د. عبد الله بن صالح العبيد وزير التربية والتعليم

نصف مليون عربي يتعاطون الأفيون بالحقن الوبائي

عربيات : القاهرة - إيهاب سلطان
صور وفيديو

تسعى الدول العربية إلى محاربة الإدمان وتجارة المخدرات التي بلغت مستويات خطيرة في العالم العربي، وأصبحت تهدد الأحلام والطموحات العربية، حيث احتضنت القاهرة المؤتمر العربي رفيع المستوى لحماية النشء من المخدرات في الفترة من 12-14 يونيو/ حزيران الجاري، والذي حظي بحضور كبير من الدول العربية التي رفعت جميعها  شعار" معا لحماية النشء من المخدرات".... فلا تكاد توجد دولة واحدة إلا وتعاني من مخاطر هذه الآفة الخطيرة، وجميع دول العالم مستهدفة من عصابات الاتجار في المخدرات والتي تعاظمت سطوتها، وتضخمت أرباحها، وأصبحت تتعامل مع مختلف بقاع الأرض على أنها سوق مفتوحة، ومناطق مستهدفة.

كما أن الإرهاب والمخدرات هما العدو الأول الذي يؤرق العالم في الوقت الراهن، ولا شك أن هناك علاقة وطيدة بين الخطرين، فالمخدرات تمول من الإرهاب، كما أن المخدرات  تزدهر في ظل انتشار الإرهاب.


وتشير التقارير الأمنية إلى أن حجم  تجارة المخدرات تتجاوز 500 مليار دولار في السنة الواحدة، ويبلغ ضحاياها ما يقارب 7% من حجم سكان الكرة الأرضية، ويتحالف من أجل ازدهارها أباطرة المال والأعمال، فتتشابك  المصالح، وتتكامل الدوائر ليتداخل الفساد، والنفوذ والعنف، والاستغلال والدمار.


كما تشير تقارير الأمم المتحدة الأخيرة حول وضع المخدرات في العالم إلى تزايد ملحوظ في عدد المتعاطين بالعالم، فقد سجل تقرير الأمم المتحدة العام الماضي ما يفيد بأن 185 مليون متعاط بزيادة قدرها خمسة ملايين عن التقرير السابق ـ 2003 ـ، وهذه النسبة تمثل 30% من إجمالي سكان العالم، ووصل عدد متعاطي الأفيونات وهي من المخدرات الأكثر خطورة 15 مليون متعاط منهم 9 ملايين يتعاطون الهيروين سواء بالشم أو بالحقن الوبائي، ونجد أن عدد المدمنين الذين يستعملون أسلوب الحقن للتعاطي حوالي 13 مليون مدمنا منهم نصف مليون مدمن بالمنطقة العربية.


وقد قال الدكتور عبد الله بن صالح العبيد وزير التربية والتعليم بالمملكة العربية السعودية في كلمته التي ألقاها في افتتاح المؤتمر باسم رؤساء الوفود الرسمية المشاركة: " النشء مستقبل الأمم، وحملة رسالتها، والمدافعين عن قيمها. وعندما يتم استهدافهم بأخطر الآفات وأسوء الأدوات فان الأمر خطير. ويستدعى من الجميع حن الاهتمام".


وأضاف : " مما لا شك فيه أن الشباب هم الأقدر بعد توفيق الله عز وجل على المواجهة مع هذا العدو الشرس الذي يقوم على محاربة القيم والصحة والحياة ويتنافى مع ما كرم الله به الإنسان، حيث خلقه في أحسن تقويم، وكرمه على سائر الخلق أجمعين.و لقد جاءت الأديان لحماية وتحقيق الإيمان  وتكريس معاني الخير في الإنسان، وجاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لحفظ حقوق الإنسان، وكرامته، وجاء في إطار هذا الإعلان الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الطفل التي تناولت حق التعليم وحق الصحة وحق الحياة وحق الحماية من تعاطي المخدرات ومن استغلاله في تصنيعها والاتجار بها، وفي هذا الإطار كذلك تحركت الأمم والشعوب والقيادات الفكرية والسياسية لحماية أبنائها".


وعن أسباب هروب النشء إلى المخدرات،  يرى د. عبد الله بن صالح العبيد أن الأسباب عديدة منها ضعف الوازع الديني والتفكك الأسري والاجتماعي اللذان يولدان الإحباط وروح الانتقام لدى الأبناء بما يؤدي إلى استخدام المخدرات للهروب من الحياة. بالإضافة إلى الرفقة السيئة مع بعض الأقران.


وأضاف أننا نتطلع كعرب إلى تبادل الخبرات والتعاون لحماية الأجيال من خلال تحديد المشكلات ووضع الحلول المناسبة لها، ولعل تفكك الأسرة والمواقف السلبية من متطلبات الحياة وفقدان القدرات المهنية على مواجهة المسؤوليات، وكذلك فقدان الحوار الفاعل وأدوات التفاعل الواعية بين الشباب والمتعاملين معهم من المعلمين وأولياء الأمور وغيرهم. لعل كل ذلك يقف على رأس الأسباب التي تؤدي بالنشء إلى الهروب إلى المخدرات تعاطيا وإدمانا وتصنيعا ومتاجرة.


