أدرس شخصية الإنسان قبل أن أرسمه أو أقوم بتنفيذ مجسم له

الفنانة نجلاء عاصم

عربيات- لندن- رانية سلامة
صور وفيديو

 

الفنانة ( نجلاء مدحت عاصم ) فنانة من طراز خاص ... تدخل إلى أعماقك لتبحر بداخلك وتستخرج كنوز الشخصية ثم تصيغها في أعمالها التي تسعى من خلالها إلى ابراز  الروح ولا تكتفي بنقل صورة جامدة ... الإحساس يطغى على تفكيرها فيرسم الإبداع بأجمل صوره .... وقد لا نستغرب عندما نعلم أنها

 

تشربت الفن من والدها الموسيقار ( مدحت عاصم ) وانطلقت من حيث انتهى ... في مجال قد يبدو مختلفاً للوهلة الأولى ، ولكن عندما نتعرف على أعمال كل منهما ندرك أن المجال اختلف بمسماه واجتمع تحت صفة واحدة هي ( الإبداع ) ...

من وحي مدحت عاصم بدأت احتراف الفن

الفنانة ( نجلاء مدحت عاصم ) كيف تأثرت بمسيرة والدك الموسيقار ( مدحت عاصم ) رحمه الله؟

نشأت في بيئة فنية خالصة ففن الوالد ونجاحاته المتالية كانت وراء عشقي للفنون بجميع أشكالها فقد كان موسيقاراً فريداً وكان يعقد في منزلنا ندوات فنية يحضرها أهم فناني العصر وكنت أتابعها بشغف حتى تشربت بعشق روح الفن الراقي وتعلمت كيف أتذوق معانيه التي تضفي على الحياة لمسات إبداعية تزيدها جمالاً وتألقاً..

 

متى بدأت موهبتك الفنية الخاصة في الظهور؟

 كان لدي ميول إلى ممارسة فنون التصوير والرسم و للتشكيل منذ الصغر حيث كنت أحب اللعب بالمواد اللينة وأحاول تشكيل الطين لعمل أشكال مختلفة من قصور وقطط وطيور .... إلى أن بدأت أمارس الرسم والتشكيل كهواية  وحصلت أثناء دراستي الثانوية على الجائزة الأولى في الخزف بتقييم لجنة تحكيم ألمانية جاءت بهذا الخصوص ....

 

ماهي نقطة التحول التي اتطلقت منها نحو الإحتراف؟

 بدايتي الحقيقية في كانت في يوم وفاة والدي حين شعرت بحزن عظيم ولم أشعر بنفسي إلا وأنا أمسك بين يدي بالطين وأبكي بحرقة والطين يتشكل بين يدي إلى أن سمعت صوت أختي يقول ( توقفي لقد وصلت لصورة والدي رحمه الله ) وكان أول مجسم أقوم به والأغلى على قلبي .... ومن هنا بدأت طريق الإحتراف .... وكنت أقيم في كل عام في ذكرى وفاة والدي معرض يحمل اسم ( من وحي مدحت عاصم ).

                                                                                            
ماهي الخطوات التي يمر بها عملك على مجسمات البرونز؟

أولاً أقوم برسم اسكتشات كثيرة للصورة التي يعتمد على العمل واستمر بالرسم إلى أن أقع في حالة ( حب ) مع أحد الإسكتشات وأقرر الإعتماد عليها .... ثم تأتي مرحلة العمل على ( الطين ) حيث أعمل على تشكيله كما أرغب .... بعدها الشمع الذي يسمح لي أيضاً بتعديل ملامح الشكل قبل أن تأخذ الشكل النهائي ويتم تليينه بالنار كلما احتجت إلى تعديل جزء منه.... وأخيراً أقوم بصب البرونز على الشمع للحصول على الشكل النهائي للعمل....

 

 

أميل للواقعية وبخيالي الخصب أمزجها بالتعبيرية

لاحظنا أن معظم أعمالك تعكس ميلك إلى فن ( البورتريه ) سواءًا في النحت أو الرسم فهل نستطيع أن نقول أنك تنتمين للمدرسة الواقعية؟

أنا أميل للمدرسة الواقعية وأمزجها بالتعبيرية بإستخدام الخيال الخصب والإعتماد على الأحاسيس العميقة في كل عمل أقدمه ... ولي أيضاً بعض الأعمال التجريدية التي أحاول تقديمها من وقت إلى آخر.... لكني أفضل الكلاسيكية ومن وجهة نظري الفنان يجب أن يبدأ من الأساس ويتعلم الأصعب ويتقنه ثم يبدأ بطرق مختلف الأبواب الفنية.

