النجاح يفتح الباب لمن يحب أن يراه

الرد على الردود الغاضبة

رانية سليمان سلامة

أجد نفسي مضطرة إلى تخصيص زاوية هذا الأسبوع للتعليق على ردود الفعل المتباينة التي استقبلتها من المؤيدين والمستنكرين لطرحي في المقالين السابقين والذي تناولت في أولهما ضرورة استهداف الصحف المطبوعة لجمهور الانترنت والمنتديات تحديداً باصدار صحيفة يومية للشباب تحتوي فكرهم وتغطي اهتماماتهم, والآخر المتعلق بتطوير مواقع الصحف على الانترنت ومراعاة أساسيات النشر الإلكتروني.

وقد أشار الكاتب صالح الشيحي مشكوراً في زاويته إلى بعض النقاط التي طُرحت هنا عن افتقاد مواقع الصحف لخاصية البحث والخدمات التفاعلية وتساءل إذا ما كانت الصحف تتعمد عدم تطوير مواقعها من أجل تحفيز القارئ على شراء الصحيفة?!.. وهو التساؤل الذي وصفه الكاتب بالتساؤل (البريء). وأظن انه لو كان سبباً حقيقياً لدى الصحف فلن تكون المبيعات مبرراً بريئاً أو مقنعاً!! ذلك أن النشر الالكتروني اليوم يجب ان ننظر له كاستثمار وليس (شراً لا بد منه) يُطرح (كيفما اتفق), وبوسعي أن أحترم وبكل تقدير أولويات المؤسسات الصحفية دون اغفال الجانب الربحي.. كما أعلم يقيناً أنه من ضروب الخيال أن ننادي الصحف بالاستثمار في مواقعها (لتعمل خيراً بالمجان وتحتسب الخسارة) فكل ما تتطلبه معادلة (استفادة المتلقي + الربح) هو دراسة للأهداف والأدوات والنظر إلى تجارب من سبقنا في هذا المجال.

وانتقل إلى الجانب الآخر من الرسائل الغاضبة والمستنكرة لطرحي وهي على ما يبدو رسائل من أصحاب المواقع الالكترونية الذين يستغربون مناداتي للصحف باستقطاب جمهور المنتديات واصراري على أن النشر الالكتروني لا يُشكل خطورة على مستقبل المطبوعات إذا طورت أدواتها في الوقت الذي أُدير فيه موقعاً الكترونياً!!.. ولضيق المساحة سأختصر الرد وأوجزه وأعممه على كل من تكرم بمراسلتي وأؤكد تفهمي للهجوم على طرحي وللدفاع عن المواقع وقدرتها على المنافسة والمراهنة على جمهورها.. لكن إلى متى?!.. بنظرة موضوعية إلى المواقع العربية اليوم نجدها بين قلة من البوابات ومواقع النشر الحرفية الجادة التي تصارع من أجل التطور والبقاء والاستمرارية على نفس النهج والمستوى في ظل الصعوبات التي تواجهها لتغطية تكاليف الموقع وفرق العمل, ومواقع ترفيهية أو خدمية تعتمد على برامج تعمل تلقائياً وتتفعل بجهود زوارها ويكفي استمرارها القليل من الموارد والجهد الذي غالباً ما يكون تطوعياً من أعضائها. ومواقع تتكاثر كالفطريات متعددة على الاستنساخ دون هدف أو رؤية فتظهر اليوم بتكاليف لا تذكر وتختفي غداً دون سابق انذار كونها ولدت ولادة عشوائية دون مقومات للحياة.. وباعتقادي ستستمر المعاناة ومعها الشكوى من ضعف مستوى المواقع العربية واقتصار أغلبها على الترفيه أو التسطيح, ولن أكون متشائمة إذا قلتُ إنه حتى المواقع الجيدة التي قطعت مشواراً طويلاً قد يبدأ عدها التنازلي قريباً إذا استمر الحال على ما هو عليه من تجاهل للتوعية والاستثمار في هذه الأداة لتغلب جوانبها الايجابية على السلبية وتتغير النظرة لها من قبل أصحاب المواقع والمتلقي والمؤسسات الإعلامية والتجارية ويقف الجميع بوعي ومسؤولية على أرض صلبة وأساس متين.

ولم أكن لأطالب الصحف بنظرة بعيدة المدى وأنا أنظر لأرنبة أنفي!! فبالطبع إذا طرقت الصحف الرائدة أبواب النشر الالكتروني بحرفية مستثمرة امكانياتها الكبيرة وكوادرها ودراساتها ومحتوياتها وخططها التسويقية, سيعود ذلك بالنفع على الجميع ويضيف أبعاداً جديدة نحن بأمسّ الحاجة لارسائها حتى تتحقق الفائدة من الانترنت.. ولا أدري ماذا يضير الصحف إذا نظرت على سبيل المثال إلى القضايا التي يتناولها الشباب على الانترنت وفتحت لهم المجال عبر صفحاتها لمناقشتها مع المعنيين بالأمر بدلاً من أن يبقى هذا الجمهورمُهمّشاً ويعاني في (خطر وقهر) من مخاطبة نفسه وتسجيل رأيه والاعراب عن شكواه دون الاستماع لصوته!? ونجده مع عزوف المختصين عن الالتفات للانترنت يتحول إلى مفت وطبيب وسياسي وغير ذلك باجتهادات تصيب حينا وتستحق التقدير وتخطئ أحياناً وتكون بحاجة إلى المناظرة والتقويم.. وماذا يضير أصحاب المواقع إذا بدأت المؤسسات الإعلامية أولى خطوات الاستثمار الصحيح عبر مواقعها الالكترونية بما تملكه من مقومات تؤهلها لذلك وساهمت ونجحت في تغيير النظرة النمطية الخاطئة عن الانترنت واستخدامها وجمهورها?!
سيخسر حتماً من لا يريد النجاح, والنجاح يفتح الباب فقط لمن يريد أن يراه.

 

(*) رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