هدفنا خدمة المجتمع بدون مقابل واكتساب الخبرة

العمل التطوعي بمنتدى جدة الإقتصادي تحت مجهر مركز دراسات عربيات

عربيات : جدة - سلطان المنصوري
صور وفيديو

خاص - عربيات: مايقارب 200 متطوع ومتطوعة انتشروا في أرجاء مقر إقامة منتدى جدة الاقتصادي فكانوا بعددهم أكبر الفرق المشاركة في المنتدى بالرغم من أنهم الأصغر سناً... وفي الوقت الذي استهدفتهم فيه عدسات التصوير أغفلت التغطيات الإعلامية دورهم واكتفت بتوظيف الصور في مواضيع أخرى تتحدث عن سلبيات المنتدى... هذا التهميش لفت انتباه "عربيات" فأردنا من خلال مركز الدراسات أن نلقي الضوء على تجربتهم التطوعية وما صاحبها من سلبيات وإيجابيات بالإضافة إلى التعرف عن قرب على هذه الشريحة كونها تمثل نموذجاً للعمل التطوعي وتحكي تجربتها عن العوائق التي تعترضه والمحفزات المطلوبة ليجني المجتمع مكاسب انخراط الشباب فيه.

قراءة لنتائج الدراسة

استطلعت عربيات رأي 74 متطوع ومتطوعة، 85% منهم في مرحلة الدراسة الجامعية، و 7% من الموظفين والموظفات، و 5% في المرحلة الثانوية، و 3% عاطلين عن العمل.

والملفت كان تنوع تخصصاتهم الدراسية مما يشير إلى انتشار ثقافة التطوع في الكليات المختلفة بجامعات عديدة من بينها (جامعة الملك العزيز بجدة) و (كلية عفت الأهلية للبنات) و(كلية التقنية) و(جامعة ابن سيناء للعلوم الطبية) و(الجامعة العربية المفتوحة) و(كلية دار الحكمة الأهلية للبنات) و(كلية إدارة الأعمال CBA) و(كلية ينبع الصناعية).

كما أن 33% من العينة لم يسبق لها التطوع من قبل، بينما تنوعت مشاركات البقية لتتضمن التطوع في دورات سابقة لمنتدى جدة الاقتصادي وفعاليات خاصة بالغرفة التجارية، أو في مؤسسات وجمعيات خيرية، أو في فعاليات أقيمت في الجامعات والكليات المحلية.

العمل التطوعي، المفهوم والدوافع

صورة مشرفة ومبشرة شكلتها إجابات العينة حول مفهوم العمل التطوعي ودوافعه، فكان هناك إجماع على الرغبة بخدمة المجتمع بدون مقابل، في حين اعتبر البعض أنها خدمة مقابل خبرة.

وعن سبب تطوعه يقول هاني مروان نويلاتي - طالب بكلية CBA - :" الرغبة بالمساعدة تعد من أبرز الأسباب التي تدفعنا للعمل التطوعي... فلا توجد أي وعود بعائدات مالية ولكن هناك وعود بشهادة خبرة نستفيد منها في مستقبلنا الوظيفي، كما أن التطوع في منتدى بحجم منتدى جدة الاقتصادي يعتبر شهادة خبرة بحد ذاته لأن الجميع يعي مقدار الجهد الذي نبذله والمسؤولية التي نحملها على عاتقنا".

ملوك الشيخ – طالبة بكلية عفت الأهلية للبنات – تؤكد على ذلك بقولها: " لأننا أبناء جدة سنقدم لها ولكلياتنا كل ما بوسعنا حتى لو لم تكن هناك شهادة خبرة ففي النهاية نحن نقوم بخدمة المجتمع ونكتسب مهارات جديدة."

