الموسيقى لاوطن لها، والبعض يمتنع عن الحضور بسبب المضايقات

مهرجان موازين الغنائي الدولي بالمغرب بين التأييد والرفض

حسن الأشرف - المغرب
صور وفيديو

 انقسم المغاربة بشأن مهرجان "موازين" الغنائي الدولي الذي أقيم بالرباط عاصمة المغرب في دورته الثامنة بحضور نجوم الغناء العربي والدولي، حيث اعتبر البعض أن المهرجان مجرد مناسبة لإهدار أموال طائلة يحتاج المغرب استغلالها في مشاريع ذات مردود، أو أنه قد يؤدي إلى تشتيت تركيز التلاميذ والطلبة باعتبار أن هذه الفترة هي فترة استعداد للامتحانات الثانوية خصوصا، في حين يرى البعض الآخر أن المهرجان فرصة لا تتكرر كل يوم، وبالتالي فهو فضاء  للتسلية والترفيه عن النفس، كما أنه وسيلة للانفتاح على حضارة وثقافة الآخر ونبذ الانغلاق والتقوقع على النفس.

حفل وردة الجزائرية عودة إلى الزمن الجميل

زكرياء في الثامنة عشر من عمره تواجد برفقة بعض إخوته وأصدقائه بشكل شبه يومي في حفلات مهرجان "موازين" بالمنصة الموجودة بحي النهضة بالرباط، ولم يترك الفرصة تضيع منه ليحضرالحفل الغنائي الخاص بالمطربة الجزائرية وردة، ويرى هذا الشاب أن ذهابه إلى المهرجان يعد بالنسبة إليه فرصة للتنفيس عن همومه كشاب وعن الملل الذي يصيبه بسبب كثافة المقررات الدراسية، وبالتالي فالمهرجان بالنسبة له مناسبة لتغيير الأجواء خاصة أنه لا ينظم كل شهر، بل كل سنة ولمدة أيام معدودة.
وحول من ينتقد تنظيم المهرجان في أيام الاستعداد للامتحانات، يؤكد زكرياء أنه كتلميذ في الثانوية لم يشعر أن ذهابه مساءًا إلى حفلات مهرجان "موازين" ينعكس سلباً على استعداده للامتحانات، باعتبار أن السهرة تدوم حوالي ساعتين أو ثلاثة من التاسعة إلى الثانية عشر ليلا، ثم يعود لمنزله وفي الصباح يذهب إلى مدرسته، "فأين المشكلة هنا" يتساءل زكرياء.


وعلى نفس المنحى، تعتبر حفيظة، ذات الثلاثين ربيعا، أنها تحضر مهرجان "موازين" طيلة دوراته السابقة وهذا العام بالذات لأنها شغوفة بالمطربة "وردة" وتتمنى مشاهدتها، وأضافت أن المهرجان مناسبة للشباب ليشاهدوا عن قرب نجومهم المفضلين على المستوى العربي أو الغربي مثل "الشاب خالد" مطرب "الراي"، واستغربت حفيظة ممن يرى أن المهرجان مخل بالذوق أو الحشمة، مؤكدة أنها تحضر مع صديقاتها للحفلات ثم تعود معهن دون أية مشاكل تذكر خاصة أن رجال الأمن متواجدون بكثرة لرصد أي إختلال.

المضايقات تحول بين الأسر والمهرجان

لكن هذه الانطباعات الجيدة لهؤلاء الشباب عن مهرجان "موازين" لا يشاطرها شباب آخرون، فـ"عبد الكبير" -موظف- بالرغم من حصوله على تذاكر مجانية لحضور سهرات وحفلات المهرجان بحكم  وظيفته، إلا انه  رفض أن يعطيها لأفراد أسرته بدعوى أنه لا يرغب في حضورهم  لتلك الأنشطة حيث يختلط - على حد قوله - الحابل بالنابل وسط الجمهور الذي يقدر بالآلاف، فتكثر المضايقات والكلام البذيء أحيانا وربما الشجار والمشاحنات بين الحضور.


ونفس الموقف تقريبا لدى "محسن" شاب تجاوز الثلاثين من عمره، حيث يرى أنه من المعيب الحضور لهذه السهرات ليس بسبب المغنيين ولكن بسبب بعض الأجواء التي تعكر صفو مشاهدة تلك العروض  خاصة إذا ذهب الرجل برفقة أفراد أسرته، حيث يستغل البعض الزحام لإرتكاب ممارسات صبيانية.


وانتقدت بشرى المهرجان بسبب ميزانية تنظيمه المرتفعة، قائلة: "لو منحت هذه الأموال الطائلة للعاطلين الذين يحتجون أمام البرلمان في العاصمة لكان أجدى لشبابنا".

