حاجة البحرين ‘للكسرة‘ في انتخاباتها

انتخابات البحرين ... قراءة في حظوظ المرأة

رباب أحمد - البحرين
صور وفيديو

تأتي انتخابات 2010 البحرينية، وسط أجواء أمنية مشددة، بعيد ما شهدت البحرين ما سمي بـ "المخطط الإرهابي"، الذي وجهت فيه الحكومة تهم إلى بعض من قيادات المعارضة البحرينية بالتخطيط لقلب نظام الحكم والتهديد باستقرار أمن البلاد ، خلال رمضان الماضي. وبعد إغلاف هيئة شؤون الإعلام العديد من المواقع الإلكترونية، وسحب تراخيص نشرات جمعيات سياسية معارضة.

وبالرغم من أن الحكومة البحرينية قد قامت خلال هذه الانتخابات، بإستبدال صناديق الإقتراع بصناديق شفافة، لمزيد من الشفافية، إلا أن المعارضة البحرينية النشطة غير راضية عن هذا مدى الشفافية بالانتخابات، وطالبت المعارضة بالسماح للمنظمات الدولية بمراقبة الانتخابات.

وقد  بلغ عدد المترشحين للانتخابات النيابية 148 مترشحاً، بينهم 8 مترشحات، أما عدد المترشحين لانتخابات المجلس البلدي فقد بلغوا 184 مترشحاً، بينهم ثلاث مترشحات. حصد حتى الآن خمسة من مرشحي المجلس النيابي مقاعدهم بالتزكية، من بينهم لطيفة القعود، والأخيرة تظفر بالمقعد بالتزكية للمرة الثانية على التوالي، لعدم ترشح أحد سواها، لتكون بذلك أول بحرينية وخليجية تصل إلى مجلس النواب ممثلة لسادسة الجنوبية، وهي دائرة مكونة من عشرة مجمعات سكنية تمثل خمسة منها جزيرة حوار، إضافة إلى مناطق الدور والقرين وأم جدر الصمان وحد الجمل.

وبخلاف الفصلين التشريعيين السابقين للانتخابات البحرينية، فإن حمى الاستعداد لانتخابات دورة 2010 ، قد بدأت باكراً، إذ أعد المرشحين والجمعيات السياسية ما استطاعوا من تعبئة جماهيرهم منذ رمضان قبل الماضي. وباستثناء حركة حق غير المسجلة "وأشقائها" تيار الوفاء، جمعية أمل وآخرين، فإن الجمعيات السياسية بما فيها جمعيات المعارضة البحرينية_ المقاطعة لانتخابات 2002_ تحث في تجمعاتها وفعاليتها على ضرورة المشاركة في انتخابات مجلس النواب التشريعي ، الذي يعاضده مجلس الشورى المعين أعضاءه من قبل عاهل البلاد، والمكون من أعضاء رجال ونساء.

 


القعود‘ النيابية الخليجية الأولى تتزكى للمرة الثانية للمقعد


وبالعودة، إلى لطيفة القعود، فأنه وبالرغم من كون أنظمة ولوائح وتشريعات المجلسين النيابي والبلدي البحريني، تسمح للمرأة في المشاركة بالانتخابات سواء بالترشح أو التصويت، وبرغم وصف المراقبين لأجواء البحرين بالليبرالية مقارنة مع الدول الخليجية الأخرى، فأن القعود هي المرأة الوحيدة حتى الآن الواصلة للمجلس.

وانخفضت عدد المرشحات لانتخابات المجلسين البلدي والنيابي في 2010 إلى 11 مرشحة، بعدما كانت في 2006 ( 18 ) مرشحة، أما انتخابات 2002 فلم يتجاوز عدد المرشحات فيها 8 مرشحات.

مرشحات انتخابات المجلس النيابي لهذا العام إلى جانب لطيفة القعود هن: منيرة فخرو مرشحة جمعية وعد للمرة الثانية على التوالي عن رابعة الوسطى. ويراهن الكثير من المحللين والمراقبين على فوز فخرو هذه المرة، سيما أنها أوشكت على الفوز في انتخابات العام 2006 في مقابل منافسها رئيس جمعية المنبر الإسلامي صلاح علي ، حيث حصلت فخرو على أعلى الأصوات في دائرتها ، غير أن إضافة أصوات الدائرة إلى أصوات المراكز العامة، حال دون فوزها بالمقعد. وينافس فخرو هذه المرة ثلاثة مستقلين.

