لتعطيل الفعل

(أنا مالي) وأخواتها

رانية سليمان سلامة

يبدو لي أن (أنا مالي) وأخواتها أصبحت اليوم أحوالاً مضارعة ناقصة وممنوعة من الصرف دخلت معاجم اللغة وغدت دارجة الاستخدام لتنافس (كان وأخواتها) و(إن وأخواتها) غير أنها خلاف لأخواتها ودورها الفعال, (أنا مالي) وأخواتها تُعطّل عمل الأفعال والتفاعل بأعذار مُثبطة للهمم ومُحبطة للعزائم..

وهي في الواقع ليست قاعدة من اختراعي بل هي لسان حال الكثير منّا على ما يدور حولنا من أحداث, وتُعتبر امتداداً للسلبية التي تُعاني منها شخصيات عديدة في مجتمعاتنا. وبالرغم من أنها تعيش بيننا, بل وربما تسكن فينا, إلا أننا بحاجة لأن نتعرف عليها ونعترف بها على أمل أن يكون هذا هو أول الطريق للعلاج, أو لعلنا على أقل تقدير نجد لها محلا من الإعراب.
الحالة الأولى هي (أنا مالي), وهي تلك التي تستصغر دورها ولا تُدرك قيمتها كفرد في المساهمة بإحداث تغيير إيجابي يتعدى النطاق الضيق الذي يتجاوز محيط حياتها الخاصة... فإذا ما طرحت عليها المخاطر والتحديات التي تمر بنا وبالعالم في هذه المرحلة الحرجة ودعوتها للمشاركة في مجرد التفكير لإيجاد حلول والمشاركة فيها, ستستمع إلى (وأنا مالي)!!.... وقد يعكس هذا الرد غرقاً في الذاتية, أو إيثاراً للبعد عن المشاكل.

الحالة الثانية هي (أنا عاجز), وهي التي تفتقد الثقة بالنفس وتُواجه الأحداث المؤلمة بالإحباط وتعزو سلبيتها إلى قلة الحيلة.... فقد تكون لها رؤية, لكنها تفتقد إلى القدرة والآلية المساعدة لتفعيلها ولا تتحلى بعزيمة تخطي العوائق خوفاً من الفشل وافتقاداً للثقة في إمكانية أن تحقق نجاحاً يذكر, ينعكس على من حولها ويُساهم بشكل إيجابي بحل المشكلات.
الحالة الثالثة (أنا ساخط) وهي لسان حال من لا يرى من الكوب سوى الحيز الفارغ, فيصبّ جام غضبه على الآخرين وتقاعسهم وتخاذلهم, ويُفند أخطاءهم ويرصد سلبياتهم, وينشر تلك النظرة السوداوية والقاتمة عن المستقبل ليُغلق باب الأمل في وجهك ويتخذ مكانه في محطة الانتظار إلى أن يُبادر الآخر بإصلاح نفسه.... وقد ينكر هذا الشخص وجود نواقص في نفسه وقاية لها من القلق وتخلصاً من مسؤولية المبادرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وبالرغم من انتشار هذه الحالات, إلا أن البعض قد وجد العلاج الفعال لها والذي يتمثّل بقاعدة (أنا مهم) , و(أنا أولاً), وهو ما سأتطرق إليه لاحقاً إذا لم تشعروا معي بأنني (أنا مملة)....


*رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