انتشارها يؤكد عظمة الإسلام والتكافل الإجتماعي بين المسلمين

موائد الرحمن نجم يسطع فى رمضان

عربيات : القاهرة - ممدوح الصغير
صور وفيديو

موائد الرحمن ضيف دائم فى رمضان ،  انتشرت فى القاهرة والمدن الأخرى خلال العشرين عاما الأخيرة  …  ولكن مع انتشارها بدأت الأحياء الشعبية فى التقليد ومحاكاة فعـل الخير … وأقام بعض الأثرياء موائد للرحمن بجوار المناطق المعـروف عنها الفقر حتى يحصل أهلها على افطارهم .

وليست مصر الدولة الوحيدة التى تنتشر فيها موائد الرحمن ،  بل أصبحت الضيف الكريم فى كل المدن العربية مثل السعودية والامارات وقطر ،  بعد أن حرصت الجمعيات الخيرية وفاعلو الخير على اقامتها .

 

موائد مصرية

حتى منتصف الثمانينات كانت موائد الرحمن بالقاهرة تعـد على الأصابع - 
فهى موجودة بالأحياء الشعبية ،  كان يقيمها أصحاب الحرف الذين يفطرون فى محالهم  فيخرجون عدداً من الكراسى ويدعون المارة للافطار معهم  .... واستوحى بعض المشاهير والفنانين الفكرة ،  فأقاموا موائد مماثلة ، كانت من أشهرها مائدة الرحمن التى اقامتها الفنانة شريهان وهي مائدة صنع لها ديكور يحيط بها من كل اتجاه حتى يستطيع الصائم ان يفطر عليها دون حرج …  فكان نصيب المائدة عدد كبير من سكان الأحياء المجاورة الذين خرجوا ليشاهدوا كيف تكون مائدة الرحمن الخاصة بالفنانة شريهان ،  ولم يمر وقت وأقامت الفنانة فيفى عبده مائدة رحمن على غرار مائدة الرحمن التى اقامتها شريهان ،  وأصبحت مائدة الرحمن التى اقامتها فيفى عبده هى الأشهر فى القاهرة …  خاصة أن وسائل الاعلام كانت تذهب اليها لاجراء حوارات وتحقيقات صحفية عنها .

    لأن الجميع يبغى الخير فى الشهر الكريم …  شهر رمضان …  فقد انتشرت موائد الرحمن بصورة كبيرة فى كل ارجاء القاهرة …  بل هناك موائد مقامة بجوار المطاعم التى تعـد وجبات افطار للصائمين - من لديه مال يذهب للمطعم ،  ومن لا يملك فإنه يتجه الى المائدة لينال صاحبها الثواب والأجر من عند الله .

ولأن  للمساجد فى مصر والقاهرة تحديدا دورا  اجتماعيا فقد اقامت غالبية المساجد موائد رحمن جمعت أموالها من المصلين الذين يفطرون احيانا مع ضيوف المائدة ،  لأن رمضان هو الشهر الوحيد فى العام الذى يعـود الناس بعضهم البعض وتكثر الزيارات ودعوات تناول الطعام الجماعى - وهو الشهر الأكثر انفاقا فى شراء احتياجات المطبخ من الأسواق .

السواح ضيوف على موائد رمضان

    وقد حازت موائد الرحمن على اعجاب الأجانب المقيمين فى مصر ،  ووصف بعضهم الشعب المصرى بالتماسك  لأن موائد الرحمن تعكس التكافل الاجتماعى واحساس  الغنى بجوع الفقير أو حاجة الغريب ،  فأنفق من ماله حتى يفطر الصائم مثله …  ولا تندهش اذا وجدت بعض الأوربيين يجلسون وسط المصريين يفطرون معهم  …  الأجانب فعلوا ذلك وهم مبهورين وفى عيونهم أسئلة كثيرة كلها تؤكد عظمة الدين الاسلامى .

من جهة أخرى كثيراً مايقوم طلاب وطالبات الجامعات برحلات جماعية إلى موائد الرحمن للافطار ،  وقضاء يوم وسط الناس و التعايش اكثر مع المجتمع وهذا ما أكده (( حمزة السيد )) طالب بجامعة الأزهر والذي ذكر أنه فى العام الماضى خصص هو ومجموعة من زملائه ثلاثة أيام فى الشهر للافطار مع الناس فى موائد الرحمن و كانوا ينظمون العمل وإعداد الوجبات للصائمين ويجلسون عندما يبدأ الكل فى تناول الطعام ، حمزة واصدقائه لديهم وعى بأن رمضان هو شهر العمل على كسب الحسنات .

    ولأن الجميع يتنسابق الى فعل الخير فى رمضان  ،  فإن الأندية الرياضية اقامت موائد رحمن للعاملين بها ،  وأحيانا تقيم موائد افطار جماعية للأيتام الذين تستضيفهم  من
من الدور  فتقيم لهم احتفالاً كبيراً يحضره بعض نجوم المجتمع .

