مجلة سيداتي سادتي

لقاء مع رئيسة تحرير أول مجلة إلكترونية عربية

عربيات

باختصار من هي ( عربية ) ؟

عربية هي (رانية سليمان سلامة) ، مؤسسة شبكة ومجلة عربيات على الإنترنت ، ورئيسة تحريرها .

 

ماهو سبب اختيارك لاسم ( عربية ) ؟ ولماذا التخفي وراء اسم آخر ؟

اختياري لإسم عربية كان متماشياً مع مسمى ( عربيات ) ولهدفي منذ إنشاء الشبكة أن تكون لكل عرب بمختلف جنسياتهم وإنتمائاتهم وأنا جزء من هذا الكيان لذلك لم أجد اسم يرمز لكتاباتي وهدفي أفضل من ( عربية ) ... أما أسباب اخفائي لشخصيتي الحقيقية فهي عديدة ، منها أنني كنت أرغب بتلمس ردة فعل المتلقي للمواد المنشورة وتقييمها بعيداً عن التأثر بأي عوامل أخرى شخصية ... ومن جهة أخرى كنت أبحث عن نجاح المشروع بشكل عام ولم يكن هدفي حصد نجاح شخصي أو ( بروزة ) اسمي ... فعربيات منذ ظهورها كانت مادة دسمة لجميع وسائل الإعلام كفكرة أولى من نوعها وصدقاً لم يكن لدي الوقت مطلقاً للظهور والتعريف بنفسي لأن لدي أولويات ... إلى جانب ذلك يعتبر عمل المرأة على الإنترنت مجال شائك لم يستوعبة أو يتقبله العقل العربي بشكل كامل إلى اليوم بسبب التخوف من مشاكل الإنترنت وجوانبها السلبية ولم يكن ضغط العمل يحتمل المزيد من العقبات والأخذ والرد في مرحلة تتطلب التفرغ للبناء. 

 

وكيف تم الإعلان اليوم عن شخصيتك الحقيقية؟

في الواقع لم يكن ذلك مخططاً له وطوال الفترة الماضية كنا متفقين على توزيع الأدوار وكانت الأخت ( مي كتبي ) مديرة التحرير تتولى مهمة تمثيل المجلة بالشكل المطلوب إلى جانب اشرافها على التحرير ، وكنا نحاول دعم من ترغب من المحررات بالظهور ولكن استغلال البعض لذلك التخفي  ونشر معلومات لا أساس لها من الصحة عن العمل في فترات سابقة استدعى أن تظهر جميع الأسماء لحفظ الحق الأدبي لكل فرد وهذا الحق الذي لا يمكن التفريط فيه مهما كانت أولوياتنا والظروف المحيطة بنا.

 

اذن ماهي القصة الحقيقية لولادة فكر(عربيات)؟

الفكرة ولدت قبل عامين تقريباً عندما بدأت بالدخول إلى عالم الإنترنت في شبكة داخلية تقدمها احدى الشركات الرائدة في المملكة العربية السعودية ... وبدأت من هناك أتعلم أبجديات هذا العالم وازداد عشقي له عندما استعدت علاقتي بقلمي عن طريق التواصل مع الكتاب والكاتبات في الملتقى الثقافي لتلك الشبكة ... كنا نطرح بشكل يومي عدد كبير من المقالات ونفتح المجال للحوار حولها بشكل موسع ونخرج بنتائج رائعة تثري المعلومات والمخزون الثقافي لكل فرد منا وتعلمنا لغة حوار فكري راقية وجديدة علينا ... وعندما انطلقت خدمة الإنترنت في المملكة بدأت أفكر جدياً باستثمار هذا الجانب وقمت بدراسات مستفيضة لبلورة الفكرة ووضع خطوطها الأساسية عن طريق المقارنة بين المواقع الأجنبية والعربية لمعرفة مايحتاجه المتصفح العربي من الشبكة العنكبوتية وتقديمه بشكل متطور وجاد يساهم بتغيير المفهوم السائد لدينا بأن الإنترنت للترفيه والمحادثة فقط .... ووجدت أنه لا توجد على الإنترنت مجلة عربية بشخصية مستقلة لا تعتمد على النقل أو الإقتباس من المطبوعات وكذلك لم يكن هناك وجود فعال للرموز العربية والشخصيات الهامة فأردت أن أمزج بين علاقتي بالعمل الصحفي وتعلقي بالإنترنت ليخرج هذا العمل بمفهوم جديد يخدم الهوية العربية على الإنترنت.

