الحرب في العراق تهدد كيان الأمن القومي العربي

لقاء مع الدكتور ممدوح الموصلي الوزير المفوض للملكة العربية السعودية بجامعة الدول العربية

عربيات : القاهرة - إيهاب سلطان
صور وفيديو

يمر العالم العربي اليوم بمرحلة عصيبة من تاريخه  في ظل  الحرب الأنغلو أميركية على العراق والتي تهدد النظام والكيان العربي وتخترق في تحد سافر مفهوم الأمن القومي العربي وتصيبه في مقتل.. تلك الفترة التي يجب أن يكون للعالم العربي اتحاد وقوة تبرهن على أن الجسد العربي مازال ينبض بالحياة .. وبعيداَ عن حالة اليأس والإحباط التقينا بالدكتور ممدوح الموصلي مستشار الإعلام بالجامعة العربية والوزير المفوض من المملكة لدى جامعة الدول العربية لإلقاء الضوء على الظروف الحرجة التي تمر بها المنطقة العربية وهل يعني التفكك العربي الآن هو بداية لانفراط نظام الأمن القومي العربي وما هو موقف الجامعة العربية الآن. 

 

بداية ما هو مفهوم الأمن القومي العربي كما تراه؟
يقصد بالأمن القومي العربي مجموعة من الإجراءات التي تقوم بها الدول العربية مجتمعة في حدود طاقاتها وإمكانياتها للحفاظ على كيانها ومصلحتها العليا في الحاضر والمستقبل مع مراعاة المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية التي تمر بها وصولاَ إلى حالة الطمأنينة التي يشعر بها المجتمع العربي... وبالرغم من ذلك فإن مفهوم الأمن القومي العربي يثير العديد من التساؤلات تدور حول إمكانية تحقيقه كمفهوم مجرد يرتبط بالدول القومية ذات النظام السياسي الواحد والسيادة التامة غير المجزأة... فعندما نتكلم عن الأمن القومي المصري أو السوري أو السعودي فإن الموضوع يتعلق بدولة تتكون من شعب وإقليم وسلطة وسيادة. أما بالنسبة للوطن العربي فالأمر مختلف في تطبيق مفهوم الأمن القومي العربي.. فالعرب لا يزالون أمه تحاول أن تخلق القومية الواحدة.. ومن هذا المنطلق فأن مفهوم الأمن القومي العربي يواجه مشكلة حقيقية لأن من الناحية العملية وبحكم واقع التجزئة يشكل واحد وعشرين قطراَ عربياًَ وبالتالي عدة إدارات سياسية وعربية ويفتقر إلى وحدة الدولة.. فالأمن القومي كإطار نظري هو امتداد وتعبير عن وظيفة الدولة.

هل يمكن أن تستقل كل دولة عربية بأمنها القومي؟ وما هي المخاطر التي يمكن أن تحدث إذا حدث ذلك؟
هناك ثلاث مسارات تحدد مفهوم الأمن القومي العربي تتمثل في قومية الأمن التي تعني أن المفهوم الحقيقي للأمن القومي العربي يفرض نفسه على كل قطر عربي وهذا يعني أن عناصر القوة في المواجهة الأمنية الشاملة لا تقتصر على قطر عربي واحد بل هي حصيلة الجهد المشترك وإستراتيجية الأمن تعني أن الأمن القومي العربي يمتلك عناصر لبناء الإستراتيجية الذاتية التي تعكس الجوهر الأصيل لمفهوم الأمن القومي العربي. و هناك الإمكانيات الاقتصادية والقوة الحضارية والكم الديموغرافي والبعد الجغرافي والقيم الأصيلة . كما يمتلك بعداَ دوليا من منطلق التسليم بالقوة العربية وبالتالي يفرض على الأعداء حساب القدرة الحقيقية العربية في حالة وجود نوايا عدوانية ضد الأمة. والأمن القومي يعني قطع أيد أي قوة تحاول أو تفكر في الاعتداء على أي قطر عربي فتتحسب للرد العربي الشامل من منطلق ما تملكه الإدارة السياسية العربية من استعداد لتوفير الحماية المركزية للوجود العربي في ضوء تلك الاحتمالات الداخلية التي يتعرض لها... وبناء على ذلك فإن الأمن الوطني لكل دولة عربية يهدف إلى تأمينها من الداخل ودفع التهديد الخارجي عنها بما يكفل لشعبها حياة مستقرة توفر له استغلال أقصى طاقاته للنهوض والتقدم و الازدهار لذلك فإن تشابك مصالح الدول العربية مجتمعة لدفع المخاطر التي تحيط بها سيدفعها إلى حياة أمن قومي عربي تساهم فيه تلك الدول لتحظى جميعها بالاستقرار .