كما تقع المسئولية في مواجهة ذلك على عاتق التعليم الذي ينبغي أن يركز على بناء الفرد والأسرة وتعزيز القيم الدينية والوطنية والمسئولية الفردية والجماعية وبخاصة في المراحل الأولى من حياة الطفل وحتى سن البلوغ حيث تمثل هذه المرحلة أخطر مراحل الحياة من بناء وإعداد وتوجيه يشترك فيها البيت والمدرسة وجميع وسائل التوعية والتوجيه وثقافة وإعلام وآمال وأحلام.
 
أوضح د. عبد الله أن الإسلام حرم كل ما يغيب العقل ويعطل مهامهن قال الله تعالى ( إنما الخمر والميسر والأنصاب و الازلام رجس من عمل الشيطان اجتنبوه لعلكم تفلحون)، وقال تعالى" ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة و احسنوا إن الله يحب المحسنين" وقال " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما" وقال صلى الله عليه وسلم 0 ما اسكر كثيرة فقليله حرام) واتفق علماء المسلمين على حرمة المخدرات من حيث الاتجار بها أو الترويج لها أو تعاطيها، واعتبروها ذنبا يستحق مرتكبها العقاب في الدنيا والآخرة. وفي ضوء هذه المعطيات حاربت المملكة العربية السعودية هذه الآفة المدمرة بلا هوادة وقد وضعت أشد العقوبات واساها على من يهرب المخدرات أو يروجها أو يتاجر بها حماية وصيانة لأعراض الناس وحياتهم وكرامتهم.


كما كونت العديد من الأجهزة لمكافحة المخدرات من خلال وزارة الداخلية ممثلة في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات وفروعها ووزارة  الصحة من خلال مستشفيات الأمل ومستشفيات الصحة النفسية. وتقوم اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات بدور جلي في التوعية والتوجيه والتدريب بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة كوزارات التربية والتعليم والثقافة والإعلام والرئاسة العامة لرعاية الشباب وغيرها.


وعن دور وزارة التربية والتعليم في هذا المجال، قال الوزير د.عبد الله بن صالح العبيد " أن الوزارة بذلت في هذا المجال جهدها من خلال توجيه الطلاب وإرشادهم ورعايتهم صحيا ونفسيا واجتماعيا، ويتم ذلك من خلال مشاركة الوزارة في عضوية العديد من اللجان المختصة بهذا الغرض، والإسهام في تدريب المشرفين والمعلمين والمرشدين الطلابيين على القيام بدورهم في رعاية الطلاب ووقايتهم من هذه الآفة، وتطبيق برنامج إرشادي تربوي للتوعية بأضرار المخدرات لطلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية في كل عام دراسي يستمر من بداية العام إلى نهايته يشتمل على العديد من أنواع النشاط المختلفة مثل الندوات والمحاضرات واللقاءات الفردية والجماعية، وتضمين بعض المناهج الدراسية موضوعات عن التوعية بأضرارها كمواد التربية الإسلامية والإنشاء والتربية الفنية والتربية الوطنية، ومن خلال زيارات أطباء الوحدات الصحية والمدرسية للعديد من المدارس للكشف عن الطلاب، فضلا عن فتح قنوات الاتصال بالأسر وأولياء أمور الطلاب، وإيجاد علاقة متوازنة بين المدرسة والبيت، وعن طريق البرامج الخاصة لمنظومة العمل المدرسي للحفاظ على أبنائنا الطلاب والعمل على وقايتهم من شرور المخدرات والوقوع في براثنها من خلال تمثيل القدوة الحسنة والمثل الأعلى وغرس المثل الأخلاقية التي تمثل ركائز رئيسيه وأساسية في الوقاية من آفة المخدرات.


وعن رؤيته في مكافحة المخدرات قال الوزير " أن الجهود يجب أن تصب في بوتقة واحدة تستهدف جميعها مكافحة المخدرات بجميع أنواعها ومسمياتها سعيا لاستئصال شأفتها من مجتمعنا الآمن ولن نستطيع القيام بذلك دون أن نسهم في مجال البحث العلمي من خلال إجراء البحوث والدراسات العلمية في هذا المجال والتوسع في إنشاء المستشفيات المتخصصة لمعالجة الإدمان وتزويدها بالعديد من المختصين كالأخصائيين النفسيين والاجتماعيين وأطباء الصحة النفسية، وسن القوانين والتشريعات في الكشف الطبي لعينات من أفراد المجتمع من الموظفين والطلاب وغيرهم بما يسهل من إجراءات الرعاية والوقاية والعلاج لهذه الآفة الخطيرة.


ولكن الأهم من ذلك – والحديث للدكتور عبد الله بن صالح العبيد وزير التربية والتعليم بالمملكة - هو الوقاية التي تتمثل في توجيه الوالدين وقيام المدرسة والمعلم وأجهزة الإعلام بمهمتها التربوية على الوجه المطلوب في توجيه النشء الوجيه الصحيح الذي يجنب الوقوع في مزالق المخدرات وكذلك وضع الخطط الفعالة والمتابعة الدائمة للمعالجة.


وأضاف أن الأمل هو في التعاون التام من الجميع في هذا المجال الذي يطال جميع أفراد المجتمع فضلا عن مؤسساته الاجتماعية والاقتصادية، ولعل ذلك ما هدفت إليه الإستراتيجية القومية لحماية النشء من المخدرات التي تعرضها جمهورية مصر العربية على هذا المؤتمر والتي نرجو أن تنال من الجميع ما تستحق من النظر والدراسة وتبني ما تحمله من معالجات تعتمد على التخطيط والتقييم والمتابعة الجادة.