 

 

فخرو: المجتمع البحريني يثق في قدرة المرأة على القيادة
 

تقول منيرة فخرو في تصريح خاص لـ عربيات: "لن اتهم أحد لكني أطلب من الحكومة الوقوف على الحياد"، فخرو التي أزالت بلدية محافظة الوسطى واللجنة الاشرافية بالمحافظة يافطاتها على الشوارع لأحتوائها على شعار قائمتها "بسنا فساد"، أشارت إلى أن تمزيق الصور وطباعة أخرى كلفها آلاف الدنانير، الجدير بالذكر، أن المحكمة حكمت الخميس الماضي لصالح إبقاء شعار ‘بسنا فساد‘ على إعلانات فخرو.

منيرة فخرو عضو هيئة التدريس السابق بقسم العلوم الاجتماعية في جامعة البحرين، والناشطة النسائية تؤكد على أن المجتمع البحريني يثق كثيرا في قدرة المرأة على القيادة، ويتقبل قيامها بالأدوار القيادية واستدلت فخرو بذلك على فوز سبيكة النجار في انتخابات الجمعية العالمية "هيومن رايتس ووتش"، وفوز امراة في انتخابات رئاسة جمعية حماية المستهلك البحرينية.

وكذلك تترشح ليلى رجب عن جمعية الفكر الوطني الحر، مرشحة الدائرة التاسعة بالمحاظفة الوسطى أمام منافسين أحدهمها، خليفة الظهراني والذي شغل رئاسة مجلس النواب في الفصلين التشريعين الأول والثاني.

والمرشحة مريم الرويعي والتي تشغل رئيس الإتحاد النسائي البحريني، فقد ترشحت مستقلة وللمرة الثانية عن الدائرة الأولى في المحافظة الجنوبية، أمام منافسين أيضا، أحدهمها النائب السلفي المستقل السابق جاسم السعيدي.

والمرشحة هدى المطاوعة الأستاذ المساعد بقسم الإعلام والسياحة والفنون في جامعة البحرين، مرشحة ضمن جمعية التجمع الوطني الدستوري عن ثانية المحرق وللمرة الثانية أيضا، وينافسها 5 مرشحين، أحدهم ابراهيم بوصندل مرشح كتلة الأصالة ونائب سابق، والمرشح صلاح الجودر المستقل والقريب من المعارضة، وأخرون.
وإلى جانب هدى المطاوعة، تدعم جمعية التجمع الوطني الدستوري المرشحة زهرة حرم، عن خامسة الوسطى. و ينافس زهرة عبدعلي حسن مرشح جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، بالإضافة إلى ثلاثة مرشحين مستقلين.،  وإيناس شبيب المرشحة المستقلة عن ثالثة الشمالية.ينافس إيناس مرشح الوفاق عبدالحسين المتغوي، النائب السابق، وثلاثة مرشحين مستقلين، إلى جانب مرشحة عن جمعية الفكر الوطني الحر رجاء جعفر، وتترشح باسمة الصالح في ثامنة العاصمة مستقلة، في مواجهة مرشح الوفاق جميل كاظم، النائب السابق، ومحمد العويناتي المستقل.
 

خلو قوائم الجمعيات السياسية المعروفة من المرشحات


وإذا استثنينا قائمة مرشحي ‘بسنا فساد‘ بجمعية العمل الوطني الديمقراطي ‘وعد‘ ، فإن الجمعيات السياسية المعروفة الدينية واليسارية ، المعارضة والموالية منها، لم تطرح في انتخابات هذا العام مرشحات ضمن قوائمها الانتخابية. فقد أعلنت مسبقاً جمعية الأصالة الإسلامية _تيار سلفي_ عن عدم إيمانها بترشيح النساء في الانتخابات. ورغم التكهنات بترشيح جمعية المنبر الوطني الإٍسلامي _أخوان مسلمين_ لمشرحات ضمن قوائم مرشيحها، لم تطرح قائمة المنبر نساء ضمن قائمتها.

وكذا الأمر بالنسبة إلى جمعية الوفاق الوطني الإسلامية _شيعة_، إذ كان من المتوقع وفق تحليلات مراقبين أن تطرح الوفاق أربع مرشحات ضمن قائمتها الانتخابية، لكن أسماء مرشحي قائمة الوفاق النهائية "ديرتنا نحميها" خلت من وجود أي امرأة. كما لم تطرح قائمة "البديل الوطني " في جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي نساء ضمن قائمتها.