وبعيدا عن القاهرة ، فإن موائد الرحمن موجودة بكرة في المحافظات والمدن الأخرى فكل مسجد فى كل مدينة به مائدة رحمن تقام بالجهود الذاتية أو يتولى كل بيت إعداد بعض الأطباق ،  وإن كانت الأخيرة هى الأقرب للواقع - يختار كل فرد يوم عليه اعداد  وجبات لكل الحضور الراغبين فى الافطار ولا يبدؤون الطعام إلا بعد صلاة المغرب .

وفى قرى صعيد مصر ، يخرج الشباب على الطرق السريع يفترشون جانبا منها ويجلسون قرب المغرب معهم طعام يكفى عشرات الأشخاص حتى يتم دعوة اصحاب السيارات للافطار معهم ،  يقف الشباب على الطريق ويشير بيديه ويعرض على ركاب السيارة الافطار معهم  .... وافطار الشباب على الطرقات ليست عادة جديدة  بل هى موروثة من الأجداد العرب منذ القرون الأولى من الهجرة حيث كانوا يفطرون فى الخلاء والهواء ويدعون كل شخص غريب للافطار معهم لأن رمضان هو أكرم شهور السنة على الناس .

الموائد في النوبة

وفى النوبة المعروف عنهم التآخى والعيش معا فى كل الظروف ،  يفطر ابناء قبائل النوبة معا فى الشارع أحيانا ويتم تولى كل منزل اعداد مائدة افطار للمنازل المجاولة له حتى يشعر الأطفال والأبناء بروح شهر رمضان ،  ويروى الأجداد حكايات عن رمضان أيام زمان وكيف كانت الحياة النوبية وطقوسها ،  واذا كان رمضان فى شهور الصيف فإن
ما يحدث فى الافطار يحدث فى وجبة السحور . ولا تختلف قبائل البدو كثيرا عن ابناء النوبة  فهم يفعلون مثل أهل النوبة ،  وإنما يفطرون فى  الهواء الطلق وليس داخل الخيم .

حول العالم

    وموائد الرحمن ليست خاصة بمصر فقط ،  فهي أصبحت منتشرة بكثرة فى مدن الخليج والسعودية التي كانت سباقة فى اقامتها بعد ان وفرت التمر و احتياجات الصائم أمام الحرم حتى يتمكن من الإفطار واللحاق بصلاة المغرب جماعة …  كذلك برز دور الجمعيات الخيرية في السعودية وقطر والإمارات فى إعداد موائد الرحمن للجميع .

ففى قطر راعى بعض أصحاب موائد الرحمن ان ضيوف الرحمن من بلاد مختلفة  مثل الهند وبنجلاديش فأعطى أوامر للطاهي بأن يعد وجبات تتماشى مع تراث الهنود ومسلمي شرق آسيا .

وفى نيجيريا التى تضم أكبر عدد من المسلمين فى قارة أفريقيا ويشكل عدد المسلمين حوالي  65%  من إجمالي عدد السكان تقام موائد للرحمن او موائد إفطار بالمساجد وتكون الوجبة الرئيسية هى " الكونو " المكونة من ذرة بالدهن والسكر وشوربة الكوكو ( ارز مطحون مع السكر واللبن ) .

ويكون رمضان فى الصومال مميزا عن باقى شهور السنة بوجود موائد الرحمن بالقرب من المساجد أو فى المسجد نفسه فيفطر الصائم ثم يصلى المغرب جماعة .... والمسحراتى فى الصومال هو موظف حكومي يتقاضى أجر اً عن هذا  العمل طوال شهر رمضان ،  ويحرص كل ابناء الصومال على الافطار أولا على التمر - ثم الصلاة - وبعدها تكون مائدة الإفطار ،  ولا تختلف مظاهر استقبال شهر رمضان فى السودان كثيرا عن  مصر أو السعـودية .

في الفلبين 


   ورغم ان الإسلام دخل الفلبين مؤخرا ،  فهو حسب التاريخ بدأ فى الانتشار فى الفلبين فى القرن الرابع عشر … واستوحى بعض المعتمرين فكرة إقامة موائد
الرحمن بعد مشاهدتها في الحرم المكي ،  فأقام المسلمين موائد رحمن يدعون فيها المسلمين للإفطار الجماعي .


من جهة أخرى أكد  (( خلاف الشاذلي ))  رئيس قسم الاجتماع بجامعة المنيا أن انتشار الموائد فى المدن العربية يدل أن المسلمين بخير وداخل نفوسهم ايمان كبير و لكن الأيمان يظهر بوضوح فى رمضان لان الإنسان يكون قريبا جدا إلى العبادات بخلاف أن الفرد المسلم يعيش روحانيات عالية خاصة منها الحرص على قيام الليل وقراءة القران .... و أضاف ، ان انتشار الموائد في مدن عديدة وشوارع كثيرة يوكد عظمة الإسلام لان التكافل الاجتماعي يتواجد بوضوح في رمضان فالغنى يحرص على يوفر إفطار للفقير والمضطر للإفطار خارج منزله .