يشمل انشاء " هيئة للسوق المالية " وسوق للأوراق المالية (بورصة)

اصدار نظام شامل ومتكامل للسوق المالية السعودية

وافق مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها بتاريخ  16/4/1424هـ  على إصدار " نظام السوق المالية " الذي يعتبر نقلة نوعية هامة في تاريخ السوق المالية السعودية . ويهدف هذا النظام إلى إعادة هيكلة سوق رأس المال بالمملكة على أسس جديدة متطورة من شأنها تعزيز الثقة والجاذبية لهذا السوق بما يضمن توفير مزيد من الإفصاح والشفافية والحماية والعدالة في التعامل للمتعاملين .

وأهم ما يميز الهيكلة الجديدة للسوق المالية اشتمالها على المكونات والعناصر التالية:

أولاً: إصدار نظام السوق المالية

ومن خلال هذا النظام سيتوفر لاول مرة مظلة ومرجعية نظامية متكاملة للسوق تشمل أهم المبادئ والأسس والنصوص التي تغطي كافة الجوانب المتعلقة بالسوق من حيث تحديد الهياكل والمؤسسات الإشرافية والرقابية والتشغيلية للسوق وتحديد الصلاحيات والمهام الموكلة لهما ، وكذلك اهتمام النظام من خلال نصوص واضحة بجوانب الإفصاح ونشر المعلومات سواء تعلق الأمر بالسوق الأولي للإصدارات أو بالسوق الثانوي (التداول) بالإضافة إلى نصوص واضحة للحد من استغلال المعلومات والإشاعات بالإضافة إلى عقوبات وأحكام جزائية محددة وذلك من أجل سلامة التعامل والعدالة في السوق .

ثانياً: تحديد دور ومهام المؤسسات الإشرافية والرقابية والتشغيلية الجديدة للسوق المالية ، وفصل الدور الرقابي والإشرافي عن الدور التنفيذي والتشغيلي لها: من خلال " نظام السوق المالية " فقد تم فصل الدور الرقابي والإشرافي للسوق المالية عن الدور التنفيذي والتشغيلي لها وذلك من خلال إنشاء مؤسسات جديدة للسوق تتمثل في الآتي :

1- هيئة السوق المالية : وهي الهيئة الرقابية والإشرافية المنظمة والمشرفة على السوق ، وهذه الهيئة لها استقلال مالي وإداري وترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء، وقد منح النظام الهيئة الصلاحيات الواسعة واللازمة لأداء مهامها ووظائفها والقيام بدورها كاملاً من أجل تنظيم وتطوير السوق المالية وإصدار اللوائح والقواعد والتعليمات اللازمة لتطبيق أحكام النظام من أجل توفير المناخ الملائم لتحقيق موثوقية وعدالة وكفاءة إصدار الأوراق المالية وتوفير العدالة والإفصاح الكامل في الشركات المساهمة وحماية المستثمرين والمتعاملين بالأوراق المالية .

وقد خصص النظام فصلاً كاملاً للإحكام المتعلقة بهيئة السوق المالية وإنشائها وصلاحياتها ومهامها ، ومن بين المهام التي ستقوم الهيئة بها على سبيل المثال لا الحصر : تنظيم وتطوير السوق المالية ، وتنظيم ومراقبة إصدار الأوراق المالية والتعامل بها ، وتنظيم ومراقبة أعمال ونشاطات الجهات الخاضعة لرقابة الهيئة وإشرافها ، وحماية المواطنين والمستثمرين في الأوراق المالية من الممارسات غير العادلة ، وتنظيم ومراقبة الإفصاح وتعامل الاشخاص المطلعين ، وكذلك الموافقة على إدراج أو تعليق إدراج أي ورقة مالية متداولة في السوق ، ووضع الحدود العليا أو الدنيا للعمولات التي يتقاضاها الوسطاء ، وكذلك وضع المعايير والشروط الواجب توفرها في مدققي الحسابات ، وتحديد محتويات القوائم المالية السنوية الدورية والتقارير والمعلومات التي يجب أن تقدمها الجهات المصدرة للأوراق المالية ، وكذلك منح التراخيص لشركات الوساطة في السوق .

وقد بين النظام أن لهيئة السوق المالية مجلس يتألف من خمسة أعضاء متفرغين من ذوي الخبرة والإختصاص ، ويتم تعيينهم بأمر ملكي  لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة .

