانت ترسل لي رسائل هاتفية، وتزور أصدقائي في الرباط، وتتوسل إليهم للتدخل لإرجاعها".
وأكد أنها كانت لوحدها حين زارته بالمقهى. وقال: "أنا لست مجرما حتى أكون وراء ما تعرضت له، أو أنوي ذلك"، نافيا أن يكون استدعي من قبل الأمن، أو هددها هاتفيا، موضحا أن له رسائل هاتفية قصيرة، بها عبارة الود والغرام ودعوات طي صفحة الماضي، واستغرب إقحام اسمه بداعي تحريضه لشخصين على الانتقام منها بتلك الطريقة.


جمعيات نسائية تتبنى الملف


بين اتهام أسرة زينب ونفي لخصم تضيع حقيقة ما وقع، وقبل إنجاز المحاضر وإحالة الملف على المحكمة لاتخاذ المتعين قانونيا في هذا المجال، دخلت جمعية اتحاد العمل النسائي ومركز حقوق الإنسان على الخط بعد تبنيهما ملف الضحية، إذ كان لممثلين عنها -الإثنين 18 أبريل-  لقاء مع نائب وكيل الملك بابتدائية فاس، والذي وعدهما بمرور الإجراءات القانوني في مسارها الطبيعي قبل أن يدعوا إلى ندوة صحفية بمقر بلدية أكدال صباح اليوم الموالي لشرح ملابسات الملف.
وتستعد جمعيات حقوقية ونسائية للوقوف في صف زينب ضحية شخصين اعتديا عليها بالماء الحارق، ليشكلا حلقة مفقودة في مسلسل درامي سيطول عدد حلقاته، لكن لا متعة في مشاهدته وتتبعه، اللهم من آلام وجراح زادت من تعميق هوة زواج لم يدم إلا بضعة أسابيع، قبل أن ينتهي في ردهات المحاكم على إيقاع "فضيحة بلا مقدمات".