كشف عن "خلايا نائمة" لاختراق البرلمان المصري

المنشق الإخواني أحمد بان: الأخوات قوة ضاربة في إدارة المعارك، والغرب يتمسك بالجماعة

عربيات - القاهرة: صفاء عزب
صور وفيديو

في حوار خاص لـ عربيات كشف القيادي الإخواني المنشق أحمد بان -الباحث في حركات الإسلام السياسي- عن مخططات الإخوان للتسلل إلى المشهد السياسي من جديد بعد خروجهم منه، وذلك باللجوء إلى ما أسماه "بان" بالخلايا النائمة والعناصر الإخوانية غير المعروفة التي يعملون على استخدامها لتكون صوت الإخوان في البرلمان المصرى القادم. وقال أحمد بان أن الإزدواجية أو تعدد المواقف هو سلوك ملازم لجماعة الإخوان المسلمين  تمارسه منذ نشأتها  بهدف السعي لتحقيق مصالح سياسية. وأكد لـ عربيات أن ما تردد عن انسحاب قيادات إسلامية من تحالف الإخوان مجرد توزيع أدوار وخدعة سياسية.
وكانت تصريحات صادرة مؤخرا عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى بخصوص شروط السماح للإخوان المسلمين بالعودة للساحة السياسية قد أثارت جدلا واسعا في الشارع المصري حول مستقبل الإخوان السياسى سيما في ظل ما تردد عن انسحاب قوى إسلامية مهمة من ما يسمى بـ "تحالف دعم الشرعية" الذي تم تأسيسه عقب سقوط الرئيس المعزول محمد مرسي،  وتأثير ذلك على زيادة الضغط على الجماعة المحظورة خلال الفترة المقبلة. إلا أن ما يتردد فى كواليس المشهد السياسى يلمح بأن ما يحدث هو مجرد إعادة توزيع الأدوار، وتوجه إلى التسلل للمشهد السياسى من خلال أغطية سياسية من شخصيات غير معروفة يتم اللجوء إليها بعد تأكدهم  من فشلهم فى تحقيق أية مكاسب  واقعية منذ سقوط حكمهم في خطوة تمهيدية لدخول البرلمان. الأمر الذى يطرح سؤالا مهما حول احتمالات لجوء الإخوان إلى محاولة اختراق الأحزاب المصرية للعودة من خلالها إلى المشهد السياسي والحصول على عضوية البرلمان. 

85 سنة من محاولات اختراق الأحزاب، آخرها جماعة 6 إبريل


وفي هذا الإطار تأتي أهمية الحوار مع شخصية جمعت بين عضوية الجماعة ومعرفة كثير من خباياها، وبين الإنشقاق عليها إعتراضا على أسلوبها في ممارسة العمل السياسي، وإعلانه ترك الجماعة في أوج مجدها عقب ثورة يناير 2011، حيث تحمل آراؤه في هذا الصدد الكثير من التفاصيل التي لايعرفها غيره من المحللين. ولذلك حرصت عربيات على توجيه هذه الأسئلة للمنشق الإخواني البارز والباحث في الإسلام السياسي أحمد بان.