2 – إنشاء سوق تسمى " السوق المالية " تناط بها المهام التنفيذية والتشغيلية للسوق وتكون صفتها النظامية كشركة مساهمة، وتكون هي الجهة الوحيدة المصرح لها بمزاولة العمل كسوق رسمية لتداول الأوراق المالية في المملكة . وقد أفرد النظام المقترح فصلاً خاصاً عن " السوق المالية " وأهدافها التي تشمل العمل على توفير الموثوقية والعدالة والكفاءة في التداول وشفافية متطلبات الإدراج ، وأنظمة التداول وآلياته الفنية، ونظم معلومات الأوراق المالية المدرجة في السوق ، وتوفير أنظمة وإجراءات سليمة وسريعة وعلى مستوىً عالٍ من الكفاءة للتسويات والمقاصة ، وإنشاء وتطبيق معايير مهنية لوسطاء السوق ووكلائهم ، والتحقق من قوة ومتانة الأوضاع المالية لهم . وقد حدد هذا الفصل كيفية تشكيل مجلس إدارة السوق والجهات الممثلة فيه من القطاعين الحكومي والخاص .

وقد بين الفصل المتعلق بالسوق المالية أن لمجلس إدارة السوق وضع اللوائح الداخلية والتعليمات اللازمة لحماية المستثمرين والعمل على توفير العدالة والكفاءة والشفافية لشؤون السوق المتعلقة بالإدراج ونشر المعلومات ووضع حد أدنى لرؤوس أموال شركات الوساطة وشروط العضوية وتسوية المنازعات ، ووضع معايير السلوك المهني التي تطبق على أعضاء السوق وموظفيهم .

3 – إنشاء " لجنة للفصل في منازعات الأوراق المالية " تتكون من لجنة تحقيق وفصل ولجنة استئناف تتكون من مستشارين قانونيين يتمتعون بالخبرة في فقه المعاملات والقانون وفي الأمور التجارية والمالية والأوراق المالية ، وتتمتع هذه اللجنة باختصاص النظر والفصل في كافة الدعاوى والمنازعات والمخالفات التي تتعلق بالأوراق المالية والتي تقع ضمن أحكام النظام واللوائح والقواعد والتعليمات الصادرة عن الهيئة والسوق في الحق العام والخاص .

4 – إنشاء إدارة ضمن السوق تسمى " مركز إيداع الأوراق المالية " تختص بالقيام بكافة عمليات إيداع ونقل وتسوية ومقاصة وتسجيل الأوراق المالية المتداولة في السوق . ويكون المركز هو الجهة الوحيدة في المملكة المصرح لها بمزاولـة هذا العمل . وبين الفصل المتعلق بهذا الجانب من النظام الأمور الرئيسية التي تتعلق بهذا المركز وأهدافه وأعماله ، كما نص على أن القيود المدونة في سجلات المركز تعتبر دليلاً وإثباتاً قاطعاً على ملكية الأوراق المالية المبينة فيها ، وكذلك الوثائق الصادرة عنه .

5 – ومن بين الفصول الهامة التي تناولها النظام موضوع " تنظيم الوسطاء " والتراخيص لهم حيث نص على أنه لايجوز لأي شخص ممارسة عمل الوساطة ما لم يكن حاصلاً على ترخيص ساري المفعول من قبل الهيئة . وقد أعطى النظام السوق المالية صلاحية وضع المتطلبات والشروط التي ينبغي أن يستوفيها أي شخص يتم الترخيص له كوسيط أو وكيل للوسيط ، وكذلك وضع معايير تتعلق بكفاءة المتقدم ومتطلبات الحد الأدنى لرأس المال التي ينبغي على طالب الترخيص استيفاءها باستمرار . كما بين هذا الفصل العقوبات التي تنطبق على الوسطاء ووكلاء الوسطاء في حال مخالفاتهم للنظام واللوائح الداخلية للسوق والشـــروط المطبقة عليهم .

6 – أفرد النظام فصلاً خاصاً بـ " صناديق الإستثمار وبرامج الإستثمار الجماعي " وقد نص النظام في هذا الجانب على استمرار العمل بقواعد تنظيم صناديق الإستثمار الحالية وذلك إلى حين تولي مجلس الهيئة بعد ذلك مهمة تنظيم صناديق الإستثمار والإشراف عليها ، بما في ذلك وضع القواعد واللوائح التي تتعلق بشروط ومتطلبات ترخيص صناديق الإستثمار ، وإعداد التقارير المالية ومتطلبات السيولة، وحدود المخاطر، وإجراءات الحفظ والإيداع، والعمولات وأسعار الوحدات وتقييمها .

