جودة الحياة التي نحياها تتناسب طردياً مع جودة علاقاتنا مع الآخرين

أيها العزيز (5) : بنك المشاعر

*المهندس/ زياد أبوزنادة
يقول جورج لولميـر" وراء كل حياة عظيمة، هناك مبادئ شكلت تلك الحياة "، وحياة الفعالية العالية ليست مستثناة من تلك القاعدة، فهي أيضا لها مبادئها التي تحكمها وتتحكم فيها وتشكلها.

وتقول أم اليزيد في " أيها العزيــز 3 " " حياة الفعالية العالية هي الحياة المنطقية التي يجب أن نحياها ، ولكن أين المنطق في حياتنا اليوم ؟! ، وهي الحياة المبنية على المبادئ، ولكن أين المبادئ في حياتنا اليوم؟! ".

ويقول الدكتور ستيفن كوفي " نحن لا نتحكم في شيء بل المبادئ ، نحن نتحكم فيما نقول ونفعل فقط ، وما يترتب على أقوالنا وأفعالنا يخضع للمبدأ الذي يحكم الحالة "، وإن سأل سـائل " كيف؟ ولماذا؟ " ، نقول :
إن المبادئ مثل قوانين الطبيعة:
- كونية ( تعمل في كل زمان وكل مكان ، مثل قانون الجاذبية )
- تؤدي إلى نتائج معروفة مسبقا
- تعمل خارج نطاق السيطرة والتدخل البشري
- تعمل مع أو بدون فهمنا لها أو حتى قبولنا لها
- بديهية وتساعد على النجاح إذا فُهمت


ولذا، نجد أن ذوي وذوات الفعالية العاااااالية، وعندما يُشكل عليهم أمر ما ، يبحثون عن المبدأ الذي يحكم الحالة ، ويعملون وفقا له ، لأن المبدأ والمبادئ تؤدي إلى نتائج معروفة مسبقا، وتساعد على النجاح إذا فُهِمت وعُمل بها .
ألم يحاولوا تعليمنا منذ الصغر أن " من جد وجد ومن زرع حصد " ؟ فهل تعلمنا؟؟!، وهل عشنا حياتنا وفقا لمبدأ النجاح وقانون الحصاد؟؟!


أيــها العزيــز..

أسوق هذه المقدمة لأهميتها القصوى في رحلتنا إلى عالم ذوي وذوات الفعالية العالية، فحياة الفعالية العالية تُبنى على المبادئ والقيم الاجتماعية المنزهة من الشقاق و النفاق، ولأن لكل عادة من العادات السبع مبادئها التي تحكمها ، والتي يجب العمل وفقا لها، لنتمكن من تبني تلك العادة في حياتنا.

أيــها العزيــــز..

كلي يقين بأنك لازلت تذكر العبارة الشهيرة " لأ يا نفســـي " والتي أرددها كثيرا في برنامج العادات السبع !!، فوالله الذي لا إله إلا هو، ما رددتها كثيرا، إلا لأغرس وأرسخ في اللاشعور المبدأ الذي سيجمعني مع المتدربين، ومن أحب ، في مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر، يقول ملك الملوك ذو الجلال والإكرام " وأما من خاف مقام ربه، ونهى النفس عن الهوى، فإن الجنة هي المأوى " .
فمن ذا الذي يستطيع أن ينهى النفس عن الهوى ؟ من ذا الذي يستطيع أن ينهى النفس عن الظلم ؟ ، عن البطش ؟ ، عن الفجور والفسوق ؟ ، عن أكل مال اليتيم ؟ ، عن نهر السائل ( " وأما الســائل فلا تنهر " ) ، من ذا الذي يستطيع أن يقول " لأ يــــا نفســــــي "، كلما ســولت له نفسه أمر لا يتفق مع المبادئ والقيم السليمة ؟، وفي رحلتنا إلى الفعالية العااااااالية سنحتاج إلى الكثير من " لأ يا نفسي " والكثير من المبادئ التي سيقودنا اليقين فيها، والتصديق بها، إلى تحقيق ما نريد بطريقة تمكننا من الحصول على ما نريد وقت ما نريد.

أيـــها العزيــــز..

