يسرني أن أتنحى جانباً هذا الأسبوع لأترك المساحة للقراء الأفاضل في بطولة حلقة جديدة من المسلسل الواقعي المستوحى من تجاربهم.

الرسالة الأولى من القارئة خديجة بنت محمد العريفي تقول فيها: «كنا في السابق نطمح إلى خدمات كثيرة من قبل أمانة بلدية جدة وقد تحقق لنا منها الكثير ونشكرهم على ذلك، ولكننا اليوم وقد أصبحت كل تلك المطامح في نظرنا كماليات نسيناها أمام المعاناة المتجددة التي نعيشها بسبب (مرمى النفايات) الملاصق تماما للأحياء السكنية خلافاً لماهو معمول به حول العالم حيث يكون مرمى النفايات في مناطق بعيدة ومنعزلة وله شبكة خاصة لتصريف الغازات... نحن سكان شرق الخط السريع بجميع أحيائه (السامر، الأجواد، الربيع، التوفيق، المنار، النخيل، وغيرها) نحيا ومنذ سنوات تلوثا بيئيا خطيراً، فنكاد أن نلفظ أنفاسنا اختناقا بالغازات والأدخنة المنبعثة من ذلك المكان الذي يفترض به أن يكون قد أنشئ لنظافة وصحة المدينة وسكانها.

وكنا قد استبشرنا خيراً عندما طالعتنا الصحف بخبر تحويل مرمى النفايات إلى ملاعب للتنس والغولف حيث جاء في الخبر الذي احتفظ به من صحيفة «الشرق الأوسط» بتاريخ 4/أكتوبر/ 2004م أنه ستتم تسوية سطح المرمى الحالي وضغط المخلفات وعزلها لتحويل الأرضية إلى ملاعب للتنس والغولف.

وبعد عامين تقريباً تفاءلنا خيراً مطلع 2006م حين انقطعت الغازات الناتجة عن النفايات المكدسة في المرمى لشهرين متصلين وظننا حينها أن الأمانة قد وجدت حلا لمشكلتنا دون أن نرى الملاعب!! ولكن مع الأسف عادت الأدخنة والغازات من جديد بل وأشد مما كانت عليه لتجتاح الأحياء المجاورة روائح كريهة غالبا ما تبدأ في المساء وتستمر حتى صباح اليوم التالي... وأقسم أنها من شدتها توقظنا من النوم، فهي أدخنة تسبب الغثيان يستنشقها الأطفال وكبار السن والمصابين بالربو الذين يعيشون بشكل خاص مأساة إنسانية أليمة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى... ناهيك عن مايمثله مرمى النفايات من منطقة تجمع لمئات المتخلفين الذين يتخذون منه مقراً ويشكلون فيه فرقاً تعمل على نبش وإشعال النفايات بشكل مستمر مما يزيد مأساتنا، علاوة على المخاطر الأمنية لوجود مثل هؤلاء على شكل عصابات بجوار الأحياء السكنية.

وأخيراً بعد 3 أعوام استبشرنا خيراً عندما طالعتنا صحيفة «عكاظ» بخبر أن أمانة جدة تنوي تحويل امرمى الحالي إلى متنزه عائلي بتكاليف 100 مليون ريال والانتقال إلى لمرمى جديد... وباسم سكان أحياء شرق الخط السريع بجدة الذين يعانون يوميا من هذا الوضع المستمر منذ سنوات نرفع أصواتنا المخنوقة متأملين أن لايستغرق الانتقال 3 سنوات أخرى كما استغرق وعد تحويل المرمى إلى ملاعب تنس وغولف، فنحن يا معالي الأمين نريد أكسجين فقط».

-التعليق: مدهشة فكرة ملعب الغولف!! لا أدري أي دراسة جدوى خرجت بإقامته فوق مرمى النفايات؟! فهواة هذه الرياضة الراقية تحديداً في مدينة جدة قد لايتجاوز عددهم أصابع اليدين وهم لايعرفون من جدة سوى شمالها وستكون دعوتهم لممارستها في شرق جدة فوق مرمى النفايات أشبه بدعوتهم إلى منتجع سياحي تم تشييده فوق مقبرة!! يبدو أن الإعلان عن تلك الملاعب قبل 3 سنوات كان بغرض تحفيز سكان شرق جدة ومنحهم متسعاً من الوقت لتعلم لعبة الغولف بينما هم حاجتهم ببساطة إلى تنفس هواء نقي!!.

* * *

* العيون التي في طرفها (نزيف)
الشكوى الثانية تحذر سكان جدة من أن تتعرض أعينهم لإصابات بعد منتصف الليل ذلك أنهم –أغلب الظن- لن يجدوا مستشفى يعالجهم.

القارئة الكريمة تقول: انفجرت زجاجة مرطبات مثلجة بين يديها واخترقت قطعة زجاج عينها في منتصف الليل فاتجهت إلى أقرب مستشفى خاص للعيون حيث تم استقبالها وسؤالها عن كيفية وقوع الحادث الأليم مع قياس ضغط الدم والكشف على الحالة وتشخيصها بأنها (نزيف في القرنية)، وأخيراً تم إبلاغها أنها بحاجة إلى عملية ولكن لايوجد سوى طبيب واحد مشغول بإجراء عمليات أخرى وعليها الانتظار ساعتين ونصف.

الحالة لم تكن تحتمل الانتظار فبدأ شقيقها بإجراء اتصالات مع مستشفيات أخرى والنتيجة أنه لايوجد طوارئ عيون في بعض المستشفيات الخاصة والحكومية!!.

أخيراً اتجهت إلى مستشفى حكومي أفاد شقيقها بتوفر طوارئ عيون فتم استقبالها (بعد تسديد الرسوم) وتم سؤالها عن كيفية وقوع الحادث الأليم مع قياس ضغط الدم والكشف على الحالة وتشخيصها، ثم تبرع أحد الممرضين وأخبرها بأنها لن تتمكن من الرؤية بعينها المصابة بعد اليوم!! بينما أخبرها آخر بأنهم لايملكون صلاحيات إجراء عملية من هذا النوع في هذا الوقت المتأخر ونصحها بالذهاب إلى المستشفى الحكومي الوحيد المتخصص في العيون والذي لايخدم جدة فحسب بل يخدم منطقة مكة بأسرها والمنطقة الجنوبية، وبعد محاولات مضنية لمعرفة موقع المستشفى وصلت إليه في تمام الساعة الرابعة فجراً وتم استقبالها بحفاوة لاتقل عن حفاوة بهو المستشفى بالقطط الضالة التي تتجول فيه، وبعد سؤالها عن كيفية وقوع الحادث الأليم وقياس ضغط الدم والكشف على الحالة وتشخيصها، تم إبلاغها بأن المستشفى لايمكنه إجراء العملية الآن لأن غرفة العمليات ملوثة!! عادت المسكينة إلى المستشفى الأول حيث كان الطبيب قد انتهى من عملياته ليجري لها العملية بنجاح.

- التعليق: أحتفظ بأسماء المستشفيات ليستمتع القارئ بحل الكلمات المتقاطعة، ولتنبيه المسؤولين إلى أن كافة مستشفياتنا بلا استثناء بحاجة لجولات ميدانية مفاجئة ومراقبة أوضاعها خاصة بعد منتصف الليل.

رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