أسباب اختلال الموزاين في مهرجان موازين

واعتبر الدكتور عبد السلام بلاجي، أحد القيادات المؤسسة للعمل الإسلامي بالمغرب،  في حديث مع "عربيات" abdulsalam_621237822.jpgأن الترفيه عن النفس - من حيث المبدأ - مقبول وجائزشرعا، فهذا أمرلا جدال فيه، وهو مطلوب حتى تستعيد النفس نشاطها وتكسر حاجز الملل الذي قد يصيبها بسبب متاعب الحياة ومتطلباتها اليومية.

ويضيف بلاجي: "لكن هذا الترفيه يجب أن يكون بضوابط  تقيده حتى لا يتحول إلى فوضى أو تكون نتائجه السلبية أكثر من الإيجابية".
وأوضح أن أول ملاحظة عن المهرجان هو أن توقيت إقامته تزامن مع فترة استعداد الطلاب للامتحانات، وبالتالي فهو قد يكون من عوامل التشويش على تركيزهم، أو يدفعهم إلى إهدار الوقت في التنقل بين الفعاليات على حساب التحصيل ومراجعة دروسهم، بالاضافة إلى هدر الأموال الطائلة التي قدرت بـ 30 مليون درهم مغربي لإقامة هذا المهرجان واستقدام الفنانين العرب والأجانب يحصلون في العادة على أجور خيالية مقابل سويعات قليلة من الغناء، وكل هذا يتم في ظل أزمة اقتصادية عالمية وصلت آثارها السيئة للمغرب، وفي ظل أزمة داخلية أيضا ارتفعت معها نسبة البطالة وسط  الشباب المغربي"، وتابع بلاجي: "مثل هذه المهرجانات تربطها بعض البلدان الأخرى  بمجهود سياحي واضح من أجل تحسين دخل الدولة، ولكن في المغرب لا تستفيد الدولة شيئا ولا تحصل على دخل مقابل هذا التنظيم".


واسترسل القيادي الإسلامي قائلاً: "لا يمكن أن نغض الطرف عن الانفلات الأخلاقي الذي تشهده المهرجانات الغنائية بشكل عام، حيث تنشط اللقاءات بين الجنسين والسهر والاختلاط وتناول الخمر  في الساحات بالقرب من المنصات التي تحتضن الفعاليات الغنائية، وهذا يؤدي إلى اختلال الموزاين في مهرجان (موازين)".

bahisham_770222952.jpg
 

ويلتقط الكلام الداعية بنسالم باهشام الذي يستنكر تنظيم مثل هذا المهرجان لدواعي أخلاقية صرفة، حيث تعج بسببه بعض الظواهر غير الأخلاقية بين الشباب من الجنسين معا، علما أن الهرم السكاني بالمغرب يتجلى في قاعدة للشباب متسعة و ذات قمة حادة، مردفا أن هذا المهرجان لا يقيم للهوية الإسلامية للمغاربة أي اعتبار بحكم تواجد فنانين اتسم أدائهم بإيحاءات جنسية وغرائزية، بل منهم من وصل إلى حد التعري كاملا كما حدث في مهرجان العام الماضي.

 

 الموسيقى لاوطن لها

وللمسئول الحكومي السابق نبيل بن عبد الله رأي مخالف حيث لا يرى في إقامة المهرجان هدر للأموال أو مخاطر أخلاقية، بل يرى أنه مناسبة  لتجسيد الحداثة والانفتاح على الغير خاصة الغرب، باعتبار أن الموسيقى أداة للتعارف بين الحضارات المختلفة، فهي تجمع بين المغرب في إفريقيا وبين أمريكا واستراليا ومختلف بلدان أوروبا وحوض البحر الأبيض المتوسط، لأنها لغة عالمية، ويضيف: "الجمهور المغربي يهتز طربا لمغنيين قد لا يفهم كلام أغنياتهم  ولكنه يستمتع بالموسيقى والأغنية في حد ذاتها لأن الموسيقى لا وطن لها".


ويعتبر أحد مسئولي مهرجان موازين أن تنظيم مهرجان دولي بهذا الحجم ليس سهلا، واستقطاب نجوم عالميين في مجال الغناء ليس أمرا يسيرا، مضيفا أنه من المفترض أن يتم شكر المسئولين عن تنظيم المهرجان بدلاً من تحطيم جهودهم وانتقادها، فالمهرجان يصب في مصلحة البلاد ومكانتها الفنية والثقافية والحضارية، بالإضافة إلى المردود على اقتصادها.


ونفى المسئول أن يكون في تنظيم المهرجان اهداراً للمال العام، قائلاً: "المهرجان يقام برعاية شركات القطاع الخاص، والمحصلة أنه يساهم في بالتعريف بالمغرب ويجعلها قبلة الأنظار في العالم لجمهور الفنانين العالميين الذين حضروا من مصر وأمريكا واستراليا وفرنسا وغيرها، مثل "كيلي مينوغ" و"ستيفي وندر" و"سرجيو مينديز" و"الشاب خالد"  و"نجوى كرم " و"حسين الجسمي" و"وائل كفوري" و"وردة الجزائرية" و"كاظم الساهر" و "سميرة سعيد".