المبنى يتفاعل مع المتغيرات

دار الحنان تحترق

رانية سليمان سلامة

مؤشر التعداد

منذ عام 1412هـ بدأ مؤشر تعداد الطالبات رحلة الهبوط التدريجي، حيث تسارعت وتيرة انتقال سكان جدة إلى شمالها البعيد عن مقر الدار بقصر خزام، بالإضافة إلى ازدياد عدد المدارس الأهلية التي تخدم شمال جدة.. وقد كان التناقص في أعداد الطالبات محصوراً في المراحل الابتدائية والتحضيرية والحضانة، أمّا القسمان المتوسط والثانوي فلم يتأثر تعداد الطالبات فيهما إلى حد كبير.

ومجدداً المبنى يتفاعل مع المتغيرات.

 

دار الحنان تحترق

في التاسعة صباحاً من يوم الخميس 9/6/1416هـ  الموافق 5/11/1995م هبّت عاصفة جوية على مدينة جدة برياح وصلت إلى أكثر من 90كم/ساعة، وأمطار غزيرة دقّت على إثرها أجراس الإنذار الموجودة في قسم الصيانة بغرفة المراقبة في (دار الحنان)، كما دقّ هاتف السيدة سيسيل في منزلها الذي تضمه أسوار الدار ليخبرها عن وجود دخان كثيف ينطلق من داخل سكن الطالبات، ونيران تتصاعد من ممرات التكييف، فتم فصل الكهرباء فوراً عن جميع مباني المدرسة ومرفقاتها، وهُرعت مديرة الدار مسرعة وأقدامها تعرف وجهتها جيداً نحو (مبنى الإدارة العامة) لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أوراق ووثائق رسمية، ولكن خطواتها تعثّرت عند الساحة التي تجمعت فيها معلمات السكن الداخلي، فانتصر دورها القيادي على رغبتها بحماية الوثائق، واتّجهت نحوهنّ واصطحبتهن إلى المطعم تطمئن وتتضرع إلى الله بالدعاء، إلى أن تذكرت الوثائق، فعادت خطواتها تسوقها نحو مبنى الإدارة العامة، ولكن رجال الدفاع المدني منعوها من دخول المبنى الذي امتلأ بالدخان الأسود.

"رأيت مشوار عمري أمامي يحترق، وعجزي عن إنقاذه أبكاني".

هكذا تترجم السيدة سيسيل مشاعرها في ذلك اليوم، وتقول:

"اتّصلت بي الأميرة عفت بالرغم من أنها كانت مريضة، وما إن اطمأنت على صحة الجميع حتى قالت لي: 

(لماذا تبكين؟ الحمدلله على سلامتكن جميعاً، كنَّ أقوياء ولا تَخَفْنَ.. فمادامت الأرواح سليمة الأموال تتعوض بإذن الله)". 

وقد تم إخماد النار حوالى الساعة الثانية عشرة ظهراً، إلاَّ أن الدراسة توقّفت لفترة أسبوع تم خلالها تنظيف آثار الحريق .