هل ترى أن الأمن القومي العربي حاليا يستطيع أن يصد المخاطر التي تتعرض لها الدول العربية حاليا؟
الأمة العربية جميعها شعوبا وحكومات يجب أن تتعاون وتتآزر لدفع الأطماع الخارجية ومواجهة التكتلات الدولية وبالتالي أصبح أمن الدول العربية مجتمعة هو في حد ذاته الأمن المقيم لكل واحدة منها حيث أن حماية الأمن الوطني لكل دولة عربية بمفهومة الشامل لا يمكن تحقيقه كاملا فليست هناك دولة عربية تمتلك من المقومات والإمكانيات ما يسمح لها بتحقيق أمنها الوطني بالدرجة المطلقة التي تتطلع إليها فضلا عما يحيط بها من متغيرات دولية وتيارات سياسية تؤثر تأثيرا قويا ومباشرا على كثير من عناصر أمنها .. ورغم أن الأمة العربية تشكل وحدة عرقية وحضارية تملك إمكانيات متعددة لكنها ما زالت في حاجه إلى التماسك لمواجهة الأخطار المحيطة بها .
 

هل يعجز الأمن القومي العربي عن مواجهة الحرب الدائرة حاليا في العراق؟
لا شك أن هناك خطراَ رهيباَ يحيط بالنظام العربي بهدف إضعافه وتفتيته .. ولذلك أرى أننا في حاجه إلى إعادة صياغة لكل مؤسسات العمل العربي وهذا الحلم سيعيد بناء الثقة والشفافية في العلاقات العربية .. فغياب التضامن هو الخطر الحقيقي على النظام العربي .. فقد سبق أن واجهتنا أزمات عديدة وتغلبنا عليها وحانت اللحظة لعبور المحن ونبذ الخلافات والخصومات .. ونحن في حاجه إلى قوة متعاونة تقف ضد الهيمنة الأميركية والاستعمارية وأن نضع إستراتيجية الرد والمقاومة والتي يجب أن نتقدم بها للعالم لنحدد موقعنا في الأنظمة الدولية كما أننا في حاجة لصحوة إعلامية قوية وإعلام واع مستنير يساهم في محاولة للم الشمل والشتات العربي... ونحن أيضا في حاجة إلى أيد عربية تساهم في تفعيل آليات العمل العربي وخلق نموذج جديد لإصلاح العلاقات العربية وتكوين سوق اقتصادية ومالية وعربية مشتركة وذلك بهدف دعم الاستقرار السياسي والاقتصادي العربي والدولي... وجامعة الدول العربية قامت بتفعيل قراراتها لنصرة الشعب العراقي وطالبت بعقد جلسة عاجلة للجمعية العامة للأمم المتحدة للمطالبة بوقف العدوان الأميركي البريطاني على العراق. 

ما رأيكم في موقف الشباب العربي اليوم من قضايانا؟
رأينا تجاوباَ من الشباب في كل مكان مع ما يحدث في العراق وفلسطين وكانت له مواقف شتى منها جمع المال والتبرعات والمسيرات التي رأيناها وهناك شباب سافر للعراق كدروع بشرية لمشاركة إخوانهم في العراق وهذا يدل على أن الأمة العربية بدأت تتغير وتميل إلى الجهاد.... فالأمة تصنع من خلال الأزمات وتتغير من داخلها وهذا التغير دليل على أن تفاعلاَ بدأ يدب في الجسم العربي.

لماذا تنزعج أميركا من التقارب العربي الإيراني؟ وما تأثير ذلك على الأمن القومي العربي؟
تشارك إيران الدول العربية في التحكم في مضيق هرمز بالخليج العربي والذي يعتبر واحدا من أهم الممرات المائية الطبيعية في العالم ويعد في ذات الوقت محورا هاما للأمن في منطقة الخليج العربي . وهو يشكل مع باب المندب وقناة السويس مثلث المضايق الاستراتيجي في المنطقة العربية وهو الأمر الذي يضيف بعداَ استراتيجيا للأمن القومي العربي بصفة عامة بالإضافة إلى ذلك توجد أبعادا تاريخية للعلاقات العربية الإيرانية وهناك تقارب عسكري واسع المجال وهذا ما يشكل قلقا للولايات المتحدة الأميركية والتي تتبع سياسة فرق تسد وتسعى لإحداث توترا في العلاقات العربية الإيرانية لضرب أي تكتلات ترى أميركا أنها ليست في مصالحها .