 

ألم يكن لديكِ تخوف من الإقدام نحو هذه الخطوة وحدك؟

في الواقع لم يكن وارد لدي في بداية الأمر أن أقدم نحو هذه الخطوة وحدي (  في موقع خاص بي ) فعرضت الفكرة على عدد من المواقع العربية وكنت أتمنى فقط أن أراها على أرض الواقع لكني لم أجد تجاوب كبير فالإتجاه السائد آنذاك كان التركيز على الجوانب الترفيهية كما ذكرت سابقاً أما الجوانب الثقافية والأدبية والأخبارية فكانت تقدم مثل ( الساندويتش ) الذي تلتهمه سريعاً ولا يسمن من جوع ولم تكن هناك مؤشرات لنجاح مشروع مثل هذا على الإنترنت العربية .... ولكن حلمي كان بحمد الله أقوى من هذه المحبطات وبتشجيع زملائي أقدمت بالخطوة الأولى وسجلت الموقع وبدأت بالعمل على تنفيذ ما أهدف إليه .... وأعتقد أنه في بعض الأحيان يكون التفكير في الإقدام بالخطوة الأولى والمصاعب المتوقعة أصعب بكثير من حقيقة الأمر.

 

ماهو الأساس الذي تم اعتماده لإختيار فريق العمل؟

في بداية الأمر كنت أنوي أن يقتصر العمل على المجموعة التي جمعتني بها الإنترنت والتي تحتوي على عدد من الصحفيين والصحفيات والأقلام الواعدة لأن لهم خبرة سابقة بالتعامل مع الشبكة ... ولكن عندما نظرت حولي وجدت أن عدد كبير من الفتيات يعانين من وقت فراغ كبير فعرضت الفكرة عليهن ولاقت تجاوب ورغبة كبيرة من الجميع  بالتعلم والمشاركة في هذا العمل وشاركت معي في الأبواب المتخصصة مثل الفنون التشكيلية على سبيل المثال فقد تولت الفنانتان التشكيليتان ( هدية السلطان ) و ( مشاعل السليمان ) إلى جانب الأستاذة ( دلال بخش ) والكاتبة( سحر الرملاوي ) اللاتي شاركتا في الصفحات الأدبية ، والأخت( عبير العبدالله ) التي تولت الإشراف على ملحق الشعرالنبطي لاحقاً ... وعدد من كتاب وكاتبات الأعمدة .... كذلك تعتبر عربيات محظوظة بقراءها الذين يساهمون دائماً بتقديم أعمال متميزة في كل عدد ويشاركون بشكل فعال في التحرير.

 

ماهي أهم العقبات التي واجهتك في الجانب التقني؟

في الجانب التقني تبرز المشكلة الأزلية لدينا بعدم توفر البرامج المؤهلة للتعامل باللغة العربية فجميع البرامج التي نعتمد عليها هي برامج مصممة لتقديمها باللغة الإنجليزية وتعريبها مهما كان متقناً لا يصل للمستوى الذي يطمح إليه المتلقي العربي بلغته العربية أضف على ذلك ندرة الكوادر القادرة على البرمجة والتعريب في البلاد العربية خاصة وأننا حديثي عهد بهذه الخدمة.

 

هل هناك نقطة تحول في مشوار عربيات خلال عامها الأول؟

أعتقد أن نقطة التحول كانت في العدد الرابع بإنضمام الشاعرة والصحفية(مي كتبي)لنا والتي ساهمت بشكل كبير بتحرير المجلة من الطابع المحلي لتشمل بلقاءاتها واطروحاتها مختلف الدول العربية...

 

من الواضح أن العمل بشكل عام يعتمد على العنصر النسائي فماهو السبب في ذلك؟

المرأة العربية والسعودية بشكل خاص لديها قدرات كبيرة على العمل والإبداع في مجال الصحافة ، والإنترنت فتحت مجال جديد يناسب ظروفها ولا يتعارض مع التزاماتها العائلية ففي نهاية الأمر قد لا تتمكن جميع النساء من الإرتباط بعمل يتطلب دوام رسمي والخروج بشكل يومي إلى المكتب لكن بالتأكيد يبقى لديها وقت فراغ كبير في منزلها تطمح لاستثمارة وهذا ماوفرته الإنترنت اليوم للعمل من المنزل ... وهذا أيضاً ما سبقنا إليه الغرب فهو إلى جانب الإستفادة من مجهودات المرأة يساهم في تقليص تكاليف الشركات وميزانية إنشاء المكاتب الخاصة وأصبحت الفائدة متبادلة والثمار يجنيها المجتمع ككل بتفعيل دور كل فرد فيه والإستفادة منه في جميع المواقع بدلاً من إهدار هذه الطاقات المنتجة...