 

 

نماذج أخرى من الإجابات حول التطوع ومفهومه ودوافعه:
ـ عمل إنساني جميل تقوم به بروح طيبة للمساعدة وتقديم أفضل خدمة لمجتمعك
ـ مساعدة وتعاون وتطبيق لروح العمل الجماعي واستغلال أوقات الفراغ
ـ مساعدة الجهات التي تحتاج إلى خدمة شباب المجتمع
ـ توظيف القدرات الشبابية والكوادر البشرية في أعمال تهدف إلى تنمية المجتمع وتطويره
ـ خدمة دون إجبار مع متعة وتفان منبعثة من النفس
ـ المساعدة واكتساب الخبرة والرغبة في التعلم
ـ عمل تطوعي لوجه الله
ـ بذل الجهد بطيب خاطر وبدون توقع مقابل مادي فهي خدمة للناس وتطوير الذات
ـ خدمة نفسي أولاً باكتساب الخبرات والمهارات ومن ثم خدمة وطني
ـ عمل إنساني جميل فيه نية إثبات للشخصية واكتشاف لقدراتها, كما فيها خدمة كبيرة للمجتمع ومساعدته على التقدم نحو النجاح
ـ الحصول على الخبرة والتعود على العمل تحت الضغط والتعرف على أصدقاء جدد
ـ التعرف على عالم الأعمال وكيفية التعامل مع الشخصيات المختلفة في ظروف مختلفة
ـ اكتساب مهارات التواصل والعلاقات العامة وتطوير الذات
ـ الاحتكاك بالشخصيات الهامة والخبراء والاستفادة من خبرات الآخرين
ـ تمثيل بلدي بأفضل صورة والمساهمة بإنجاح حدث عالمي مثل منتدى جدة الاقتصادي
ـ امتحان ذاتي وتحمل المسؤولية، وإثراء للسيرة الذاتية

بين التدريب النظري وواقع التطبيق العملي

أوضح 80% أنهم قد تلقوا التدريب لمدة أسبوعين قبل المنتدى، بينما 7% تم تدريبهم لمدة أسبوع واحد فقط، و تراوحت الفترة بالنسبة للبقية بين 3 أسابيع إلى يومين... ومع ذلك 62% وجدوا أنها كانت كافية، بينما تراوحت إجابات البقية بين من يرى أن التدريب كان يفترض أن يكون عملياً في مقر إقامة المنتدى، ومن يرى أن الفترة لم تكن كافية.

وعن ذلك تقول إسراء باروم – طالبة بكلية عفت الأهلية للبنات - : "بالفعل حصلنا على تدريب من كلية عفت لكنه لم يكن كافياً، فقد كنا بحاجة إلى خبرة محددة في التعامل مع الأشخاص".

وتتفق معها رهاف عبدالمجيد – طالبة بكلية دار الحكمة الأهلية للبنات – قائلة:" قدمت لنا (كلية عفت) مع إدارة المنتدى لقاء تعريفي حول الأفكار الرئيسة ومحاور الجلسات والشخصيات المشاركة... وبعد ذلك قام السيد (هارفي) من الغرفة التجارية بتعريف كل مجموعة بالمهام ومتطلبات القيام بها"... أما عن نقاط الضعف في البرنامج التدريبي فتقول:" تدربنا نظرياً في الكلية ولكن كان من المهم أن يتم التدريب عملياً في مقر إقامة المنتدى لنتعرف على طبيعة المكان ونعتاد على أجواء العمل".

فاطمة البنوي – طالبة بكلية عفت الأهلية للبنات - شاركت رهاف في المطالبة بالتدريب في موقع الحدث وأضافت قائلة:" أثناء فترة التدريب كنا نقوم بعمل تمثيليات نتوقع فيها ما قد يحدث لنا وكيفية التصرف مع ما سنواجهه, وساعدنا في ذلك بعض المتطوعين الذين لديهم خبرة تطوعية في دورات المنتدى السابقة... ولكن الواقع أحياناً يفوق الخيال خصوصاً بالنسبة لمجموعة التسجيل التي كانت تواجه أشخاص سرعان ما يفقدون أعصابهم".

فرح خولى قارنت بين تجربتها في العام الماضي وهذا العام قائلة:" التنظيم في عام 2006 كان أفضل إلى حد كبير والسبب أن (كلية عفت) كانت هي الوحيدة المسؤولة عنه، وكل متطوع يعرف المسئول الذي يتلقى منه الأوامر ويرجع إليه عندما تقع مشكلة، أما هذا العام كان هناك أكثر من مسئول من الغرفة التجارية وكثيراً ماكنا نواجه تضارب في التوجيهات".