 

مرهون: نظرة المجتمع الدونية لقدرات المرأة تحول دون وصولها للمجلسين
 

وترجع رئيس جمعية المرأة البحرينية عضو الإتحاد النسائي البحريني نعيمة مرهون حاجز وصول المرأة البحرينية للمجلسين النيابي والبلدي إلى النظرة المجتمعية الدونية لقدرات المرأة في القيادة. وتستدرك مرهون في حديثها مع عربيات: "كما أن النظام الانتخابي الذي يقسم البحرين التي لا تتجاوز مساحتها 700 كلم2 إلى 40 دائرة انتخابية، إلى جانب عدم وجود ما أنظمة تساهم في زيادة حضوة وصول المرأة ، كنظام "الكوتا" المعمول به في عدد من الدول العربية"

وتفسر مرهون ما وصفته بالنظرة الدونية لعدد لا يستهان به من المجتمع للمرأة ، بتأويل النص الديني بما يتناسب ومصالح الرجل، على حد قولها.إلى جانب الأعراف التي تعزز عدم استقلالية المرأة في إتخاذ القرار.

وتلقي مرهون بلومها على الجمعيات السياسية الدينية ذات الشعبية العالية، عدم طرحها لمرشحات ضمن قوائمها. وتقول: "لو كانت هذه الجمعيات تريد وصول المرأة للمجلسين لطرحت مرشحات ضمن قوائمها، فوصول المرأة ضمن قائمة الجمعيات المعروفة أسهل من كونها مستقلة"، وتضيف مرهون: "أما الجمعيات السياسية اليسارية، ومع تراجع المد اليساري في البحرين فأن حظوظ الرجل فيها منخفضة، فكيف بها حين تطرح نساء في مجتمع ذكوري، إذا تتراوح وجهات النظر حول عدم وصول المرأة البحرينية للمجلسين النيابي والبلدي بين المعوقات المجتمعية، والسياسية. ومن الملاحظ وجود بعض الفئات المجتمعية التي لا تؤمن بترشيح المرأة لنفسها للانتخابات في البحرين، لكن هذه الفئة لا تشكل النسبة الأكبر من المجتمع. وحتى هذه الفئة الغير راضية عن دخول المرأة للانتخابات، لا تصرح علناً عن رفضها التام لدخول المرأة في المجالس البحرينية، كما أنها حين يتعلق الأمر بالظهور في وسائل الإعلام أو المحافل العامة، تبرر رفضها بصورة تجعل منه رفض جزئي وليس كلي لدخول البحرينية للمجلسين".

المواطنين: قليل من الرافضين، مزيد من المتحفظين وآخرين يدفعون بدخول المرأة المجالس


فاطمة الشابة من منطقة سترة تقول بأنه من المعيب بحسب الأعراف جلوس المرأة مع الرجال في المجالس، وعرض صورها في كل مكان اثناء الانتخابات وبعد فوزها. وتضيف فاطمة الخريجة الجامعية: "ليس للمرأة القدرة على الفوز، كما أنها لو دخلت المجلس لن تستطيع تأدية دورها بالصورة المطلوبة، فطبيعتها كأنثى غير مؤهلة للقيام بهذه الأدوار" مشيرة إلى أن المرأة مهما بلغت من علم ورصيد مهني فأن مكانها الطبيعي والحقيقي هو الأعتناء بزوجها، وتربية أولادها..

وكذا الأمر بالنسبة إلى أبو خالد الخمسيني، والذي رفض هو الآخر ذكر اسمه وفضل ذكر كنيته معللا بـ ‘بعدين بقولون عني اني ضد المرأة !‘. ويوضح أبو خالد من سكنة أولى الجنوبية إلى ‘عربيات‘ أنه لن يصوت إلى المرشحة في دائرتهم، فـ ‘ما فاز قوم ولوا شؤونهم إلى امرأة‘. حسناً، يمكن إجمال رفض دخول المرأة للمجلسين النيابي والبلدي بين الدين والأعراف المجتمعية.

لكن حدة هذا الرفض، تقل إلى تحفظ جزئي من قبل البعض الآخر، فالمواطن محمد الموسوي لا يرى مانعاً من ترشح المرأة لانتخابات المجلس النيابي، لكن متحفظ على ترشحها للمجلس البلدي. ويؤكد الموسوي لـ عربيات بأن ظروف ومتطلبات هذه الوظيفة صعبة على المرأة، فهي تتطلب احتكاك مباشر بالمواطنين والأهالي وعمل ميداني كونه مجلس خدماتي، وإذا لم تلبي هذه المتطلبات سيضعف اداءها من هذا الجانب. ويشير الموسوي إلى أن الدين الإسلامي لا يحرم ترشح المرأة للانتخابات، فقط هي الأعراف التي تمنع هذا.