 

ماذا عن الخبرة التي يتطلبها العمل على الانترنت والحاسب الآلي؟

الأمر ليس بهذه الصعوبة فالبعض يعتقد أن العمل على الحاسب الآلي يتطلب الحصول على دورات وشهادات متخصصة والواقع أن إرادة المرأة على التعلم وحبها لهذا المجال يأتي بنتيجة أفضل بكثير من حصولها على بعض الشهادات التي قد لاتصلح إلا لوضعها في برواز للوجاهة الإجتماعية ... وأعتقد أن ما تحتاجه أي مبتدئة هو تشغيل الجهازوتحريك الفأرة وتسجيل العنوان المطلوب في المتصفح وهذا ما يستطيع أن يدلها عليه حتى طفلها وبعد ذلك ستجد كم هائل من المواقع التعليمية وبالتجربة والبحث ستتقن ما يناسبها وتجيد التعامل مع ما تحتاج له ويستهويها .... وإلى جانب ذلك ستجد كتب عديدة تصحبها خطوة بخطوة من تشغيل الجهاز إلى الإبحار في عالم الإنترنت وبلغة بسيطة لا تتطلب أي خبرات سابقة.

 

ماذا عن تخصصك الدراسي وهل كان متعلق بالحاسب الآلي؟

لا،أنا خريجة أدب إنجليزي ولم يكن لي أي علاقة بالحاسب أو الإنترنت إلا بعد تخرجي من الجامعة وأذكر أنني عندما اشتريت جهازي الأول لم أكن أعرف من أين يتم تشغيله أو اغلاقه لكن كان لدي رغبة كبيرة بتعلم كل صغيرة وكبيرة فيه إلى أن تمكنت من إجادة التعامل معه وبالممارسة والعمل المتواصل استطعت تطوير نفسي وانتقلت إلى مراحل متقدمة أصبحت أقوم فيها بالبرمجة والتصميم والتعريب للإلمام بجميع الأمور التي يتطلبها الموقع وبالرغم من مشقة ذلك إلا أنني كلما وصلت لنتيجة طيبة أشعر أنني حققت شيء ثمين يهون من أجله العناء والتعب.

 

ماذا عن الجانب الآخر من حياتك بعيداً عن العمل؟

أنا بطبيعتي عندما أصرف تركيزي لأمر معين يحتل تفكيري تماماً ، و ( عربيات ) بالنسبة لي لم تكن عمل جانبي أو تسلية بل أشعر أنها ابنتي التي تستحق أن أمنحها في هذه المرحلة وقتي كاملاً وضغط العمل لم يترك لي مجال لممارسة أي شيء آخر سوى الإلتزامات الإجتماعية الضرورية ، وحتى هواياتي سابقاً من قراءة ورياضة اضطررت لإعتزالها .... بل حتى كتابتي في زاويتي الشهرية أصبحت آخر ما يصدر في المجلة بسبب انصرافي للإعدادو قلقي وإشرافي على كل صفحة وبرنامج يتم وضعه على الشبكة ليخرج بأفضل شكل ممكن وبذلك لم أجد مساحة لعمل شيء آخر ولا حتى التوقف لإلتقاط الأنفاس والإستمتاع بنجاح ما نحققه ... كل ذلك مؤجل إلى حين أن أشعر بالرضا التام وأعتقد أننا عندها سنحتاج لأضعاف العدد من العاملين على الموقع سواء في التحرير أو التصميم والبرمجة.

 

في كثير من الأحيان نجد أن مهنة الصحافة أو الأعمال بشكل عام تتوارث جيلا بعد جيل فهل هذا ينطبق عليك؟

في الواقع جدي رحمه الله كان من الأسماء المعروفة في مدينة جدة واشتهر بمجلسه الذي يضم بشكل دائم الكتاب والمفكرين وساهم بتأسيس جمعيات ثقافية وخيرية عديدة لازالت موجودة حتى اليوم لكنه لم يعمل في مجال الصحافة بل كان  يدير أعماله التجارية الخاصة حيث كان أول من أدخل شركات التجميل والأدوية والمنتجات المختلفة إلى المملكة العربية السعودية ... أما والدي فلم يكن يهوى العمل التجاري وتركز عمله في الجهات الحكومية فتولى مناصب ادارية بمؤسسة النقد السعودي ثم  انتقل لإدارة أحد البنوك السعودية ولكنه اهتم جداً بتعليمنا وكان يدفعنا للتفوق والعمل الذي يقدره كثيرا وبالتالي فتح أمامي المجال لأخوض تجربتي الأولى لأن لديه ثقة كبيرة بقدرة المرأة على العمل وضرورة ذلك.