وعن العوامل التي أثرت سلباً على معدل الإنتاج، يقول هاني النويلاتي:" انخفض مستوى المتطوعين العملي خصوصاً في قسم التسجيل والسبب كان خارج عن إرادتنا جميعاً، لكننا سنرفع لكلية عفت بناءًا على طلبها تقارير عن عملنا التطوعي والمشاكل التي واجهناها لكي يتم تلافيها العام المقبل".

مواجهة الجمهور وتعامل سلبي من المجتمع

الصف الأول في مواجهة غضب الحضور كان فريق التسجيل الذي تولى مهمة إصدار بطاقات الدخول... وعن ذلك يقول مهند مدير - طالب بجامعة الملك عبدالعزيز قسم هندسة صناعية – "الجميع ألقى باللوم علينا بسبب التأخير والازدحام وهي أمور لم يكن لنا يد فيها فنحن نخدمهم في خيمة لاتتسع لهذا العدد الكبير ولم تكن مثل القاعة التي كنا نوزع فيها البطاقات العام الماضي... وعن أهم أسباب التأخير يقول مهند:" الغرفة التجارية أرسلت للمدعوين رسائل على هواتفهم وأبلغتهم بأن البطاقات جاهزة لاستلامها وكان هذا استعجال منهم وليس تأخير منا".

ويضيف هاني النويلاتي:"النظام الذي تعاملنا معه كان نظام جديد ولم يصل إلى كلية عفت كي نتدرب عليه إلا قبل موعد بدء التسجيل بيوم واحد فقط ولم تكن هناك مدة كافية لتدريب جميع أعضاء الفريق عليه, بالإضافة إلى أن البرنامج لم يكن دقيق بما فيه الكفاية وقد يتكرر الاسم أكثر من مرة... ومن جهة أخرى نجد أحياناً أن المندوب الذي يأتي لاستلام البطاقات يكتب الأسماء بطريقة تختلف عن (التهجئة) المسجلة لدينا بالعربية أو الإنجليزية فيحتاج الأمر مراجعة الأسماء والبحث بطرق مختلفة وهذا الأمر يتطلب وجود عدد كبير من المتطوعين خاصة وأن هناك مندوبين جاءوا لاستلام ما يقارب 72 بطاقة بهذه الطريقة بينما في الانتظار لدينا أكثر من ألف شخص علينا أن ننتهي من خدمتهم"... ويضيف:" كذلك الغرفة التجارية قامت بإرسال أكثر من 3000 دعوة مجانية جاء أصحابها في نفس اليوم للحصول على بطاقاتهم... وهناك من كان يكتب اسمه على خمس أوراق ويوزعها على المتطوعين ليحصل على بطاقته بأسرع وقت وهذا سبب لنا مشاكل تقنية".

وتشير دعاء حنبظاظة – طالبة بجامعة الملك عبدالعزيز – إلى لجوء فريق التسجيل لخطط طوارئ، فتقول:" ما واجهناه فرض علينا اختراع وسائل بديلة للتغلب على الازدحام ومشاكل التسجيل, وقد كان من بين تلك الحلول إصدار بطاقات دخول مؤقتة".

 

ومن المواقف المحرجة التي واجهها فريق التسجيل، يقول هاني نويلاتي:" أحدهم صرخ بوجهنا (إن شاء الله كلكم تدخلوا النار) وهناك عينات كثيرة نواجهها مثل هذا النوع، بالإضافة لاتهامنا بإساءة التعامل دون أن ينظر أحد إلى الطريقة التي كان البعض يعاملنا بها... فالغالبية كانوا متحاملين علينا وقاموا بتحميلنا مسؤولية جميع الأخطاء... كما أنني لاحظت أن الحضور المحلي كان أقل صبراً وأكثر تذمراً من الضيوف الذين جاءوا من خارج المملكة وبالرغم من التأخير قاموا بشكرنا، مع وجود جهات أنصفتنا وعلينا أن نقدم لها الشكر مثل (كلية عفت) التي ساندتنا ودعمتنا منذ البداية، و الخطوط الجوية السعودية التي تأخرت بطاقاتها وبعد أن أصدرناها قدمت لكل متطوع هدية تشجيعية".

