مفتوحة الصلاحية

وجهة نظر

رانية سليمان سلامة

أحتفظ بكنز ثمين هو عبارة عن أرشيف للمواضيع والرسائل الإلكترونية التي وصلتني أو التي قرأتها منذ عشر سنوات حتى اليوم، أجملها بالنسبة لي هو ما جمعته من تلك الفترة التي سبقت انطلاقة الإنترنت رسمياً في المملكة، وأجمل ما في ذلك الأرشيف هو أن محتوياته ليس لها تاريخ انتهاء صلاحية لذلك سأستمتع معكم بتناول وجبة سريعة من وجهات النظر الطريفة كتبها شخص يدعى (باني) في عام 98م.

- التبرج والحجاب: لو أخذنا مفهوم التبرج و الحجاب لوجدنا هناك تفاوتاً في التعريف يجعل النقاش أكثر غموضا بسبب ثلاثة عوامل هي (الدين، المكان، الزمان) فمفهوم التبرج لدى رجل البادية أقرب لمفهوم رجل مسيحي في أسيوط بمصر منه لمفهوم رجل مسلم في اندونيسيا. والنساء اللواتي تثار قضية منعهن من ارتداء الحجاب في الغرب لو قدر لهن الانتقال إلى الشرق قد يتحول تصنيفهن من متحجبات إلى متبرجات دون أن يتغير لباسهن ولكنه فرق المكان. أما بالنسبة لعامل الزمان فخروج المرأة في المجتمع الذي أعيش فيه أنا إلى السوق كان تبرجاً أما اليوم ورغم أني أعيش في نفس المكان لم يعد إلا قلة يرونه تبرجاً.

- السباحة في نجران: مشكلتنا أننا كثيرا ما نخلط بين التقييم و المقارنة، كما لاندرك أن العديد من الآراء الخاطئة قد تكون مبنية على معلومات صحيحة. مثلاً، أنا متأكد أن عـدد حوادث الغرق في مدينة ينبع أكثر من حوادث الغرق في مدينة نجـران ولكن قد أتخذ رأيا خاطئا كنتيجة لهذه المعلومة الصحيحة فأقول (هذا يدل على أن أهالي نجران يجيدون السباحة أكثر من أهالي ينبع). بالتأكيد ستعترضون على هذا الاستنتاج ولكن تخيلوا لو أنني قلت هذا الرأي لشخص لا يعرف المدينتين، ألا يقتنع؟ مع أن الأمر ببساطة هو أنه لا يوجد بحر في نجران.

- وحدة الفول العربية: اليوم اكتشفت أحد المخططات الأمريكية ضـد الوحدة العربية في السوبر ماركت حيث وجدت علب فول أمريكية الصنع مقسمة إلى عدة أنواع (خلطة مصرية، خلطة لبنانية، خلطة سعودية.. الخ)، دون تردد أخذت من كل نوع علبة، وفي المنزل أفرغت جميع الخلطات العربية في قدر واحد فتوحد الفول العربي مثلما توحد الحلم العربي في الأغنية.

- الهروب: هناك قصة لا أفهمها، وهناك قصة أخاف أن أفهمها. أقرأ بعض القصص لأتعلم من معانيها فأجد نفسي من المعنى أتألم، وأبحـث عن عذر يزيـل الألم فأقول (هي قصة بلا معنى). شعـرت يوما بألم في صدري وتعجبت كيف يزيل الطبيب الألم بألم آخر؟! وبدوره الطبيب سألني متعجبا بعد أن مددت يدي إليه (هـل تظـن أنك لن تشعر بألم الحقنة إذا نظرت إلى الاتجاه الآخر؟).

- كيف؟ ولماذا؟ : البعض يخلط بين (لماذا) و(كيف؟) عند الحديث أو الاستفسار أو حتى الإجابة على بعض الأسئلة، وفي تقارير الوفاة التي يكتبها الأطباء في المستشفيات هناك الكثير من الأسباب المؤدية للوفاة ولكن الغريب أننا جعلنا القضاء والقدر أحد هذه الأسباب بالرغم من علمنا أن كل حدث هو قضاء وقدر، ليت الطبيب عندما لا يستطيع تحديد سبب الوفاة يكتب (لا أعرف السبب) لأننا لم نطلب منه أن يخبرنا لماذا مات بل المطلوب منه أن يخبرنا كيف مات؟

- هل تجيد القراءة والكتابة؟: لا أدري إن كانت القراءة والكتابة علمين منفصلين! ولكني أسمع أحدهم يسأل الآخر هل تجيد القراءة والكتابة؟ فيجيب الآخر بنعم أو لا. تخيل شخصا يجيد الكتابة ولكنه عند الانتهاء يعجـز عن قراءة مـا كتبه!.

- الانتحار خوفاً من الموت: قال لي صديق يوماً إنه رأى في إحدى القنوات الفضائية رجلا يقف على أعلى نقطة في ناطحة سحاب لكي يقفز منتحرا، وصل رجال الشرطة قبل أن يقفز ولا أذكر إن كان قد فعل أم استطاعوا إيقافه ولكن ما أذكره هو أن أحد رجال الشرطة كان مصوبا بندقيته إلى الرجل الذي ربما تراجع عن الانتحار خوفا من الموت!.

- ولو! : قال لي صديقي: ما هو أهم أحداث العام الميلادي 98م؟. بلا تردد قلت له إن أهم حدث هو ميلاد ابنتي. تنهد صديقي بعمق ونظـر إلى السقف ثم أمضى دقائق وهو ينظر إلى وجهي فظننت أنه لم يسمع إجابتي وينتظرها فأعدتها عليه وليتني لم أفعل فقد انفجر في وجهي غاضبا: أريد منك إجابة جادة لا مزاحاً. قلت له: حسناً، قل لي أنت ماهو أهم أحداث عام 98؟. قال: على المستوى العام كان موت الأميرة ديانا. قلت له: ولكن الأميرة ديانا ماتت عام 97 وليس عام 98!
تلعثم صديقي وقال بكل برود: إيه بس ولو.
بالطبع قبلت إجابته على مضض وأنا لم اقتنع كيف تموت عام 97 ويصبح موتها أهم أحداث 98!! ولكن لا يهم فهي ديانا ويجري لها مالا يجري لغيرها مثل ابنتي.


رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