الثورة التي أربكت الحسابات والتصريحات الأمريكية

ميدان التحرير بأعين الصحف الغربية

السباعي عبد الرؤوف
صور وفيديو

أثارت الأحداث الجارية في مصر إهتمام وسائل الإعلام العربية والعالمية، وأدى التصعيد المتلاحق للأحداث إلى أن تتصدر صفحات الصحف الأجنبية تأكيداً على مكانة مصر وقلق العالم من انعكاسات هذه الأحداث عليها وعلى العالم. ولقد بدأ اهتمام الصحف الأجنبية بما يجري في مصر منذ يوم الأربعاء 26 يناير وهو اليوم الذي تلى مظاهرات الغضب ولقد وصفت صحيفة الجارديان تلك المظاهرات بأنها ستفتح أفاقا جديدة في مصر وتحدثت الصحيفة عن قيام رجال الشرطة باستخدام القنابل المسيلة للدموع، أما صحيفة الديلي تليجراف فقد أشارت إلى أن هذه المظاهرات تمثل أكبر إحتجاجات تشهدها مصر منذ فترة طويلة. من جانبها أكدت صحيفة نيويورك تايمز أن ما يحدث في مصر مستوحى من ثورة تونس وأن المصريين أطلقوا على تلك المظاهرات بأنها مظاهرات يوم الغضب وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة المصرية سمحت ببدء المظاهرات ولكنها شعرت بالقلق فيما بعد وحاولت تفريقها واستخدمت القوة للقيام بذلك، وأنهت تقريرها بأن المظاهرات امتدت لمناطق أخرى في مصر مثل المحلة الكبرى والإسكندرية والسويس.
 

في نفس اليوم ذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز أن السبب في تلك المظاهرات هو انتشار البطالة والفساد في مصر مما أدى إلى إنضمام الكثير من الرجال والنساء إلى شباب الفيس بوك الذي بدأ الإنتفاضة، وأشارت إلى أن ما حدث هو أول بشائر الثورة المصرية، وتابعت جريدة الجارديان ما حدث في اليوم الثاني من الثورة المصرية وأشارت إلى تجربة مراسلها جاك شنيكر الذي تعرض للضرب والإعتقال هو ومجموعة أخرى من المتظاهرين، ووصف شنيكر المعاملة السيئة التي لاقاها على أيدي الضباط والجنود المصريين بالقسوة والوحشية. أما الإندبندنت فقد أشارت في عناوينها إلى أن مصر أصحبت على أعتاب التغيير، وأن المظاهرات التي تجري فيها لم يكن لها مثيل من قبل، أما التليجراف فقد تابعت ردود فعل المسئوليين الأجانب على ما يحدث في مصر وركزت على قول هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية عن أمنياتها بأن تقوم الحكومة المصرية بعمل المزيد من الإصلاحات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية .


شباب الفيسبوك قوة ثالثة لم تكن في الحسبان


من جانبها أشارت النيويورك تايمز إلى أن نزول الألاف من الشباب المصري في المظاهرات كان مفاجأة للجميع وللولايات المتحدة الأمريكية التي دأبت على القبول بما يقوم به النظام الحاكم بحجة الخوف من تصاعد قوة الإخوان المسلمين، ولكن ظهر الشباب كقوة ثالثة لم تكن في الحسبان، وأكدت الصحيفة أن هؤلاء الشباب سيفرضون واقعاً مغايراً على مصر، كما أنهم سيغيرون من نظرة الولايات المتحدة الأمريكية لواقع وتركيبة الشعب المصري، وذكرت أن حركة الشباب الثورية قد إتخذت من د.محمد البرادعي رمزاً لها ووضعته في الواجهة وإن كان الفضل الأساسي لقيام تلك الثورة يعود إلى الشباب وحدهم.
 

وفي يوم الخميس ثالث أيام الثورة جاء في الواشنطن بوست أن الولايات المتحدة إضطرت إلى تغيير موقفها مما يحدث في مصر على ضوء التطورات المتتالية، وطلبت الإدارة الأمريكية من النظام المصري عدم كبح المظاهرات السلمية وعدم منع وسائل الإتصال والإنترنت كما حذرت من ممارسة العنف مع المتظاهرين.
 