أمجد الحسيني تعرض لإصابة في الظهر خلال أول أيام التسجيل، ويقول:" أعتب على المجتمع الذي أساء معاملتنا بالرغم من أننا نتطوع لخدمته، فلم يكن من المناسب إلقاء كل اللوم علينا".

المتطوعات كذلك واجهن مشاكل في قاعات النساء أثناء جلسات المنتدى، وعنها تقول إسراء باروم:" البعض كان يتجاوب معنا بينما الأغلبية كانت تتعامل معنا بحدة".

 

وتؤكد على ذلك فاطمة البنوي بقولها:" داخل القاعة الغالبية كانت ترفض توجيهاتنا بإغلاق الجوال أو التزام الهدوء أو الجلوس في المكان المناسب، وكم أتمنى أن يصبح التعامل معنا أرقى من ذلك فنحن ننفذ المطلوب منا بلباقة ليخرج المنتدى بصورة مشرفة للجميع".

 

 

 

 

 

تجاهل إعلامي للمتطوعين والإعلام الخارجي يسجل تفوقه

63% من الشريحة التي استطلعت (عربيات) آرائها اعتبرت أن المتطوع كان منسياً من قبل وسائل الإعلام.

وبنبرة إحباط يكتنفها التعجب كان هناك شبه إجماع من قبل المتطوعين والمتطوعات على تهميش الإعلام لدورهم غير أن فاطمة البنوي رفضت التعميم قائلة:" الإعلام المحلي تجاهلنا بينما الإعلام الغربي كان حريصاً على إلقاء الضوء على تجربتنا لإظهار صورة إيجابية عن التطوع في أوساط الشباب والشابات في المملكة".

أما مهند مدير فتعجب من تضخيم بعض وسائل الإعلام للمشاكل بغرض الإساءة للمتطوعين، فقال:" في اليوم الأول كان هناك تدافع شديد بداخل خيمة التسجيل فتم في اليوم التالي الطلب من الحضور بالوقوف في صفوف منتظمة امتدت إلى خارج الخيمة في ساعات الصباح والظهيرة وقد استغل الإعلام ذلك للإساءة إلينا دون مراعاة عدم وجود خيارات أخرى أمامنا".

ويستنكر هاني النويلاتي نشر أخبار غير صحيحة، قائلا:" هناك صحيفة تحدثت عن نزاعات وقعت في خيمة التسجيل وذكرت أن الأمن أحضر الكلاب لفك الاشتباك وهذا الخبر مكذوب ولا أساس له من الصحة".

كما أبدت عدد من المتطوعات استيائهن لالتقاط بعض المصورين صور لهم دون استئذان بالإضافة لنشر تلك الصور على أخبار لا علاقة لها بعمل المتطوعات.

تقييم التجربة

"ممتاز" كان تقييم 34% من الشريحة لتجربة التطوع في المنتدى معتبرين أنها قد حققت أهدافهم باكتساب الخبرة والاحتكاك وخدمة المجتمع... بينما تراوح تقييم البقية بين جيد جداً وجيد وسيء لأسباب منها سوء التنظيم وتقسيم الفرق أو قلة العدد.

إلا أن ثمة إجماع كان بين المتطوعات على الرغبة بخوض التجربة مرة أخرى لتعزيز الإيجابيات.

توصيات

تطويراً للعمل التطوعي وترسيخاً لأهميته في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتشجيعاً للشباب على الانخراط فيه، أبدى 89% تأييدهم لـ"عربيات" في ضرورة تأسيس هيئة أو جمعية تهتم بشؤون المتطوعين وتدريبهم وتوجيههم وتقييم عملهم، مع نشر ثقافة التطوع في المجتمع... كما أضافت فاطمة البنوي مطلبها، قائلة:" أتمنى أن تكون هناك مواد ضمن المناهج الدراسية تهتم بالتطوع وأساليبه لأنه يمثل خدمة اجتماعية راقية".