علاقة الرجل (الأوتوبيس) بالمرأة (المحطة)

زواج مسيار وفريند لأسرة «بارت تايم»

رانية سليمان سلامة

12 إبريل 2006، تذكروا هذا التاريخ جيداً فقد نحتاج لبضع سنوات قبل أن نسترجعه ونحن نحلل ظاهرة انهيار نظام الأسرة في المجتمعات الإسلامية... ففي ذلك اليوم منح (مجمع الفقه الإسلامي) ترخيصاً مفتوحاً لزواج المسيار والزواج فريند.

وعلى تلك العين وذلك الرأس لايوجد نص شرعي يحرمهما كما أنهما صورياً يستوفيان شروط الزواج المكتوبة على الورق، إلا أنهما كلياً يلغيان كيان الأسرة في المجتمع ويتناقضان مع الحكمة من الزواج في الإسلام... ومعهما تنقلب قاعدة درء المفاسد لتقديم المصالح رأساً على عقب، ويصبح « فقه الواقع» استسلاماً للظواهر الخاطئة والمبتدعة التي طرأت على حياتنا بدلاً من أن يكون حلاً وعلاجاً لأخطاء الواقع بإسقاط أحكام الشريعة عليها لتقويمها.

- هل ياترى وضع المجلس على طاولة بحثه أسئلة مثل متى؟ ولماذا؟ وكيف تقبل المرأة بزواج المسيار؟... هل تمت دراسة ذلك لنعرف إن كانت المرأة حقاً تقدم تنازلها بملء إرادتها أم بسبب ضغوط اجتماعية ونظرة خاطئة تحاصرها؟.

- هل نضع بعين الاعتبار القياس على السيدة خديجة رضي الله عنها التي تزوجت معززة مكرمة في سن متقدمة من الرسول عليه الصلاة والسلام؟، وهل ننصف النساء بالقياس على حالة السيدة سودة بنت الأزمع التي لم يؤد تنازلها عن ليلتها إلى إسقاط اسمها من التاريخ الإسلامي خلافاً لزوجات تسقط أسماؤهن من دفتر العائلة؟.

- وأتساءل كيف سيستر رجل المسيار زوجته وهو رجل لا ظل له في حياتها ولا حائط تركه لترتكز عليه؟.

- لم يخبرنا أحد عن المرأة التي قد تحمل في أحشائها طفلاً بالحلال فتنتبذ وإياه مكاناً قصياً تنجب فيه وتربي (سر) رجل خفي شأنها شأن النساء الآثمات!!.

- ولم يخبرنا المجمع الذي أجاز (الزواج فريند) و(المسيار) عن ما سيترتب على هذا الزواج، وعن انعكاسات دور الأب (البارت تايم) على حياة أطفاله، بل اشترط أن لايشترط الزوج عدم الإنجاب، أما بعد أن ينجب فهو وضميره الذي أجاز له مسبقاً تمزيق الحقوق الشرعية لكتابة عقد الزواج!!.

- ولا أدري كيف ستكون نظرة الرجل (الأوتوبيس) للمرأة (المحطة) التي يتوقف عندها كلما دعته الحاجة خجلاً وجلاً وعاجزاً عن إشهار زواجه بها؟... ولا أعرف ماهو مدى احترامه للفريند (الكووول) التي لم يتكبد أحد عناء تعريب صفتها الجديدة في حياة الرجل العصري لنكتشف أنها اتخاذ الأخدان ولكن في صيغة مستحدثة؟!.

- وأولئك الذين يتزوجون (فرنداً) لم نعرف هل هي طالبة نجيبة ابنة أسرة مسلمة كريمة ارتضى أهلها أن تتزوج (فرندها) لتستذكر دروسها معه وفقاً للشريعة؟!! أم أنها ابنة ذلك البلد التي سيحصن نفسه معها ثم يعود إلينا بها؟ أم أن الحكمة من (تفرنده) معها قد تنتفي تلقائياً - دون أن يبيتها - فيتركها لتشتعل المحاكم الغربية بفضائح طلابنا وترمي الصحافة المتوثبة سهامها إلى الشريعة الإسلامية مستشهدة بتلك الإجازة المفتوحة للزواج (فرند)؟!

- لم يخبرنا أحد كيف تمت تجزئة مفاهيم الزواج لتتراجع أسهم الشراكة من أجل بناء الأسرة المسلمة و إعمار الأرض أمام ارتفاع أسهم التحصين من الفتن والشهوات التي يفترض أن الوازع الديني كفيل بترويضها بينما لاشيء يعوض الخلل في نظام الأسرة.

- لم نكن نتمنى أن تصبح أحداث الأفلام العربية المأساوية واقعاً في مجتمعاتنا، وفي المدرسة يكتشف طالبان أنهما شقيقان من أب واحد أحدهما ابن المُسيَّرة... أو فيلماً هندياً يمتطي فيه شاب صهوة الدباب مسرعاً فيقع أمامه أحدهم صريعاً وفي المستشفى يكتشف أنه شقيقه من زواج الصداقة... أو تتحول حياة الزوجات إلى نشيد بكائي كئيب ينادي (سيّر عليّ بس امسح دموعي وروح).

لسذاجتي كتبت العام الماضي عن زواج المسيار متأملة أن يتم النظر في المفاسد الاجتماعية التي يخلفها وراءه ومترقبة أن يصدر تحريماً يدرأ المفاسد لتتقدم المصالح، أما وقد حسم المجمع الفقهي أمر هذا الزواج فنقول على استحياء وبتقدير لعلماء الأمة: هل من تقنين أو ضوابط نؤطر بها مستقبل الأسرة المسلمة قبل أن تخرج الصورة عن حدود الإطار؟


رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية

[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