بعد خروج مظاهرة تدعو المسلمين للعودة إلى منازلهم وضرب زوجاتهم

"أنا مسلم أيضاً" مسيرة أمريكية مضادة لـ "فوبيا الإسلام"

السباعي عبد الرؤوف
صور وفيديو

يبدو أن أجواء ما بعد 11 سبتمبر من مظاهر العداء للإسلام قد عادت من جديد في مدينة أوربا ليندا "ضاحية بمقاطعة أورانج في ولاية كاليفورونيا"، حيث قامت مجموعة من المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية بالدعوة لحضور حفل لجمع التبرعات للمسلمين، ولكنهم فوجئوا بوجود عشرات من المحتجين الأمريكيين الذين حاولوا الإعتداء عليهم وتوجيه هتافات مهينة لهم ومسيئة للدين الإسلامي وللرسول محمد صلى الله عليه وسلم.


وجاء في الفيديو الذي وزعه مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية للحقوق المدنية هجوم شديد تجاه المسلمين القادمين مع أطفالهم لحضور حفل العشاء ووجهت لهم عبارة عنيفة مثل :"عودوا إلى بلادكم أيها الإرهابيون" و"عودوا إلى منازلكم واضربوا زوجاتكم فهن بحاجة ماسة للضرب إضربوهن مثلما تفعلون كل ليلة".

يظهر في الفيديو أيضا شخصيات عامة مثل "إيد رويس" عضو الكونجرس الجمهوري الذي هاجم سياسة تعدد الثقافات معتبراً أنها تصيب أمريكا بالشلل ومطالباً بإتخاذ إجراءات  حاسمة ضد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، كما خرجت تصريحات عنصرية من "ديبورا بولي" عضو الحزب الجمهوري حيث صرخت في المتظاهرين قائلة: "إنهم يريدون دخول الجنة... حسناً إبني البالغ من العمر 19 عاما هو أحد  جنود المشاة البحرية الأمريكية  وسيكون هو ورفاقه سعداء بمساعدة  المسلمين  على عقد إجتماع مبكر في الجنة"، وأكدت أن مثل هذه الإجتماعات محض شر ويجب عدم السماح بها ثانية.
 

كما أشارت صحيفة مقاطعة أورانج المحلية إلى أن المتظاهرين رفعوا لافتات معادية للإسلام كما رفعوا لافتات تندد بالشريعة الإسلامية وتحول الأمر إلى ما يشبه نزهة يقوم بها المتظاهرون في الإحتفال بالأعياد القومية، ومن جانبه أكد المتحدث الرسمي بإسم الدائرة الإسلامية للإغاثة في شمال الولايات المتحدة الأمريكية "وقاص سيد" في بيان نشر على موقع الدائرة أن الجالية الإسلامية تؤكد إيمانها بحق المتظاهرين في التعبير عن أرائهم بحرية وطالبهم في الوقت نفسه بنبذ مشاعر الخوف والكراهية وإستبدالها بالسلام والحوار.
ولقد أثارت هذه الأحداث إستياء عدد من المحللين من بينهم "ريتشارد أدامز" الصحفي البريطاني في جريدة الجارديان والذي أكد أن ما حدث في مقاطعة أورانج يكشف الوجه القبيح لمخاوف الأمريكان من المسلمين ودلل على ذلك بذكر الهتافات التي رددها المتظاهرون بأنهم لن ينسوا أبداً ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر.
 

وفي تطور لما يمكن أن نطلق عليه مخاوف أمريكية تجاه المسلمين دعا النائب الجمهوري "بيتر كينج" إلى عقد إجتماع للكونجرس لمناقشة ما أطلق عليه إسم الخطر الإسلامي على الولايات المتحدة، وأشار إلى أن بعض المسلمين يشكلون خطراً على الولايات المتحدة الأمريكية ودلل على ذلك بالتهديدات الأمنية التي أحبطتها الولايات المتحدة من جانب أشخاص دربهم تنظيم القاعدة، من بينهم الأفغاني نجيب الله زازي الذي أقر بأنه شارك في مؤامرة إستهدفت تفجير قطارات في نيويورك.