بدأ النظام المصري في التراجع مع تزايد حدة المظاهرات، فتم تعيين نائباً للرئيس ورئيساً للوزراء مع تشكيل حكومة جديدة، ولقد رصدت الصحف الأجنبية هذه التغيرات وبدا من الواضح أن سقف مطالب يرتفع مع تزايد الدعم الشعبي والتأييد الدولي، إلى جانب الضغوطات من الأنظمة الغربية حتى أعلن الرئيس مبارك أنه لن يرشح نفسه في الدورة الرئاسية القادمة وهو ما وصفته صحيفة الجارديان بأنه نتيجة لضغوط أمريكية بينمايرى الشباب أنه نتيجة للثورة الشعبية، وأشارت الجريدة إلى أنه بالرغم من الإعلان عن رحيل مبارك إلا أن النظام ما زال قوياً بدرجة كبيرة وليس من السهل سقوطه.
 

أما روبرت فيسك في صحيفة الإندبندنت فقد ذكر أن إعلان مبارك عدم الترشح مرة أخرى لم يكن كافياً لجموع المتظاهرين الذين أصروا على أن يتم ذلك الآن وعدم الإنتظار إلى سبتمبر وقرروا أن يقوموا بمظاهرات مليونية يصلون بها إلى قصر الرئاسة ولكنهم تراجعوا عن ذلك خشية حدوث صدام دموي مع الشرطة، ولقد أثارت صحيفة الإندبندنت مخاوف من سقوط نظام مبارك وقيام نظام إسلامي شبيه بالنظام الموجود في إيران وغزة.
 

وبالرغم من ظهور مؤيدين لمبارك بعد خطابه المؤثر الذي أعلن فيه أنه سيعيش ويموت على أرض مصر، وأن التاريخ هو الذي سيحكم على فترته وما قدمه لمصر طوال عمره، وبالرغم من قيام مظاهرات كبيرة تطالب ببقائه، إلا أن مظاهرات أكبر قابلتها في ميدان التحرير ومدن أخرى في مصر مطالبه برحيل فوري، وهو ما جعل عمر سليمان وغيره من القادة العسكريين يفكرون كما جاء في النيويورك تايمز في الحد من سلطات الرئيس المصري ونقله من القصر الرئاسي وهي الفكرة التي طرحها عليهم أوباما بأن يذهب مبارك إلى شرم الشيخ أو ألمانيا لعمل فحوص طبية ويقومون بسحب صلاحياته تدريجيا، ومع ذلك فإن عدد من المسئولين في إدارة أوباما يرون أن خروج مبارك مبكراً من الحكم قد يؤدي إلى حدوث فراغ في السلطة يؤدي إلى حالة من الفوضى .
 

من جانبها قامت مجلة إيسكوير بالتفكير في المرحلة التي تلي مبارك، وقدمت عشرة أسماء رشحتها لتولي الحكم بعده ومنها عمر سليمان وأحمد شفيق، والسيد البدوي، وأيمن نور، ولقد كانت الأحداث في مصر هي محط أنظار العالم ، وكانت الخبر الرئيسي في كل الصحف الأجنبية مما يكشف عن أهمية مصر ومكانتها العالمية وعن قلق العالم مما يحدث فيها من إضطرابات وقلاقل.

"توماس فريدمان" في ميدان التحرير تلاشى الخوف من عواقب التعبير بحرية

الكاتب توماس فريدمات بصحيفة نيويورك تايمز كتب من ميدان التحرير مستغرباً أن كل شخص تحدث معه كان حريصاً على كتابة تصريحه ومطالبه موقعه باسمه كاملاً بشكل صحيح، معتبراً أنه مؤشر على أن الشعب لم يعد يخشى من التعبير بعد أن تمتع بالحرية في هذا الميدان، ومضيفاً أن لدى المتظاهرين إيمان عميق بأهمية وتاريخ بلدهم لكنهم بحاجة إلى تنظيم صفوفهم ليخرج من بينهم متحدثين وأشخاص بوسعهم مناقشة الأوضاع الجديدة مع الجديد.