بداية هل هناك فعلا محاولات لجماعة الإخوان المسلمين لاختراق الأحزاب المصرية؟
يجب أن نعرف أننا نتحدث عن تيار يبلغ عمره 85 سنة، كشف عن وجهه السياسي بعد عشرة أعوام فقط من نشأته في بدايات القرن الماضي عندما  أكد التنظيم عن إصراره على المشاركة السياسية والوصول للحكم بكل وسيلة،  ومنذ ذلك الوقت ظهرت أذرع للجماعة داخل مختلف الكيانات السياسية كما أنه يمتلك من الأدوات ما يمكنه من تحقيق ذلك. وفي فترة العهد الملكي لم يكن أحد يستطيع توصيف جماعة الإخوان، هل هى جماعة مع الحركة الحزبية الوطنية؟ أم مع الملك؟ حيث تم رصد إشارات بأنه في الوقت الذي كان الإخوان يدافعون عن الحركة الوطنية ويوجهون النقد الشديد للأحزاب غير الوطنية، كانوا يقفون بجانب الملك وإبرازه كخليفة للمسلمين. ومن ثم كانوا يلعبون دورا مزدوجا، وللأسف هذه الإزدواجية في النشاط السياسي وعدم اتخاذ موقف محدد تحقيقا لهدف الوصول للحكم ظل سلوكا ملازما لجماعة الإخوان المسلمين، وهوما جعلها تهضم أكثر من نظام سياسي بما في ذلك النظام الناصري الذي عانوا منه كثيرا، إلا أن السادات هو الذي منحهم قبلة الحياة في إطار لعبته مع التيار القومي والناصري.  وانطلاقا من الحرص على التواجد السياسي فإن الجماعة تسعى لمد أذرعها في كل الساحات ومن هذا المنطلق كانت هناك بالفعل عمليات اختراق للأحزاب والقوى والحركات السياسية بهدف تمكين الإخوان من السيطرة على المشهد السياسي في مصر، وعلى سبيل المثال تم اختراق جماعة 6 إبريل، وخلق جناحا إسلاميا لتحريكه كأداة لنشر روح الغضب والثورة في الشارع المصري، كما أن هناك وقائع شهيرة لعمليات إختراق حزبية من قبل الإخوان، منها محاولة اختراق حزب العمل وخلق جبهات منشقة داخله. وفي فترات توليهم الحكم اخترق الإخوان حزب الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عندما ترك الجماعة وأراد الترشح للرئاسة  من خلال الدفع بشخصيات من الإخوان مثلت بالفعل تحديا وعبئا على الحزب. وهناك أحزاب مصرية أخرى اشتراها الإخوان بالمال للتمكن من التأثير على قراراتها.

نصيب الإسلاميين فى البرلمان القادم 10%

هل معنى ذلك أنهم سيسعون مرة أخرى لاختراق الأحزاب المصرية؟
في ظل النظام الإنتخابي الحالي فإن الإخوان لا يحتاجون لخطوة دخول الأحزاب الآن، ولكنهم سيحاولون التواجد على الساحة السياسية من خلال خلايا نائمة تستطيع الدخول من خلالها إلى البرلمان، وذلك باستغلال رأس المال والعشائر، فضلا عن حلفائهم من الشخصيات غير المعروفة التى ستكون بوابتهم فى الدخول إلى البرلمان فى إطار سعيهم الدائم للحكم.

في ظل الإزدواجية الإخوانية التي تحدثت عنها ومحاولات الإختراق للمشهد السياسى، هل تتوقع لهم تواجدا في البرلمان المصرى القادم؟
وفقا لقانون الإنتخاب المصرى فإن 76% من المقاعد البرلمانية ستأتى بالنظام الفردي، و24% فقط عن طريق القوائم، ومن ثم فإن أية محاولة إخوانية للإلتفاف بالتحالف مع الأحزاب لن تكون مؤثرة لأن الأغلبية بالنظام الفردي، كما أن تجربتهم فى برلمان 2012 أثبتت أنهم حصلوا على الأغلبية من خلال النظام الفردي، ومن ثم فإن وجودهم في البرلمان القادم سيتراوح ما بين 10- 20% فقط كإجمالي مقاعد للإسلاميين ككل. كما أننا يجب أن نعلم أن الشعب المصري فقد ثقته في المرشحين الإسلاميين على اختلاف خلفياتهم الحزبية بعد أن نفر قطاع كبير من المصريين من الإسلام السياسي، ووضع جميع الإسلاميين فى  سلة واحدة.

كيان سياسى يسعى للحكم بأى وسيلة


هل تعتقد أن ما يحدث من انسحاب لكثير من القوى الإسلامية عن التحالف معهم يؤثر على المستقبل السياسي للجماعة؟
بحكم خبرتي بالإخوان أؤكد أن الجماعة ككيان سياسي لديه رغبة دائمة في ممارسة السياسة والسعي للحكم، لذلك فهم يعملون في إطار فكرة "الصراع الصفري" والحديث عما يسمونه "الإنقلاب" من ناحية، والإنخراط في علاقات تحقق أهدافا سياسية من ناحية أخرى، وذلك فى إطار سياسة توزيع الأدوار التى تقوم على ثلاثة محاور، أولا: قيام قيادات التنظيم بالتحريض على الدولة المصرية في المنابر الإعلامية التي نعرفها.. وثانيا: الاستعداد للبرلمان من خلال أشخاص وأوعية قريبة منهم أو محسوبة عليهم يلجأون إليها كمظلة سياسية.. وثالثا: تنشيط  عمليات إستهداف الدولة المصرية بالعنف الذي توفر له غطاء سياسيا  بتبريره على أنه رد على ظلم الإخوان.