ورداً على هذه التحركات، خرجت مسيرة مضادة في ميدان (تايمز سكوير) بمدينة نيويورك منادية بالتضامن بين الأديان، شارك فيها قرابة الألف شخص ينتمون إلى ما يزيد عن 75 من المنظمات الدينية والحكومية وجماعات الحريات المدنية وذلك بغرض إظهار أن المجتمع الأمريكي يسعى إلى توثيق الروابط بين الأديان المختلفة لا تفكيكها، وهتفت المسيرة ضد التعصب الناتج عن الجهل والمخاوف التي لا أساس لها، مؤكدة في الوقت نفسه أن الأمريكي المسلم يمكن أن يكون متديناً دون أن يؤثر هذا على ولائه لبلده، وحملت المسيرة لافتات كتب عليها (أنا مسلم أيضاً).
  

 أليسون: من يستهدف المسلم اليوم سيستهدف اليهودي غداً
 

وفي هذا السياق صرح النائب الديمقراطي  المسلم "كيث أليسون" أول نائب مسلم بالكونجرس أنه يخشى من أن تؤدي جلسات الإستماع في الكونجرس إلى إستهداف المسلمين في أمريكا بشكل ظالم، وأضاف أن هذه الممارسات تدعم وجهة النظر القائلة بأن أمريكا تحارب الإسلام، وأشار أبو عبد الله أحد المشاركين في المسيرة والبالغ من العمر 57 عاما في حديثه لجريدة نيويورك تايمز  إلى أن أعضاء الكونجرس يستهدفون المسلمين اليوم ولكنهم غداً قد يستهدفون اليهود أيضاً ملمحاً إلى أن التعصب لا  يفرق بين الأديان وداعياً إلى نبذ التعصب ودعم الحوار المدني وحذر من أن بيتر كينج بتصرفاته هذه يجعل الأمريكيين مثل مجتمع أسماك القرش الذي يأكل بعضه بعضاً.
 

وأشار تقرير جريدة نيويورك تايمز إلى أن المسيحين والمسلمين واليهود اجتمعوا في هذه المسيرة وهتفوا (العار العار لبيتر كينج)، كما صرح مجدي سلامة -صاحب شركة صغيرة يبلغ من العمر 50 عاما شارك في المسيرة-  بأنه يخشى أن يكبر أطفاله الثلاثة في مجتمع يسوده التعصب تجاه المسلمين، وقال إن المجتمع الأمريكي مجتمع حر ويجب أن تكون هناك حرية دينية، من جانبه أصر "بيتر كينج" على رأيه وأكد على أهمية عقد جلسات للكونجرس لمناقشة الخطر الإسلامي وصرح لجريدة ديلي نيوز إن التهديد الإرهابي الذي يمثله الإسلام أصبح من الداخل أكثر مما هو من الخارج .
 

وأكد "بيتر كينج" أن الجلسات تستهدف المجتمع الإسلامي الذي تسبب في الكثير من المآسي السابقة للولايات المتحدة الأمريكية، مشيراً إلى أن تاريخ المسلمين يحمل الكثير من السوابق التي تؤكد تعصب البعض منهم، وقال إن الجهاديين يتم تجنيدهم من داخل المجتمع الأمريكي مثلما يتم تجنيد أعضاء منظمات المافيا من داخل المجتمع الإيطالي.
 

يبدو أن دعوة بيتركينج لم تلاقي الترحيب من المسئولين الأمريكيين فقد صرح "دينيس ماكدونو" نائب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض أن مواجهة دعوة "بيتر كينج" أمر حتمي لسلامة وأمن المجتمع الأمريكي فليس من الطبيعي تشويه سمعة مجتمعات بأكملها بسبب تصرفات بعض أفرادها وأضاف أن الولايات المتحدة لا يتم تحميل الجرائم فيها بالتبعية .
 

وفي نفس السياق أشارت صحيفة يو إس توداي الأمريكية أيضاً إلى أن "دينيس ماكدونو" صرح بأن الرئيس أوباما يسعى لمنع الإرهاب ولكن جزءاً مهماً من هذا المنع يظهر في تبديد الأساطير التي تكونت على مر السنين، ومن أهمها تلك المعتقدات الخاظئة عن المواطنين الأمريكيين الذين يدينون بالإسلام.