وطني حبيبي الوطن الأكبر

غناها العرب وحققها بوش

رانية سليمان سلامة

(وطني حبيبي الوطن الأكبر, يوم ورا يوم أمجاده بتكبر, وانتصاراته مالية حياته, وطني بيكبر وبيتحرر.. وطني وطني)... هذه الأغنية الشهيرة غناها ورددها العرب بعواطفهم الجياشة وحماسهم المعهود دون أن يدركوا أنها ستكون مصدر إلهام لبوش الابن الذي يبدو أنه قد استمع إليها في ليلة قمراء فتعاطف معها أيضاً وبدأ بتفعيل مشروع (الشرق الأوسط الكبير) هادفاً إلى إعادة تشكيل المنطقة بطريقته الخاصة التي لم تغفل الطبع الأمريكي وولعه بكل شيء كبير مثل الـ(بيج ماك) فطبق ذلك على المنطقة لإخراج منتج جديد هو الـ(بيج شرق), الأكبر من حلم الوحدة العربية المؤجل والأنسب من الحلم الإسرائيلي المحدود من النيل إلى الفرات...


جاء الحلم الأمريكي ليتجاوز كل ذلك ممتداً من الصحراء الغربية إلى الباكستان وبالتحديد محاصراً للمنطقة التي تضم أكثرية المسلمين والعرب في العالم, مع التأكيد على توفير هيمنة تضمن أن تصب خيرات هذا الشرق في أمريكا الراعي الرسمي للمنتج الجديد.

وقد خطت أمريكا خطى واسعة في هذا الاتجاه وحققت بالفعل سبقاً فريداً من نوعه عندما افتتحت (هاي واي), أو طريقاً مفتوحاً وسريعاً بينها وبين الشرق عن طريق العراق... ولا توجد مبالغة في هذا الوصف الذي استغربه الكاتب والمخرج الأمريكي (مايكل مور) في عبارات ساخرة وهو يحكي عن إرساله لفريق من المصورين والمراسلين للعراق بعد الاحتلال ليحصل على بعض الصور والتقارير التي سيتضمنها فيلمه الوثائقي الجديد فتفاجأ بأنهم أبلغوه أنهم لم يكونوا بحاجة لإبراز جواز السفر أو المرور بإجراءات مطار بغداد حيث إنهم كأمريكيين لا يُعتبرون في بلد غريب بعد أن أصبحت العراق جزءاً من الولايات المتحدة الأمريكية (فالبيت بيتهم).

وبعــد التجــربــة الأمــريكية في تحرير العراق لتعذيب شعبه وتصـفيته بطرق أكثر تطوراً وأشد مهانة مما كان يمارسه النظام البائد, نستطيع أن نستخلص أهدافاً أخرى لمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي لا يرمي فقط إلى رسم خارطة جغرافية جديدة وتحقيق مكاسب اقتصادية أو الاندماج مع الدولة الصهيونية, بل يشمل أيضاً كتابة تاريخ جديد للمنطقة يطمس ما سبقه, وقد ظهر ذلك جلياً بعد دخول الجيش الأمريكي منتصراً لبغداد حيث بدأت عمليات حرق ونهب ستة آلاف عام هي تاريخ الحضارة العراقية التي دوّنتها المكتبات والمتاحف وجاءت الحرية الأمريكية لتبدأ مشوارها بالتخلص منها إعداداً لمرحلة إعادة صياغة الحضارة والسلوك العربي والإسلامي بما يتناسب مع مخططات ومصالح أمريكا.

أليس من الأفضل أن نكف عن الغناء؟
فبينما نحن نغني ونشحذ الهمم أو نبكي الأطلال... غيرنا يستلهم ويُطبق ويُحقق الأحلام.



* رئيسة تحرير مجلة (عربيات) الالكترونية

[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