الإصابة بالذعر أخف وطأة من الأمراض القاتلة

اشكريشيا كولاي عندنا!!

رانية سليمان سلامة

بمثل ما استقبلت به ليلى قيس من حفاوة وترحيب قائلة: «قيس ابن عمي عندنا يا مرحبا يا مرحبا»، تستقبل جدة عدداً من ضيوفها الأفاضل على رأسهم السيدة «اشكريشيا كولاي» ومسماها الوظيفي بكتيريا قاتلة، والبعوضة «ايديز ايجبتي» التي اختارت أن توقع معاهدة صلح للمرة الأولى في التاريخ مع عدوتها اللدود البعوضة «ايديز البوبكتس» في سماء جدة لنشر حمى الضنك... هذا وكان في معيتهما البعوضة «الاببرس» الناقلة لمرض الملاريا... وقد رقص الجميع على معزوفة «الغربان الناعقة» الناقلة للحمى الشوكية قبل أن يتم رش الحضور بالديزل الكفيل باصابتهم بمرض السرطان.

هذا هو ملخص تقرير مأساوي نشرته صحيفة الحياة بتاريخ 29/3/2006م يبشر بالعمر الطويل ربما ليس لنا ولكن لكائنات اخرى بدأت تستوطن جدة.... حيث حذر رئيس قسم الأحياء الدقيقة والطفيليات والمشرف العام على وحدة المجاهير الالكترونية في جامعة الملك فيصل في كلية الطب البيطري الدكتور محمد الشاذلي من ظهور وباء خطر في محافظة جدة إذا ما توسع في الانتشار من دون معالجة.... ويفيد بأنه قد أجريت دراسات حديثة على مياه الشرب من ضمنها دراسة لمركز ابحاث المياه في جامعة الملك عبدالعزيز، كشفت عن اختلاطها بمياه الصرف الصحي.... لعل ذلك يفسر لي السر الغامض في أن الحنفيات قد اصبح يندلع منها (البيبسي) بدلاً من المياه، وقد قمت باجراء تجربة (صنبورية) تتمثل بتعبئة مياه الصنبور في قارورة مياه معدنية شفافة لتأكيد نظريتي في اكتشاف مصدر جديد للبيبسي المخفف بدون غازات، واثبتت التجربة أن تغيير خزان المياه وتنظيفه لايجدي فمياه جدة تصر على الاحتفاظ بلونها المميز، والمؤكد أن كل مواطن بحاجة الى محطة تنقية مياه في منزله.

مختلطة بمياه المجاري أو الصدأ لايهم، مايهم السيدات الجميلات أنها وفقاً لخبيرة تجميل زائرة تعتبر غير صالحة للاستحمام (وليس فقط الشرب) ذلك أنها اكتشفت خلال زيارتها القصيرة لجدة أن المياه تؤدي الى تساقط الشعر وغيره من المشاكل للبشرة ونصحت أن تغتسل من مياه جدة بعد أن تلامس جسدك بمياه معدنية أو بمعنى آخر ان تغسل جسدك بمياه نظيفة بعد أن يتسخ بمياهنا المختلطة.

وأعود لتقرير صحيفة الحياة حيث يؤكد رئيس قسم الأحياء الدقيقة والطفيليات أنه للمرة الاولى تجتمع بعوضتان الاولى اسمها (ايديز ايجبتي) أي الـ«الفرعونية» والثانية (ايديز البوبكتس) في مكان واحد، وهما تنقلان مرض حمى الضنك وتنتشران في المحافظة.... وأوضح الشاذلي أن ليس هناك تفسير علمي لوجودهما معاً في المحافظة، قائلاً: «المعروف علمياً أنه لا يمكن أن تجتمع هاتان البعوضتان في مكان واحد ولم نجد تفسيراً لاستيطانهما المحافظة حتى هذه اللحظة ونسعى حالياً الى معرفة السبب».

سباقة يا جدة، بات العلماء مع ظواهرك الصحية حيارى ولك السبق في هذا الصلح التاريخي بين البعوض... كما لنا مع التيفويد موعد حيث يسوق البشرى الدكتور الشاذلي بوصول بعوضة (الاببرس) قائلاً: «إن سقي النباتات بمياه الصرف الصحي يؤدي الى ظهور أمراض خطرة مثل (التيفويد)»، مضيفاً أن هناك نحو 12 مرضاً ينتج من سقيا النبات بمياه الصرف الصحي.

وحول مكافحة الغربان في محافظة جدة أوضح الشاذلي «أن هذه الغربان تعد ناقلاً لالتهاب السحايا (الحمى الشوكية) وهي قاتلة».... مؤكداً في الوقت نفسه ظهور حالات مصابة بالمرض في جنوب جدة، وقال «إن الغراب ناقل لفيروس حمى وادي النيل الغربي لذلك يتعين القضاء عليه على وجه السرعة».

أما أطرف ما في التقرير فهو مايتعلق بأعمال المكافحة الحالية للقضاء على الغربان عن طريق رشها بالديزل والتي تؤكد أننا إذا نجونا من الغربان لن ننجو من وسيلة مكافحتها وكل الطرق تؤدي لنتيجة واحدة، حيث يقول: «الديزل ينتج منه فطر يتسبب في التهاب الشعب الهوائية عند الانسان ونحن بدورنا حذرنا المسؤولين في الامانة بضرورة تغيير هذه الطريقة واستبدالها بطرق علمية»، وأكد الشاذلي أن الأمر يتعدى ذلك الى التسبب بسرطان الثدي لدى النساء، مضيفاً أنه تم الكشف عن اصابة عدد من الفتيات لاتتجاوز اعمارهن الحادية عشرة بسرطان الثدي، الأمر الذي عده مؤشراً خطراً اذا ما تم الاستمرار في استخدام المواد الكيماوية.

القاسم المشترك بين كل ماورد في التقرير من مخاطر انها (قاتلة) فإن كانت وزارة الصحة أو غيرها من الجهات المعنية ترى أن نشر هذه الحقائق قد يصيب المواطنين بالذعر فاعتقد أن الذعر أخف وطأة من الامراض القاتلة!!.... الصمت أو الاعلانات التطمينية المقتضبة ليست حلا ولا هي علاج للذعر، قد تكون من المسكنات الموضعية فقط، ريثما يتم ايجاد الحل الذي أراه مستحيلاً دون نشر تفاصيل عن آليات مكافحة هذه الأوبئة والكشف عن جذورها ليتعاون الجميع في القضاء عليها مع حملات توعية ونشرات تصل لكل بيت لاتخاذ اسباب الوقاية والتعرف على بروتوكولات استقبال ضيوفنا الأفاضل بالشكل الذي يليق بهم.


رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية

[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