 

اذن هل نستطيع أن نقول أن دعم الأسرة كان وراء خوضك لهذه التجربة؟

نستطيع ان نقول ان قناعة أسرتي بعمل المرأة دفعني للبدء بالعمل دون صعوبات ... لكن بالنسبة لمجال عملي بالتحديد لم يكن لديهم قناعة تامة به أو تشجيع وأعتقد أنهم كانوا سيفضلون اتجاهي لأي عمل آخر متعارف عليه ... خاصة وأن الجهد الذي يتطلبه مني الموقع والضغط المتواصل الذي غير نظام حياتي تماما جعلهم يرون ان أي وظيفة أخرى مهما بلغت مشقتها  ستكون أشبه ( برحلة خلوية ) مريحة مقارنة بما أقوم به الآن.

 

لا شك أن العالم العربي بشكل عام يعاني من ( أمية تكنولوجية ) تتمثل في عدم اتقان التعامل مع لغة العصر من حاسب آلي وانترنت  وغيرهما من وسائل الإتصال الحديثة ولابد أنك كنت بحاجة في بداية الأمر لوجود أحد أفراد أسرتك أو زميلاتك لمعاونتك في هذا الأمر؟

في الواقع الجيل الجديد الصاعد لا يعاني أبداً من هذه الأمية وبالنسبة لأسرتي يعتبر ابن شقيقتي أول من في دفعنا للإهتمام بوجود شيء يسمى حاسب آلي ولقد كان مولعاً بالتعامل مع الأجهزة وبرامجها قبل أن يتم الثانية عشر من عمره إلى درجة أنه تمكن في أحد الأيام من تصليح جهاز فشلت معه جميع محاولات مهندسي الحاسب الآلي ... واذكر انني عندما اردت ان اتعلم العمل على الكمبيوتر طلبت منه ان يحضر ليعلمني فقال لي ( لا أحد يستطيع أن يعلمك العمل على الكمبيوتر ... يجب أن تتعلميه بنفسك ) والآن فقط أدركت أنه كان محقاَ فلو لم يحاول الإنسان بنفسه ويبحث ويجرب ويخطيء ويصيب لن يدرك أبداً أسرار هذه اللغة ولن يتمكن من الإبحار في عالمها. 

 

 

يقال أن ( عدو المرأة في النجاح هي امرأة مثلها ) فهل هذا صحيح؟

لا بد أن من روج لهذه المقولة رجل ، وبالنسبة لي أعتقد أن عدو النجاح هو نفسية البعض السيئة التي لا تحب أن ترى السعادة في أعين من حولها بغض النظر عن كونها رجل أو امرأة ... ومن تجربتي أشعر أن سر استمراريتنا كفريق عمل نسائي في ( عربيات )هو حب كل منا لرؤية نجاح الآخر وتقديره باستثناء بعض الحالات الشاذة التي تحاول الإيقاع أو سرقة مجهود غيرها وهؤلاء ننبذهم ولانتوقف عندهم كثيراً.

 

بعد مرور عام ماهو باعتقادك أهم شيء تمكنتم من تحقيقه؟

أعتقد أننا بفضل من الله وبالتخطيط السليم تمكنا إلى حد ما من التمسك بهدفنا الثقافي الرئيسي وتقديم مادة دسمة على الإنترنت بشخصية مستقلة ولم نجاري الخط السائد أو نقول(الجمهور عايز كده)بل حاولنا أن نستخدم جميع التقنيات الحديثة المتوفرة وعناصر الجذب والتشويق لخدمة مادة لها قيمة (أدبية وثقافية وعلمية وفنية ودينية) يستفيد منها المتلقى ولا يمر عليها مرور الكرام...واعتقد أن هذه خطوة واحدة فقط في طريق الألف ميل لم تكن لترى النور لولا عمل الجميع وإيمانهم بأهمية الدور الذي تلعبه الإنترنت في حياتنا اليوم...وغداً....وحتى لا نقف موقف المتفرجين على هذه الثورة التكنولوجية..