لحياة الفعالية العالية مبادئ وأســاسـات، وأهمها ؛ أن تعيش حياتك وفقا لمبادئ تحكمها، وقيم لا تحيد عنها، والآن ، ونحن نقترب من " أيــها العزيـــز 6 " ، حيث أم العادات السبع ، حيث العادة الأولى " كن مبادرا "، أود أن أذكر، وأن أؤكد بأن الأمر لن يكون سهلا، بل يتطلب الكثير من الصبر وترويض الذات ، والتخلص من العادات السلبية ، ومقاومة هوى النفس في الاستـسلام والعودة إلى ما كان وما كنا عليه ، وهنا بالتحديد ؛ تبدأ المعاناة من قوة جذب العادات القديمة ، وهنا تكمن كل الصعوبات التي نتكلم عنها والتي سنصطدم بها عندما نسعى إلى التغيير وقيادة حياتنا وفق المبادئ . واعلم أيها العزيز أن المبادئ واضحة ومعروفة وتتحكم في كل شيء في الحياة ، فهناك مبدأ لكل سلوك نقوم به في حياتنا، يقول المصطفى عليه الصلاة والسـلام " تركت فيكم ما إن تمسكتم به، لن تضلوا بعدي أبدا؛ كتاب الله وسنتي "، ففي كتاب الله والسنة النبوية ؛ نجد المبادئ التي يجب أن يعيش الفرد وفقاً لها ، وهناك الحل لكل المشاكل التي نواجهها في حياتنا ، تلك الحياة ، التي لم تجعل الأبيض أبيضا والأسود أسودا ، وإنما ارتسمت بالرمادي ، تلك الحياة التي تتحكم فيها المشاعر والظروف ، وتخضع لكل ما يتوقعه الآخرون منا ، حتى ولو كان مخالفا للمبادئ . الفعالية العالية تتمثل في اتخاذ قرار بأنه لا عودة إلى الظلام ، لا عودة إلى الخطأ ، وأن قرار التغيير في حياتنا نهائي ولا رجعة فيه.

أيــها العزيـــز..

ولقد عرَّفنا الفعالية العالية وقلنا: أنها الحصول على ما تريد بطريقة تمكنك من الحصول على ما تريد وقت ما تريد، وهذا يعني فيما يعني ، أن تُغير وتُطور باستمرار طريقة إدارتك لذاتك ولعلاقاتك مع الآخرين ، وأن تخالف لكي تعرف إيجابياً، بدلاً عما تعود عليه القوم من السلبية في التفكير، والسلبية في النظر إلى الكثير من الأمور، وأن تتذكر بأنك لا تتحكم إلا في ما تقول وتفعل، وأن ما ينتج عن أقوالك أفعالك، خاضع للمبادئ، يقول تعالى " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " ويقول تعالى في علاه " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه، ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا، اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ".
وأكرر مرة أخرى ، بأنه وعندما نتعلم العادات السبع ، نجد أن لكل عادة مبدأ يتحكم ، وعلينا أن نعي تماماً هذا المبدأ وأن قانون الجاذبية ( قوة جذب العادات القديمة ) يجب ألا يردنا على إنكاصنا خائبين، بل المبادئ هي التي يجب أن تسود، رضي من رضي ورفض من رفض، يقول تعالى " وإن جاهداك علي أن تشرك بي ما ليس لك به علم، فلا تطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفا " و يظل الواقع يقول، أن المبادئ هي التي يجب أن تحكم، لأن العيش وفق هذه المبادئ، يوفر لنا أهم مطلب في الحياة وهو راحة البال، " يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور ".



أيـــها العزيـــز
إن إدراكنا للحقائق، يمكننا من السيطرة عليها، فلو أدركنا أن تبني العادات السبع، ليس حلاً سحريا لمشاكلنا في الحياة، ولن يتم بين يوم وليلة، سيمكننا هذا الإدراك ، من الصبر والجلد وتحمل الصعوبات والمعاناة ، حتى نتعود على قيادة حياتنا وفق المبادئ، وقد يعترض أحدهم قائلاً : ولكننا يجب أن نجاري العصر، ونتعامل مع معطيات الحضارة ؟ ولهؤلاء نقول: وهل مجاراة العصر تعني أن أتعاطى الخمر لأن الجميع يتعاطاه ؟! ، أو أن أرتكب الفواحش لأن ارتكاب المعصية أصبح متاحاً ومنتشراً ومقنناً ؟! ، أو أن أرتشي لأن الأغلب أصبح يتعامل بها تحت مسميات الهدية أو العطر أو من تحت الطاولة ؟! إن كان كذلك ؛ فأين الفعالية وأين قيادة الذات وأين العزيزة
" لأ يا نفسي ".

أيــها العزيـــز..

