أمريكا تطالب الأمم بتنفيذ حقوق الإنسان وهي أول المخالفين

الرئيس جيمي كارتر يخرج عن صمته ويحذر بوش من مغبة الهجوم على العراق

عربيات: إيهاب سلطان

خرج الرئيس جمي كارتر الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية عن صمته والذي يعد واحداً من أهم الشخصيات السياسية الأمريكية المعنية بملف الشرق الأوسط والنزاع العربي الإسرائيلي حيث شهد عهده اتفاقية كامب ديفيد الأولى المبرمة بين مصر وإسرائيل… ليحذر إدارة الرئيس بوش من ضرب العراق في مقال له نشرته صحيفة واشنطن بوست تحت عنوان "الوجه الجديد المزعج لأمريكا" والذي خاطب فيه الأصوات العاقلة في الولايات المتحدة وانتقد فيها سياسة أمريكا ووصفها بعدم التزامها بحقوق الإنسان.

واعتبر جيمي كارتر التغييرات الأساسية التي حدثت في السياسات التاريخية للولايات المتحدة سببها تراجع سياسة البيت الأبيض عن التزامه بحقوق الإنسان ودوره العالمي والمحوري خاصة في عملية السلام بالشرق الأوسط والذي ظهر جليا في تجاهل الإدارة الحالية النقاش المثمر بين الإسرائيليين والفلسطينيين .

واستطرد كارتر قائلا لقد تطورت مجريات الأحداث بصورة سريعة بسبب ردود الأفعال الأسرع من قبل الرئيس جورج دبليو بوش والتي انتهت بمأساة 11سبتمبر / أيلول وكما يبدو فإن الآخرين خاصة المجموعة الرئيسية من المحافظين يطورون الأحداث بصورة عدائية في محاولة لتحقيق الطموحات طويلة المدى والمكبوتة منذ فترة طويلة والتي تتخذ غطاء الحرب المعلنة ضد الإرهاب ستاراَ لتتواري ورائها .

حتى أصبحت الولايات المتحدة الهدف الأول للمنظمات الإرهابية بعد أن كانت الرمز العالمي لحقوق الإنسان وهو ما جعلها تحظى باحترام المنظمات الدولية التي باتت اليوم قلقة بشأن المبادئ الأساسية للحياة الديموقراطية حيث تراجعت الولايات المتحدة بالتزاماتها تجاه حقوق الإنسان في حين تطالب الأمم الأخرى بالالتزام.. فقد أهملنا أو قبلنا إساءات الأمم التي تدعم الجهود المبذول في مكافحة الإرهاب كما اتبعت الإدارة الأمريكية سياسات تناهض حقوق الإنسان في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ أمريكا بلد الديموقراطية وهو ما يتضح في حجز مواطنين أمريكيين وسجنهم سراً ولمدة غير محددة بدون وجه حق وبدون توجيه اتهام واضح على جريمة ارتكبوها وهذه السياسة أدينت بالمحاكم الاتحادية لكن وزارة العدل الأمريكية تبدو مصرة على سجنهم رغم أن قضاياهم ما تزال مشكوك فيها.. نفس الحال يوجد عدد من جنود طالبان المأسورين تم سجنهم في خليج جوانتامو تحت ظروف قاسية والغريب أن وزير الدفاع الأمريكي أعلن بأنه لن يطلق سراحهم حتى لو تم محاكمتهم في يوما ما وأثبتوا برئاتهم وهذه السياسة شبيهه بسياسة الأنظمة الفاشية التي تم إدانتها من قبل الرؤساء الأمريكيين على مدار التاريخ .

وتعجب كارتر من تصريحات الرئيس بوش ونائبه والمسؤولين الكبار بالبيت الأبيض والتي تؤكد أن الولايات المتحدة تواجه تهديدا مدمراً من أسلحة الدمار الشامل ويتوعدوا كل صباح للرئيس العراقي صدام حسين بإزالته من الحكم مع تأييد الحلفاء أو عدم تأييدهم كما استطاع الإعلام الأمريكي أن يثير الذعر داخل الشارع الأمريكي من أسلحة الدمار الشامل ومن الرئيس صدام حسين رغم أن الحلفاء أكدوا بشدة وأيضا الزعماء المسؤولين في الإدارات السابقة بالبيت الأبيض أنه لا يوجد خطر حالي من صدام حسين على الولايات المتحدة.
 