من جانبه، يفصح سيد حميد سيد باقر عن وجهة نظره لترشح المرأة في الانتخابات ، فيقول: " لو كانت هناك مرشحات في دائرتي لن أصوت لهن، ليس لعدم كفاءتها، ولكن المرأة في البحرين لازالت غير مهيئة للدخول في الانتخابات، وغير متخصصة في المجال السياسي". بيد أن سيد حميد لن يجد مانعاً من التصويت إلى امرأة في الانتخابات، لو كانت هذه المرأة ضمن القائمة السياسية التي ينتمى لها، وهي جمعية الوفاق الوطني الإسلامية.

ويوضح سيد حميد: "الوفاق رأت صعوبة دخول المرأة للانتخابات، لجدة الحياة البرلمانية في البلاد، ففي النهاية المجتمع البحريني شرقي".

أما الموظفة بإحدى الدوائر الحكومية أنيسة سيف فأنها ترى في المرأة البحرينية القدرة على الانجاز، وقد تفوق قدرة الرجل في ذلك، فنحن نريد من يوصل صوتنا تحقيق مطالبنا، ولن يكون هناك فرق في كون من سيوصل هذا الصوت امرأة أو رجل. وتطالب سيف بضرورة زيادة التدابير الحكومية المساهمة في وصول المرأة للمجلس.

وأكدت سيف بأنها ستدلي بصوتها في الانتخابات، كونه حق وطني، كما ان جلالة الملك حث على المشاركة في الانتخابات.

ويشدد الكاتب والصحافي أحمد البوسطة على أن نظام الدوائر المعمول به الآن لن يسهم في وصول المرأة للمجلسين، وليس عدم ثقة المجتمع بها، فالمجتمع يؤمن بقدرات المرأة البحرينية منذ القدم. ويستنكر البوسطة العمل بنظام 40 دائرة ، ويطالب بتقليص عدد دوائر الانتخابات البرلمانية على الأقل، أو جعل البحرين دائرة واحدة بأكملها، ذلك أن تقسيم البحرين إلى عدة 40 دائرة يجعل من المرشح النيابي ممثل عن دائرته، في الوقت الذي يجدر به أن يكون ممثل عن الشعب بكل ما يحوي من أطياف وتلاوين.
 


المجلس الأعلى للمرأة: ‘حطي الكسرة وغيري‘
 

من جهته، يقوم المجلس الأعلى للمرأة في البحرين_الجهة الرسمية المعنية بشؤون المرأة_ بحملات توعوية، للمجتمع سيما فئة الشباب حول مشاركة المرأة في الانتخابات، فإلى جانب ورش العمل والمحاضرات، أطلق المجلس حملة ‘حطي الكسرة وغيري‘ والتي تهدف إلى حث النساء على الإدلاء بأصواتهن، وإتخاذ قرار مستقل حول المرشح أو المرشحة التي ستصوت لها. بيد أن المجلس أعلن غير مرة، أن الدعم المادي للمرشحات، ليس ضمن مهامه وصلاحايته. وعلى صعيد أخر، يرفض المجلس الأعلى للمرأة الأعمال بنظام الكوتا، الذي تطالب به الجميات الأهلية النسائية والتيارات المناصرة للمرأة.

وبدورها، أطلقت جمعية نهضة فتاة البحرين مشروع "انتخوبها 2010"، والهادف إلى الدعم و الترويج والحث على ضرورة وأحقية مشاركة المرأة في الانتخابات النيابية والبلدية. وأوضح فريق عمل انتخبوها 2010" لـ"‘عربيات" بأنه بدأ عمله منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، حيث وضع أجندة متكاملة من بداية مايو/أيار الجاري حتى أيام الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني من خلال المطويات، وورش العمل والمحاضرات في مقر الجمعية بعالي والمخصصة للنساء من كافة الشرائح والأطياف والأعمار، إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني.

وراء وصول كل مرشح ... امرأة
 

وبعيداً عن المرشحات، فأنه يمكن القول بأن وراء وصول كل مرشح امرأة ، حيث تعمل الكثير من النساء في الحملات الإنتخابية للمرشحين والمرشحات. وتصل هؤلاء النسوة في دورهن بالحملات الإنتخابية إلى أماكن لا يمكن للرجل الوصول إليها، فللمرأة مثلا القدرة على الدخول للبيوت للقيام بحملات المرشحين، الأمر الذي لا يكون من السهل على الرجل القيام به، سيما في المجتمعات المحافظة.

كما أثبتت إحدى الدراسات البحرينية بأن للمرأة قدرة على الاقناع تفوق قدرة الرجل. ناهيك عن أن النساء أكثر عدداً من الرجال في البحرين، فبحسب التعداد السكاني، فأن النساء الناخبات يشكلن ما يقارب 50% من إجمالي الناخبين وفق مراقبين.