ضمن فعاليات معرض معرض جدة للكتاب

محاضرة للشيخ أحمد الكبيسي

عربيات - خاص
ضمن الفعاليات الثقافية التي تزامنت مع إقامة معرض جدة الدولي للكتاب وعلى شرف صاحبة السمو الملكي حرم ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز استضافت الغرفة التجارية الصناعية الشيخ الدكتور أحمد الكبيسي في أمسية عطرة تحدث فيها عن الأسرة المسلمة وتجاوب مع الحضور والحاضرات برحابة صدر وكانت
 كما أطلق عليها البعض ليلة المرأة المسلمة....
 
 
كلمة الدكتورة فاتنة شاكر

بسم الله والصلاة والسلام الحبيب المصطفى سيدنا محمد

ضيفاتنا الكريمات أرحب بالجميع من أميرات وسيدات وفتيات واسمحولي أن أخص بتحيتي انسانة ما لتميزها بالدعم الدائم الإيجابي لكل ما من شأنه مساندة المرأة السعودية في حقل التعليم أو الفكر أو الثقافة أو الرعاية الصحية وكذلك تبني القضايا الإجتماعية الحساسة وهي متواجدة معنا الليلة الإنسانة الرائعة حرم ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز الأميرة حصة الشعلان....

فضيلة الشيخ الكبيسي إن لقاء الليلة هو اللقاء الثامن ضمن الفعاليات الثقافية للغرفة التجارية الصناعية بجدة ولقد كان لكل لقاء نكهته الخاصة لكن لقاء الليلة معك يختلف إنه الأكثر ترقباً،وأسعدني أنني شرفت بالإشتراك في غدارته...فضيلة الشيخ القاعة الليلة أكثر من ممتلئة من نساء جدة وغير جدة وليس هذا وحده جوهر الإختلاف بل انني أخال روحاً ما وحساً ما يلوفان المكان...أخال القلوب فينا تتداخل وتصبح كالبنيان الواحد كل جزء فيه جاء ليشد من أزر الآخر....أخال القاعة سيدي بكل من فيها وكأنها تنبض بنبض واحد،تتنفس بنفس واحد،وأتسائل أهذا هو شأن الدين عندما ينساق كالهواء إلى النفوس يتخللها وينقيها ويوحد مابينها؟؟؟

اننا ياسيدي حضرنا الليلة ليس للإستماع فقط بآذاننا أو بقلوبنا لنعود بكلمات إلى منازلنا نلتمس فيها الراحة،لقد حضرنا نحن النساء بعقول متشوقة لفكر اسلامي يحترم المرأة ككيان عاقل متكامل من عقل وعاطفة وروح،جئناك بعقول عطشى لفكر إسلامي نتحاور معه حول موضوع يعتبر الشغل الشاغل للمرأة والرجل على حد سواء ألا وهو(بناء الأسرة المسلمة)...والمرأة ياسيدي منذ طفولتها تحلم بالبناء،بناء ذلك السكن الذي تلتقي فيه روحاً وفكراً وعاطفةً وهدفاً وكرامة مع شقها الرجل لبناء أسرة يولد لها أطفال أصحاء...ولا أبالغ سيدي حين أقول أننا هنا بكل الإختلافات العمرية أو البيئية لم نتغرب في أحلامنا بل حلمنا كان ومازال شرقياً مسلماً،ولكننا نتسائل ترى ماهو حلم طفلة عام 2000؟وهل سيكون للأب والأم مكان في صياغة هذا الحلم كما كان لآبائنا وأمهاتنا؟؟

كلنا مؤمنات بأنه لا أجمل من الصورة التي خطها الله الخالق عز وجل في كتابه الكريم حول علاقة المرأة والرجل وكلنا نعرف تاصورة التي تجسدت واقعاً حياً في زمن رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم،ولكن الحياة الإنسانية بل وكل ماخلق الله في حالة حركة وتستجد تحديات داخلية وخارجية تستوجب منا التوقف والتدارس والتشاور والحوار لتحديد مواطن الداء وايجاد الدواء ومن هذه الإنطلاقة جاء اختيارنا لشخصية الليلة ولنبدأ موضوعنا مع الشيخ أحمد الكبيسي.
 