علاقة الغرب بالجماعة تشبه جبل الجليد الذى لم يظهر منه إلا قمته

ما رأيك في عمليات المطاردة الدولية للتنظيم خاصة ما حدث أخيرا بطرد قيادات إخوانية من قطر؟ وهل سيكون لها أثر على النشاط السياسى للجماعة داخل مصر؟
بالطبع ما حدث من ردود أفعال دولية يمثل خسارة للجماعة سواء على المستوى المادي أو السياسي، وما فعلته قطر مؤخرا هومحاولة للإستجابة لضغوط مجلس التعاون الخليجي، وسعيها للظهور مع الإصطفاف الدولي لمحاربة الإرهاب وعدم إيواء عناصر مطلوبة على ذمة قضايا إرهاب. ولكن رغم ذلك فإن الغرب لازال يتمسك بعلاقتة مع الجماعة، وهوأمر واضح في أمريكا مثلا التي كانت تراهن على الإخوان وتريد الإبقاء على هذا الرهان على أمل أن يعودوا للعمل السياسي لتتعامل معهم كـ "شوكة" في جسد الدولة المصرية، وضمن إطار حرص أمريكا الدائم على الإحتفاظ بعلاقات مع المنظمات والكيانات المرشحة للصعود السياسي في مرحلة ما، ويحركها في ذلك عقدتها في التعامل مع الثورة الإيرانية. وأعتقد أن علاقة الإخوان مع الغرب قوية جدا وعميقة وأشبه بجبل الجليد الذي لم يظهر منه إلا قمته فقط ولكن ما خفى  كان أعظم. 

التسوية مستبعدة مع الدولة المصرية


وكيف ترى احتمالات التسوية الشاملة بين الدولة المصرية والإخوان؟
التسوية الشاملة مع جماعة الإخوان مستبعدة لصعوبة توافر شروطها. فالدولة المصرية من ناحيتها لم تتحرك بشكل جاد لتحقيق العدالة الإنتقالية المنصوص عليها في خارطة المستقبل، كما أن الإخوان المسلمين لن يقوموا بحل تنظيمهم ولا الإعتذارعما فعلوه، فهم يتحدثون عن قيادة جديدة دون المساس بالتنظيم. وأنا أعتقد أنه لا يمكن لدولة أن تتسامح مع تلك الصيغة الملتبسة لنشاط جماعة الإخوان بالخلط بين العمل الدعوي والسياسي. فلابد للنشاط الدعوي وتمويلاته أن تكون تحت مظلة الأزهر لسحب البساط من تحت أقدام التطرف، بينما يمارس العمل السياسي وفق المعايير المتفق عليها والتى تنطبق على الجميع.

أخوات الجماعة قوة ضاربة في إدارة المعارك.. والإنسحاب التكتيكي


برأيك وأنت كنت واحدا منهم، ماذا يفعل الإخوان حاليا في ظل هذه الظروف؟ وهل يمكن أن يستسلموا لفكرة مغادرة الساحة السياسية؟
لا، لا يمكن أن يتركوا السياسة، وإذا كانت القيادات مطاردة أو مقبوض على كثير منها فهناك جيش من "الأخوات" في الجماعة يمارس الإدارة من الداخل، وهن النساء اللائي يعملن بكفاءة ولهن الفضل في إدارة المظاهرات الماضية، وحتى الآن هن القوة الضاربة فى إدارة المعارك الحالية مع الدولة المصرية، ولو نظرنا للواقع نجد أنهن يمثلن 60% من قوام المظاهرات قبل أن تصدر لهن الأوامر بالإنسحاب الذي أراه إنسحابا تكتيكيا لحساب معركة جديدة مستقبلية متمثلة فى الإنتخابات البرلمانية.