لكل إنسان شخصيتين : ظاهرية ( ما يراه ويسمعه ويعرفه الناس ) وباطنية (مالا يعلمه إلا الله ) ، وكل إناء بما فيه ينضح، فمن كانت المبادئ مترسخة في حياته، فلن يبدر عنه إلا ما يترجم هذه المبادئ ، ولن يكون من فصيلة " أسمع كلامك أصدقك، أشوف أفعالك أستعجب "، ولا من الذين استقبح الله فعلهم عندما قال " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون "، بل تجد أنه يتخذ لنفسه مبادئ وقيم، لا يستبدلها و لا يحيد عنها . أن تعيش حياتك وفق المبادئ يريحك كثيرا من النقاشات( البيزنطية ) التي لا تنتهي، لأنك تعيش حياتك وفقا لمبدأ النجاح وقانون الحصاد؛ " من جد وجد ومن زرع حصد ". واعلم - بارك الله فيك – أن هناك مبادئ تحكم جميع شئون الحياة ؛ فعلى المستوى الشخصي هناك مبدأ قيادة الذات " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" و " قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها" و على مستوى إدارة الذات، قول " لأ يا نفسي " و قول الحق تعالى " لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله " و " خياركم أحاسنكم أخلاقا".
و في الحياة الوظيفية، هناك مبدأ الإخلاص في العمل، " وقل اعملوا فسـيرى الله عملكم ورسـوله والمؤمنون، وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون "، و " من أخذ الأجر حاسبه الله بالعمل " وقد يقول أحدهم " ولكن الجميع متسيبون " فنرد بمبدأ " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه، ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا، اقرأ كتابك، كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ". و هناك مبدأ إجادة العمل، " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه " وهناك مبدأ اختيار الرجل المناسب، " يا أبت استأجره، إن خير من استأجرت القوي الأمين " و ." من استعمل رجلا على عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه ، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين " .
وهناك مبدأ الأمانة واحترام والعهود، " لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له ".
وهناك مبدأ العدل، " ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى ".
وهناك مبدأ تطبيق العلم وتحقيق الجدارة العلمية " وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ".
وفي الحياة الأسرية والزوجية، هناك مبدأ تحمل المسئولية، " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا وقودها الناس والحجارة " و " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته....." ومبدأ للتعامل مع الزوجات، " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة "، و" خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " ومبدأ تربية الأبناء، " ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا "، ومبدأ بر الوالدين " ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما ".
وفي التجارة هناك مبدأ يقر الأمانة ويمنع الاختلاس، " ومن غل يأتي بما غل يوم القيامة " ومبدأ الالتزام بالمواثيق، " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا،فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما " و " لا يحل لامرئ، مسلم يبيع سلعة ، يعلم بها داءا، إلا أخبر به "، و في أخلاقيات التاجر، " رحم الله عبداً سمحا إذا باع سمحا إذا اشترى ".

وفي المجتمع، هناك مبدأ الاهتمام بشئون المجتمع ، " من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم " و " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه المسلم كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة، فرَّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما، ستره الله يوم القيامة "
ومبدأ التكاتف، " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا "
وفي حسن التعامل، " تبسمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، و إرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الأذى و الشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك، لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة "
وفي الولاء والحرص على أمن البلد، " من خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها، لا يتحاشى من مؤمنها، و لا يفي بعهد ذي عهدها، فليس مني ولست منه "

أيـــها العزيــــز ..
هذه ليست محاضرة في فقه إدارة شؤون الحياة، بل هي توضيح وإرساء للمبادئ التي يسير عليها ذوي وذوات الفعالية العالية، ومرة أخرى نقول إننا نعلم أن الموضوع ليس بتلك السهولة، لأننا نريد أن نكون من ال 10% المميزين، ذوي وذوات الفعالية العالية، فهؤلاء هم الذين يسيطرون على حياتهم ، ويبنون اختياراتهم وسلوكهم وفق المبادئ، ويتسمون بالشجاعة، وعدم التنازل عن حقوقهم، ولا تأخذهم في الحق لومة لائم . كلنا نؤمن بأن الحياة متاع ولهو وأن الآخرة هي دار القرار، فما هو القرار الذي نريده لأنفسنا؟.