السيرة الذاتية

الدكتور أحمد عبيد عبدالله الكبيسي.

ولد عام 1935 في محافظة الأنبار في العراق.

درس دراسته الجامعية والعليا في جمهورية مصر العربية بجامعة الأزهر.

عين كمدرس في كلية الآداب ثم كرئيس للدراسات العليا في جامعة الإمارات العربية المتحدة.

عضو في المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة في دورتها الثانية عشر.

له مايقارب الثلاثين إصدار من مؤلفات وأبحاث منشورة.
شعر وله ديوان واحد.
 
 

بناء الأسرة المسلمة


أخواني الحضور...كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن الأسرة والحديث عنها يبدأ ولاينتهي فكلنا يدرك أهميتها لبناء الأمة،ولكنها في الإسلام لها خصوصية وتختلف عن غيرها فقد صانها الإسلام لتصبح كالمعجزة التي لاتجدها في أي دين آخر أو مجتمع آخر،أسرتنا بقيت عصية على العولمة وعن الغزو الفكري وبنظرة واحدة اليوم نعلم أنه مامن أسرة على وجه الأرض إلا عند الأمة الإسلامية وقد خرجت احدى لجان الأمم المتحدة بعدبحوث طويلة بتوصيات كان نصها الصريح يقول(لم يعد للأسرة وجود بمعناها الحضاري إلا عند المسلمون)ولكن مع ذلك أسرتنا العربية المسلمة المستقرة قد أصابها بعض الخلل...والحديث عن الأسرة يعني الحديث عن المرأة لأن المرأة في الأمة الإسلامية والمجتمع كالصلاة بالنسبة لعمل المسلم وأول مايسأل العبد عنه يوم القيامة الصلاة فإن حسنت حسن سائر عمله وان ساءت ساء سائر عمله،وهكذا هي المرأة إذا صلحت تصلح الأسرة....
 
المرأة خلقت متأزمة


لوتدبرنا في كتاب الله لوجدنا أن المرأة خلقت متأزمة وبقيت إلى اليوم متأزمة ولله سبحانه وتعالى في هذا حكمة...فأمنا حواء خلقت من ضلع أعوج وخرجت مع سيدنا آدم عليه السلام من الجنه ثم جاءت أزمتها العظيمة عندما اقتتل ابناها قابيل وهابيل وماتت ودفنت في هذا البلد الطيب...وتتالت الأزمات على زوجات الأنبياء والأمهات حتى كانت محنة أم موسى التي أمرها الله سبحانه وتعالى بأن ترمي طفلها في اليم بعد أن ظلت طوال حملها خائفة من أن يقتل ولم تخالف أمر ربها بل رمته....ثم أزمة مريم العذراء،وغيرها من القصص....

أما عن الأزمات التي تعاني منها جميع النساء فلو بدأنا من الجاهلية لوجدنا أن الرجل كان يشعر بالعار عندما يرزق بفتاه(وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً..)ولو تجاوزنا تلك المرحلة لوجدنا أنها تتأزم بتفضيل أهلها لأخوتها الذكور عليها وافتخارهم ومباهاتهم بأبنائهم دون بناتهم...وعندما تكبر تخطب ولا يكون لها رأي ويتزوجها رجل لاتدري من هو ويجب أن تكون عبدة لرغباته لاشغل لها إلا أن تحاول أن ترضيه وإن طلقها تعاني من نبذ المجتمع لها...
 
 
المرأة هنا وهناك

نصل لهذا العصر ولو أمعنا النظر في اتحادات النساء في العالم والمنظمات التي نسمع عنها لوجدناها كلها تؤدي نفس الغرض الذي لايصل لنتيجة...في أعلى قمم التطرف والإنحلال والفساد في أمريكا وهي تعيش بحرية كاملة وتفعل ماتشاء ومع ذلك تجدها أكثر دولة بها اتحادات نسائية تطالب بالحقوق،ولو اتجاهنا بالتدريج للدول الأكثر محافظة سنجد أيضاً نفس المطالبة وأصوات تقول النساء مظلومات....
 
