بعد حصوله على الدكتوراة الفخرية

الفنان إلياس الرحباني: عصر الرومانسية لايمكن أن ينتهي

عربيات خاص
صور وفيديو

في العصر "الفيروزي" للأغنية العربية بدأ إلياس الرحباني مشواره الفني، حيث التزم كغيره من "الرحابنة" بتقديم الألحان الرومانسية الحالمة التي تنساب برقة على مسامع الجمهور، ولعل من أشهر أعماله التي شدت بها الفنانة الكبيرة فيروز "حنا السكران،  وياما سوا،  وغيرهما "، كما برز في الأعمال المسرحية الغنائية التي قدم العديد منها بأسلوبه الخاص، ولازال يخطو خطوات جديدة تضاف إلى مشواره الطويل الذي نترككم مع لقطات منه من خلال هذا اللقاء.

إلياس الرحباني مشوار طويل في عالم الموسيقى والنغم، ما هي المحطة الأبرز التي تركت أثر في نفسك؟
كما تعرف هي دائماً الخطوة الأولى التي يكون فيها الإنسان في حلم.... ولعل المحطة التي لا أنساها هي الجائزة التي حصلت عليها عام  1969 م من بين 35 دولة مشاركة.. مع أنه ليس من السهل أن تربح في الفن، وتتفوق على جميع دول العالم، بعدها فزت بجوائز عديدة في ألمانيا والنمسا وبلغاريا حيث واجهت ثمانون ألف شخص ولم يكن هناك أي مؤشر للفوز لأن العالم لم يكن يستمع إلى الفن اللبناني  بسبب اختلاف الثقافات واللغات... باستثناء الثقافات التي كان لبنان يتعاطى معها من دول أوروبا الغربية.. وعندما ذكروا اسم لبنان آنذاك  ووضعونا في بداية الحفل كانوا يسخرون منا ولم يصفق لنا أحد من 80 ألف حاضر سوى امرأة واحدة هي والدة المطرب.. بعدها عندما وصلنا إلى منتصف الأغنية ضجت القاعة بالتصفيق.

 كيف تبدأ عادةً خاطرة تلحين مقطوعة موسيقية؟ وهل تتدخل حالتك النفسية بتشكيل اللحن؟
لا يوجد قاعدة معينة ففي بعض الأحيان أثناء قيادتي  لسيارتي تأتي خاطرة مقطوعة معينة... عندها أبقى أرددها حتى أصل إلى الأستديو أو أتوقف على جانب الطريق وأدون منها ما أستطيع  ولو حتى مطلعها... وعندما يأتيني طلب لتأليف موسيقى  فيلم أو غيره مثلاً لا أستطيع الإعتماد على "القريحة" ..  لقد بالغ الناس في مفهوم "القريحة".. فهي إلهام من الله وليس من أي شيء آخر... وبعض الناس لديهم هذا الإلهام وينتج سريعا ًعن أعمال جيدة وبعضهم يتطلب منه الأمر وقت طويل مع أن كليهما من الممكن أن يخرج بنفس النتيجة من  النجاح أو الفشل. بالنسبة لي كل ما قمت به وكل ما قدمته طوال هذه السنين لم يكن يستغرق معي وقت طويل للإنتهاء منه. أما عن الحالة النفسية.. فنعم ، لها تأثير ولكن حتى لو لم تكن حالتي جيدة أجبر نفسي على التأليف... مثلاً عندما أنجزت "سفرة الأحلام" كنت بحالة سيئة ولكنها نجحت  ودامت تسعة أشهر.. لذلك أعتقد أنني أستطيع أن أفصل بين حالتي النفسية والعمل، ولكن عندما أكون بحالة جيدة أعمل بلذة أكبر بينما عندما تسوء حالتي النفسية أعمل وأنا أعاني من غصة في عواطفي.

ما مدى تأثير المرأة على موسيقى ( إلياس الرحباني )؟
بصراحة عندما ابدأ بتأليف مقطوعة موسيقية لا أتأثر بأحد ، هناك من يقول أنه كتب لفلان  أو فلانة ولكني لم أقم بأي عمل من هذا القبيل...حتى أن عملي الأخير أسميته "NINA MARIA"  وهو اسم زوجتي... ولكن هذا لا يعني أنني استوحيته منها، بل كانت موسيقى جميلة فقررت تسميتها كذلك.. ويتابع ضاحكاً (عندما تقول امرأة يخطر على بالك شيء آخر وليس موسيقى).

ما هي أحب أعمالك الموسيقية إلى قلبك؟
لن تصدق، فأنا لا أستمع إلى ما أقوم بتأليفه من ألحان ... ولكني أفرح أثناء التسجيل ولا أعاود الإستماع لها مجدداً.