أيـــها العزيـــز..
المبدأ الأساسي الثاني هو : محور التفكير ( تصوراتنا الذهنية )
ولعلكم بدأتم تدركون أهمية محور التفكير، بعد تذكيري المستمر لكم بأهميته، سواء في سلسة أيها العزيز، أو في ردودي على أسئلة أعضاء المنتدى . يقول الدكتور ستيفن كوفي " إن كل ما نقوله، نراه، نفعله، وحتى ما نشعر به، نابع من محور التفكير( طريقة نظرتنا إلى الأمور ) " ، فطريقة نظرتك إلى الأمور هي التي تحدد أقوالك وسلوكك وطريقة تعاملك مع الآخرين . ويقول علماء النفس ، أنه لا توجد خريطة ذهنية دقيقة ، وأن جميع التصورات الذهنية ناقصة ، فعلينا باستمرار أن نصحح خرائطنا وتصوراتنا الذهنية عن ما يدور حولنا ، وعن الآخرين ، بل وعن أنفسنا ، خصوصا أولئك الذين ينظرون إلى أنفسهم بازدراء و يقللون من قدراتهم واستطاعتهم على التغيير ، فطالما نظرت إلى نفسك بتلك النظرة ، فستظل صغيرا في عين نفسك ، وكل ما يصدر عنك سيكون كالذي يصدر عن الصغار ، وبالتالي تعامل كالصغار. ولو نظرت إلى الصورة أدناه، فماذا ترى؟


 


 
هل ترى عجوزا شاب وليدها ؟ ، أم ترى فتاة شابة في مقتبل العمر ؟، وقد يراها البعض طفلة، وقد يراها البعض رجلا أو كذا أو كذا.. والسؤال الموجه : كيف تتعامل مع هذه المرأة وفق التصور الذهني الذي تكون لديك ؟ ، كيف ستتعامل معها لو كانت عروس رشحتها لك أمك ؟ ، أو لو كانت مساعدة منزلية تم استقدامها من إحدى الدول ؟ ، أو كانت موظفة تم تعيينها للمساعدة في أعمال مهمة وحساسة ؟، وليلاحظ كل منا ما دار في ذهنه أثناء قراءته لهذه الأسئلة.

أيـــها العزيـــز

هذه الصورة بالتحديد تعلمنا أهمية احترام الرأي الآخر قولا وعملا، فقد تكون وشخص آخر تنظران إلى نفس الصورة ، وكل واحد منكما ، يراها بطريقة مختلفة تماما عن الآخر، وكلاكما " صح " 100% ، وقد تكون ورئيسك أو صديقك أو زوجتك أو غيرهم ، تناقشون موضوع ما ، وكل يراه بطريقة مختلفة تماما ، ولتصحيح خرائطنا الذهنية ، نسأل الآخرين لتوضيح وجهة نظرهم أكثر ، علنا نرى ونفهم ما يريدون إيصاله لنا ، ونسمع بنِيَّة أن نفهم أكثر، لا نية أن نرد أو نقيم أو نثبت أن رأينا هو الأفضل، وبكل تأكيد تُعلمنا الصورة ، أن الكيفية التي نرى وننظر بها إلى الأشياء، هي التي تولد ما يصدر عنا من قول أو عمل. إن طريقة نظرتنا إلى الأمور، تتحكم فيما نفعل، وهي النظارة التي من خلالها نرى العالم ، فكن جميلاً ترى الوجود جميلا ، و" أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء "، وإن كنت تعتقد أنك تستطيع، أو كنت تعتقد أنك لا تستطيع ، فأنت على حق. وعندما نفكر في شيء ، ينشغل بالنا به، وعندما نفكر فيه أكثر يترسخ في داخلنا، وتتكون لدينا الرغبة لشديدة في الحصول عليه، أو التخلص منه، وهذا يحفز ملكة الإبداع في اللاشعور ، فيتولد السلوك الذي يدعم وصولنا إلى ما نريد .

أيــها العزيـــز..
المبدأ الأساسي الثالث هو: الموازنة بين الإنتاج وقدرات الإنتاج ( مصادره )

والمقصود هنا، هو الموازنة بين النتائج التي نريدها في كافة مجالات حياتنا وبين القدرات أو المصادر التي تحقق لنا ما نريد، سواء كانت تلك المصادر، مادية أو تقنية أو مالية وبكل تأكيد أو بشرية ،،،، وركزوا معي أكثر الآن....

