عربيات في عامها الخامس عشر

قبل العودة

رانية سليمان سلامة

النجاح حافة على قمة جبل، وقفت عليها عربيات قبل سبع أعوام.. كانت في عامها السابع تحاول أن تحافظ على موقع ثابت لقدمها وسط تجارب لتطبيق قوانين تنظم العلاقة بين الإعلام الإلكتروني -وتحديداً التفاعلي منه- وبين الجهات الرسمية كونها تتبع لمؤسسة محلية، فعادت بخطوات حذرة إلى الوراء، وقمنا بتعليق كافة الخصائص التفاعلية والمنتديات لنكتفي بالمجلة التي اعتبرنا آنذاك أنها قد بلغت سن التكليف، فكان عليها أن تواجه العالم الافتراضي دون خصائص تفاعلية، وأن تغطي تكاليفها دون أن تنفق عليها المؤسسة أكثر من دخلها، إلى أن تصبح البيئة التشريعية محفزة للاستثمار في المحتوى الإلكتروني.

كان القرار صعباً، وقد يكون خاطئاً، وأعترف بأنني بالغت بإنشغالي عنها بالعمل التجاري وغرقت في العمل العام، بالرغم من وجود فرص ومؤشرات عديدة تساعد على اتخاذ قرار عودة الاستثمار والتطوير، لكن المجلة ظلت مكتفية بقدرتها على الاستمرار دون توقف ودون قفزات، حتى أدركت في لحظة إعادة ترتيب أولويات العمل أنه قد آن الأوان، وأن مجلة عربيات كانت منذ إنطلاقتها الأولى في عام 2000م حجر الأساس وسر النجاح في كل ما تبعها من إنجاز على الصعيد المهني والتجاري.

قالوا لي كثيراً عربيات يجب أن تعود للساحة التي كانت رائدها، فقلت لن تعود إلا إذا توصلنا إلى الميزة التنافسية التي تناسب ساحة النشر الإلكتروني اليوم.. فتوفر محتوى ثرياً، وتحافظ على هويتها كمجلة لا صحيفة تنافس على نشر الخبر، وتوظف أدوات جديدة لصناعة المحتوى في زمن الشبكات الإجتماعية.

طال البحث، وعدنا إلى مرحلة دراسة ما يتوفر من تقنيات، وما لم يستخدم بعد من أدوات النشر على نطاق واسع في العالم العربي لتطويع المحتوى بما يتناسب مع القاريء الذي تحول ارتباطه من الصحافة المطبوعة والإلكترونية إلى اعتبار الشبكات الاجتماعية مركزاً لاستقبال ما يستحق القراءة، فاتسعت مساحة التقييم والمقارنة، وبات واضحاً أنه إن لم يكن الطرح الصحفي شاملاً ومتجدداً، فالقاريء أصبح مؤهلاً بإطلاعه لاستكمال المعلومة ومناقشتها ونقدها وتحليلها وإثراءها.

مافعلته الشبكات الإجتماعية هي أنها طورت مفهوم ما يسمى بـ content curation وقامت بتيسير الدور الذي كانت تقوم به غرفة الأخبار وصناع المحتوى فجعلت الجميع يقوم بمهمة تجميع المصادر لصناعة المادة الصحفية، وكنا أمام قدر لابأس به من الدراسات والتجارب الصحفية والشركات التي نشأت لتوفير أدوات مساعدة توظف هذا التحول لصالح الناشر والمحرر، والهدف محتوى لا يفقد ثراءه ومهنيته، وأسلوب نشر يستوعب ما أفرزته الشبكات الاجتماعية من انعكاسات على طبيعة القاريء.

هل هذا يعد اختراعاً جديداً أو ميزة تنافسية بحد ذاته؟ لا، ولكنه أحد التحديات التي تحفز على الإبداع والاستثمار والتجديد، وغيرها الكثير من الفرص التي قمنا بدراستها لنخرج برؤية المرحلة القادمة، التي وجدنا أخيراً أننا بوسعنا في ظلها أن نعاود الإنطلاق في مرحلة تجريبية يتزامن فيها التطوير مع النشر تدريجياً حتى تكتمل التجهيزات والتطبيق الذي ننشده.