ماهو رأيك في الألحان والتوزيع الموسيقي للأعمال الموجودة اليوم على الساحة؟
مع الأسف "دايرين على السرقة الشباب"، لصوصية بشكل مخيف و 90% من الذين يدعون التلحين  يسرقون وليس لديهم أي خلفية عن التلحين، أما الموزعين فهم تماماً كطبيب جراح تذهب إليه لإجراء عملية جراحية فتكتشف أنه لم يطلع حتى على كتاب في الطب وهكذا حال الموزعين لايجيدون حتى قراءة النوتة الموسيقية ولكن لديهم بعض المطربين المشهورين (و المشهورين ليس بالضرورة جيدين) لأن اليوم من الممكن أن يكون الفنان مشهوراً حتى وان كان صوته قبيحاً .

كيف تقيِّيم تجربة ابنك ( غسان الرحباني )؟
غسان يملك خطوط كثيرة تشبهني ، وأيضاً يتميز بالجدية التي أعتقد أنها قاسم مشترك في عائلتنا إجمالاً.. إلى جانب التنوع... فلقد قدم أغاني عربية ووطنية وغربية.. وبعدها قام بعمل "هنيبعل" الذي فاجأ به الجميع  وأولهم أنا، فهذا العمل من الممكن أن يأخذ يستغرق إنجازه العمر بأكمله نظراً لصعوبته وغسان  كان عمره 31 سنة فأعتبره أصغر شخص في العائلة يقدم مسرحية ضخمة  بهذا الشكل بالرغم من أنه ليس له تجارب أو أعمال صغيرة بدأ بها، وهذا يعني أنه كان مراقب جيد لذلك خرج عمله رائعاً و إذا عاينت النص تلاحظ  تسلسل الخط الدرامي وتناغم اللحن معه... أعتقد أنه نجح بجميع المقاييس.

ما هي أصعب  لحظة حزن عشتها؟
أصعب  لحظة حزن عشتها عندما تعرض غسان لحادث سير مروع وعمره 18 سنة ، شعرت بالألم وهم يقولون أنه لن يتمكن بالسير مرة أخرى  لكن بفضل الله تجاوز الإصابة.

هل فكرت أن تترجم هذه اللحظة إلى  لحن؟
لا، لأن مراكز الحزن لديّ  منفصلة عن ذاتي.
 

تتميز موسيقى ( إلياس الرحباني  ) بالرومانسية  الحالمة فهل تناسب عصر الحب السريع؟
تتناسب مع 600 عصر، وإياك أن تعتقد أن الرومانسية ستختلف بعد مئة عام، عندما تتوقف الأزهار عن النمو في الطبيعة وعندما يتوقف البحر عن تكسير أمواجه وعندما يتوقف القمر عن عكس نوره على سطح الماء عندها يتوقف الحب... لقد اعتمدت على هذا الأسلوب منذ بدايتي  وأعتبر أني ربحت الرهان عليه لأنني بدأت وحدي بهذا الخط في الوقت الذي  كان (عبد الوهاب) يعمل على  معزوفات الرقص الشرقي وستبقى الناس تبحث وتستمع إلى صوت الرومانسية.

سمعنا مؤخراً عن حصولك على شهادة دكتوراه فخرية فما مدى صحة هذا الخبر؟
ما حدث هو أن جامعة (بارنغتون) شاهدت سيرتي الذاتية واتصلوا بي لتحديد موعد مع نائب رئيس الجامعة لأنهم يرغبون بمنحي الدكتوراه الفخرية نظير أعمالي وتقديراً لتاريخي الفني... وبالفعل حضروا لزيارتي واحتفلنا بالمناسبة في لبنان.

هل كنت تتوقع أن يحصل فنان لبناني على هذا التكريم؟
كلا لم أكن أتوقع ذلك، والشهادة تحسب للشعب اللبناني وليست لي فقط فهي تربط بين الفن والطب وهما من أرقى المجالات العملية في الحياة.

يبدو أن لقب جديد قد أُضيف إليك  فكيف تشعر عندما يطلق عليك أحد لقب ( الدكتور )؟
لا يهمني اللقب كثيراً.. و يكفي أن يناديني الناس بإلياس الرحباني... بل في الواقع لا أسمح للمقربين مني بمناداتي بالدكتور أبداً.

لماذا لم تتم  تغطية الحدث إعلامياً بشكل جيد  كتتويج لمسيرتك؟
على العكس، أغلب الصحف والقنوات الإخبارية عرضت الخبر وأنا أشكرهم على ذلك.

ما هو جديد إلياس الرحباني؟
أقوم بإنتاج عمل لـ "ميشلين خليفة"، من كلماتي وألحاني.. كما أعمل على تجهيز ألبوم غنائي  للمطربة الجزائرية "فلة".

هل تربطك علاقة جيدة  بالإنترنت ؟
مشكلي في الحياة أنني لا أجد الوقت الكافي للتسلية فالعمل والإرتباطات الإجتماعية تشغل كل وقتي ولكن ابني (جاد) هو أكثر أفراد عائلتي إهتماماً بالإنترنت .