علاقة النوم بالصحة والإنتاج والذاكرة والتفكير

عدد ساعات نومك يتحكم في صحتك ويقظتك

هبة جلال - القاهرة
صور وفيديو

قد لايدرك هواة السهر أن الجسد ووظائفه الحيوية لا تعترف بتلك الهواية ولا تتكيف معها، فالنوم الصحي مرتبط بساعات الليل لتنظيم عمل أجهزة وهرمونات عديدة ترتبط بالحالة الصحية والإنتاج والتوازن العاطفي والقدرة على التفكير والإبداع، وتتواصل الأبحاث العلمية حول العالم للكشف باستمرار عن أهمية النوم والانعكاسات السلبية لافتقادة، وللخلل الذي قد تصاب به الساعة البيولوجية. الحقيقة الثابتة أنه أصبح على كل طبيب أياً كانت شكوى المريض أن يستفسر عن نظام حياته وساعات نومه ليتعرف على مدى ارتباط ذلك بشكواه.

عدد ساعات النوم الصحي
لحياة صحية تنصح أغلب الدراسات بالنوم 7 إلى 9 ساعات يومياً، فيما تشير الاحصائيات إلى أن أغلب البالغين تتراوح ساعات نومهم بين 5 إلى 7 ساعات يومياً، أما الأشخاص الذين تقل ساعات نومهم اليومية عن 5 ساعات فهم مهددون بالإصابة بمرض السكري أكثر من غيرهم بمرتين ونصف، وترتفع خطورة إصابتهم بأمراض القلب بنسبة 45% عن غيرهم، وترتفع معدلات الوفاة بنسبة 12%.

قياس عدد ساعات النوم التي تحتاجها يوميا
فيما تعتبر الأرقام السابقة إطار عام لإحتياجات الإنسان البالغ، أثبت أحد أبحاث جامعة كاليفورنيا أن لدى 3% من البالغين فقط جينات تجعلهم يكتفون بالنوم لمدة 6 ساعات مع إمكانية مواصلة حياتهم اليومية بشكل طبيعي، بينما 97% من البالغين بحاجة للنوم 7 إلى 9 ساعات يومياً. 

وعن الكيفية التي يمكن من خلالها للإنسان العادي تحديد ساعات النوم التي يحتاجها، تقول الدكتورة سامية شرف -استشاري الطب النفسي-: "بوسع الإنسان أن يحدد ذلك بمراقبة عدد ساعات النوم التي ينهض بعدها بسهولة كل صباح دون أن يشعر بالنعاس والخمول خلال اليوم، ومن الأفضل أن يراقب تثبيت عدد الساعات لمدة 5 أيام على الأقل ليقوم بعد ذلك بضبط ساعته البيولوجية بناء على هذه التجربة". 

وتضيف: "الساعة البيولوجية لو أردنا تبسيط مفهومها فهي مثل الساعة العادية فيما يتعلق بالضبط، ولكنها مرتبطة بالنشاط العصبي وبتنظيم وظائف الجسم الحيوية خلال اليوم بما فيها لإفرازات الهورمونية التي ترتبط بدورها بساعات النهار والليل وبالضوء الطبيعي لينشط بعضها في الصباح وبعضها أثناء النوم بمعدلات مختلفة، فإذا اختل أداء الساعة البيولوجية يضطرب النشاط العصبي والهرموني ويؤثر على حياة وصحة الإنسان".

ولتفسير ذلك تقول: "الإنسان يمر خلال النوم بعدة مراحل لكل منها دورها. فهناك المرحلة الأولى والثانية، ويكون النوم خلالهما خفيفاً ويبدآن مع بداية النوم. بعد ذلك تبدأ المرحلة الثالثة والرابعة، أو ما يعرف بالنوم العميق، وهاتان المرحلتان مهمتان لاستعادة الجسم نشاطه، ونقص هاتين المرحلتين من النوم ينتج عنه النوم الخفيف غير المريح والتعب والإجهاد خلال النهار. وبعد حوالي التسعين دقيقة تبدأ مرحلة الأحلام أو ما يعرف بمرحلة حركة العينين السريعة، وتحدث الأحلام خلال هذه المرحلة، وهذه المرحلة مهمة لاستعادة الذهن نشاطه. والمرور بجميع مراحل النوم يعرف بدورة نوم كاملة. وخلال نوم الإنسان الطبيعي (حوالي 7 ساعات) يستكمل دورات نوم كاملة".

