برع كذلك في علم الرياضيات والفلك

ابن الهيثم، رائد علم الضوء بلا منازع

هو أحد أهم ثلاثة علماء يزدهى بهم التاريخ العلمى الإسلامى وهم "ابن سينا – ابن الهيثم – البيرونى".

من علماء الطبيعة، الأرفع شأنا وربما جاء فى مقدمتهم فى كل العصور، تعرفه أوربا باسم (الهزن) .أو Alhazen، كما كانت كتبه المرجع المعتمد عليه فى علم الضوء حتى القرن السابع عشر الميلادى أى بعد وفاته بنحو ستة قرون. وكانت بحوثه المبتكرة فى علم الضوء من الأسباب التى وضعته فى مقدمة النوابغ فى تاريخ هذا الفرع من العلوم.

ولد بمدينة البصرة سنة 965 م، وعاش بها فترة من حياته إلى أن انتقل إلى القاهرة، بعد أن دعاه إليها الخليفة الفاطمى الحاكم بأمر الله.

فقد كان هذا الخليفة يميل إلى الحكمة والفلسفة ويشجع العلم والعلماء ويأوى كثير من المشاهير فى عصره ويساعدهم، وعندما بلغه قول ابن الهيثم: "لو كنت بمصر لعملت بنيلها عملا يحفظ ماءه ويحصل به النفع فى كل حالاته من زيادة أو نقصان"، اشتاق إلى رؤيته وأرسل إليه داعيا أياه للحضور إلى مصر، وخرج الحاكم بأمر الله نفسه لاستقباله خارج القاهرة واكرم وفادته ثم أرسله على رأس بعثة هندسية ليتتبع مجرى النيل من القاهرة إلى أسوان، إلا إن ابن الهيثم لم يجد الأمر متفقا مع فكرته الهندسية التى خطرت له وعاد إلى القاهرة مستعدا للرجوع إلى البصرة، لكن الحاكم بأمر الله استبقاه وكان كريما معه إلى أقصى حد.

وفى القاهرة عاش الحسن بن الهيثم أغلب سنوات عمره، وألف بها معظم كتبه إلى أن مات ودفن بها سنة 1038م عن عمر يناهز الثلاثة والسبعين عاماً.

وقد بلغ ما ألفه من كتب حوالى المائتين وما يدعو للأسف أن أكثرها قد ضاع ولم يصل إلينا إلا القليل، أشهر هذه الكتب كتاب "المناظر"، و"رسالة فى الشفق"، وقد ترجمت هذه الكتب إلى اللاتينية فى القرن الخامس عشر، كما ترجمت له عدة كتب فى بداية القرن العشرين باللغة الألمانية لما لها من قيمة علمية كبيرة.

أبطل ببحوثه تلك النظرية اليونانية القديمة والتى كانت تقول أن الرؤية تحدث من انبعاث شعاع ضوئى من العين إلى الجسم المرئى، وأثبت أن الرؤية تحدث عن طريق العكس أى: الشعاع الضوئى الذي ينبعث ينبعث من الجسم إلى العين.

وقد كان لهذا الاكتشاف العظيم أثره البالغ فى تطور علم الضوء، ومما قاله ابن الهيثم فى شرحه لهذه النظرية:

الشعاع يخترق العين ويرتسم على الشبكية، ثم ينتقل إلى الدماغ بواسطة عصب الرؤية، وبذلك نحصل على الصورة المرئية للجسم

كما أن ابن الهيثم مارس التشريح وعرف تركيب العين وتوصل إلى أجزاءها بالأسماء التى تستعمل اليوم كالشبكية، والقرنية، والسائل الزجاجى، والسائل المائى. وكان أول من دعى إلى إصلاح عيوب العين باستخدام العدسات، حيث توصل إلى أن العدسات المحدبة ترى الأشياء أكبر مما هى عليه فى الواقع.

ولم يكن ابن الهيثم بارعا فى الضوء وحسب، ولكن بحوثه فى علم الرياضيات وضعته أيضا فى مصاف العباقرة منهم فى هذا العلم، حيث تناول الهندسة بفرعيها (المستوية و الفراغية) وساهم إلى حد كبير فى تقدم علم الهندسة التحليلية. كما توصل إلى قوانين صحيحة لمساحة الكرة والهرم والقطاعات الدائرية.

واستنبط طرق جديدة فى علم الفلك لتعيين ارتفاع القطب، وبسط سبر الكواكب، وتمكن من تنظيمها على منوال واحد .