ذوي الفعالية العالية ، يعرفون ما يريدون ، ويستطيعون الموازنة بين أدوارهم ومهامهم ، وبين المصادر التي تساعد على تحقيق تلك المهام أو النتائج ، في حياتنا العملية والشخصية ، ففي حياتنا العملية ، نريد ممتاز في تقرير الكفاءة ، ونريد الترقية ، ونريد التميز ، لنكون من ذوي وذوات الفعالية العالية ، ونعرف أن مصادر الحصول على ما نريد ، هي من خلال رؤسـاءنا ، وحتى نحصل على ما نريد من رؤسـاءنا ، علينا الانضباط ، واحترام أخلاقيات المهنة، وأخلاقيات البيئة التي نعمل فيها ومعها، من خلال القيام بمسئولياتنا على أكمل وجه ، فنحقق رضا الرئيس، وبالتالي نحصل على ما نريد ، وهنا قد يقول قائل " دعك من الفلسفة والتنظير، لأن بعض المدراء حتى ولو أوقدت أصابعك شموعا له ، فلن تنال رضاه، ولن يعطيك ما تريد "، ولهؤلاء أقول " دع عنك التشاؤم ، فنحن هنا نتحدث عن الغالبية، وليس الأقلية من الرؤساء والمدراء، ونظرتنا إليهم على أنهم سيئون ، تولد لدينا سلوكا سلبيا فنخسر الحسنيين ، علينا أن نُحكِّم المبادئ في سلوكنا وأن نطور أنفسنا حتى نمتلك الجدارة العلمية والخبرة العملية، فإن حصلنا على ما نريد، فالحمد لله وإن لم يكن ؛ فنحن نملك حرية اختيار قرار البحث عن عمل آخر، عملا بقول الذي قال :


أُنج بنفسك إذا ما خِفت ضيما     وخل الدار تنعي من بنـاهـا
الأرض واجدة أرض بأرضٍِ     ونفسك لن تجد نفسا سواهـا


هذا على سبيل المثال ، وعليكم القياس فيما يخص حياتكم الاجتماعية ، والأسرية، والمالية، والدراسية،........،..........،..........الخ


أيـــها العزيـــز..
المبدأ الأساسي الرابع هو : حسـاب بنك المشاعر
وهذه استعارة يستخدمها الدكتور ستيفن كوفي، للدلالة على مستوى الثقة بين الأفراد ، ومستوى الثقة بين الرئيس ومرؤوسيه ، و مستوى الثقة والتفاهم والحب بين الزوج وزوجته وأولاده وبناته ، واعلم أنه يوجد لديك حساب بنك مشاعر في قلب كل الذين تتعامل معهم ، مثل ما لديك من حسابات وأرصدة في بنوك الأموال ، وكما أن هناك إيداعات وسحوبات في بنوك الأموال ، فإن هناك إيداعات وسحوبات في حسابات بنك المشاعر.

أيـــها العزيـــز..

يدرك ذوي وذوات الفعالية العالية ، أن أكثر من 50% من النجاحات التي نحققها في حياتنا، ترتبط ارتباطا وثيقا بالآخرين ، وأن جودة الحياة التي نحياها تتناسب طرديا مع جودة علاقاتنا مع الآخرين ، ولذلك تجدهم يحرصون و باستمرار، على عمل إيداعات في بنوك المشاعر لدى الآخرين ، فإنجاز العمل في الوقت المحدد إيداع في بنك مشاعر الرؤساء ، والوفاء بالعهود إيداع في قلب كل من نقطع له عهداً ، واحترام الرأي الآخر إيداع في بنك مشاعر من نتحاور معه ، والكلمة الطيبة إيداع ، والاعتذار عن الخطأ إيداع ، والظلم سحب ، والتعامل بعقلية مغلقة سحب ، والإساءة بالقول أو الفعل سحب.
هذا على سبيل المثال وعليكم اعتبارا من اليوم مراقبة ما تقولون وتفعلون ، ثم تصنيفه ما بين إيداعات أو سحوبات ، ثم انظروا كيف ستتغير حياتكم ،و مبروك عليكم مقدما، ولا تنسونا من صالح دعائكم .


واعلم أيها العزيز، أن للإيداعات شروط ، فلابد أن تكون قليلة ومستمرة وغير مشروطة؛ فـ " قليل مستمر، خير من كثير منقطع"، وغير مشروطة لأنها متى ما شرطت ، أصبحت رشوة .

أيـــها العزيــــز..
تلكم أربع مبادئ أسـاسية ، وجب على باغي الفعالية العالية أن يتدبرها جيدا، وأن يفهمها أكثر، وأن يتخذ قرارا بتبنيها في حياته ، والعمل وفقا لما تنص عليه وتمليه ، وحقا أتمنى أن أكون قد وفقت في تعريف وتوضيح وتفصيل وتوصيل ما أريد إلى إخواني وأخواتي في وطني العربي الكبير، بطريقة تحفز الجميع ليصرخ بأعلى صوته " والله لقد آن الأوان "، وليعلنوا عام 1426هـ، عاما للتغيير والفعالية العالية وتحقيق ما نريد بطريقة تمكننا من تحقيق ما نريد وقت ما نريد .


*المهندس/ زياد عبداللطيف أبوزنادة
كبير مدربي برنامج العادات السبع