 

هل تأثرت موهبتك بفنان عالمي في مجال النحت؟

يعجبني في مجال النحت الفنان العالمي ( رودان ) وأتابع مشوار كل فنان يقدم فن جميل لكن أحاول أن تكون لي شخصيتي المتميزة في أعمالي دائماً.

 

ذكرت أنك تقومين برسم ( اسكتشات ) عديدة قبل الشروع  بنحت مجسم لشخصية ما ، فما هي الخلفية التي يجب أن تتكون لديك قبل رسم هذه السكتشات عن صاحب المجسم؟

في الحقيقة أفضل الجلوس مع صاحب المجسم ودراسة شخصيته والتعرف إليها عن قرب لأتمكن من معرفة التعبير الذي يطغى على صورته من خلال الحديث معه ... فتتكون له صورة خاصة بداخلي قبل أن أرسمها على الورق أو أشكلها بالنحت ... وهذا هو السر وراء خروج العمل بشكل نهائي متميز وقريب من واقع الإنسان.

 

هل جميع أعمالك في النحت لصور واقعية أم أنك تستخدمين خيالك لرسم صور لأشخاص لم يسبق لك التعرف عليهم؟

أغلب أعمالي لشخصيات أعرفها ولدي خلفية كافية عنها ... لكن في بعض الأحيان أستخدم خيالي وأبحر به لرسم صور مختلفة وأشعر في ذلك بمساحة أكبر وحرية للإبداع دون التقيد بخطوط محددة لصورة شخصية أعرفها والتزم بخطوطها.

مجسم زوجي هو العمل الذي لانهاية له

 

المعاناة رفيقة الإبداع ، فماهو أكثر عمل شعرت بالمعاناة أثناء تنفيذه؟ وماهو العمل الفني الذي عجزت عن تنفيذه حتى الآن؟

 أكثر عمل شعرت بالمعاناة أثناء تنفيذه هو مجسم والدي رحمه الله لأنه تزامن مع وفاته....أما العمل الذي عجزت عن الإنتهاء منه وليس تنفيذه هو مجسم زوجي ، وذلك لأنني في كل مرة أشعر أنه من الممكن أن يكون أفضل وأنني يجب أن أعطيه أكثر ليظهر بالصورة التي يستحقها ولذلك حتى الآن لايزال في مرحلة الشمع ولا أزال أعدل عليه في كل مرة ألمسه فيها حتى أقتنع بصورته النهائية 
                                                                               


من الملاحظ أنك أنجزت بعض المجسمات التي ترمز لصور المشاهير فماهو عملك القادم في هذا المجال؟

أتمنى أن يكون مجسمي القادم للفنانة الراحلة ( أم كلثوم ) حيث أنني أشعر أن جميع الأعمال المشابهة التي سبق نحتها لها ليست بالمستوى المطلوب.

 

شوقي إلى وطني دفعني لدراسة تاريخه وتجسيد حضارته من خلال أعمالي

قضيتِ في بريطانيا سنوات عديدة من حياتك ، فهل وجدت إهتمام مختلف بالفن في الخارج؟ وهل هناك اهتمام خاص من الجاليات العربية لدعم هذا المجال؟

أقمت عدد من المعارض في بريطانيا وأيطاليا وكان الإقبال كبير جداً لكنني أحزن عندما أرى أوروبا تبدع أكثر في مجال الفن بالرغم من أنهم أقتبسوا جميع الفنون والحضارات منا، أما الجاليات العربية فهي تهتم بالإبداع وأتمنى أن نتمكن من عمل ندوات ومعارض دائمة لإبراز إبداعاتنا ودعم بعضنا البعض في مختلف المجالات ونحن في الغربة.

 

 

كيف تعبرين عن شوقك للوطن من خلال أعمالك؟

 

أنا في حالة شوق دائم لوطني الحبيب ( مصر ) ولا أنقطع عن زيارته وعشقه الذي ينعكس من خلال أعمالي واعتكافي أنا وزوجي على دراسة تاريخه وحضارته القديمة ولذلك لي أعمال عديدة لتجسيد هذا التاريخ بالرسم أو النحت وآخر لوحاتي هي لـ ( اخناتون ) وهو أول الفراعنة الذين دعوا إلى توحيد الله وقال أن الإله ليس الشمس.

                                 لمشاهدة أعمال الفنانة نجلاء عاصم اضغط هنا