ضرورة الاستفادة من البحث العلمي

موقعنا من الاتجاه العالمي للتعليم

رانية سليمان سلامة

لماذا تتعلم، ولماذا تود أن تنجح، وكيف؟... أسئلة أتمنى أن نوجهها للطلاب والطالبات في مراحل الدراسة المختلفة لعلنا ندرك الخلل قبل أن نقترح الحلول... فهناك ضرورة لتغيير مفهوم التعليم لدى الطالب خاصة أن المفهوم السائد هو أنك تدخل للمدرسة والجامعة لتحفظ -أو في أفضل الأحوال لتفهم المقررات- حتى تحصل على شهادة، أو بمعنى آخر نجاحك الدراسي محصور في المقرر المفروض عليك، وبناء عليه لدينا (طلاب آليون) بوسعنا أن ننافس بهم اختراع (الرجل الآلي) المبرمج، غير أن المفهوم الصحيح هو أن يرتكز الطالب على المناهج كأساس ينطلق منه نحو مساحات تفكير واستنتاج واستنباط وابتكار لن ينجح إلا بها فيضطر إلى تطوير نفسه مع السعي إلى الإضافة للعلوم التي يدرسها بدلاً من أن يكون عدداً مضافاً إلى قائمة الحافظين لها.

ذلك المفهوم الخاطئ عن التعليم والنجاح وأدواته تنتقل مخرجاته إلى سوق العمل وهو الذي يفرز نموذج (الموظف الآلي) الذي يعمل وفقاً لروتين محدد لايستطيع – ولايملك – القدرة على الخروج منه... وهو الذي يجعله كالمصاب بالشلل ما لم يتلق توجيهاً وتلقيناً مباشراً لدوره في العمل أو حتى في المجتمع.

تلك مقدمة لابد منها قبل نشر رسالتين الأولى وصلتني من مبتعث سعودي يقول فيها: «خبر صغير على الهامش نشر في صحيفة سعودية واحدة يفيد بأن قراراً في غاية الأهمية صدر –أو سيصدر- من وزارة التعليم العالي لإلزام المبتعث بنشر ورقتين علميتين في مجلات علمية قبل الاعتراف بشهادته العليا... مصدر استغرابي هو تهميش الخبر!! وسبب أهميته هو أننا بهذه الخطوة سنسجل أخيراً حضوراً واسعاً في المجلات العلمية كما سنوثق إضافة علمية دولية باسم المبتعثين ووطنهم، وكم أتمنى أن يشمل هذا الشرط المبتعثين للخارج والملتحقين ببرامج الدراسات العليا في الداخل على أن يضاف إليه شرط آخر وهو أن تكون المجلات العلمية موثوقاً بها وفقاً للمقاييس العالمية وأن تكون المجلة مدرجة ضمنCitation index ومصنفة في مرتبة مرتفعة وفقاً لعامل التأثير أو معيار Impact Factor الخاص بتقييم المجلات العلمية حتى لاينشرها الباحث في مجلة (ميكي ماوس) ويكتفي بكونها عالمية دون النظر إلى مكانتها في الحقل العلمي فنخرج من التجربة بلا استفادة... البحث العلمي اليوم هو الأهم وأتمنى أن يحظى بالقدر الأكبر من ميزانية التعليم العالي، وأذكر لكم واقعة بسيطة جرت في الجامعة البريطانية التي أدرس بها حيث ترشح أستاذان لمنصب نائب عميد كلية العلوم الصحية الأول مهتم بطرق التدريس والبرامج التعليمية والثاني يعتقد أن التدريس والبرامج التعليمية لاتعكس بالضرورة قوة الكلية ولكن المهم هو مدى مساهمتها في البحث العلمي، وقد فاز الثاني بالمنصب وقاد الكلية لإنجازات كبيرة وهو يحتل الآن منصب العميد... مايجعلني أسرد تلك القصة هو التركيز المحلي على تطوير الجامعات من خلال البرامج التعليمية والمناهج ولعل هذه الأمور لها أهميتها في المدارس الابتدائية حيث يقدم المعلم الدرس الذي حفظه من الكتاب المقرر ويغادر، أما في الجامعات المحلية فغالباً نجد الأساتذة يتجنبون البحث العلمي لأنه يتطلب مجهوداً مضاعفاً ويحتاج إلى متابعة مستجدات التخصص وهذه من وجهة نظري مشكلة تستحق وضعها على رأس قائمة الأولويات لمعالجتها ورفع مستوى جامعاتنا ومخرجاتها بالإيمان بالبحث العلمي أولاً وتبنيه ثانياً حتى نجني العائد على المستوى المحلي والعالمي... لنا أن نتخيل العائد لو أن كل مبتعث سعودي قدم ورقتين علميتين على قدر من الأهمية في مجلات دولية معروفة، فلايعقل أن تظل حكومتنا تنفق مبالغ ضخمة على التعليم والابتعاث دون أن تفرض على المبتعث تحقيق تميز يحسب له ولوطنه... ولنا أن نتخيل موقع جامعاتنا السعودية الجديد على خارطة أفضل الجامعات لو أنها بدأت تعتمد على البحث العلمي وتراعي معاييره وتسعى لنشر أوراقها في مجلات علمية لتشارك في إضافة استنتاجات هامة لها وللعالم».

الرسالة الثانية من القارئة أمل المشرافي تقول: «في بحث أجرته الأستاذة صبرية الأحمدي بجامعة طيبة كجزء من رسالة الماجستير ذكرت أن هناك دراسات تثبت أنه بالإمكان القضاء على بعوض (الأيديس) المسبب لحمى الضنك بواسطة استخدام (نبات العشر) وهو نبات طبيعي موجود بكثرة في المملكة حتى أنني أراه في ساحات الجامعة، والمادة اللبنية الموجودة فيه بمعالجة بسيطة غير مكلفة تقنياً ولامادياً – وفقاً للأستاذة صبرية - كفيلة بالقضاء على البعوض المسبب لحمى الضنك... والآن، النبات موجود، والمعامل موجودة، والبحث موجود، فما الذي يمنع الاستفادة منه؟».

لا أملك الإجابة بالتأكيد غير أن أنني سأضيف إلى ضرورة اعتماد البحث العلمي، حتمية الاستفادة منه وإلا لاداعي لإجرائه بغرض التخزين!!.


رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]

المصدر: صحيفة عكاظ