 
إذاً ماذا تريد المرأة؟ومتى ستشعر بالإنصاف والراحة؟

ستبقى المرأة في كل زمان ومكان تعاني دون أن تحصل على الراحة لأنها ينقصها شيء مما تريده،وليست الحقوق هي المساواة والإنتخابات فكل ذلك تعبير عن شعور داخلي بالحاجة للإنصاف والتقدير فهي تعلم أنها في قرارة نفسها أنها شريكة الرجل ونصف المجتمع لكنها تحتفظ في عقلها الباطن بصورة أخيها الذكر الأصغر منها وهو له الحق ليأمرها،وتخدمه ولايخدمها،وهذا الران كالطبقة التي تغلف القلب وتصيبه بالإحباط.
 
 
المرأة المسلمة


نأتي إلى الإسلام والذي كرمها حتى جعل الجنة تحت أقدامها وكان الدين الحكيم الذي يعرف أن المرأة المسلمة تستحق هذه المكانة وليس من دليل على ذلك أكبر من أنها في الإسلام ليست مجبرة على الطبخ والمسح ولا حتى عن الإرضاع إذا لم ترغب بذلك لكننا نجد نسائنا المسلمات يقمن بكل ذلك بتفاني وعطاء بلا حدود...وعزز الرسول عليه الصلاة والسلام من مكانتها ومكانة الأسرة عندما قال:خياركم خياركم لأهله وأنا خياركم لأهله)...ومن الفهم لهذا الحديث أقول(قل لي من صديقك أقول لك ماهي أخلاقك...قل لي ماتقرأ أقول لك ماهو عقلك....وقل لي ماهو رأي زوجتك فيك أقول لك ماهي مكانتك عند رب العالمين)فرب العالمين يزن الناس بما يعتقده فيهم جيرانهم فما بالك بأهل بيتك؟؟

من جهة أخرى نجد المرأة المسلمة هي الأكثر حفاظاً على عذريتها وعفافها وسوف أذكر لكم هذه القصة(تعرف نابليون على زوجته هيلين وهو ضابط في الجيش وتقرب عن طريقها إلى الطبقة الراقية ثم تدرج إلى أن أصبح امبراطور وحان وقت التتويج الذي له بروتوكولات تقتضي أن يمشي ويده على يد هيلين زوجته بإتجاه القس ليعمدهم ويضع التاج على رأسيهما ويقتضي كذلك أن ترتدي هيلين فستان طوله 14 متراً يحيط به 14 فتاة عذراء لحمل أطرافه...وهنا كانت المعضلة عندما باءت نتيجة البحث عن الفتيات بالفشل وقالوا لنابليون بحثنا ولم نجد في فرنسا كلها 14 فتاة عذراء)...حفظ الله نسائنا العفيفات مما آلت إليه نساء الغرب.
أسباب الخلل

حركة الحياة وتطورها والفضائيات والفساد كل ذلك جعل الحياة تمر ببعض الأزمات التي تتطلب الوقوف عندها لتعديل الخلل الذي طرأ على الأسرة المسلمة أذكر منها:

1)العنوسة

2)انشغال الأب وتركه لمسؤولية الأبناء والبيت كاملة على المرأة تئن من ثقلها وحدها.

3)اختفاء القدوة الحسنة التي تضع بصمة على حياة الأبناء.

4)الطلاق.

5)غلاء المهور والإسراف في حفلات الزواج.

وقبل أن أختم لابد أن أقول أننا نبحث في الأسرة عن الكمال ولكن لاينبغي أن نكون مغفلين إلى الحد الذي نجد فيه الغرب يخفي 99 سيئة ويظهر حسنة واحدة فتجذبنا،بينما نحن نخفي 99 حسنة ونظهر سيئة واحدة ونضخمها،فبالرغم من كل شيء نبقى خير امة أخرجت للناس والأمة الصحيحة النسب التي تحرص على التكافل والجوار وغلى آخرهمن الخصال الطيبة...وكل ماعلينا هو ترميم  بعض الخلل الذي أصابنا وأكرر أن أول خطوات الترميم تكون بعودة الرجل لتحمل مسؤولية بيته ومراعاة زوجته.
 