7 – كما اعتنى النظام بأهمية الإفصاح والشفافية في السوق المالية وتوفير البيانات، فأعطى أهمية خاصة لموضوع " الإفصاح " وأفرد له فصلاً مستقلاً حيث نص هذا الفصل على أنه لا يجوز لأي مصدر لورقة مالية أو متعهد التغطية أن يعرض أوراقاً مالية ما لم يقم بتقديم نشرة إصدار إلى الهيئة واعتمادها من قبل الهيئة قبل طرح أي ورقة مالية . كما بين هذا الفصل المعلومات والبيانات الرئيسية التي يجب أن تحتويها نشرة الإصدار . وكذلك نص على التزام كل شركة مساهمة متداولة أسهمها في السوق بأن تقدم للهيئة تقارير سنوية وربع سنوية حسبما تنص عليه قواعد الهيئة، وحدد للشركات المساهمة طبيعة المعلومات والبيانات المطلوبة التي يجب أن يتم تضمينها في تقاريرها السنوية ، فضلاً عن إلزام أي جهة مصدرة للورقة المالية بضرورة إبلاغ الهيئة عن أية أحداث جوهرية قد تؤثر على أسعار أوراقها المالية .

8 – كما تناولت أحد فصول النظام موضوع " الإحتيال والتداول بناءً على معلومات داخلية ": وهي الأعمال والتصرفات التي يحظر القيام بها في السوق مثل التداول بصورة وهمية لا تؤدي إلى انتقال حقيقي لملكية الأوراق المالية ، ويكون الهدف منها التأثير على أسعار الأوراق المالية المتداولة في السوق بما يضر بالسوق والمتعاملين بالاضافة إلى حظر أي تعامل يتم بناء على معلومات داخلية قد يحصل عليها الشخص المطلع والتي لا تكون متوفرة لعموم المواطنين ولم يتم الاعلان عنها .

9 – وقد بين النظام أموراً حيوية أخرى تتعلق بـ " تنظيم طلبات التوكيل ، والشراء المقيد والعرض المقيد للأسهم " : والتي تعنى بعمليات الإستحواذ على أسهم الشركة والضوابط التي تنظم مثل هذه الأعمال . وقد بين هذا الفصل أن للهيئة الحق بإصدار لوائح وقواعد لتنظيم هذه الأعمال بشكل مفصل وذلك لحماية وسلامة السوق والمستثمرين .

10- وقـد حـدد النظام في الفصل الأخير منه " العقوبات والأحكام الجزائية للمخالفات " التي تتعلق بالأوراق المالية وحدد المخالفات والعقوبات التي تترتب عليها سواء كانت هذه المخالفات تتعلق بالسوق الأولي وطرح الأوراق المالية أو بالسوق الثانوي التي تتعلق بالتداول والمعلومات . وقد نص هذا الفصل على دور وصلاحيات الهيئة في هذا المجال بالإضافة إلى تحديد الجهة ذات الإختصاص بمنازعات الأوراق المالية وهي "  لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية " في السوق المالية . كما بين هذا الفصل أن جميع الدعاوى والشكاوى والمخالفات المتعلقة بالأوراق المالية يجب أن ترفع إلى هذه اللجنة . وكذلك تم من خلال هذا الفصل لأول مرة التوسع في تحديد نطاق المخالفات المختلفة في مجال الأوراق المالية وفي تطبيق أحكام هذا النظام وفصوله وتبيان طبيعة العقوبات لكل مخالفة والتي شملت الأشخاص المتعاملين أو الوسطاء ووكلائهم أو الشركات المصدرة وغيرها من المخالفات والعقوبات حيالها .

ويتضح من هذا النظام أنه قد احتوى على عشرة فصول كل فصل منه يتعلق بجانب محدد من جوانب السوق المالية ، وبلغ عدد مواد النظام (67) مادة .

هذا مع العلم أن هيئة السوق المالية الواردة في النظام ستكون الخلف النظامي للجنة الوزارية ولجنة الإشراف على تداول الأسهم ، كما أن نظام التداول المطبق حالياً وآليات عمله وتشغيله سوف تبقى تعمل بانتظام وكالمعتاد، بالإضافة إلى استمرار عمل البنوك المحلية كوسطاء 0 وستستمر أعمال وفعاليات السوق الحالية كما هي دون انقطاع أو تغيير إلى حين تولي مؤسسات السوق الجديدة مهامها وبعد أن  تنتقل إليها المسؤوليات الاشرافية والرقابية والتنظيمية والتشغيلية المحددة لها في النظام.

ويأتي توقيت صدور "نظام السوق المالية" في ظل النشاط الكبيرالذي يشهده سوق الأسهم المحلي في هذه الفترة وتسجيله أرقاماً قياسية تاريخية جديدة غير مسبوقة مما أدى الى رفع القيمة السوقية للسوق إلى (477) مليار ريال معززاً دوره كأكبر سوق في المنطقة .