وعن كيفية إعادة ضبط الساعة البيولوجية إذا اضطربت تقول: "يكفي أن تعيد برمجة ساعات نومك واستيقاظك لفترة 5 إلى 7 أيام حتى تعتاد على نظامك اليومي، ويعاود الجهاز العصبي عمله بشكل طبيعي، ولا يكفي أبداً تعويض ساعات النوم خلال العطلة الأسبوعية على سبيل المثال".

كيف أعرف أنني بحاجة لعدد إضافي من ساعات النوم؟
الإجابة على الأسئلة التالية بـ "نعم" دون وجود أسباب أخرى جسدية أو مرضية مؤثرة تعتبر مؤشراً على افتقادك جسدك للنوم الصحي:
ـ هل تعتمد على الساعات المنبهة التي تعطي أكثر من تنبيه على فترات متقاربة لتحصل على غفوة بينها؟
ـ هل تواجه صعوبة النهوض من الفراش في الصباح؟
ـ هل تشعر بالخمول بعد الظهيرة؟
ـ هل تشعر بالنعاس خلال اجتماعات العمل أو المحاضرات؟
ـ هل تشعر بالنعاس بعد الوجبات الثقيلة؟

علاقة النوم بأداء خلايا المخ
قلة النوم تؤدي إلى بطؤ أداء بعض خلايا المخ أو تعطيلها تماما، لتؤثر على الذاكرة والقدرة على تعلم أشياء جديدة، والتركيز والتخيل، والقدرة على الاستنتاج، وقد تجعل الرؤية مشوشة، وفي بعض الأحيان تؤدي إلى الهلاوس.

والعلاقة متداخلة، فإذا كان الشخص الذي لاينام بشكل كاف يعاني خلال اليوم من صعوبة في التركيز والاستيعاب والتعامل مع المشاكل، فإن هذه العوامل تؤثر بدورها على كفاءة التعلم خصوصاً للأمور الجديدة التي من الممكن أن تمر على الإنسان خلال اليوم.

وفي المقابل مراحل النوم المختلفة تلعب دور في تعزيز الذاكرة، وكلما قلت ساعات النوم تتضائل القدرة على تذكر الأمور والتجارب التي مرت بالإنسان خلال اليوم.

علاقة النوم بالاكتئاب
أظهر استطلاع رأي أن الأشخاص الذين تقل ساعات نومهم عن 7 ساعات عرضة أكثر من غيرهم للإكتئاب، وفيما يعتبر الأرق من المؤشرات الأولى لمرض الاكتئاب فالواقع أن كل منهما يغذي الآخر لتتفاقم المشكلة.

علاقة النوم بالنمو
يؤثر النوم على هرمون النمو، ففي سن مبكرة يقوم الجسم بافراز هذا الهرمون لينمو الإنسان، بينما بعد البلوغ يؤدي افرازه إلى تعزيز قوة العظام والعضلات والجلد. 

علاقة النوم بالشهية
يزداد الإحساس بالجوع وتتنبه الشهية لدى الأشخاص الذين يعانون من الأرق مما قد يؤدي إلى السمنة، وتنشط الشهية غالباً نحو الأطعمة عالية الدهون والكربوهيدرات، مما يجعل النوم المتوازن أحد اشتراطات برامج الحمية الغذائية للمساعدة على خفض الوزن.

نصائح
ـ تجنب المشروبات المنشطة كونها تؤثر على انتاج "الميلاتونين"، فحتى لو تمكنت من النوم بعد تناولها ستؤثر على نوعية النوم وتؤدي إلى الإحساس بالخمول خلال اليوم التالي.
ـ ابتعد عن العمل والأنشطة الذهنية المتعلقة به قبل النوم.
ـ حاول أن تشمل عملية الاسترخاء عقلك وجسدك وإغلاق العين كذلك باسترخاء دون الشد على جفنيها بشكل مبالغ فيه، وابدأ بالتنفس بشكل بطيء ومنتظم "شهيق وزفير".
ـ حاول أن تذهب إلى فراشك يومياً الساعة 11 مساء وجرب الاستيقاظ في اليوم الأسبوع الأول الساعة الخامسة فجراً، إذا واجهت صعوبة في الاستيقاظ فغير الموعد إلى الساعة السادسة أو السابعة حتى ينتظم نومك.