أفلام السينماأساءت للمرأة العربية والإذاعة والصحافة والإعلانات أهانتها وقللت من دورها

من ينقذ المرأة العربية من سطحية الإعلام العربي ؟

إيهاب سلطان

إن الفحص الأولي للبحوث والدراسات حول المادة الاتصالية التي تناولت المرأة في مختلف وسائل الإعلام تدور جميعها في فلك واحد وهو تقديم الصورة التقليدية للمرأة العربية والتي اقتصرت على تقديمها في دور الزوجة والأم وربة المنزل وابتعادها عن الأدوار العديدة التي تقوم بها اليوم كدور المرأة العاملة أو الدارسة أو المشاركة في تنمية مجتمعها أو المساهمة في صنع القرار السياسي أو المهتمة بقضايا مجتمعها على وجه العموم .

فإذا تعرضنا للسينما العربية فإن صورة المرأة في الأفلام السينمائية كما تقول الدراسة التي قامت بها ( إحسان سعيد عبد المجيد ) في بحثها الذي نالت عليه درجة الماجستير من كية الآداب جامعة عين شمس بمصر والتي ركزت في دراستها على 31 فيلم سينمائي تم إنتاجهم من عام 1990 م إلى عام 2000م إلى أن الأفلام السينمائية قد شوهت المرأة المصرية بصفة خاصة والعربية بصفة عامة وأظهرتها بصورة سلبية وغير حقيقية ولم تتعرض للقضايا والمشكلات الحقيقية للمرأة العربية وخاصة المرأة العاملة .

وأضافت ( د. إحسان ) أن الأفلام السينمائية أظهرت المرأة بصورة سلبية للغاية مقابل مرات قليلة أظهرتها فيها بصورة إيجابية كما أظهرت قصورا كبيرا في طرح قضايا المرأة العاملة وتجسيد صورة المرأة العربية .

كما أن أفلام الشباب الجديدة حاولت تجسيد دور المرأة العصرية دون التطرق للقضايا الأساسية بل فشلت في نقل صورة المرأة الحقيقية والواقعية ولكن أظهرتها بصورة سلبية للغاية وكأن اهتماماتها تتركز في الشكل الخارجي لها من تسريحة شعر وموضة وماكياج دون أن تعتني بالجوهر أو المكانة الاجتماعية والوظيفية .

كما نقدت د. إحسان السينما في عدم إبراز الدور الحقيقي للمرأة الكادحة والفلاحة والعاملة والتي تساهم بصورة فعلية وأساسية في تربية أولادها أو تنمية المجتمع بل تم استخدامها لمداعبة شباك التذاكر من خلال توظيفها في الإغراء والجنس والإثارة لجذب الجمهور .

وبذلك لعبت المرأة دورا في الأرباح التجارية للسينما من خلال الصورة السلبية دون أن تتطرق إلى الواقع الخاص بالمرأة العربية أو مناقشة مشكلاتها الحقيقية أو مستقبلها .

وإذا تعرضنا للمادة الإذاعية نجد أنها لا تتعرض لبرامج تثقيفية أو تعليمية توجه إلى الفتاة العربية من أجل تنمية قدراتها أو إمدادها بالمعلومات الجادة إلا بنسب ضئيلة جداً حيث تشير إحدى الدراسات البحثية التي قامت بها ( د. هدى رمزي ) لمنظمة اليونيسف مقارنة بين صورة المرأة والرجل في الدراما الإذاعية حيث أظهرت المرأة في ثلاث صور سلبية .

أولها صورة المرأة التي تفتقر إلى العقلية العلمية وتتسم بضيق الأفق واللجوء إلى الغيبيات بينما يمثل الرجل الضمير المنقذ أو الشخص الموجه .

ثانيا صورة المرأة التي تفتقر إلى هوية مستقلة وتلجأ في حل مشكلاتها إلى الرجل سواء كان أبا أو زوجا أو أخا أو ابنا .

ثالثا صورة المرأة التي تخشى فقدان جمالها أو تقدمها في السن وفقدان دورها كمنجبة ومحققة رغبات الرجل الذي قد تفقده إذا فقدت تلك الصفات وهي في هذا تتحرك في أدوار رسمت لها من كونها أنثى .

بينما أشارت دراسة قامت بها اللجنة الاقتصادية الاجتماعية لغربي أسيا إلى اهتمام الإعلانات التجارية التي أصبحت تحتل من شاشات التليفزيون الإقليمية والقنوات الفضائية جانبا كبيرا في إبراز دور المرأة التي يمكن المتاجرة فيها من خلال تقديمها في مجال ترويج السلع الاستهلاكية معتمدة في ذلك على عناصر التشويق والجاذبية وكأنها كائن جميل أو مجرد جسد مطلوب إظهار محاسنه ومفاتنه وهو ما يعرض المرأة لأشكال مختلفة من الامتهان والسوقية ويجعلها في حالة اغتراب متواصل عن أدوارها الجادة المتعددة والمطلوبة منها باعتبارها مواطنا منتجا وكائن بشري بل وكإنسان له حقوقه ومتطلباته .

أما الصحافة اليومية والأسبوعية فقد اهتمت بموضوعات الأزياء والموضة والتجميل وفنون الماكياج متناسية بذلك المرأة الريفية والشعبية المنتمية إلى الطبقات الكادحة وهو ما وضع المرأة العربية في دور تقليدي ينحصر في كونها زوجة يتحدد دورها الرئيسي في الأعمال المنزلية ومحاولة إرضاء الزوج .

ولهذا فتعتبر وسائل الإعلام هي المتهم الأول وراء حجب دور المرأة الحقيقي والجاد في تنمية المجتمع العربي وتفاعلها المثمر والبناء خاصة وأن المرأة العربية مؤهلة لذلك.