 
 
اسئلة الحضور

السؤال الأول من الدكتور بكر باقادر:تحية للدكتور الكبيسي في أمسية رد اعتبار المراة المسلمة التي هي أساس ومحور الأسرة المتماسكة وسؤالي هو ماذا تقول عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم(لوكنت آمراً أحداً ليسجد لغير الله لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها)؟

الشيخ الكبيسي:النبي عليه الصلاة والسلام كان يعالج أمراض اجتماعية بحكمة كبيرة ولابد عند تفسير الحديث من العودة إلى أسبابه وحالة المجتمع في ذلك الوقت حتى لايصبح التوجيه معاكساً...المرأة في الجاهلية قبل الإسلام كانت ضعيفة جداً ومستضعفة حتى جاء الإسلام فأنصفها بتشريعاته وأصبحت قوية به حتى أن هذه القوة وصلت في كثير من الأحيان إلى حد العنف والتمرد،فورد هذا الحديث لتقويم هؤلاء وعلاج ظاهرة اجتماعية تضر الأسرة والمجتمع فالإسلام يراعي حقوق ومكانة الطرفين ولايريد أن تطغى قوة على الأخرى حتى نتلافى الخلل.

السؤال الثاني:لي أب لايصلي ولا يستحي من ذلك،ويفعل من المعاصي مالا أستطيع أن ذكره فأرجوك قل لي كلمة أتمسك بها أو عمل يعيده لصوابه؟

الشيخ الكبيسي:أبغض العصاة عند الله هو الشيخ العاصي وهناك حديث يقول(إذا جاوز العبد الأربعين ولم يزد خيره على شره فليتجهز إلى النار)فحاولي ياابنتي أن تبحثي عن شخص كبير تثقين به ليحاول اعادة والدك لصوابه فمن الصعب أن يتقبل ذلك منك،وعليك أيضاً الإكثار من الدعاء له خاصة في ساعات الإستجابة وقيام الليل ورددي دائماً اللهم اصلح والدي...وعلينا أن ندعوا دائما للجميع بالهداية.

السؤال الثالث:تعددت الآراء الدينية واختلفت الإجتهادات والقياسات وأساليب الطرح والنقاش،هناك أسلوب جميل هاديء وآخر متشدد حاد،واحترنا نحن أي الآراء نتبع لنصل للطريق الصحيح؟

الشيخ الكبيسي:حال هذا الدين من كرم الله فيه بدائل ومن الخطأ أن نفرض على الناس صيغة موحدة.

السؤال الثالث:من حق الرجل التعدد والطلاق كيف تؤمن المرأة حياتها مع رجل يلقي بها خارج داره وقتما يشاء؟ماذا تفعل عندما يتزوج شابة من عمر ابنته ثم يطلق بعد سنوات زواج طويلة؟

الشيخ الكبيسي:الخطأ يولد خطأ وعلى الآباء التدقيق في الإختيار على أن يشركوا البنات برأيهن في هذا الإختيار لأنه ان لم يكن هناك توافق منذ البداية ستبدأ المشاكل وكثيراً مانجد شاب طيب يطلب الفتاه والوالد يرفض بتعنت ثم يزوجها للغني الكبير في السن...وأقول للزوج الذي يفعل ذلك مع أم أطفاله وشريكة حياته الدين المعاملة وليس فقط الصلاة والصوم والزكاة بل أهم الواجبات المفروضة علينا هي حسن المعاملة ولايتم الدين بدونها.

ولي رأي قد لايعجب النساء عن الزواج الثاني فأنا أعتقد أنه اليوم أصبح واجب وطني واجتماعي يجب القبول به للتقليل من ظاهرة العنوسة وعلى المرأة أن تحاول أن تشعر بأختها التي لاتجد زوج وعلى الرجل أن يتقي الله بالعدل بينهما...فلايوجد حل آخر لعلاج هذه الظاهرة وعلى سبيل المثال بعض الدول لاتسمح للمواطنة الزواج من أجنبي بينما تسمح للمواطن الزواج من أجنبية اذن منطقياً ستقل فرص زواج الفتاه لأن مواطنها تزوج من خارج البلاد ولن يصبح أمام مئات وآلاف الفتيات إلا القبول بالعنوسة أو الزواج الثاني وهناك أمثلة متعددة تؤكد أن التعدد لو تعاملنا معه بالشكل الإنساني المطلوب سوف تكون نتائجه ايجابية.