جماهيريته لا تخفت.. والصعوبة تكمن في جذب المستمع

الراديو مازال ينتصر للإعلام التقليدي

عربيات - سلطان المنصوري
صور وفيديو

يسير بسيارته كعادته في شوارع المدينة وحيداً إلا من رفقة قهوته الداكنة. ينظر له الآخرون على أنه مصاب بانفصام في الشخصية، فهو يضحك داخل سيارته، يتحدث مع نفسه، ترتفع وتنخفض يديه في صراعات داخلية دون معرفة ما يحدث للآخرين. هو "وحيد" الذي يصف نفسه بأنه "كائن سماعي" وبأنه أيضاً "صديق الإذاعة" ويعلق عن حياته داخل سيارته بأنها تفاعل حي مع البرامج الإذاعية ومحتواها، فهو يضحك مع المذيعين والمشاركين، ويحزن لبعض القصص والأخبار، ويرسم خريطة الذهاب إلى عمله وفق تنبيهات الإذاعة بالشوارع المزدحمة التي ترد عبر رسائل من المستمعين السائرين. وبعيداً عن "وحيد"، هل كنت تنوي التوقف عند باب منزلكم وفجأة تراجعت بسبب سماعك لمحتوىً جاذب في الإذاعة عبارة عن أغنية، أو حوار في أحد الإذاعات؟ هذه هي سلطة الإذاعة وسر جاذبيتها. إنها ببساطة، آلة لا تموت، لا يخفت وهجها، ولا يهدأ ضجيجها بل تتطور وتندفع نحوها كل الأجيال حتى الحديثة المصابة بداء اللمس. 

 

جماهيرية الراديو
تتحدث نهال آل صابر مقدمة البرامج بإذاعة مكس إف إم لـ"عربيات" بقولها: "منذ بداية اختراع العالم الإيطالي ماركوني للراديو تم البث من الأقطار العربية وكانت السباقة في ذلك مصر والجزائر، وقتها فقط علمنا أن هذا الاختراع لن يمر بنا مرور الكرام.. ولم يمر، لكن إذا نظرنا إلى التطورات والتغيير فالراديو لن يهتز بأي من ذلك لأن جمهوره مختلف ولديهم من الولاء ما يكفي لإغراق أي وسيلة أخرى". 

مدير قسم الموسيقى بإذاعة ألف ألف إف إم سلطان العبدالمحسن في حديثه لـ "عربيات" كان ضد فكرة الإلغاء بأكملها، وأوضح ذلك بقوله: "أولا باعتقادي أنه لا توجد أي وسيلة إعلام حتى وإن كانت جديدة، أن تلغي جمهور الوسيلة القديمة مهما كان، لاختلاف رغبات الجمهور في تلقي المعلومة بالوسيلة التي تتناسب مع نظام حياتهم، وثانيا الإذاعات من الوسائل التي ستبقى محافظة على مكانتها في قلوبنا جميعا لوجودها في السيارات التي نمضي فيها ساعات طويلة".

المذيعة بإذاعة مكس إف إم مروة سالم وضحت لـ "عربيات" أن هناك سببين لبقاء الراديو الوسيلة الأكثر جماهيرية، وتبين السببين بقولها: "برأيي السبب الأول هو أن الراديو يعتبر من أقدم وسائل الإعلام اعتاد الناس عليه وتوارثوا حبه والتعلق به منذ بداية ظهوره لذا صعب التخلص منه، والسبب الثاني أن للراديو ميزة ليست موجودة في غيره وهي حالة المصاحبة والارتباط الذي يحصل نتيجتها بين المذيع والمستمع".

 

قواعد لجذب المستمعين
لعل بعض ما تعانيه بعض الإذاعات هو هروب المستمعين تجاه محطات أخرى، وهنا يتضح أن هناك قواعد لجذب الجمهور والإمساك به قبل أن يتحرك إصباعه ليسمع صوت ومحتوى مختلف. تؤكد مروة سالم على أن: "جمال الصوت و سلامة المنطق و المضمون الذي يحترم عقله ويقرب قلبه" من أهم القواعد التي تراها في عملها الإذاعي. أما سلطان العبدالمحسن فيجد أن " المادة المقدمة في الأساس هي الجاذب الحقيقي للجمهور, وتكون المادة في الغالب ترفيهية تخفف من هموم المستمع حيث أن المذيع في الأساس عبارة عن راكب إضافي وضيف على سيارات المستمعين". بينما تشير نهال آل صابر بقولها: "احترام عقلية المستمع واحترام وجهة نظرة مهما كانت تتفق أو تختلف عني هي القاعدة الأولى والأخيرة".

 

المواجهة الصعبة
كعادة أي عمل لابد أن يواجه ببعض الصعوبات، والعمل الذي يعتمد على التعاطي المباشر له نصيب أعظم من هذه الصعوبات. فلعل "ثقافة المجتمع" هو أبرز ما ركزت عليه نهال آل صابر في حديثها عن الصعوبات. لكن العمل الطويل وفق ما يراه سلطان العبدالمحسن هو الأصعب ويبرر ذلك بحديثه: "الالتزام بساعات طويلة يومية، وأن تكون خلال ساعات برنامجك اليومية بكامل التركيز والإدراك مع محاولة إخفاء همومك وخلافاتك الشخصية لأن دورك في النهاية إسعاد المستمعين وتقديم مادة ممتعه و مميزة". وتختلف عنهم مروة سالم التي تعتقد أنه "لا توجد صعوبات كبيرة في الراديو لأن العمل اليومي المستمر يجعل المذيع أكثر تمكنا وخبرة ومعرفة بمتطلبات المستمع، بالتالي تسهل الأمور عليه".

 

الراديو.. والمجتمع
لكل وسيلة عامل تأثير على المجتمع، قد يكون سلباً أو إيجاباً. "عربيات" تساءلت عن دور الإذاعة في تطوير المجتمع، لترد مروة سالم بقولها "طرح الأفكار الإيجابية هو أمر مهم جداً وعرض النماذج الناجحة المشرفة بالإضافة للقضايا التي تهم الجمهور مع اقتراح حلولها". بينما نهال آل صابر تقول: "المجتمع متعطش للتطوير والتثقيف والتنوير لذلك كل وسيلة إعلامية لديها تلك الرسالة تحملها على عاتقها كأمانة لإصلاح ما يمكن إصلاحه".

 

إحصائيات عن الراديو:

ـ يوجد الآن أكثر من 44000 محطة إذاعية في العالم.

ـ دخل الراديو أكثر من 75 في المئة من البيوت في الدول النامية.

ـ يصل الراديو إلى أكثر من 70 في المئة من سكان العالم عبر الهواتف المحمولة.