كما تؤكد الجهات الحكومية المسئولة عن مراقبة التسلح بان هناك تفوق عسكري حاد وساحق بين الولايات المتحدة والنظام في بغداد ولا يوجد لدى صدام حسين أي تحرك عدائي ضد الولايات المتحدة أو جيرانه حتى أنه لم يكمل الاختبار ات الأولية للأسلحة النووية التي تعد التهديد الملموس لاستعمال أسلحة الدمار الشامل ضد أي جهة كما أن بغداد لا تملك تقنية متطورة لتساعد بها المنظمات الإرهابية ولكن الخوف كما يبدو من البيت البيض يكمن في استعمال أسلحة الدمار الشامل ضد إسرائيل أو قواتنا رداً على الهجوم الأمريكي على العراق .
ويضيف جيمي كارتر أنا لا أستطيع أن أطالب بإهمال تطوير الأسلحة النووية أو الحيوية أو الكيميائية لكن حرب أحادية الجانب مع العراق ليست الحل ولن تحقق الأمن المطلوب فهناك ضرورة ملحة لعمل الأمم المتحدة لإجبار عمليات التفتيش الدولي الغير مقيدة بشروط على العراق .

وأنا اختلف مع الرئيس بوش في عزل الحلفاء عن الملف العراقي لأنه اختيار غير مرغوب كما أن إهمالنا لمفاوضات الاتفاقيات الدولية والتزام الولايات المتحدة بتحقيقها كما هو الحال في رفض الاتفاقيات الدولية لحظر الأسلحة النووية أو اتفاقيات الأسلحة البيولوجية وأيضا الاتفاقيات الخاصة بحماية البيئة والاقتراحات التي طرحت ضد التعذيب وعقاب مجرمي الحرب والتي اندمجت مؤخرا تحت غطاء التهديدات الاقتصادية ضد الذين يختلفوا من سياستنا الخارجية أدى إلى عزل الولايات المتحدة عن الحلفاء والذي تزامن مع اتجاه الإدارة الأمريكية بعمل عسكري ضد العراق من جانب واحد بدلا من توفير أسلوب أمثل لاحتياجات الأمم في كفاحها ضد الإرهاب .

ومن ناحية أخرى وصف جيمي كارتر الوضع في الأراضي المحتلة الفلسطينية بأنه حالة صعبة للغاية حيث يرى أن الولايات المتحدة تراجعت عن التزاماتها المالي في المفاوضات الجوهرية بين الفلسطينيين والإسرائيليين وأصبحت سياستنا الظاهرة هي دعم كل عمل إسرائيلي في المناطق المحتلة وإدانة وعزل الفلسطينيين مستخدمين في ذلك غطاء الحرب ضد الإرهاب والذي اصبح المبرر الوحيد لأي موافقة أمريكية بينما المستوطنات الإسرائيلية تتوسع والمناطق الفلسطينية تنكمش والظروف الاقتصادية والمعنوية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني قاسية وصعبة للغاية .

وناشد الرئيس كارتر الإدارة الأمريكية الحالية بضرورة توضيح وتعريف سياستها تجاه الشرق الأوسط لتكون مفهومة بدلا من حالة التخبط التي تسيطر حاليا على الساحة السياسية خاصة في ظل التطورات الخطيرة في سياسة البيت البيض فقد أعلن الرئيس بوش والأمم المتحدة عدم التزامها في دعم مؤسسة دولة فلسطين ونفيت بصورة خطيرة جداً قيامها بأي جهود بنائه لحل القضية الفلسطينية كما جاء في تصريحات وزير الدفاع الذي تناسى قاعدة سياسية هامة أنه لن تقوم قائمة لأي كيان مصدره الاحتلال وهو ما كشفته السياسات الأمريكية المتغيرة منذ عام 1967 ودائما كانت قضية الشرق الأوسط تستند في حلها على انسحاب إسرائيل من المناطق المحتلة كشرط أساسي لإقامة سلام مع جيرانها .

ولكن للأسف والحديث للرئيس كارتر فهناك أصوات عدائية الآن تهيمن على واشنطن أدت إلى عدم اتخاذ قرارات نهائية حتى الآن من قبل الرئيس بوش ولا الكونجرس ولا حتى المحاكم والحل لابد من عودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى صوت العقل و التزاماتها التاريخية تجاه السلام والعدالة وحقوق الإنسان والبيئة والتعاون الدولي حتى يسود السلام والأمن في ربوع العالم.