صاحب القضية غائب

اعرف عدوك و" شد اللحاف "

رانية سليمان سلامة

منذ أن بدأت عملي على شبكة الإنترنت وأنا أضع جدول يومي يتضمن زيارة بعض المواقع ، وما يفاجئ البعض أن على رأس هذا الجدول زيارة الصحف اليهودية والتي اعترف أن إدراجها في جدولي لم يكن بمبادرة مني بقدر ماهو ردة فعل صدرت بعد  تعجبي من معدل الزيارات العالي الذي نرصده من دولة " إسرائيل " على موقعنا ، و مع تحفظي على الاعتراف بهذا الاسم لكن كون برامج إحصائيات المواقع تسجله لنا ولم نصل بعد إلى مرحلة إنتاج برامج عربية بديلة فمجبر أخاك لا بطل على قراءة هذا الاسم يومياً .

وقد أثار هذا الأمر فضولي للقيام بعملية مرهقة للأعصاب قد تتطلب ابتلاع بعض الأقراص المهدئة قبل الإقدام عليها وهي متابعة مواقعهم والعمل بالقاعدة الاستراتيجية المعروفة " اعرف عدوك " وقد وجدتها تجربة مفيدة جداً حصلت منها على إجابات مقنعة عن سبب ارتفاع معدلات الزيارة من هذه الدولة للمواقع العربية حيث من الواضح وجود منظمات صهيونية متخصصة في متابعة الإعلام العربي وتقديم نتاج هذه المتابعة كدراسات للمسئولين وصناع القرار بالإضافة لإدارات قانونية تتولى أعمال الملاحقة القانونية لمعادي السامية ... والأهم من هذا وذاك  الإحساس بالمسؤولية الوطنية التي تركز مناهجهم الدراسية على تشكيلها  في وجدان الطفل اليهودي منذ الصغر لينشأ حاملاً على عاتقه واجب الدفاع عن وطنه الهش وتلميع صورته أينما وجد من يلطخها " بما تستحق " .... ولن أجرؤ على لومهم ليس خوفاً من أن أتهم بمعاداة السامية ولكن لأن الإنسان من حقه وواجبه أن تكون له قضية ويدافع عنها ، وعندما تكون القضية هي " الوطن "  الذي لا خيار لك سواه فالأمر يستحق كل هذا الاستثمار والدراسات والتصدي... الجدير بالذكر أيضاً أنه لم تعد هناك صحيفة صهيونية إلا وقامت بتعريب وتغريب مواقعها على شبكة الإنترنت لتخترق حاجز اللغة، و قلما نجد منبر إعلامي عالمي يغيب عنه الحضور الصهيوني استثماراً أو إدارة .

 

وبما أن الإعلام العربي ومستثمريه ومتابعيه قد أعلنوا عن موقفهم من هذه المواجهة و المتمثل في " تلفزيون الواقع وأخواته " للرقص على جراح قضايانا لم يعد أمامنا إلا " أضعف الإيمان " لنتوقف عن مخاطبة أنفسنا ونتجه إلى القراءة الإيجابية بالإطلاع  على مايمسنا في الإعلام الغربي وترجمته والتفاعل معه بمراسلة الصحف والقنوات المعنية لإثبات الوجود وتصحيح الصورة النمطية السلبية التي جعلت منا صيداً سهلاً لكل من يملك سهماً ولايجد له مرمى ساكن سوانا.... وإذا كان هذا الأمر أيضاً ثقيلاً علينا" فشدو الألحفة " لأن بعض الأقلام النزيهة  في الغرب يبدو أنها تولت هذه المهمة عنا وبدأت بحملات فعالة ومضادة عبر مواقعها وقوائمها البريدية التي تهدف إلى إبراز الحقائق والدفاع عن العدالة بشكل منطقي ومقنع ومؤثر ومغاير لما يبثه إعلامهم وإعلامنا .... وتبقى المشكلة الوحيدة الماثلة هي أن (( صاحب القضية غائب مع سبق الإصرار ، وبدون رصد ولاترصد )) .
 

 


*رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]

المصدر: صحيفة عكاظ